ولاية الرئيس البرازيلي اليميني الجديد تنطلق بإجراءات اقتصادية صادمة

حجم الخط
0

برازيليا – أ ف: لم تمضِ أربعة أيام بعد على بداية عهده، ليبدأ الرئيس اليميني الجديد للبرازيل» جاير بولسونارو (63 عاماً)، انعطافه المتشددّ الذي كان منتظراً، مع إجراءات اقتصادية صادمة لإرضاء ناخبيه وتطمين الأسواق، على الأقلّ في الوقت الحاضر.
وتمهّد إجراءات بولسونارو إلى تغيير راديكالي للمرة الأولى في تاريخ أكبر قوة في أمريكا اللاتينية، من «تنظيف» إيديولوجي داخل الإدارات العامة وقرارات جدلية تطال الأقليات وتغيير صادم للاقتصاد نحو الليبرالية.
ويوم الثلاثاء الماضي وعد بولسونارو في خطاب تنصيبه رئيسا «بإعادة النظام، وتحرير المجتمع من الاشتراكية ومن تصويب المفاهيم».
ولم يتأخر الرئيس الجديد بالتحرّك، فقد وقّع ليلة تنصيبه على مرسوم جدلي، يوكّل وزارة الزراعة بتعيين حدود الأراضي المخصصة لقبائل السكان الأصليين.
ويرى منتقدو بولسونارو أن هذا المرسوم هو طريقة لوضع أراضي السكان الأصليين المتوارثة تحت سيطرة «جشع» قطاع التجارة الزراعية، الذي وعد اللوبي البرلماني المؤثر التابع له بدعم الحكومة في مجلس النواب وحصل أيضاً على تسمية رئيسته تيريزا كريستينا لوزارة الزراعة.
وفي أمس التالي لتنصيبه، استلم وزراء بولسونارو الـ22 مهامهم، مصممين على إطلاق حملة لمحاربة الجريمة والفساد والإيديولوجيات التحررية.
وخلال استلامها لوزارة المرأة والعائلة وحقوق الإنسان، قالت دماريس ألفيس، وهي واحدة من امرأتين فقط في الحكومة الجديدة، أنها تؤمن «بما يرسمه الله، الذي جمع هذا الفريق ورفع هذا الجيش». وأثارت ألفيس، وهي قسيسة إنجيلية، موجةً من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي بتأكيدها على أن البرازيل دخلت في «حقبة جديدة»، حيث «يرتدي الصبيان اللون الأزرق، والفتيات اللون الزهري».
و»التنظيف» الأيديولوجي المعلن عنه، ربما يمهد إلى فصل من لا يتوافقون مع الخط الرسمي من أعمالهم في الإدارات العامة.
واعتبرت ماريا إيرمينيا تافاريس دي ألميدا، المحللة السياسية في جامعة ساو باولو، ان هناك «انطباع بأن أعضاء الحكومة غير مدركين للمشاكل الحقيقية في البرازيل. وعندما يحاولون مناقشة مسائل مهمة، تكون آراءهم مُبَسّطة ومُسَطَّحة حولها».
وسيقرّ إجراء جدلي آخر هذا الأسبوع، ينص على أن للحكومة الحق في «المراقبة والتنسيق والإشراف» على عمل المنظمات غير الحكومية.
ويثير ذلك قلق العديد من المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، التي حذرت خلال الحملة الرئاسية من المخاطر التي تحيط بالديمقراطية في البلاد مع فوز بولسونارو الذي لديه حنين لحقبة الديكتاتورية العسكرية 1964-1985).
في المقابل، رحبت أوساط الأعمال بخطاب وزير الاقتصاد الجديد باولو غيديس، معلم جاير بولسونارو، والذي يعتبر من غُلاة الليبراليين الاقتصاديين. سبب ذلك ان أولويات غيديس هي إصلاح نظام التقاعد و النظام الضريبي، والخصخصة. وبالنسبة له، فإن إصلاح نظام التقاعد هو «أول وأبرز تحدٍّ» للحكومة، ويضمن مستقبلاً «عشر سنوات من النمو المدعّم» إذا ما جرت الموافقة عليه خلال «شهرين أو ثلاثة».
وهذا الإصلاح ضروري لتقليص الدين الهائل للبرازيل، والذي يقول اقتصاديين ليبراليين انه نتيجة نظام توزيع سخي جداً في بلد يبلغ عدد سكانه 210 ملايين نسمة.
وارتفعت بورصة ساو باولو للمرة الأولى إلى أعلى من 90000 نقطة، فيما تعززت قيمة الريال البرازيلي مقابل الدولار الأمريكي. لكن البورصة أغلقت في نهاية الأسبوع الماضي مستقرّة، في مؤشر على القلق نتيجة حديث بولسونارو عن إصلاح أدنى مما كان يُطمح إليه لنظام التقاعد. وشكّك مستشارون في شركة «أوراسيا» لتقدير المخاطر «بقدرة بولسونارو الموافقة على إصلاح ذي صدقية في مجلس نواب مُقسَّم جداً».
ويشرح أندريه سيزار، وهو مستشار من شركة «هولد»، أنه «حتى اللحظة لا يزال الرئيس يعيش في شهر العسل»، لكن «السوق أحياناً ذا قطبين، ونشوة أمس قد تتحول إلى أسفٍ في اليوم التالي». كذلك، فإن تنصيب بولسونارو كان مناسبة للتأكيد على سياسة خارجية للبرازيل متوافقة تماماً مع سياسية الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب.
وعبّر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عند حضوره إلى برازيليا بمناسبة حفل التنصيب عن سروره «لفرصة خلق علاقة متجددة كلياً» مع البرازيل.
من جهته تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن «أخوّة جديدة» مع البرازيل، مغتبطاً في الوقت نفسه من نية بولسونارو التمثّل بترامب ونقل سفارة بلاده في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. أما وزير الخارجية البرازيلي الجديد إرنستو أرويو، فقد توعد بـ»قلب العولمة ودفعها في اتجاه نقطة انطلاقها»، في خطاب غير مألوف تضمّن الكثير من الاستشهادات باللغة اليونانية ولغة السكان الأصليين المعروفة باسم توبي-غاراني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية