وزير سابق يثير جدلا بقوله إن “الجزائر دخلت مرحلة من اللاحكم”.. ودعوات للرئيس تبون لقراءة متأنية في نتائج الرئاسيات

حجم الخط
0

الجزائر- “القدس العربي”:

 أطلق الدبلوماسي والوزير والمتحدث السابق باسم الحكومة الجزائرية، عبد العزيز رحابي، وصفا مثيرا للجدل على السلطة في بلاده بعد نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بقوله إن “الجزائر دخلت مرحلة من اللاحكم”. يأتي ذلك في وقت تستمر ردود الأفعال، على هذه الانتخابات التي صنعت، رغم تأكيدها للتوقعات بفوز الرئيس، جدلا واسعا.

 وفي تغريدة له على موقع إكس، كتب رحابي الذي تحظى مداخلاته وتدويناته باهتمام واسع، يقول: “أخيرًا قال الحراك الصامت كلمته. لقد حدث ما كنت أخشاه واستنكرته مرارا: البلاد تدخل مرحلة من اللاحكم بسبب عدم تلبية المطالب الكبرى للحراك (عدالة، حرية، محاربة الفساد) وإغلاق المجالين السياسي والإعلامي”.

 وكان التفاعل مع كتبه رحابي كبيرا، خاصة أن الرجل سبق له مرار انتقاد راديكالية الحراك الشعبي وأيضا مواقف السلطة من قضايا الحريات والديمقراطية، وسبق للرئيس عبد المجيد تبون استقباله في قصر المرادية.

وبينما رأى البعض حديث رحابي عن أن الجزائر أصبحت غير قابلة للحكم مبالغا فيه، كون لا يوجد ما يعيق للرئيس على مواصلة عهدته الثانية بأريحية من الناحية النظرية بعد حصوله على أكثر من 94 بالمائة من الأصوات، أعاد آخرون طرح إشكالية المقاطعة الواسعة لهذه الانتخابات، والتي تقارب 25 بالمائة إذا اعتمدت الأصوات المعبر عنها دون الملغاة.

وكتب الصحافي والمحلل السياسي نجيب بلحيمر، أن العزوف الذي طبع هذه الانتخابات “هو تعبير عن قطيعة كاملة مع نظام الحكم القائم، ورفض صريح لكل مبررات الخطاب الرسمي لتأجيل التغيير والإصلاح وأهمها مبرر المخاطر الخارجية والمؤامرة التي تتعرض لها البلاد”. وأوضح أن “عدم قراءة الرسائل المتكررة التي تبعث بها الأغلبية في كل انتخابات يوحي بعدم وجود جهة قادرة على تلقي تلك الرسائل واستيعاب مضامينها والتفاعل معها بجدية، وهذا مؤشر مخيف على حالة التهالك التي وصل إليها نظام الحكم بكل ما يعنيه ذلك من آثار سلبية على استمرارية الدولة”.

 سفيان جيلالي: عزوف 19 مليون مواطن عن التصويت

وفي تقييم آخر للنتائج، قال سفيان جيلالي رئيس حزب جيل جديد إن الانتخابات الرئاسية أظهرت بشكل جلي فشل الديمقراطية في البلاد، داعيا الرئيس عبد المجيد تبون للتعامل مع ما هذه المقاطعة الواسعة بوصفها إخفاقا سياسيا يوجب إعادة النظر في المنظومة.

وقال جيلالي سفيان، في تعليق له نشره حزبه أن “هذا الفشل يتجلى ليس فقط في الاختلالات التي شابت تسيير الاقتراع، والتي استنكرتها مديريات حملة المترشحين الثلاثة، بل أيضًا في النتائج التي تعكس بوضوح عدم التوافق بين نظام التمثيل والشعب”.

وأبرز أن “المشاركة الضعيفة جدًا للجزائريين في عملية التصويت، ولامبالاتهم تجاه المؤسسات التمثيلية، تعتبر إنذارًا خطيرًا يهدد أمن الدولة”، معتبرا إلى أن “الاحتجاج على بضع مئات الآلاف من الأصوات لا يمكن أن يغطي على عزوف 19 مليون مواطن عن التصويت”.

وأكد رئيس جيل جديد أنه “بعيدًا عن سوء تسيير السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات والضغوط التي تتعرض لها لتضخيم معدلات المشاركة، فإن الغياب التام لأي قدرة على التعبئة الشعبية لدى المجتمع السياسي يمثل تساؤلًا كبيرًا”، مستنتجا أن استقالة الشعب من العملية السياسية وعدم ثقته في السياسيين أصبحت أكثر وضوحًا مع كل اقتراع، ليصل بفكرته إلى أن “المسار الديمقراطي، الذي بدأ في عام 1988، قد انحرف منذ وقت طويل ووصل إلى نهايته”.

وفي رسالة مباشرة للرئيس عبد المجيد تبون، طالب سفيان جيلالي نزيل قصر المرادية بالنظر إلى هذا الاقتراع باعتباره تجليًا واضحًا للإخفاقات السياسية العميقة للنظام، مشددا على ضرورة فتح مشاورات حقيقية لإصلاح النظام السياسي وبناء طبقة سياسية جديدة ترتكز على الكفاءة والصدق.

ويتطلب ذلك، وفق جيلالي ” استرجاع الحريات، إطلاق سراح سجناء الرأي، تحرير الإعلام، وإصلاح قانون الانتخابات، بالإضافة إلى إعادة النظر في السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات. محذرا من أن “استمرار بناء الجزائر على الأكاذيب والتزوير سيؤدي إلى انهيار الدولة”، كون “الجزائر بحاجة إلى استعادة ثقة مواطنيها وإعادة تنظيم مؤسساتها”، خاصة أن “انهيار السلطة أمام مواطنين محبطين سيكون كارثيًا”، وفق تعبيره.

عبد الرزاق مقري: وضع سياسي خطير

أما الرئيس السابق لحركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري الذي تمايز عن موقف حزبه في الرئاسيات، فلم يكن رحيما هو الآخر في تعليقه. وقال: “صنعت الانتخابات الأخيرة وضعا سياسيا خطيرا، انحطت فيها قيمة دولتنا، وخسر الجميع فيها”. وأضاف: “في نفس اللحظة التي وصل فيها الحكم لتجسيد مفهوم “الديموقراطية الآمنة” التي لا تنافسه على الحكم في انتخاباتها أحزاب ولا شخصيات، إذ صار يكتسح النتائج دون عناء، تنهار مصداقية الانتخابات ذاتها بشكل دراماتيكي غير مسبوق”.

ومن جانب السلطة، بعد الضجة التي أثيرت بتوقيع ممثل الرئيس عبد المجيد تبون على البيان الهجومي على النتائج التي أعلنتها سلطة الانتخابات، يسود صمت عن التعليق لدى الأحزاب الموالية للرئيس. كما بدا واضحا أن الرئيس تبون لم يقدم طعنا في النتائج لدى المحكمة الدستورية مثل باقي المرشحين يوسف أوشيش وعبد العالي حساني شريف، في إشارة تؤكد الرغبة في تجاوز ما حدث مع الإعلان عن النتائج، خاصة أن فوز الرئيس من ناحية الأرقام لا غبار عليه.

 يذكر أن النتائج التي أعلنها رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، أسفرت عن حصول المترشح ‎حساني شريف عبد العالي عن حركة مجتمع السلم على 178 ألف و797 صوت، ما يمثل نسبة 3.17 بالمائة، في وقت نال المترشح ‎أوشيش يوسف عن جبهة القوى الاشتراكية على 122 ألف و146 صوت، ما يمثل نسبة 2.16 بالمائة، لتعود حصة الأسد للمترشح الحر عبد المجيد تبون، بـ5 ملايين و 329 ألف و253، ما يمثل نسبة 94.65 بالمائة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية