وهم نتنياهو

حجم الخط
1

ستُذكر زيارة البابا القريبة الشعب الساكن في صهيون وقادته المنتشين بالقوة بأن ارض اسرائيل كانت طول التاريخ كله ارضا مقدسة لأديان التوحيد الثلاثة. فهي ارض مقدسة لمليارات المؤمنين في العالم.
كلنا غاضبون من مئات عمليات شارة الثمن أو جرائم الكراهية، الموجهة على المؤسسات الدينية المسيحية والاسلامية في كل أنحاء الارض المقدسة. وليس الاضرار بالعرب فقط الذين يصلون في تلك الكنائس وتلك المساجد التي دنسوها بغباء قومي وعنصري. بل بجميع المسيحيين وجميع المسلمين في العالم الذين يرون مؤسسات كالمساجد والكنائس والأديار في الارض المقدسة، مقدسة، ويصيبهم اقتلاع اشجار زيتون قديمة بالجنون.
إن شباب التلال يٌفسدون رائحتنا في العالم الثقافي والديني ويُعرضون الشعب اليهودي الموجود في اسطنبول وطهران وبروكلين وساوباولو للخطر. فالكنس اليهودية في العالم كله ليست أكثر قداسة من الكنائس والأديار والمساجد في الارض المقدسة. ومؤسسات القانون وفرض القانون والاستخبارات والشرطة التي تبلغ أيديها الى كل ركن في العالم تتظاهر بأنها عاجزة. وأخطر من كل ذلك أن السلطة ورئيس الوزراء الذي يرأسها لا يلقيان بوزنهما في هذا الشأن الخطير. بل يوجد تماهي خفي بين عدم تدخل بيبي ومبادرته الى قانون القومية الذي تنبعث عنه ايضا رائحة استكبار على أبناء شعوب اخرى وأديان اخرى يعيشون وسيعيشون معنا في الارض المقدسة.
لا توجد روايات بل توجد حقيقة واحدة فقط هذا ما أعلنه منذ زمن قريب رئيس وزرائنا على رؤوس الأشهاد. وكل من يؤمن بأنه توجد حقيقة واحدة فقط فليس هو شريكا في أي تفاوض وهو لا يفهم كلمة ‘إعطاء’. كلنا نكذب فضلا عن الساسة. لكن أكذوبة أنه توجد حقيقة واحدة فقط هي أكبر الاكاذيب وأخطرها.
إن الايمان الأعمى يطبع على القلب والفهم والمصالحة. ونتنياهو رجل ايمان ولهذا يجب أن يُستبدل به زعيم يفهم ويعلم أنه توجد روايتان تجب المصالحة بينهما: القومية اليهودية والقومية الفلسطينية.
حصلت القومية اليهودية على موافقة تاريخية دولية عليها في 1947 1948. والطلب المتذاكي الذي أوجده نتنياهو وهو أن الفلسطينيين هم الذين يجب عليهم أن يصدقوا أننا شعب هو ألعوبة سياسية لا عندنا فقط. ففي القرم روايتان وفي مصر وسوريا والاردن واليونان وتركيا ايضا. أما اعتقاد أنه توجد حقيقة واحدة فقط فهو حماقة. ويجوز الايمان بذلك لكل غبي لكن لا لزعيم أمة محاطة ومهاجَمة وممزقة ومنقسمة من الداخل بين حقائق مختلفة ومتناقضة. ولن توجد حقيقة واحدة في بيت شيمش وفي طهران.
الحقيقة أن هذه ليست المقولة الاولى أو الأشد إضرارا التي سمعناها من نتنياهو. فوسواسه في الشأن الايراني وانطباعه الذاتي أنه حكيم ويفهم أكثر من قادة القوى العظمى جزء من ظاهرة الغرور الشخصي والقومي تلك. والتأليف بين البارانويا القومية وبين الغرور الشخصي للشخص الواحد وللشعب أخطر علينا من أعدائنا.
اعتقدنا دائما أن العالم ضدنا، لكننا أصبحنا في عهد بيبي ضدا للعالم كله فنحن نتدخل في الانتخابات في الولايات المتحدة، صديقتنا الكبرى، ونُعلم قادتها درسا بعد درس. ونحن نغذي تمردا اسلاميا في الشمال ونتصادم مع الاتراك وغيرهم كثير. وانتبهوا الى أنني لم أذكر الفلسطينيين.
تشبع نتنياهو في الولايات المتحدة بالرأسمالية بكامل شرها. وغلاء المعيشة وارتفاع اسعار الشقق المجنون يُذكران على لسانه لكنهما بعيدان عن قلبه وافعاله. ويُحدث بيبي العالم عن ارض يطيب العيش فيها، ويترك هذه الارض أفضل أبنائها الى بلدان اخرى بسبب عدم القدرة على كسب الرزق فيها بكرامة.
حان الوقت ليشغل رئيس الوزراء نفسه بالأساسي والمُلح. وبوطن يُدنس مقدساته متطرفون قوميون يُهيجون معاداة سامية جديدة في كل أنحاء العالم غير اليهودي.

يديعوت 15/5/2014

أمنون شاموش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د. حسين السلع - فيلدلفيا:

    أحسنت يا أمنون شاموس: فقد طلعت شمسك يا صديقي ودعني ادعوك صديقي لاننا نفكر نفس التفكير وهذا الرابض على صدورنا كرئيس دولة عنصرية فاشية يغذي اللاسامية ويزيد الاحتقان والحقد ويعادي كل العالم ليصنع من نفسه اسطورة.
    خلصتم من رابين مع أنه حاول الوصول الى سلام عادل ولم تخلصوا من النتن فقد فاحت رائحته كثيرا كثيرا حتى وصلت اقرب المقربين من اسرائيل. يحاول السيطرة على اعتى قوة في العالم ورئيسها اوباما بغبائه المعتاد وصلفه وحقده على كل ما هو غير صهيوني، لكنه سيصل الى الحائط قريبا وسيرى بأنه يلعب بالنار.
    صدقني يا أمنون أنه يعلب بالنار وبمصير الشعب اليهودي بصهيونية زائفة حاقدة وله اتباع ممن يدنسون كل ما هو مسيحي واسلامي ويهودي ويدفعون بالامور الى الجحيم…
    تحركوا يا بني اسرائيل ليرضى عنكم ابونا يعقوب النبي الذي سماكم بني اسرائيل… ونحن معكم من نسل اسماعيل نرجو لنا الخلاص من المتعصبين والقتلة والمرجفين والصهاينة المتغطرسين اللابسين مسوح الايمان واليهودية وهم يعملون على تدميرها.. يقودهم النتنياهو وليبرمان ومن مشى في طريقهم. يريدونها خالصة لهم وليس للشعب اليهودي أو لشعبين أو للمؤمنين بالله. وسيهزمون شر هزيمة ان شاء الله بارادة ابنائها المخلصين..وكل المؤمنين. مع تحياتي

إشترك في قائمتنا البريدية