القاهرة – «القدس العربي»: على مدار يومي السبت والأحد لم يكن أمام الحكومة وأذرعها الإعلامية من مهمة سوى إعداد الأغلبية لاستقبال موجة من الغلاء الذي قد يسفر عن شبح مجاعة تتبدى في صورة ندرة مزيد من السلع. لأجل ذلك لم يكن لافتا حديث كثير من المسؤولين والإعلاميين عن أهمية أن يبدأ المواطنون في حملة تقشف ممتدة إذ يتوقع كثيرون ندرة العديد من السلع مستقبلا وهو ما حذر منه الإعلامي عمرو أديب الذي هاجم الحكومة متهما إياها بأنها لاتقول الحقائق الصادمة للناس كافة. وبدوره تخلى رئيس مجلس الوزراء هو وعدد من الوزراء عن تفاؤلهم الذي لازم الحكومة حتى أسابيع مضت إذ بدا الدكتور مصطفى مدبولي أكثر رغبة في الإفصاح عن مخاوفه وإعلام الناس بالحقائق التي تنتظرهم في ظل مرحلة عنوانها الفقر سيطال الجميع. من جانبه قال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والقائم بأعمال وزير الصحة، إن افريقيا تعاني من الزيادة السكانية، مشيرا إلى أنها تمثل عائقا أمام كل خطط التنمية. وأضاف، خلال كلمة ضمن فعاليات المؤتمر والمعرض الطبي الافريقي الأول، أن “الفقر أصعب من أي فيروس ومرض”، متابعا: “لو هناك أمراض تؤدي إلى الوفاة، فالفقر وآثاره تؤدي إلى العديد من المظاهر الصحية التي تعاني منها إفريقيا”. وذكر أن 50% من الأطفال تحت سن 5 سنوات، الذين يتوفاهم الله، موجودون في إفريقيا.
ومن أبرز تصريحات القصر الرئاسي: قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إن حصة مصر من المياه تبلغ 55 مليار متر مكعب، ولم تتغير على مدار السنوات وحتى الآن: “هل إحنا دخلنا في صراع مع الأشقاء لزيادة الحصة؟ لا”. وأضاف: “عملنا على تعظيم موارد المياه، والتحدي فرصة وليس عائق لنا، ونجحنا في تنفيذ برامج ثلاثية لمعالجة المياه، والبرامج تستهدف توفير مياه صالحة وفقا لمعايير منظمة الصحة العالمية”. وأوضح أن مصر ستكون أول أو ثاني دولة في العالم تعظم الاستفادة من معالجة وتحلية المياه لصالح شعبها، مشددا على أن افريقيا قادرة وإذا كان في تحدي نحن قادرون على تجاوزه معا.
ومن أخبار المحاكم: قضت الدائرة الأولى إرهاب، المنعقدة في مجمع محاكم طرة، برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، بمعاقبة 3 متهمين بالسجن المؤبد ومعاقبة متهم 1 بالمشدد 15 سنة، ومعاقبة 10 متهمين بالمشدد 10 سنوات، و3 من الأحداث بـ5 سنوات وبراءة 5 من المتهمين من عناصر الإخوان لاتهامهم بقتل مواطن وخطف واحتجاز آخر وتعذيبه، اعتقادا منهم أن المجني عليهما أرشدا قوات الأمن على عناصر الجماعة، في القضية المعروفة باللجان النوعية في حلوان.
حاميها حراميها
البداية مع فضيحة اهتم بتفاصيلها جمال حسين في “الأخبار”: فضيحة من العيار الثقيل تلك التي دوت خلال الساعات الماضية في قاعات متحف اللوفر أشهر متحف للآثار في باريس بعد اتهام مديره السابق بالإشراف على تهريب مجموعة من القطع الأثرية المصرية من بينها قطعة للفرعون توت عنخ آمون. تم الكشف عن الفضيحة عندما وضعت النيابة العامة في نيويورك يدها على خمس قطع أثرية مصرية في متحف متروبوليتان الشهير وتأكدت أنها مسروقة من مصر، وأثبتت التحقيقات التي انفرد بنشر تفاصيلها الزميل شهاب طارق الصحافي في جريدة “أخبار الأدب” تورط جان لوك مارتينيز مدير المتحف الفرنسي في تهريبها من مصر خلال أحداث يناير/كانون الثاني عام 2011 التي أطلق عليها ثورات الربيع العربي. تم القبض عليه وأمرت قاضية المحكمة العليا في ولاية نيويورك بمصادرة القطع الأثرية الخمس. ووُجهت إليه تهمة الانضمام الى عصابة منظمة وغسل الأموال المتأتية من جريمة تهريب آثار. واشارت التحقيقات إلى أن آلاف القطع الأثرية تعرضت للنهب خلال احتجاجات الربيع العربي التى اجتاحت عددا من دول الشرق الأوسط فى أوائل عام 2011 خاصة مصر وليبيا واليمن وسوريا وتم تهريبها وبيعها إلى صالات العرض والمتاحف الأجنبية التي لم تتأكد من ملكيتها. الخطير في الأمر أن الإتجار غير المشروع في الآثار أصبح مافيا وصناعة عالمية تدر مليارات الدولارات وأصبحت ممولا رئيسيا للجماعات المسلحة والإرهاب والجريمة المنظمة في جميع أنحاء العالم.
كنوزنا مستباحة
تتعدد طرق تهريب الآثار، كما اعترف جمال حسين، برا وبحرا وجوا لكن أخطرها عمليات التهريب التي تتم داخل حقائب دبلوماسية والتي كان آخرها قيام قنصل إيطالي بتهريب 22 ألف قطعة أثرية من مدينة الأقصر إلى بلاده في حاوية دبلوماسية من مدينة الإسكندرية. وينتشر التنقيب غير الشرعي عن الآثار والإتجار فيها بشكل واسع في مصر، إذ يبحث الكثيرون عن الثراء السريع. وقد لا يتخيل أحد أن حوالي مليون قطعة أثرية مصرية نادرة خرجت من مصر ويتم عرضها في أكبر المتاحف العالمية، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من القطع التي تم نهبها وتهريبها وقد لا يعرف الكثيرون أن استعادة القطع الأثرية المهربة أمر صعب لأن القوانين الدولية ليست في صالح فكرة استرداد الآثار ولذلك تعاني مصر كثيرا في هذا الأمر ونجحت مؤخرا في استرداد قطع أثرية نادرة من أمريكا والعواصم الأوروبية.
وقد قسم خبراء الآثار أنواع القطع الأثرية المهربة للخارج إلى ثلاث فئات، النوع الأول الآثار التي حصلت عليها البعثات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب على الآثار قبل صدور قانون حماية الآثار عام 1983 – حيث كان يحق للبعثات الأجنبية الحصول على نسبة من الآثار المكتشفة – وأيضا الآثار المهداة إلى بعض الأجانب، وهذان النوعان لا يمكن استردادهما وكذلك القطع الأثرية التي تم التنقيب عليها من لصوص وعصابات الآثار وتهريبها إلى الخارج خلسة لا يمكن استعادتها نظرا لعدم تسجيلها. أما النوع الثالث من الآثار التي يمكن استعادتها فهي التي اكتشفتها البعثات الأثرية المختلفة وتم تسجيلها في المجلس الأعلى للآثار لكن تمت سرقتها وتهريبها إلى الخارج. فضيحة متحف اللوفرأكدت أن حاميها حراميها!!
ديليسبس المحتال
بصراحة شديدة، وبأسف بالغ اعترف الدكتور أسامة الغزالي حرب في “الأهرام” أنه أضطر للعودة للكتابة في مسألة سبق أن كتب عنها تتعلق بمدينة بورسعيد. تابع الكاتب: إنها مسألة إعادة تمثال ديليسبس إلى قاعدته عند مدخل القناة. قد تبدو المسألة مهمة مثلا من الناحية السياحية لبورسعيد، خاصة أن الفرنسيين يتمنون بالطبع ذلك. ولكن السبب الجوهري الذي يحثني أو يضطرني لإعادة الكتابة هو ما أعتقد أنه احترام الحقائق التاريخية الموثقة، قبل أي شيء آخر. لقد وصلني ــــ على الإنترنت ـــ كتاب بعنوان “ديليسبس… الأسطورة الكاذبة” للصحافى الأستاذ محمد الشافعي يشرح فيه كيف أن ديليسبس كان نصابا ومحتالا وأدين فى بلاده بتهم تمس الشرف…إلخ، وأعلم أيضا أن كاتبة فاضلة ابنة بورسعيد لها هذا الموقف…إلخ. ولكن وصلني أيضا من ابن بورسعيد د. نبيل أحمد حلمي أستاذ القانون الدولي العام، وعميد كلية حقوق الزقازيق سابقا، مقال سبق أن كتبه في الأهرام (1/8/2020) يدعو فيه إلى عودة التمثال. حسنا…هناك إذن اختلاف بين أهل بورسعيد حول عودة التمثال، هذا أمر منطقي تماما. ولكن مايهمني ويقلقني هنا هو ضرورة احترام الحقائق التاريخية أولا وأخيرا. ومن الخطأ تماما بل ومن الشائن أن نصف ديليسبس بأنه كان أفاقا ونصابا! وكما تقول دائرة المعارف البريطانية، فإن فيرديناند ـــ ماري ديليسبس كان من أسرة فرنسية عريقة، وكان دبلوماسيا مرموقا كانت أول وظيفة له في سن العشرين مساعدا للقنصل الفرنسى في لشبونة، ثم في تونس، ثم في الإسكندرية عام 1832. كانت تلك فرصة لدراسة تقرير كان قد كتبه مسيو لوبير (أحد مهندسى حملة نابليون) حول برزخ السويس، أي المنطقة الواقعة بين بورسعيد على البحر الأبيض المتوسط، والسويس الواقعة على البحر الأحمر على رأس خليج السويس! كما كانت هناك قبل ذلك دراسات وضعها السانسيمونيون في باريس تؤكد إمكانية ذلك. هل كانت جريمة ديليسبس أنه تحمس للفكرة وأقنع بها سعيد باشا..؟ يقول معارضو ديليسبس إن القناة حفرت بالسخرة ولكن ما هي مسؤولية ديليسبس في ذلك؟ للأسف السخرة كانت نظاما جاريا في مصر يطول شرحه… وللأسف السخرة كانت هي النظام الذي حفرت بمقتضاه مثلا سكك حديد مصر، وحفرت بها العشرات من الترع والقنوات التي بني عليها نظام الري الحديث في عهد محمد على باشا!.
القدس للأبد
نتحول نحو زهرة المدائن بصحبة محمد علي الهواري في “الوفد”: عبر التاريخ المعلوم لا يوجد مكان على وجه المعمورة يحوي بين جنباته هذا الكم الهائل والمتنوع من الأماكن المقدسة للسواد الأعظم من البشرية مثل حاضرة أورشليم القدس وأكنافها، فهي مهبط تنزل الوحي ومستودع الرسالات السماوية وموضع قصص الأنبياء السابقين المطبوعة آثارها على كل بقعة شاهدة على ثراء الماعون الحضاري الذي لا ينضب، فهي بدون شك درة الميراث المشترك للإنسانية.
وللإشارة لا يقتصر الأمر، كما أوضح الكاتب فقط على المقدسات الإسلامية مثل المسجد الأقصى وحائط البراق وقبة الصخر والمسجد الإبراهيمى، بل هي تعج بالرموز والمزارات المسيحية التي تراكمت عبر العصور، فهي مرتبطة بميلاد يسوع ورسالته وصلبه وقيامته وبها معظم الأحداث المذكورة في العهد الجديد وحتى بعض الأحداث المذكورة في العهد القديم. فبعد تحول الإمبراطور الرومانى قسطنطين إلى المسيحية في بداية القرن الرابع انتهى رسميا عصر الاضطهاد مما أفسح المجال للكنيسة كي تنظم نفسها وتنتشر وتزداد نشاطا تبشيريا، فبنيت الكنائس الكبرى مثل كنيسة القيامة وكنيسة المهد وكنيسة مريم المجدلية. فحضور المسيح في أورشليم القدس واضح إنجيليا، بشارة وتعليما ودعوة، ابتداء من مجيئه صبيا إلى الهيكل، ثم تعليمه في المجامع وصولا إلى درب آلامه وصلبه وقيامته.
قديسة النضال
غني عن القول، والكلام لايزال لمحمد علي الهواري، أن المسيحيين كانوا دائما في قلب الحركة الوطنية الفلسطينية، سواء في مقاومة الانتداب البريطاني أو الاحتلال الإسرائيلى، بهم ومعهم انطلقت الثورات الفلسطينية، فكانوا في طليعة من قدموا التضحيات دفاعا عن فلسطين، وهم ليسوا طائفة أو أقلية، بل مكونا رئيسيا من مكونات المجتمع وأساسا أصيلا للهوية الوطنية والرواية الفلسطينية، فمنهم المفكرون والأدباء والشعراء، أمثال إدوارد سعيد، وروز ماري سعيد، وأميل حبيبي، وكمال ناصر وحنا مقبل. فضلا عن أيقونة المقاومة الخالدة المطران هيلاريون كبوتشي الذي اختار لنفسه اسم هيلاريون، تيمنا بهيلاريون الناسك الذي عاش في غزة قبل 1800 سنة، وهو ما يوضح الرابط الروحى. انتخب كابوتشي مطرانا للقدس واستغل مكانته لصالح القضية رافضا أي تعاون مع إسرائيل، مقاطعا المناسبات البروتوكولية، ولذلك اعتقل في 1974 بتهمة تهريب السلاح للمقاومة، وحكم عليه بالسجن 12 عاما، ولكنه قضى منها 3 سنوات بعدما تدخل بولس بابا الكنيسة الكاثوليكية ولكن بشروط منها أن يكون بعيدا عن فلسطين. تألم كبوتشي لفراقه للقدس وأهلها، وظلت أمنيته العودة إليها حتى مماته، ولكنه لم يتوقف وقدم كل ما يستطيع من أجل القضية الفلسطينية فقد شارك في أسطول الحرية عام 2009 لنقل المساعدات الغذائية للقطاع المحاصر. وعلى نفس الدرب عاشت قديسة جنين والقدس الصحافية المناضلة شيرين أبو عاقلة التي اغتالتها آلة الإرهاب الصهيوني وهي تحاول فضح الممارسات العنصرية ضد أبناء وطنها، لكن ترك المتنطعين كل هذه التضحيات النبيلة لشيرين وتحول دفة الجدال حول مآلها إلى الجنة أم إلى النار بسبب ديانتها فتم للأسف اغتيالها مرتين. ويبقى السؤال: لمصلحة من هذا الجدل العقيم؟ الإجابة بوضوح لصالح المعتدي الصهيوني الذي يعمل بخبث على نشر الفتنة بين أبناء الوطن الواحد حتى تبقى القضية ممزقة لذلك قال كونفوشيوس يوما إذا قابلت من يتظاهرون بمحاسن الأخلاق ويبالغون في معسول الكلام فاحذر إذ نادرا ما تعرف الفضيلة طريق هؤلاء.
قبل الجريمة
قد تكون التحقيقات كشفت كيف وأين ومتى وبأي سلاح ارتكب الاحتلال جريمته بحق تاج الصحافة شيرين أبوعاقلة، غير أن عزت سلامة العاصي في “المشهد” رأى أن الأمر يستحق الرجوع إلى ما قبل تنفيذ عملية الإعدام: في الأونة الأخيرة التي سبقت العملية الإرهابية تلك – والتي تستحق محاسبة قاسية من مجتمع لطالما صمت عن انتهاكات الإسرائيليين- بدا جليا كيف أضحى مصطلح أمن إسرائيل الذي لا يُقهر باهتا وجعجعة، وذلك بعد تسلل شاب لقلب تل أبيب وقطعه عشرات الكيلو مترات، وتنفيذه أكثر من عملية ضد جنود احتلاليين للأراضي الفلسطينية، وفشل ذاك الجهاز الأمني في العثور على عديدهم ليلجأ يوميا لمحاصرة منازل ليست بمأمن مادامت أقدام بني صهيون تدنس عتباتها وهدم أخرى، والتي كانت الراحلة الحاضرة شيرين واحدة ممن يرصدون هذه المحاصرات. أمر آخر ربما لا علاقة بحكومة نفتالي بينيت قبل أن يتولى السلطة خلفا لبنيامين نتنياهو، يتمثل فيما عُرف إعلاميا بمعركة سيف القدس في أيار/مايو 2021، الشهر نفسه الذي اغتالت فيه رصاصة إسرائيلية شيرين. ولا يغيب على أحد كيف جسدت هذه المعركة التي شنها الاحتلال على قطاع غزة واستمرت أحد عشر يوما نقطة تحول في المقاومة الفلسطينية التي صمدت في وجه أعتى الآلات الحربية، وفشلت قبة حديدهم التي لطالما تغنوا بها في التصدي لصواريخ الفصائل، حتى هز البعض منها قلب تل أبيب، الأمر الذي دفع الاحتلال حينها للسعي إلى لملمة الأوراق في الضفة الغربية والداخل، بعد أن تركت ارتدادة مدوية في إسرائيل على المستويين الرسمي والشعبي، “ربما” دفعت في التفكير مليا في كيفية استفادة بينيت مكسبا سياسيا على حساب انكسار نتنياهو، والذي بدأ يتحقق بالفعل برحيل الأخير عن المشهد السياسي وإن أطل بوجهه بين حين وآخر لانتقاد فقط خلفه، ووصفه الحكومة الحالية بالضعيفة والعرجاء.
رائحة فلسطين
ثالثة الأثافي التي وقف عندها عزت سلامة العاصي خسارة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي برئاسة نفتالي بينيت أوائل أبريل/نيسان الماضي غالبيته البرلمانية مع إعلان نائبة يمينية انسحابها منه، وهو ما تسبب في تراجع تحالف الأول، وجعله متساويا مع مقاعد المعارضة. ورغم إمكانية استمرار بينيت وتحالفه مع 60 مقعدا، فإنه لن يكون بمقدوره تمرير تشريعات جديدة، بل يمكن كذلك إجراء الكنيست تصويتا بحجب الثقة حال انشق عضو آخر في الائتلاف، وربما يقود ذلك العبرانيين لانتخابات تشريعية خامسة خلال 4 سنوات من حالة عدم الاستقرار السياسي، وهو ما لاقى استحسان المعارضين، وعلى رأسهم نتنياهو، الذي دعا صراحة إلى انسحاب الأعضاء والانضمام لمعسكره في حزب الليكود اليميني، حسبما أُعلن آنذاك. كل ذلك، والذي يمثل غيضا من فيض، أرهق عقل وفكر الإسرائيليين، الذين فيما يُعتقد، أنهم توصلوا لضرورة ارتكاب حادث يعلمون جيدا أن أصداءه ستطرق آذان الجميع، لا سيما وإن كانت فريستهم بحجم ومكانة الفلسطينية الصحافية شيرين أبوعاقلة التي تحمل كذلك الجنسية الأمريكية، ومن ثم يضمنون صرف أنظار الرأي العام الداخلي والخارجي عن فشلهم وقبتهم وحكومتهم ونظامهم وارتباكهم، وتحويل الانتقاد لدفة أخرى يعون جيدا أنه لن تطال سوى التنديدات والاستنكارات في ظل صمت مجتمع دولي على جرائم، لا شك، عن جرائم أبشع وأكثر إيضاحا للجميع.
وفي الأخير برحيلك يا شيرين لن ترحل فلسطين، ولن تنتهي جرائم الاحتلال الذي يواصل اغتيالاته حتى قبل كتابة هذه السطور باستشهاد شاب في العقد الثالث من عمره في بيت لحم ومن قبله الشابة غفران وراسنة شمال الخليل، ويبقى القوس مفتوحا ما دام الاحتلال يُشهر البنادق في صدور ممسكي الحجارة. وستبقى كلماتك يا شيرين: “لن أنسى أبدا حجم الدمار ولا أن الموت كان أحيانا على مسافة قريبة، لم نكن نرى بيوتنا، كنا نحمل الكاميرات ونتنقل عبر الحواجز العسكرية والطرق الوعرة، كنا نبيت في مستشفيات أو عند أُناس لم نعرفهم ورغم الخطر كنا نصر على مواصلة العمل”. ستبقى شاهدة لكِ وحافزا لكل صاحب قلم وكلمة …”.
سندفع الثمن
اكتشف جلال عارف في “الأخبار” أنه بعد مئة يوم من الحرب في أوكرانيا، مازالت النهاية بعيدة والجهود العديدة لوقف النار تتعثر، والعالم يدفع الثمن!! تابع الكاتب: الطرفان الرئيسيان “روسيا وأمريكا” مازالا يؤكدان على الاستعداد لحرب تطول لأشهر أو أكثر. والأسلحة الجديدة التي اعلنت أمريكا والحلفاء عن إرسالها لأوكرانيا تؤكد أن مخاطر التصعيد تتزايد، ويتزايد معها خطر توسع الحرب وامتدادها لخارج أوكرانيا بكل ما يعنيه ذلك من الاقتراب من الحرب المباشرة بين الكبار التي تفاداها الجميع حتى الآن! صحيح أن الرئيس بايدن تفادى أخيرا الحديث عن هزيمة روسيا كهدف للحرب، وقال إن السلاح الأمريكي المتطور هدفه تقوية مركز أوكرانيا حين يأتي وقت التفاوض. وصحيح أن واشنطن أكدت أنها حصلت على تعهدات من أوكرانيا بعدم استخدام الأسلحة الجديدة فى ضرب أهداف داخل روسيا، لكن الصحيح أيضا أن التحكم في ذلك صعب، وأن الأخطاء واردة، والحسابات تتغير، والتصعيد لا يتوقف، والتفاوض الحقيقي مازال بعيدا. الكارثة الحقيقية، كما يراها الكاتب، هي أن شعوب العالم تدفع ثمن الصراع بين الكبار، وأزمة الغذاء تتفاقم، والأطراف المتحاربة تتبادل الاتهامات عن المسؤولية في زيادة الأزمة وتعثر التصدير من منطقة الحرب التي كان العالم يعتمد على ما توفره من قمح وحبوب من حقول روسيا وأوكرانيا التي تشتعل الآن بنيران القتال.
جنون العسكرة
ما يهمنا في اللحظة الراهنة، على حد رأي جلال عارف في “الأخبار”، هو أن المجاعة تهدد شعوبا كثيرة “خاصة في افريقيا”، وأن أطراف الحرب عليهم أن يتحملوا المسؤولية بدلا من الاستمرار في لعبة عض الأصابع وتبادل الاتهامات. إذا كانوا عاجزين عن إىقاف الحرب بسرعة فلا أقل، على حد رأي الكاتب، من إخراج السلع الغذائية الأساسية من ميدان الحرب وإبعادها عن أسلحة الحصار أو العقوبات، وتأمين إشراف دولي على ذلك. ولعل هذا يكون خطوة أولى نحو إيقاف الحرب، وإيقاف جنون “العسكرة”، الذي يجري تسييده على وقع الحرب في أوكرانيا فقط. فلنتأمل، وفق ما أشار عارف، فيض الأموال التي يتم رصدها لهذا الغرض بين القوى المتصارعة. في ألمانيا مئة مليار يورو، وفي أمريكا 40 مليارا ميزانية استثنائية للحرب في أوكرانيا، وفي دول أوربا كما في روسيا والصين تتضاعف ميزانيات التسليح. بينما كل ما قدمه العالم لمواجهة أزمة الغذاء هو بضعة مليارات رصدها البنك الدولي لتشجيع الزراعة على مدى سنوات. في محاولة فاشلة للتهرب من سؤال حقيقي من المهم البحث له عن إجابة دقيقة ويتمثل ذلك السؤال في: كم للحرب… وكم لمواجهة أزمة الغذاء وشبح المجاعة التي تتحملون مسؤوليتها وفق مايشير الكاتب؟!
البيع بشروط
من المسلمات التي يؤمن بها سليمان جودة في “المصري اليوم” أن المستثمر الخارجي لا يأتى ليقضي وقته في الفسحة عندنا، لكنه يأتي ليكسب ويحقق أعلى مكسب ممكن، وهو إذا لم يجد ذلك متاحا له في أرضنا، فإنه ينتقل تلقائيا إلى الأرض المناسبة أمامه، وليس في الأمر عاطفة تربطه بأرض هنا، أو تصرفه عن أرض هناك، لأن العلاقة بينه وبين أي أرض يذهب إليها هي علاقة عملية تخضع لمعايير المكسب والخسارة ولا وجود للعاطفة فيها! وإذا كنا نعرف اليوم ما يسمى المقاصد السياحية… وهي البلاد التي يقصدها السائح دون سواها لأنها تقدم له الخدمة التي يريدها. ففي الاستثمار أيضا مقاصد استثمارية يسعى وراءها المستثمر في أي مكان! وإذا كانت المقاصد السياحية تعمل طول الوقت على إغراء السائح بالذهاب إليها، وتفضيلها على غيرها من المقاصد المنافسة، فإن المقاصد الاستثمارية تفعل الشيء نفسه، ويحاول كل مقصد فيها الفوز بأكبر قدر ممكن من كعكة الاستثمار الخارجي! ولا بديل أمامنا سوى التواجد في المقدمة من هذه المقاصد، وسوى حجز موقع متقدم بينها. وإذا كان المستثمر الخارجي يجعل الربح هدفه الأول فهذا حقه طبعا لكنه وهو يحقق هذا الهدف لنفسه يحقق لنا بالتوازي أهدافا أخرى لصالح اقتصادنا، ومنها، على سبيل المثال، أن تحقيق أي ربح في جيبه، معناه حصول الدولة على جزء من هذا الربح كضريبة محددة سلفا، ثم منها أنه يتيح فرص عمل للناس، ويشارك في عملية التشغيل، وهذا في الحقيقة ما نحتاجه أكثر!.. فإذا حقق خسارة، لا قدر الله، فهو وحده يتحملها، وهو وحده يتحمل تداعياتها، ولا تتحمل الدولة جنيها واحدا في خسارته! لذلك يظل على الدولة أن تفتح الطريق أمامه واسعا، وأن تحدد مسبقا ما بالضبط المجالات التي ستعمل فيها ليكون هذا هو شغلها الذي لا ينازعها أحد فيه. الدولة على الجانب الآخر في حاجة إلى دستور حاكم لدورها الاقتصادي، وهو دستور من سطر واحد أيضا ويقول: هذه هي مجالات العمل التي تنفرد بها الحكومة ولا يزاحمها أحد فيها! عندها لن يضيع المستثمر الوطني ولن ينسحب.
التربة الحزبية شديدة الهشاشة
ما هو أقوى حزب معارض في مصر؟ الإجابة الأولى من وجهة نظر عماد الدين حسين في “الشروق” هي أن نذكر ونرصد عدد الأحزاب ونقول إن معيار القوة الرئيسي هو حجم العضوية الجماهيرية، ثم عدد المقاعد التي يحصل عليها هذا الحزب أو ذاك في الانتخابات المختلفة خصوصا المحلية والبرلمانية بشعبتيها النيابية والشيوخ، وبما أننا نعرف حقيقة غالبية الأحزاب المصرية، وندرك أن التربة الحزبية شديدة الهشاشة، وبما أن آخر انتخابات برلمانية شهدت دخول العديد من الأحزاب في قائمة واحدة، فيصعب الحكم الموضوعي على القوة الحقيقية للأحزاب القائمة رغم أن لدينا أكثر من مئة حزب مسجلين ومعترف بها رسميا. الإجابة الثانية غير التقليدية تقول إنه ومع ضعف العمل السياسي بمعناه التقليدي، ومع ضعف غالبية الأحزاب، أو اندماج بعضها مع أحزاب أقرب في مواقفها إلى الحكومة، بالتالي فقد تحولت أحزاب كثيرة لتصبح مجرد لافتات ومقرات مهجورة، إلا من رئيس الحزب ومساعديه وبعض عائلته. وبالتالي علينا البحث عن إجابة غير تقليدية للسؤال. يرى الكاتب أن وسائل التواصل الاجتماعي صارت هي حزب المعارضة الأول في مصر.
كان مفترضا أن تكون مجرد وسائل تواصل اجتماعي، كما يقول اسمها وكما هي موجودة في غالبية بلدان العالم التي لديها أحزاب وقوى سياسية فاعلة وحياة سياسية تتميز بالحيوية، لكن غياب الأحزاب والقوى السياسية والنقابات عن دورها الفاعل جعل هذه الوسائل تتحول إلى منابر سياسية غير معلنة، وغير رسمية، وبالتالي فقد صارت تتمتع بقوة ونفوذ ومكانة ملموسة، ليس فقط بين الناس، بل صارت مؤثرة في اتخاذ بعض القرارات، أو التراجع عن أخرى.
أشواق الحرية
استشهد عماد الدين حسين على شدة تأثير مواقع التواصل الاجتماعي بالعديد من القضايا التي شغلت الرأي العام من أول الاهتمام الرسمي على أعلى مستوى بالفتاة التي تعرضت للتحرش في ميدان التحرير بعد ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 بقليل، مرورا بإقالة محافظ الإسكندرية الأسبق، حينما أغرقت مياه الأمطار العديد من مساكن المواطنين الفقراء في المحافظة رغم أنه لم يكن المسؤول الأساسي عما حدث بل غياب التمويل، ونهاية بالسماح بالاعتكاف في المساجد في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الماضي، وكذلك التراجع عن بعض القرارات مثل إقامة العجلة الدوارة في الجزيرة وإنشاء كوبري يمر بكنيسة البازليك المواجهة لقصر البارون إمبان. سيقول البعض إن هناك أخبارا وتقارير كثيرة مزيفة ومزورة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا صحيح تماما، بل إن البعض يصفها بأنها صارت «مملكة للكذب»، لكن الصحيح أيضا أن هذه الوسائل صارت الصوت الشعبي الأكثر استماعا وتأثيرا في المجتمع. وبجانب الأخبار المزيفة والإشاعات، فهي تعكس العديد من صوت الرأي العام في مصر. يرى الكاتب أنه لو كانت هناك قوى وأحزاب سياسية حقيقية أو مجتمع مدني فاعل لتمكن من استيعاب الآراء والأصوات المختلفة في المجتمع، ولظلت السوشيال مبدئيا مجرد وسائل التواصل الاجتماعي، لكن ومع غياب الأحزاب وضعف دورها، فإن السوشيال ميديا باتت تمارس دورا ما يمكن تسميته بالحزب المعارض، لكن من دون قادة محددين بل هناك قائد مختلف كل يوم حسب نوع القضية المطروحة. غياب التنوع وهامش الحرية لدى بعض وسائل الإعلام سواء كانت تقليدية أو إلكترونية، يعطي وسائل التواصل الاجتماعي المزيد من القوة. لذا يرى الكاتب أنه إذا تمكن الحوار الوطني من فتح المجال العام وإتاحة الحريات ولو بدرجة محسوبة، فسوف يؤدي ذلك إلى تقوية الأحزاب ووسائل الإعلام.
مرض بوتين
هل أن بوتين مريض؟ اهتمت ألفة السلامي بالبحث عن الحقيقة في “البوابة”: أحدث أخبار صحة الرئيس الروسي تروجُ أنه “مريض بسرطان الدم”. وفي حين يتجاهل الكرملين تلك الشائعات، يحاول مراقبون روس نفيها ويرون بأنها تدخل ضمن الحرب النفسية التي تشنها دول غربية كوجه آخر للحرب الدائرة في أوكرانيا وهدفها الإطاحة بمعنويات بوتين وشعبه.
وعادت تلك الشائعات لتزدهر بقوة مؤخرا بعد ظهور بوتين خلال العرض الأخير الخاص بالاحتفال بذكرى النصر في وقت سابق من شهر أيار/مايوالجاري. وشوهد بوتين وهو يسعل أثناء الاحتفال وبدا شاحبا ويحاول أن يحافظ على ساقيه دافئتين من خلال تغطيتها ببطانية ثقيلة، على الرغم من عدم شعور مسؤولين كبار آخرين في الكرملين بجواره بالحاجة إلى واحدة. كان هذا ما كتبه الصحافي السابق في “بي بي سي” جون سويني، وهو واحد من كثيرين أشاروا إلى البطانية. وكتب على تويتر فيما معناه أن فلاديمير بوتين يضع بطانية على ركبتيه، ويظهر بخدين ممتلئين ووجنتين محمرتين، فيما يعكس أن جسمه “محشو بمنشطات الستيرويد التي تجرح شخصية تحاول ألا تبدو ضعيفة”، بينما يتقدم الجيش الروسي في استعرض للقوة أمام قادة الكرملين. وقال الصحافي في تغريدته إن العرض العسكري إعلان عن حرب كبيرة مقبلة و”يمكننا سماع صوت شحذ السكاكين”. ويستخدم بعض القادة الغربيين هذه الشائعات حول صحة بوتين ويُقحمونها في ملف الحرب الأوكرانية، ويذهبون إلى أكثر من ذلك ويشككون في سلامة بوتين العقلية بشأن قرار الحرب ضد أوكرانيا التي دمرت الاقتصاد الروسي والأوكراني والعديد من الاقتصادات الأخرى.
أندرس أسلوند، شخصية اقتصادية معروفة في السويد، وعمل مستشارا لروسيا وأوكرانيا في السابق، أدلى بدلوه أيضا فأعطى للشائعات بعض المصداقية، وقال تعليقا على ظهور بوتين في العرض الخاص بعيد النصر “إنه لا بوتين ولا وزير دفاعه شويغو ظهرا بمظهر جيد خلال احتفال عيد النصر”، واصفا كلاهما بأنه “مكتئب وعلى ما يبدو في حالة صحية سيئة “
ساعدوها لتبقى
يجزم كثيرون، والكلام لهاجر صلاح في “الأهرام”، بأن الصحافة الورقية إلى زوال، بعد انصراف الأغلبية لمتابعة الأخبار عبر المواقع الالكترونية، مع ذلك تجدهم يشكون من غياب الدقة فيما تنشره تلك المواقع أو تضاربه وعدم اكتماله بالقدر الذي يحقق الفهم الكامل لجوانب القصة الخبرية. لا خلاف على أن الصحافة الورقية بما تتطلبه من دورة عمل، لم تعد صالحة لتكون مصدرا للأخبار، لكنها في المقابل ستظل الوعاء الوحيد الذي يستوعب ما يحتاجه كل من يبحث عن مضمون استقصائي أو تحليلي لحدث أو ظاهرة أو قرار جديد. فمثلما لا تصلح الصحافة المطبوعة الآن للخبر، فالصحافة الالكترونية أيضا لا تصلح للتحليل والتناول الشارح العميق. هكذا تفرض عليها خصائصها وطبيعتها القائمة على الإيقاع السريع، والتحديث المستمر، من جهة أخرى، من يبدأ في قراءة مادة صحافية مطولة عبر أي شاشة، غالبا ما يصيبه الملل ويتوقف عن مواصلة القراءة. من الصعب أن تجد من توقف عن قراءة الصحف أو حتى متابعة محتواها على مواقعها الالكترونية، لديه المعرفة الكافية بخصوص قضية أو موضوع مثار، أو قادر على تكوين رأي مستند على معلومات صحيحة. وعندما نصف الصحافة بـالمطبوعة فهو وصف يتجاوز فكرة الطباعة في حد ذاتها، ليعبر في الأساس عن منظومة تحكم عملية النشر، ولهذا ستبقى الصحف هي الأكثر مصداقية، بدليل أن من يحاجج أحدا في صحة ما يقول يستند لكونه منشورا “في صحيفة كذا”، ولذلك السبب أيضا ينتفض الجميع عندما تخطئ صحيفة في معلومة، ولا يحدث المثل عندما يخطئ موقع، وكم من أخطاء فادحة تنشرها المواقع وتتناقلها فيما بينها بطريقة النسخ واللصق بعناوين مضللة طمعا في الترافيك، وهو آخر ما تبحث عنه الصحافة المطبوعة.
