ولو بالعصيان المدني.. للإسرائيليين: لا تسمحوا لنتنياهو بتمرير الانقلاب وفق “شرائحه التدريجية”

حجم الخط
0

نحن أبناء كل الألوان في المجتمع الإسرائيلي، عرباً ويهوداً، علمانيين وتقليديين ومتدينين. في هذا الكفاح كلنا عائلة واحدة، عائلة الموالين لوثيقة الاستقلال، وسلطة القانون، والمساواة، والديمقراطية… الديمقراطية!

نحن في كفاح في سبيل نفس إسرائيل وروحها ومستقبلها، وهذا لن يكون سهلاً أو قصيراً، ثمة ارتفاعات وهبوطات ولحظات شبه يأس. لكننا نقاتل كعائلة واحدة، على كل ما هو عزيز لنا – وسننتصر. إذ لا بلاد أخرى لنا، ولا طريق آخر. نحن مصممون، وسننقذ الديمقراطية.

لقد أوقفتم الانقلاب النظامي في الدقيقة التسعين: من خلال قوة الاحتجاج في الشارع، وتحذيرات الطيارين والقادة، وموقف مقاتلي الجيش والوحدات الخاصة. في ليلة إقالة غالنت، انثنى نتنياهو وتوقف.

انتصرنا في المعركة. فهم نتنياهو بأنه إذا حاول العودة لتشريع “قانون القضاة المحكومين” او اي قانون مشابه في الوقت القريب القادم، فسيصطدم على الفور بـ “الحائط الحديدي” إياه وسيهزم. لكننا لم ننتصر في الحرب. فأصحاب الانقلاب لم يرفعوا أياديهم. لقد فهم نتنياهو بأن الموجة فشلت، لذا ينتقل من موجة تشريعية كاسحة إلى شرائح تدريجية. الهدف ذاته، لكن بطريقة مختلفة فقط.

في عشرات الخطوات الصغيرة من التشريعات والأنظمة، يبدو كل واحد منها هامشياً، لكن تراكمها يضعف مؤسسات الديمقراطية ويعد التربة لـ “ضربة رحمة” أخيرة. نجح هذا في بولندا بعد أكثر من سنة. لهذا السبب، كان نتنياهو ولا يزال بحاجة إلى الوقت، بكل ثمن، ليجيز الميزانية التي سبق أن أجيزت، ولأجل تهدئة الخواطر في الداخل، ولأجل تلقي دعوة إلى البيت الأبيض، وللبدء بالشرائح التدريجية وفوق كل شيء، ولإذابة وإضعاف الاحتجاج الذي وحده يعطي القوة للمعارضة وللمستشارة القانونية، ولمحكمة العدل العليا ولحماة الحمى. هو وحده يخيف بيبي، وعن حق.

ومن يعطيه الوقت؟ رئيس الدولة هرتسوغ ورئيسا المعارضة غانتس ولبيد. منذ شهرين ونصف، يدور حوار عقيم في مقر الرئيس، لا يخدم إلا نتنياهو، الذي يواصل التجول مع مسدس مشحون ملصق إلى رأس الديمقراطية في شكل ثمانية قوانين تدمير يمكن استكمال تشريعها في غضون ساعات قليلة.

كل حل وسط يتحقق في هذه الظروف هو حل عفن على نحو ظاهر، لأنه ابتز بالتهديد ولأنه بمقابله يتعين على نتنياهو أن “يتعهد” -بين هلالين- للامتناع عن تشريع إضافي. لكن ليس لتعهده أدنى قيمة، ولا يمكن لدرعي ولا للرئيس أن يكفله. فما إن تنضج مسيرة التدرج، حتى يخرق نتنياهو تعهده.

مهما كان الحسم أليماً، أفضل من حل وسط عفن. وبعد الحسم الواضح: أولاً، ستكون إسرائيل ديمقراطية إلى الأبد لا دكتاتورية. وثانياً، الانقلاب السلطوي لن يعود قائماً ولا يمكنه أن يعود. عندها سيتاح حوار حقيقي لرأب الصدوع. خطيرة في نظري هي إمكانية أن يعلن بعد أسبوع مثلاً عن “اتفاق مرحلي” عليل من “الحوار” الذي “يسمح” باستمرار الحوار في محفل رئاسي جديد. هذا هو استمرار الطمس بخدمة خصوم الديمقراطية.

“الشرائح التدريجية” موجودة الآن هنا:

– أجيز قانون ميزانية تبذيري يسلب أموال الضرائب خاصتنا ويوزع المليارات للشركاء والمقربين. يا للعار!

– النائب آفي ماعوز يعاد كمشرف على جهاز التعليم. يا للعار!

– “حومش” تجاز بخلاف القانون في ظل تجاهل المستشارة القانونية وإخضاع رئيس الأركان. يا للعار!

– “كم الأفواه” وإقالات سياسية في “صوت الجيش”. يا للعار!

– مشروع المترو سينقل من مجلس أشغال حركة السير إلى مجلس برئاسة مقرب من ميري ريغف. فساد وكذا عار!

– محاولة لفرض ضربة تعسفية على جمعيات المجتمع المدني لم تتوقف إلا بضغط دولي. يا للعار!

– وزراء يواصلون الإعلان صراحة باستمرار الانقلاب. يا للعار!

استنتاجي: ليس هذا وقت للاستراحة. علينا أن نقع في الأوهام. “الشرائح التدريجية” بيننا الآن. نحن ملزمون بأن نصحو ونزيد الاحتجاج، إلى جانب مطالبة كل “مهندسي الحوار” أن يقولوا الحقيقة للجمهور وينهوه برأس مرفوع وفوراً.

يجب أن يكون هدف الاحتجاج واضحاً. لا للحلول الوسط مع من حاول سحق الديمقراطية، فشل هذه المرة ويعمل مرة أخرى على سحقها بطريقة مختلفة قليلاً، تحت “أسترة” الدخان والدعاية الكاذبة. عندنا حكومة انتخبت بشكل قانوني لكنها تعمل على تغيير النظام، وهو عمل غير شرعي على نحو ظاهر، علم أسود يرفرف فوقه، ويستوجب من كل مواطنة ومواطن أن يعمل بكل قدرته على وقف وإلغاء وشطب تشريع التدمير الذي سبق أن بدأ، وإبعاد منفذي الانقلاب، الذين هم نتنياهو وروتمن ولفين وبن غفير وسموتريتش، عن حياتنا العامة.

لهذا الغرض، على الاحتجاج أن يتعاظم وينتقل إلى عصيان مدني، أو بلغة دقيقة: عدم إطاعة مدنية غير عنيفة. سيناريو العصيان المدني سبق أن كتبه المهاتما غاندي الذي طرد الإمبراطورية البريطانية من الهند، ومارتن لوثر كينغ الذي قاد الكفاح في سبيل حقوق المواطن، وشباب الولايات المتحدة الذين أخرجوها من فيتنام، ومسقطو ميلوزوفيتش من عرش دكتاتورية صربيا. وأدعو مواطني إسرائيل للاستعداد للدعوة للعمل والاستجابة لها حين تأتي.

ما يقوده نتنياهو نجح في بولندا وهنغاريا، لكنه لن ينجح هنا لأننا سنقاتل ولا نخاف. لا نخاف أحداً ولا نخاف شيئاً. نحن مع الديمقراطية. ومعاً سننتصر.

إيهود باراك

 يديعوت أحرونوت 11/6/2023

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية