وزير خارجية المغرب يزور موريتانيا لتنشيط العلاقات بين الرباط ونواكشوط

حجم الخط
0

نواكشوط – «القدس العربي» أظهرت الزيارة التي قام بها أمس لموريتانيا صلاح الدين مزوار وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي تنشيطا أصبح ملموسا، للعلاقات الموريتانية المغربية التي مرت بمرحلة جمود طويلة.
وتأتي زيارة وزير الخارجية المغربي أياما بعد زيارة هامة أخرى أداها محمد ولد أحمد سالم وزير الداخلية الموريتاني للرباط وأسفرت عن تنسيقات أمنية مهمة.
والتقى صالح مزوار أمس الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز وأكد في تصريحات صحافية «أنه أبلغ للرئيس الموريتاني رسالة شفوية من أخيه جلالة الملك محمد السادس».
وأضاف «أكدت بهذه المناسبة على العلاقات المتميزة التي تجمع ما بين القائدين والحكومتين والشعبين، وهي علاقات تاريخية، روحية، واقتصادية، يطبعها دائماً العمل المشترك والثقة والرؤية المتبادلة للتحديات التي نعيشها في المنطقة وتلك التي تواجهها بلداننا».
وقال «لقد كان اللقاء فرصة للتأكيد على رغبة جلالة الملك في أن تكون هذه العلاقات علاقات متجددة ومتطورة دائماً، تأخذ بعين الاعتبار التحديات الراهنة والمستقبلية، وللتأكيد كذلك على أن جلالة الملك يمتلك نفس الروح التي يتمتع بها فخامة الرئيس في أن يجعلا من العلاقات بين بلديناعلاقات متميزة واستثنائية نموذجا في العلاقات ما بين الدول على المستوى المغاربي ومنطقة الساحل جنوب الصحراء».
«وهذا الطموح المشترك، يضيف مزوار، سنعمل على ترجمته عمليا، عبر مشاريع تأخذ بعين الاعتبار الأولويات وكذا عبر اتفاقيات متجددة تسير في اتجاه تسهيل وتفعيل ديناميكية التبادل والاستثمار والدينامية الثقافية والحركية ما بين البلدين وتأخذ في الاعتبار المسؤولية المشتركة ما بين بلدينا في كل القضايا المرتبطة بالأمن في المنطقة والإستقرار».
وقال «لموريتانيا والمغرب دور أساسي اليوم في الحفاظ على الاستقرار والطمأنينة في المنطقة ومن منطلق هذه المسؤولية هناك تعاون أمني متميز، وهناك كذلك تعاون وتواصل مستمر ما بين وزيري خارجية البلدين إزاء كل القضايا المشتركة».
وتابع تصريحاته قائلا «..لنا طموح مشترك عبر عنه جلالة الملك وعبر عنه فخامة الرئيس وهو بناء صرح المغرب العربي لكي نتحمل مسؤولياتنا التاريخية ولكي نلعب دورا فاعلا في كل ما يهم قضايا الشعوب المغاربية وما تعيشه ليبيا الشقيقة اليوم هو من أبرز الأولويات التي يجب أن نعمل بشكل مشترك من أجل مساعدة إخواننا الليبيين في أن يسود الحوار والطمأنينة ويعود الاستقرار في اتجاه بناء ليبيا مستقرة بمقومات يختارها ممثلوها وشعبها».
وختم قائلا «..نحن نسير طبقا للإرادة المشتركة لقائدي البلدين في اتجاه تطوير وتعميق دورنا على مستوى المنطقة ولكي نحافظ على هذا الرصيد التاريخي المتميز ما بين بلدينا».
وتعتبر زيارة صالح مزوار لموريتانيا الزيارة الرسمية الهامة الأولى من نوعها منذ سنوات الموجهة بوضوح لإعادة الدفء للعلاقات بين الرباط ونواكشوط.
وتأتي هذه الزيارة في سياق إزالة حالة الجمود والفتور الدّبلوماسي الملاحظ منذ مدة، بين الرّباط ونواكشوط رغم نفي مسؤولي البلدين القاطع لوجود أي مشاكل سياسية بينهما.
وأجرى صالح مزوار أمس مباحثات مع نظيره الموريتاني أحمد ولد تكدي تناولت، حسب مصادر موريتانية مقربة من الملف، تنشيط لجنة التعاون المشترك، وتفعيل آليات التنسيق الأمني على مستوى الحدود.
وتناول الطرفان ملف تنشيط المبادلات التجارية الثنائية، في ضوء مصادقة الحكومة المغربية في يوليو/تموز 2013، على تفعيل اتفاق لنقل الأشخاص والبضائع والعبور عبر الطرق بين المغرب وموريتانيا، والموقع في نواكشوط في 24 أبريل من العام ذاته.
وتمت آخر لقاءات بين كبار مسؤولي البلدين خلال الزيارة الرسمية التي أداها وزير الداخلية واللامركزية الموريتاني الموريتاني محمد ولد أحد سالم للمغرب ما بين 13 و15تشرين الاول/ أكتوبر الجاري بدعوة رسمية مغربية والتقى خلالها بكل من وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار ووزير الداخلية محمد حصاد.
وتتضافر عوامل كثيرة لتدفع موريتانيا والمغرب لتنشيط علاقاتهما وللتنسيق الأمني المستعجل من بينها الزحف المتسارع للدولة الإسلامية نحو الساحل الإفريقي وتحمس المتشددين والجهاديين لها والسعي للإنضمام لصفوفها واستيقاظ خلايا التطرف النائمة وتطورات الأوضاع في ليبيا ومالي.
ويلاحظ المراقبون أن المملكة المغربية هي الجهة المبادرة في جميع التحركات التي تمت حتى الآن باتجاه تنشيط العلاقات مع موريتانيا، فزيارة وزير الداخلية الموريتاني الأخيرة للرباط تمت بدعوة رسمية من الحكومة المغربية، كما أن زيارة وزير الخارجية المغربي التي أداها أمس لموريتانيا مبادرة مغربية أيضا.
أما زيارة وزير الخارجية الموريتاني للمغرب أواخرتموز/ يوليو الماضي فقد كان هدفها تسليم دعوة للعاهل المغربي، لجضور حفل تنصيب الرئيس الموريتاني.
وفي السياق نفسه اعتبرت صحيفة «تقدمي» الموريتانية المستقلة في تعليق لها أمس على زيارة مزوار لموريتانيا «أن العلاقات الموريتانية المغربية تشهد منذ فترة طويلة تدهورا كبيرا، فاجأ المغاربة الذين بادروا لاحتضان ولد عبد العزيز بعد انقلابه على الرئيس المنتخب سيدي ولد الشيخ عبد الله، بسبب الأصول المغربية للرئيس الذي كان مسقط رأس والده المباشر في المغرب، والذي لا يزال قبر جده معروفا في شيشاوه، هذا بالإضافة لزوجته التي تحمل الجنسية المغربية والتي لا يزال والدها ماء العينين ولد النور موظفا في السفارة المغربية في الرياض».
وأضافت الصحيفة «غير أن رياح العوامل الجيوسياسية جرت بما لم تشتهه سفن المغرب، فوجه ولد عبد العزيز وجهه شطر الجزائر متنكرا لدمائه المغربية، غير أنه يبدو أن الدم لا يستحيل ماء، فله دائما رغم كل عداوات ذوي القربى روح ثانية، فقد بدأت في الفترة الأخيرة نشاطات اقتصادية لبعض المحيط الأسري للرئيس محمد ولد عبد العزيز تتجه لتطبيع علاقات اقتصادية مع رجال أعمال وفاعلين اقتصاديين مغاربة».
وتابعت، «عضد هذا التقارب الإقتصادي تقارب أمني وسياسي حيث قام وزير الداخلية الموريتاني والمدير المساعد للأمن محمد الأمين ولد احمد مؤخرا، بزيارة للمغرب مؤخرا، كانت لها دلالتها في سياق عودة الدفء للعلاقات الموريتانية المغربية.»
وتحدثت صحيفة «تقدمي» عن أسباب تدهور العلاقات الموريتانية المغربية فذكرت أن من تجليات ذلك التدهور «طرد مدير مكتب وكالة أنباء المغرب العربي، إثر برقية خاصة نشرتها الوكالة عن حركة تهريب أموال موريتانيا إلى المغرب، عن طريق مقربين من (الرئيس)عزيز وزوجته».
وتساءلت الصحيفة في آخر تعليقها «لكن هل تكفي هذه الإرهاصات للحديث عن عودة قريبة للصفاء ما بين الشقيقتين؟ أم أن ما يعكر صفو هذه العلاقات أكبر من هذه الصفقات الصغيرة؟!».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية