الموصل- رويترز- تخوض القوات العراقية الخاصة معركة شاقة تشهد قتالا متلاحما مع مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في غرب الموصل في إطار سعيها لإخراجهم من آخر معاقلهم الكبرى في مدن العراق وتوجيه ضربة كبرى لدولة الخلافة التي أعلنوها.
ويشطر نهر دجلة مدينة الموصل التي يجري عبرها من الشمال إلى الجنوب. وقد اقتحمت القوات العراقية التي يدعمها تحالف تقوده الولايات المتحدة الشطر الغربي من المدينة الشهر الماضي بعد استعادة السيطرة على الشطر الشرقي في هجوم بدأ في أواخر العام الماضي.
وازدادت حرب المدن الآن ضراوة عن ذي قبل لتركز مقاتلي التنظيم في أحد شطري المدينة ولأن الشطر الغربي الذي يوجد فيه الحي القديم ووسط المدينة كثافته السكانية أعلى.
وقال علاء شاكر (32 عاما) أحد أفراد جهاز مكافحة الإرهاب “القتال أكثر تلاحما بكثير. كان من قبل من شارع لشارع والآن أصبح من بيت لبيت”.
وأضاف مستخدما اسما شائعا للتنظيم “كثيرا ما نكون فعليا في بيت واحد على السطح وداعش في الدور السفلي. أحيانا نلقي قنابل يدوية. وإذا وجد مدنيون وعوائل في البيت نصيح فيهم أن يحتموا داخل إحدى الحجرات”.
وقال سيف رشيد (28 عاما) المساعد الطبي بجهاز مكافحة الإرهاب إن أحد أفراد القوات الخاصة قتل في وقت سابق الاثنين في المنطقة نفسها عندما أصابته رصاصة في الرأس وجرح آخر عندما أصيب بالرصاص في العنق والفخذ.
وأضاف “داعش يختبئون في البيوت. يفتحون الأبواب ويطلقون النار على الجنود من على بعد أمتار قليلة”.
وكان الاثنان يتحدثان خلال استراحة من القتال لتناول طعام الغداء في فناء بيت في غرب الموصل في حي تم انتزاع السيطرة فيه من تنظيم الدولة الإسلامية في اليوم السابق.
وليس بوسع أحد التخلي عن الحذر. فقد توقف شاكر عن المضغ وفمه نصف مملوء بالطعام ونهض ثم جلب بندقيتين هجوميتين كانتا مسنودتين على الحائط وقربهما لتصبحا في متناول اليد.
وقال وهو يشير صامتا إلى أن عضوا من الأسرة التي تعيش داخل البيت قد يخطف إحدى البندقيتين وينقلب على الجنود الموجودين في البيت “تحسبا لأي احتمال”.
وأضاف “لم يحدث ذلك حتى الآن لكن عليك الاحتراس. فنحن لا نعرف هؤلاء الناس. وتنظيم الدولة الإسلامية ترك وراءه أنصارا وخلايا نائمة”.
* تطاير الشظايا
الموصل الواقعة في أقصى شمال العراق هي أكبر مدينة في دولة الخلافة التي أعلنها التنظيم في مناطق من العراق وسوريا عام 2014.
وفي معركة الموصل يتقاتل بضعة آلاف من مقاتلي التنظيم مازالوا في الشطر الغربي من المدينة مع قوة مؤلفة من 100 ألف مقاتل عراقي وقال رئيس جهاز مكافحة الإرهاب إن من الممكن إخراجهم من المدينة في غضون أسابيع.
غير أن أساليب مقاتلي التنظيم في معركة الموصل مكنتهم حتى الآن من الصمود لفترة أطول بكثير من التقديرات الأولية للحكومة إذ يختفون بين السكان المدنيين ويستخدمون التفجيرات الانتحارية بالسيارات الملغومة والقناصة وشبكة من الأنفاق لشن موجات من الهجمات.
ودفع جهاز مكافحة الإرهاب بعربات مدرعة من طراز همفي إلى الشارع خارج ذلك البيت في الموصل وعكف ضباط داخله على دراسة خريطة على هاتف محمول بينما كانت رسائل تحديث الوضع ترد على أجهزة اللاسلكي التي يحملونها.
وقد انتقل الخط الأمامي للمعركة مسافة للأمام غير أنه لم يتم تأمين الحي بالكامل بعد.
حدق رشيد في الشارع حتى نهايته لكنه حذر من السير فيه. وبعد ثوان أصابت قذيفة من الدولة الإسلامية الطريق فانطلقت الشظايا في كل الاتجاهات. ودخل رشيد البيت مرة أخرى.
وكان بإمكان الحاضرين الإحساس بشدة الانفجار.
وبهدوء قال جندي آخر من قوات مكافحة الإرهاب يدعى وميض سلام إن هذا الانفجار ناجم عن قذيفة صاروخية.
وقال سلام (33 عاما) إنه يتطلع إلى إجازته المقبلة لزيارة زوجته الحامل في جنوب العراق.
وكان سلام يضع نظارة جديدة وصفها له الطبيب بعد أن أثر انفجار سيارة ملغومة دبره التنظيم على بصره في أواخر العام الماضي.
وقال “أوقعني على الأرض وارتطمت رأسي بشدة. كما أصبت بشظايا تحت العين مباشرة”.
وأثناء حديثه عادت عربتان مدرعتان من الخط الأمامي وقد ملأت آثار نيران مدفع رشاش زجاجهما الأمامي الواقي من الرصاص.