منذ أيام أعلنت نتيجة الجائزة العالمية للرواية العربية، أو جائزة البوكر كما تسمى، ومنحت هذه المرة للكاتبة اللبنانية المعروفة هدى بركات، عن روايتها القصيرة “بريد الليل” الصادرة عن دار الآداب.
الجديد هنا، في هذه الدورة، أن هدى لم تكن في حاجة للتوتر، وإراقة الهرمونات الصعبة، وهي تجلس مع المرشحين الآخرين في الصفوف الأمامية لقاعة الاحتفال في انتظار النتيجة. فالنتيجة معروفة سلفا، وربما هي معروفة حتى قبل أن تتم قراءة الأعمال، وقد أعلنت بطريقة واثقة وسلسة قبل الحفل بساعات، وبفضل ما تحمله وسائط التواصل الاجتماعي من خير وشر.
وصلت إلى كل مهتم بالكتابة الروائية، وبهذه الجائزة بالتحديد، وأيضا إلى غير المهتمين لأن جائزة البوكر بالتحديد تملك سطوة كبرى لا تملكها الجوائز العربية الأخرى التي نشأت قبلها وبعدها. إنها السطوة التي تجرجر غير الموهوبين، وغير الملمين بالفن الروائي، ليكتبوا أسوة بالملمين، ولدرجة أن كما هائلا من الرداءة ترسخ في السنوات الأخيرة بوصفه نتاجا روائيا عربيا. وحين تحاول الولوج إلى أقرب نص يقع في يدك، تفاجأ بكم من الموانع يصدك: لا فن، لا لغة، لا ابتكار، لا شيء بخلاف السعي إلى جائزة، وياليتها جائزة البوكر، أو على الأقل قائمتها الطويلة.
لقد قلت من قبل، وأقول مرة أخرى، إن إعلان القائمة الطويلة لجائزة البوكر في كل عام، هو بمثابة صيحة كبرى لمناداة الناس للقراءة، فمعظم الناس، الذين يكتبون في مواقع التواصل الاجتماعي، وتحس بهم يغفون ويستيقظون في الإنترنت، لن يقرأوا أي عمل يصدر ما لم يأت في قائمة لجائزة. وأيضا ليس أي جائزة فكل الجوائز الأخرى غير البوكر، تأتي بقوائمها، وفائزيها، وغالبا لا تجد اهتماما كبيرا، وتنتهي ضجتها مع الاحتفال الأخير.
البوكر بقائمتها الطويلة ستنادي القراء، وستتم القراءة، والمناقشة، وتشتعل أندية القراءة التي أصبحت ظاهرة إيجابية إلى حد ما، مؤخرا، في محاولة تشكيل قائمة قصيرة من روايات القائمة الطويلة. ثم حين تعلن القصيرة، يجتهدون أكثر في تحديد العمل الفائز، الذي في الغالب لن يكون ما تم الاتفاق عليه، بل عملا آخر اختارته لجنة التحكيم، بناء على معطيات وجدتها تناصر هذا العمل ولا تناصر غيره من أعمال القائمة القصيرة.
الذي يحدث أن كل ما يتم من نقاش هادئ أو حاد بين أعضاء لجان التحكيم، مختلفي الآراء والتوجهات، لا يعلم به أحد، وتأتي النتيجة المعلنة في النهاية، وفي ذلك الحفل البهيج الذي يقام في فندق باب البحر بأبي ظبي، مفاجئة لكل من يحضره. فلا تسريبات ولا إعلان مسبق وحتى لو كان ثمة شيء من ذلك، فلن يصل إلى أي منبر إعلامي، سيظل مجرد تسريب قد يصيب وقد يخطئ حتى إعلان النتيجة.
في الحقيقة لم أقرأ “بريد الليل”، وقرأت من قبل لهدى أعمالا عظيمة مثل “حجر الضحك”، و”ملكوت هذه الأرض” التي كانت كما أذكر من ضمن قائمة طويلة منذ أعوام ولم تتقدم أكثر، وبالطبع تستحق هدى بركات أي جائزة تمنح لها. إنعام كجه جي أيضا تستحق بما قدمته من أدب رفيع على مدى سنوات، وقلت مرة أن كجه جي مقلة جدا في كتابتها الروائية لكنها تأتي في النهاية بأعمال تخلب الألباب. ولو تحدثنا عن “صيف مع العدو” للزميلة شهلا العجيلي، نجدها أيضا من روايات الموسم العظيمة، وشهلا في سنوات قليلة قطعت شوطا كبيرا في مسألة الكتابة المتميزة والمتألقة، وتستحق جوائز بلا شك. والكتابة عن المسألة السورية، بهذا الإتقان أمر قليل في زمن كتب الكثيرون فيه عن هذه الأزمة التي لم تحل، وظلت هكذا أزمة سوريا، فيها شعب صبر وصبر، وكافح وفقد وطنا، ما زال يسعى لاستعادته.
أقول إن لا اعتراض على تتويج أحد بأي جائزة، ولا اعتراض على منح هدى جائزة البوكر، ولكن تظل تلك الوسوسة التي تعلق بأذهان الجميع، خاصة حين نعرف أن الرواية أصلا لم تكن مرشحة، وجلبت من بعيد إلى الترشيح، ثم إلى القائمتين، وأخيرا للجائزة الكبرى.
نعم الوسوسة لا بد منها في هذه الحالة، ولا بد من سؤال لجنة التحكيم عن جدوى تلك الشهور التي كان الناس ينتظرون فيها القوائم وعن جدوى الانتظار النهائي وإراقة هرمونات التوتر للمتسابقين ولآخرين تهمهم نتيجة جائزة البوكر، بوصفها الجائزة العالمية التي عبرت بالأدب العربي إلى منابر بعيدة، وقل كثير من الاستخفاف الذي كان يقابل به قديما.
نعم فالعالم يعرف رواية أحمد سعداوي العظيمة “فرانكشتاين في بغداد”، وهي من نتاج جائزة البوكر، ويعرف “ساق البامبو” و”عزازيل”، وكثير غير ذلك من أعمال القوائم الطويلة والقصيرة، التي اضطلعت تلك الجائزة بحملها والعبور بها إلى ما وصلت إليه.
أظن أن البوكر في وعكة، وهي ليست وعكة صغرى، ولكن بحجم الجائزة، فهي جائزة كبرى، ووعكتها كبرى، وأظن أن شيئا من عدم المصداقية سيعشش في أذهان متابعيها، بحيث لن ينظر الناس إلى اختياراتها بجدية في المستقبل.
وأبسط شيء أن يتذكر الناس ما حدث من إعلان للنتيجة قبل موعده بزمن كان يكفي لتعرف الأرض كلها. وبقدر ما كان الإعلان عن القائمة القصيرة منذ عامين في صفحة رئيسة لجنة التحكيم قبل اجتماع لجنته مثيرا للاستغراب، سيثير مناداة نص، وتتويجه وأيضا قبل الموعد، مثيرا لاستغراب أكثر.
لقد أعلنت الصديقة إنعام كجه جي أنها لن تحضر الاحتفال بالرغم من حضورها خصيصا للاحتفال، لأن لا مفاجأة ستتشكل لديها، وكانت على حق، فلا مفاجأة تشكلت في قاعة الاحتفال.
الشيء الإيجابي الذي لا بد من ذكره، أن عام البوكر هذه المرة، كان للمرأة التي دخلت القوائم بكثافة، وحصلت على الجائزة، ولو سارت الأمور بشكلها الطبيعي كما يحدث في كل عام لكان الإنجاز أكثر زخما.
* كاتب سوداني
أطلعت على رواية السيدة هدى بركات..إنها تستحق الفوز بجدارة.فلغتها تأسرك وأسلوبها يبهرك ورؤيتها تسمو بك إلى عليين.لا مبالغة أنها تستحق جائزة نوبل للآداب…هذا ما قلته وأضيف : ما يدور في قاعة مناقشة الجوائز العربية ليس من الملكوت الأعلى..أنت تعرفهم نفس الوجوه والأسماء..لكن حريصون على التوازن ؛ وأحيانا تفرض عليهم أسماءأنما في حالات محدودة جدا.وهذا يبدو
طبيعي بل حصل حتى في جوائز عالمية..الاعتبارات السياسية تحضر في الأزمات.في إحدى مناقشات إحدى الجوائز الكبرى عربيا كان أحد
الأعضاء صديقا لي…وبواسطة كاميرا الجوال بعث لي صورة من داخل الاجتماع سرا ؛ ففهمت منها نتيجة منْ هوالفائز.لكن لم أعلن عنها لأحد.ما تفاجأت به أنّ اللجان السرية معظمها من ( النساء الكاتبات غير المعروفات ) على عكس ما يعلنون.وهذه أقولها لأول مرة.وكما يقول المثل العراقي : ( إذا فاتك اللحم عليك بالمرق ) وحتى الملتقى.
المسألة ليست وعكة أو مرضا. إنها تجارة تقوم على العلاقات والمساومات والمقايضات، وصاحب الجائزة ،أي الذي يدفع قيمتها يريد بضاعة معينة ليروجها،وقديضطر أحيانا إلى استخدام منتج هامشي يضعه بجوار المنتج الأصلي لزوم السوق، وهذا استثناء لا يقاس عليه. الجوائز تمضي في اتجاه واحد، ومنهج واحد، أظن لوكان نجيب محفوظ حيا لما فاز بجائزة من أتفه الجوائز الشائعة، لأنه لا يكتب وفقا لمتطلبات السوق.
أنت على حق في كل ما تقول
عنوان مدهش من اديبنا الطبيب الذي ينظر في مرايا ساحلية ولكنها ليست تهمة عربية لكنها سيرة وجع فاعلام هذه الايام له مذاهبه
ومبروك للأديبة الفائزة وزغاريد فرح حتي ولو كانت نوفيلا واذكرك بروايتك الأولي كرماكول واحداثها ولا تخشي علي البوكر فآفة حارتنا النسيان علي رأي اديبنا نجيب محفوظ
وعكة في الضمير وليس في البوكر.
كرأى مشارك: في بعض الحالات يكون
الإسم له تأثير على المكان، على شخص، على
جهة.
ونختار على سبيل المثال حي (الباطنية) بالقاهرة عندنا في مصر، وقد انتجت
السينما المصرية فيلما بإسمه، وبعض
الصحف والكتاب كتبوا عنه. حتى أن جهات
دولية معترف بها كانت تخاطب الحكومات
المصرية وقتها لكى تعالج أو تقضى على
مشكلة تجارة المخدرات التى كان يشتهر
بها حي الباطنية.
وتقريبا منذ خمسة عشرة عاما، كنت قريبا
بحكم عملى من قوة حراسة مؤلفة من خمسة عشرة جنديا مسلحين لحراسة
محطة كهرباء جهد (220 ك.ف)، وكان
بينهم جندي يدعى (كياد!!) بفتح حرف الكاف وتشديد وفتح حرف الياء.
فضلا متابعة…
استكمالا للتعليق فضلا..
وذات مرة شدنى فضولى أن أسأله: أهو
اسمك ببطاقة هويتك، أم أنك اشتهرت
به بين الناس؟ فقال لى: لا، هو بالفعل
اسمى. فسألته ثانية: ومن الذى سماك
يا ترى (كياد) فى أسرتكم؟ فقال: أمى!!
حقيقة وجدتنى مندهشا لأمر تلك السيدة
التى من المؤكد أنها لا تعرف شيئا البتة
عن العلاقات الإنسانية وأنها ليست ممن يقرأن المستقبل ليس كطالع كالمنجمون،
ولكن مردود ذلك الإسم السئ على ابنها
فى المستقبل.
سألنى الجندي (كياد)، ألا من مخرج من
هذه الورطة؟ قائلا: إننى أشعر بحرج بالغ
بين زملائى وبين الناس حين يعرفون
إسمى…
فضلا متابعة…
استكمالا للتعليق فضلا…
قلت له: نعم، هناك حل وحل أكيد، ولكن
ذلك يرتبط بمدى سعيك بجدية لتغيير
إسمك. قال لى ماذا؟:
قلت له: أولا ستذهب إلى مكتب محامي
وتشرح له الأمر، وتطلعه على بطاقة
هويتك، وقل له أنك لم يكن لك يد فى
تسمية نفسك بهذا الإسم الذى يسبب
لك حرجا بالغا بين الناس. غالبا سيطلب
منك المحامى أن تذهب إلى أحد مكاتب
الشهر العقاري التابعة للدولة وتستخرج
له توكيلا وتحدده أن يكون أمام المحاكم
فقط وهو سيقوم بباقى المهمة، وسيحكم
لك القاضى بتغيير اسمك، ولكن بعد
أن تعطيك المحكمة مستندا موجها إلى
الصحف القومية لعمل إعلان صغير
مفاده أنك ستغير إسمك، وهذا إجراء احترازى لربما يكون اسمك مدرجا في
أحد القضايا الجنائية.
فرح الجندي فرحا شديدا وقلت له: تفضل
لربما تكون قد تأخرت عن تواجدك مع
زملائك الجنود.
فضلا متابع…
استكمالا للتعليق فضلا…
..ونأتى لجائزة ال (بوكر) القائمة على الحظ
وانت وحظك!! يا كسبت، يا خسرت!!
يا نلتها، أم لم تنالها! طيب، غيروا إسمها
المرتبط بعمليات لعب القمار وهى تمشى معكم صح، بالضبط مثل الجندي (كياد)
الذى يرتبط اسمه بالكيد والعياذ بالله.
فكيف يختار البعض الإسم وعلى أي أساس؟! أم تغيير إسم الجائزة محتاج أيضا
لتوكيل محامي؟!!
يتعاملون مع أقلام وكتب وعقول يا سيدى،
واحتراما للأقلام والكتب والعقول يكون
الأسم الذى يعبر باحترام عن المكان الذى
يقيم فيه أو يؤمه العقلاء.
شكرا لك، وشكرا للقدس العربي الكبير
لقد انتهيت للتو من قراءه الروايه و هي عمل جميل بكل ما تحمله الكلمه من معاني. كنت اتمنى من اديبنا الكبير ان يلقى بعض الاضواء النقديه على هذا العمل المبهر تساعد القراء على سبر اغواره بدلا من اثاره أمور ابعد ما تكون عن الأدب كقيمه جماليه ابداعيه. اعتقد ان المبدعه الجميله هدى بركات اكبر من هذه التلميحات التي لم تقترب من قريب أو بعيد من روعه ابداعها في “بريد الليل”