وقائع الاعتداء على الخصوصية والابتزاز الإلكتروني تحاصر النساء في مصر

تامر هنداوي
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: عادت مسائل الاعتداء على الخصوصية والابتزاز وفرض الوصاية المجتمعية على النساء، لتطغى خلال الفترة الماضية في مصر. وآخر الوقائع في هذا السياق، تمثل في إقدام فتاة من محافظة الغربية على الانتحار بعد تعرضها للابتزاز بصور مفبركة.
بسنت خالد، التي تبلغ من العمر 17 عاما، أقدمت على الانتحار بتناول حبوب سامة مخصصة لحفظ «الغلة» بعد قيام شاب بتركيب صور لها باستخدام أحد برامج تعديل الصور ثم نشرها على موقع فيسبوك لابتزازها. لكن الفتاة لم تتحمل التبعات الاجتماعية لانتشار تلك الصور المفبركة في قريتها، فأقدمت على إنهاء حياتها، تاركة خلفها رسالة وداع.
وأعلنت النيابة العامة المصرية «مباشرة التحقيقات في واقعة وفاة بسنت متأثرة بنشر صور شخصية مخلة منشورة لها على موقع للتواصل الاجتماعي، وانتشارها بالقرية محل إقامتها، فتولت النيابة العامة التحقيقات وأخطرت بوفاة الفتاة في اليوم التالي للبلاغ».
وبينت أنها «سألت والد الفتاة وشقيقتها، فتحدثا عن اثنين اخترقا هاتف المجني عليها وحصلا منه على صورها الشخصية، ووضعاها على جسدِ فتاةٍ عارية، ونشراها في القرية بعد أن حاولا إرغامها بتلك الصور وتهديدها بنشرها لممارسة الرذيلة معهما، فلم تنصع لهما».
وزاد بيان النيابة «قدَّم والدها في التحقيقات وحدة تخزين تضمنت الصور المنسوبة للمتوفاة، وقدمت شقيقتها هاتف بسنت المحمول ورسالةً تركتْها قُبيلَ وفاتها أكدت فيها أنَّ الصور لا تخصها».
وأمرت النيابة بـ«طلب تحريات الشرطة حول الواقعة، وندب الطبيب الشرعي لتشريح جثمان المتوفاة بيانًا لسبب وفاتها، كما كلفت الجهة الفنية المختصة بفحص الصور المنسوبة للمتوفاة وهاتفها المحمول بيانًا للحقيقة».

معدل الجرائم الإلكترونية

مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، نددت بهذه الجريمة، ولفتت إلى أن «هذه الجريمة التي قام بها بعض الشباب من منعدمي الضمير والأخلاق استغل فيها التكنولوجيا الحديثة لفبركة الصور وابتزاز هذه الفتاة الصغيرة، وانتحارها نتيجة للضغط النفسي الذي تعرضت له ونظرة المجتمع لها».
وأوضحت أن الجرائم الإلكترونية «ازدادت في الآونة الأخيرة نتيجة لسوء استخدام التكنولوجيا من قبل البعض والابتعاد عن الهدف الرئيسي من استخدامها» مؤكدة أنه لا بد من إقرار المزيد من التشريعات والقوانين التي تعاقب على مثل هذه الجرائم، بالإضافة إلى تنفيذ العديد من حملات التوعية لتوعية السيدات والفتيات بكيفية حماية أنفسهن من مثل هذه الجرائم وكيفية الحصول على حقوقهن في حالة تعرضها للابتزاز أو أي شكل من أشكال الجرائم الإلكترونية».
وشددت على أنه «يجب علينا جميعا أن نقف يدا بيد لمواجهة مثل هذه الجرائم» موضحة أن ما حدث هو جريمة يعاقب عليها القانون، داعية الفتيات والسيدات اللاتي قد يواجهن مثل هذه الجرائم» ألا يخفن، وأن يسرعن بالإبلاغ عما يتعرضن له».
كما ناشدت «جميع الأهالي في حالة تعرض بناتهن إلى مثل هذه الظروف الوقوف بجانبهن، والإنصات الجيد إليهن وتصديقهن والعمل على زيادة الثقة فيما بينهم، مع تقديم كامل الدعم والمساندة اللازمة لهن، وتشجيعهن على الإبلاغ وعدم السكوت، وأن الجاني سينال عقابه وفقا للقوانين المصرية».

