ولاية ترامب السابقة فاجأت حتى من اعتاد على شخصية مختلفة جداً عن شخصية سياسيين وزعماء في العالم الغربي.
أحدث ترامب في ساحتنا تغييرات تعد الأكبر منذ “أوسلو”: اتفاقات إبراهيم، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بهضبة الجولان، وخطة القرن التي اعترفت عملياً بحق إسرائيل في أجزاء من “يهودا والسامرة” على الأقل.
وهو مصمم على ذلك هذه المرة أيضاً، عقب الحرب التي بدأت بمذبحة 7 أكتوبر والمواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران التي هي في ذروتها. غير أن الوضع هذه المرة أعقد بكثير بسبب الدور الأعمق لروسيا والصين إلى جانب إيران.
الخطوة الأولى التي ستؤدي إلى التدخل الأمريكي بأسلوب ترامب في الشرق الأوسط ستكون تحقيق اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية. هذا اتفاق تريده كل الأطراف، وكان قريباً جداً في أيلول 2023 قبل أن تمنعه الحرب في غزة. هذا هو السبب الأساس في دعوة ترامب إسرائيل لإنهاء الحرب قبل تسلم مهام منصبه في غضون ثمانية أسابيع. وكما نشرنا أمس، فقد نقلت هذه الرسالة الآن أيضاً وبشكل واضح. وقصده هو القتال في غزة، الذي يعد عائق الاتفاق مع السعودية. وقف نار في هذه الجبهة سيؤدي إلى محادثات على اتفاق مع السعودية يتضمن مخططات لليوم التالي في قطاع غزة والساحة الفلسطينية بعامة. يريد نتنياهو ضمانات: أولاً، ألا تكون حماس مشاركة بأي شكل في الحكم في القطاع، وكذا حرية أمنية عسكرية للعمل في القطاع.
ليس واضحاً إذا كان ترامب يترك تحقيق اتفاقات وقف النار لإدارة بايدن في أواخر ولايتها، فمن دون التدخل الأمريكي لا إمكانية للوصول إلى أي توافق كهذا، لا في لبنان ولا مع حماس في قطاع غزة. ترامب رجل الخطط العظمى، مثل خطة القرن، ويقول من هم في محيطه إنه سيصل إلى مثل هذه الخطة، مع دور عميق للسعودية، هذه المرة أوسع بكثير، تضم معها لبنان وربما دولاً أخرى. وستقوم الخطة على أسس اقتصادية واسعة تجلب أملاً لشعوب الدول الممزقة وإغراء الزعماء بالانضمام إليها.
نذكر أن العامل الأساس الذي دفع إلى اتفاقات إبراهيم في حينه هي حاجة دول الخليج المعتدلة للحصول على حماية حقيقية ضد إيران، وفهمها بأن الاتفاق النووي مع إيران بقيادة الرئيس أوباما وقادة دول الغرب الأخرى يتركها تحت رحمة خامنئي. عندما ألغى ترامب الاتفاق النووي بتحفيز من إسرائيل ونتنياهو، كانت الطريق شقت لاتفاقات إبراهيم مع الإمارات والبحرين والمغرب. ليس صدفة أن كان زعماء دول الخليج من أوائل من هنأ ترامب بانتخابه، وبحماسة كبيرة.
بعد يوم من الانتخابات، تلقى محيط ترامب الكثير من الأسماء لتعيينات في قيادته، وهاكم بعضاً ممن يرتبطون بنا: أحدهم، بريان هوك، وهو مهم على نحو خاص. كان هوك المبعوث الأمريكي لشؤون إيران في ولاية ترامب الأولى، ويتبنى خطاً صقرياً تجاه النظام الإسلامي، بما في ذلك تشديد العقوبات الاقتصادية وغيرها. كما يشارك هوك في التعيينات الأخرى. وربما يصل بعض منهم إلى الولاية السابقة – وبينهم آفي باركوفيتش وجيسون غرينبلات اللذان كانا مشاركين بعمق في بلورة خطة القرن وبعد ذلك اتفاقات إبراهيم، ومنهم أيضاً السفير السابق دافيد فيلدمان، وربما مايك بومبيو الذي كان وزير الخارجية.
إيران هي مركز المشاكل والاعتراضات، وسيكون تطلع ترامب -“بمساعدة إسرائيلية”- هو المس بها اقتصادياً، لتقليل نفوذها في المنطقة وتعزيز القوى المعارضة لها. تلميحات الرئيس المنتخب بأن إسرائيل ستعمل عسكرياً، أي تحييد منشآت النفط وحصول هذا قبل دخوله إلى المنصب، إنما تحركه عدم رغبته في الصدام المباشر مع روسيا. حمل ثقيل على عاتق إسرائيل.
دان زاكن
إسرائيل اليوم 8/11/2024