البحث عن زواج
بين الحين والآخر، تظهر مبادرات وصفها محمود عبد الراضي في “اليوم السابع” بالرائعة، تدعو لخفض تكاليف الزواج في القرى والنجوع في الأرياف، لا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية التي تجتاح العالم كله، منذ ظهور وباء كورونا وانطلاق الحرب الروسية الأوكرانية، حيث أصاب رذاذ منها بلادنا التي تقدم المشروعات والإنجازات لتحقيق حياة كريمة للمواطنين. تابع الكاتب: البعض يتظاهر فخرا، بما تحمله عشرات السيارات من أجهزة ومستلزمات، لا حاجة للعروسين بها على مدار 50 سنة مقبلة، وربما يأتي الحفيد، ولا يتم استخدام كل هذه الأدوات والأجهزة، فالأهم لديهم التفاخر والتباهي، حتى وإن كان ذلك على حساب الاستدانة وتوقيع ايصالات أمانة على بياض، تنتهي في المطاف بهؤلاء خلف الأسوار. بصفتي متابعا لملف الشؤون الأمنية، وزيارتي المتكررة لمراكز الإصلاح والتأهيل، ولقائي النزلاء خلف الأسوار، أستطيع أن أسرد لك عددا من القصص الممزوجة بالأسى والألم تقف خلفها “ثلاجة” أو “بوتاجاز” أو “نيش”، كانت سببا في دخول مواطن أو مواطنه السجن. ما أقوله لك هنا ليس ضربا من الخيال، وإنما هي حقائق رصينة، فبمجرد أن تطأ قدمك خلف الأسوار تجدهن يتحركن بملابسهن البيضاء، ملامح الحزن والحسرة مرسومة على الوجوه، قبل أن تسألها عن سبب سجنها، تبادرك بالإجابة: “أنا مسجونة في قضية شيكات بدون رصيد… أنا غارمة… لا سرقت ولا قتلت ولا مشيت بطال لا سمح الله. أنا موجودة هنا بسبب “ثلاجة أو بوتاجاز”. العديد من السيدات تركن الأهل والأقارب، إلى خلف أسوار عاتية تمنعهن من رؤية فلذات الأكباد، يحلمن باليوم الذي يتنفسن فيه هواء الحرية، تتعدد القصص و”الحواديت” داخل كل زنزانة، ويبقى سبب السجن قاسما مشتركا بينهن وهو عدم القدرة على سداد مستحقات مالية. خلف الأسوار، تتحرك بحياء وتتحدث بصوت منخفض، لا تكاد ترفع رأسها إلى السماء، إذا سألتها عن اسمها، تجيبك بصوت خافت: “اسمي فلانة”، وتستحي أن تقوله ثلاثيا، تحكي قصة جديدة من قصص الغارمات.
دعوها بسلام
حرص محمد أمين في “المصري اليوم” على أن يطلق حملة ضد من شوه تاريخ أم كلثوم مؤخرا: أين كان ناصر دويدار قبل أن يسب أم كلثوم؟ ما القصيدة التي نظمها فعلمت في ذاكرة الشعب؟ لا يكفي أن يطلق رصاصه فقط، ولا يصح أن يطعن صاحبنا في عرض وشرف أم كلثوم. وليسامحني وليعذر جهلي أنني لم أسمع عنه ولم أعرفه قبل ذلك التاريخ. فكيف واتته الشجاعة ليتعرض لأحمد رامي وأم كلثوم، ويقول ما قال؟ هل تصور أنها ماتت وشبعت موتا؟ ألا يدري أن أم كلثوم ليست ملكا لنفسها وأسرتها فقط، ولكنها ملك للشعب الذي أحبها وساهمت في تشكيل وجدانه؟ وأن الشعب كله سيدافع عنها؟! المفترض أن اتحاد الكتاب يحمى حمى الكتاب والشعراء ولا يعقل أن يمزق أحد أعضائه ثيابهم أو يطعن في شرفهم، ولا يعقل أن يدعى صاحب التصريحات المسيئة أنه كان في جلسة خاصة وليس في ندوة باسم اتحاد الكتاب، فالجلسات الخاصة تكون أيضا كاشفة المشاعر والأحاسيس، وتُحسب على أصحابها وأسهل شيء هو أن تكذب!
وبالمناسبة لست واحدا من الذين يضيقون بالنقد أو يجعلون حالة قداسة لأي شخص. والنقد مباح ولكن أن يكون نقدا محترما؛ فالنقد ليس الشتيمة وقلة الذوق، ولكن النقد هو تمييز الدينار من الدرهم، وتقديم خدمة من نوع مختلف للمتلقي! هدم الرموز ليس إبداعا وليس فيه شجاعة ولكنه تطاول وتسلق على أكتاف أم كلثوم ورامي وشفيق كامل الذي قال إنها من أسوأ قصائده، مع أن الشاعر الجهبذ لم يقدم لنا قصيدة ولا أغنية ولا مسرحية تُحسب له في ساحة الشعر! ولا يعني أن يقدم لنفسه بأنه شاعر ليصبح شاعرا!، نحن نعرف كيف يدخلون اتحاد الكتاب! وأرجو أن يتصفح صفحته على «فيسبوك» ليعلم أن هناك العشرات مثله يكتبون قبل أسمائهم الكاتب فلان والإعلامى ترتان والشاعر عثمان، فلا هو شاعر ولا كاتب ولا إعلامي!