انتحار فتاة بعد نشر صور مفبركة لها… وفصل معلمة عقابا على الرقص

وقالت: «ليس من حق أحد أن يحكم على أي شخص لأننا لسنا مخولين بالقيام بذلك». ودعت «المجتمع بكل فئاته لعدم الانسياق وراء الأكاذيب والافتراءات وتصديقها، ما يؤدي لتعريض الفتيات للضغوط النفسية والاجتماعية التي قد تصل بهن للانتحار مثلما حدث».

معلمة المنصورة

وقبل أيام، قرر وكيل وزارة التربية والتعليم في الدقهلية في دلتا مصر، إحالة 5 معلمين للنيابة الإدارية، وذلك لقيامهم بالمشاركة في وصلة رقص على مركب نيلي أثناء مشاركتهم في رحلة نظمتها نقابة المعلمين. وانتشر فيديو راقص للمعلمين على متن مركب نيلي، والمعروف إعلامياً بفيديو «معلمة المنصورة» وتمت إحالة المعلمين من ضمنهم المعلمة، التي حصلت على لقب المعلمة المثالية، للنيابة والتحقيق معهم بسبب هذا الفيديو.
وقالت معلمة المنصورة آية يوسف: «تم تصويري دون علمي، وجرى التشهير بي، لماذا يدمرون مستقبلي ومستقبل أطفالي الثلاثة؟».
وتابعت: «سأقيم دعوى قضائية ضد من شهّر بي. تشويه السمعة في حد ذاته يعد جريمة».
وأثارت الواقعة جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وانقسم مستخدمو هذه المواقع بين رافض للعقوبة التي فرضت على المعلمة، باعتبار أنها كانت في رحلة خارج أوقات العمل الرسمية، وأخرين اعتبروا أن سلوكها لا يتماشى مع مهنتها. واقعة أخرى عرفت بـ «فتاة التجمع» نسبة إلى منطقة التجمع، شرق القاهرة، حين أقدم شاب على تصوير فتاة في شرفة مسكنها، وهي ترتدي ملابس السباحة ونشر «الفيديو» على مواقع التواصل الاجتماعي.
وألقت الأجهزة الأمنية القبض على الفتاة، قبل أن تكتشف أنها أوكرانية، وتخلي سبيلها.
الواقعة دفعت النائبة داليا السعدني، عضو لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب، لإصدار بيان أكدت فيه اعتزامها تقديم مشروع تعديل للقانون رقم 175 لسنة 2018 بإضافة فقرتين للمادة 25، يكون الغرض منهما التوسع في تجريم وفرض عقوبات رادعة على كل من يقوم بنشر على أي وسيلة من وسائل تقنية المعلومات للمواد التي تنتهك الحياة الخاصة.
وأكدت أن المادة 25 من القانون رقم 175 لسنة 2018 بشأن جرائم تقنية المعلومات تصدت لمثل هذه الوقائع، وهي انتهاك حرمة الحياة الخاصة، وفرضت عقوبة صارمة على ذلك.
وبينت أن: الحرية الشخصية حق طبيعي، وهي مصونة لا تمس، حسب الدستور، وأن انتهاكها جريمة يعاقب عليها القانون، ولم يكتف الدستور بالمادة 54 فقط للحث على صون الحرية الشخصية، بل أشار في المواد 57 و58 و59 وغيرها إلى تأكيد حماية الحرية الشخصية للفرد، وعلى أن كل اعتداء على الحرية الشخصية وغيرها من الحقوق والحريات العامة جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية الناشئة عنها بالتقادم، ورغم ذلك نسمع هنا وهناك خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن جرائم عنوانها انتهاك صارخ للخصوصية. ولفتت إلى أن فتاة التجمع كانت في الشرفة الخاصة بها، متحصنة بستر المسافات، التي لا تقل عن 400 متر وفي دور عال، لكن من قام بتصويرها، قام بعمل «زووم» تلسكوبي من مسافة بعيدة، وأيضا قام بنشره.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية