وول ستريت جورنال: إيران تدير شبكات عابرة لـ4 دول لنقل السلاح للضفة.. والأردن أسهل مكان لمعاقبة الولايات المتحدة

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: نَشَرَتْ صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريراً زعمت فيه أن الأسلحة تتدفق على الضفة الغربية، حيث تدير إيران وحلفاؤها شبكة تمتد على آلاف الأميال، وتمر عبْر أربعة حدود على الأقل، وكجزء من  توسيع قدرات الفلسطينيين العسكرية وأبعد من “حماس”.

 وفي التقرير، الذي أعده سون إنيغل راسموسين وبينوا فوكون من عمان العاصمة الأردنية، قالا إن إيران والجماعات المتحالفة معها، وقبل دخول “حماس” إسرائيل، بداية الشهر الحالي، سرعوا من جهود تهريب الأسلحة إلى جزء مختلف من الأراضي الفلسطينية، الضفة الغربية.

ومن خلال استخدام الطائرات المسيّرة والرحلات الجوية وجسر جوي يمتد على مئات الأميال وأربع حدود وطنية على الأقل، فإن عملية التهريب تثير منظور توسّع الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين. وتمثّل تهديداً على الأردن، البلد الذي يعتبر حليفاً مهماً  للولايات المتحدة، ويكافح من أجل احتواء تهريب المخدرات والأسلحة.

ونقلت الصحيفة عن عامر السبايلة، مؤسس “سيكورتي لانكويجيز”، مركز أبحاث لمكافحة الإرهاب في عمان: “تريد إيران تحويل الأردن إلى نقطة عبور للأسلحة التي تدخل إسرائيل” و “خوفي هو إمكانية استخدام الأسلحة أيضاً في الأردن، وأي مكان أسهل لمعاقبة الولايات المتحدة والغرب في الشرق الأوسط؟ الأردن”.

الصحيفة: الأردن ضحية الجغرافيا، فحدوده الشمالية غير محروسة من الجانب السوري، لغياب التعاون من نظام الأسد، أما حدوده الغربية فليست محروسة بسياج

 وتعتبر إيران راعية لـ “حماس”، من الناحية العسكرية والمالية، ولأن مصر دمرت الأنفاق بين غزة وأراضيها، ولاحقت شبكات التهريب في سيناء، باتت “حماس” معتمدة ذاتياً على الأسلحة التي بنتها محلياً، وبخاصة الصواريخ.

 وتقول الصحيفة إن معظم الأسلحة الإيرانية للفلسطينيين تذهب إلى الضفة الغربية، وبخاصة حركة “الجهاد الإسلامي” المتحالفة مع “حماس”، وذلك حسب مسؤول استخباراتي أردني. وقال المسؤول إن شبكات المهربين في تزايد، وتحظى بمساعدة النظام السوري و”حزب الله” اللبناني، حليف إيران. وقال مايكل هوروفيتز، مدير شركة استشارات المخاطر ليوبك انترناشونال: “ازداد تدفق السلاح، وبخاصة في العام الماضي، وذلك لأن إيران ركزت، في الفترة الأخيرة، على الضفة الغربية، وتحاول تسليح الجماعات هناك، وبخاصة حركة “الجهاد الإسلامي” التي تعتبر شريكة إيران المباشرة”، مضيفاً: “هذا يوضح بشكل محتمل جزءاً من الفشل الأمني [خلال هجوم “حماس”] لأن إسرائيل كانت تركز على الضفة الغربية وليس غزة”.

 واستغلت إيران الاضطرابات وتآكل السلطة في الشرق الأوسط لتقوية حضورها وترك بصماتها. وأقامت طهران ممراً برياً عبر العراق وسوريا إلى لبنان، وعبر الأردن إلى الضفة الغربية، ما سمح لها بنقل الجنود والمعدات والأسلحة لمنطقة الشرق.

ولدى الأردن حدود طويلة مع سوريا، التي يسيطر عليها حليف إيران بشار الأسد، ولديه أيضاً حدود مع الضفة الغربية، وهو غاضب من مرور الأسلحة والمخدرات عبر أراضيه. واشتكى الأردنيون لدمشق، وعبّروا عن قلقهم لحلفائهم الأوروبيين، وأن تدفق السلاح إلى الضفة الغربية قد يوتّر  علاقاتهم مع إسرائيل، حسب مسؤولين أوروبيين وشرق أوسطيين.

وتشمل الأسلحة المهربة عبر الأردن نسخاً طبق الأسلحة من ألغام كليمور أمريكية الصنع، وبنادق قتالية من نوع أم4  و”تي أن تي”، ومتفجرات أخرى، وأسلحة يدوية، حسب قول مسؤول أردني بارز.

وفي تشرين الأول/أكتوبر، قالت شبكة تيرورجينس، التي تضم مستشارين للشرطة الإسرائيلية، إن حرس الحدود الإسرائيليين صادروا ألغاماً صُنعت في إيران وروسيا. ويتم نقل الأسلحة إلى الأردن في شاحنات تمرّ عبْر نقاط المرور الرسمية أو في الصحراء الواسعة التي تغطيها الغيوم والغبار في الشتاء.

كما تستخدم الجماعات المسلحة المسيّرات التي تحمل القنابل. وفي شباط/فبراير، صادر عناصر المخابرات الأردنية أول مسيّرة من سوريا تحمل قنابل يدوية. ويمكن للمسيرات التجارية التي تشترى بثمن رخيص أن تحمل بندقيتين قتاليتين، ومن الصعب التعرف عليها. وقال مسؤول أمني أردني آخر: “نرى المسيرات بالصدفة”.

 واستخدمت إيران وسائل أخرى لتهريب الأسلحة، ففي شباط/فبراير، وبعد الهزات الأرضية لتركيا وسوريا، سافر قائد فيلق القدس إسماعيل قآأني إلى حلب للإشراف على توزيع المساعدات الإنسانية. ووصل على متن طائرة تابعة لشركة طيران ماهان، التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها لنقلها الأسلحة من إيران إلى سوريا. وبحسب عميل بارز للاستخبارات الأمريكية بالمنطقة، بدأت، بعد زيارة قآأني، الطائرات تصل إلى مطار حلب حاملة معها كميات من الأسلحة. ولا يعرف حجم الأسلحة الإيرانية التي وصلت إلى الضفة الغربية، وإن كان جزءٌ منها قد وصل إلى غزة عبْر إسرائيل، مع أن مسؤولين جهويين قالوا إن معظم الأسلحة التي هرّبت عبر الأردن وصلت إلى الضفة.

وقال الجيش الإسرائيلي، في العام الماضي، إنه لاحظ زيادة في محاولات تهريب المخدرات والأسلحة عبر الأردن ومصر إلى إسرائيل. وأحبطت الشرطة الإسرائيلية 35 محاولة تهريب من الأردن، في الفترة ما بين آذار/مارس إلى نيسان/أبريل هذا العام. وقال تاجر سلاح في عمان إن المهربين يستفيدون من السوق السوداء للسلاح، حيث تباع البندقية بربع سعرها في المناطق الفلسطينية. وتباع بندقية إي كي-47 بمبلغ 20.000 دولار بالمناطق الفلسطينية، وتباع بندقية أم16 بمبلغ 30.000 دولار، حسب تاجر سلاح بالضفة الغربية. وقال صاحب محل في وسط عمان: “تنتشر الأسلحة في البلد”، وتباع الأسلحة في السوق السوداء مثل محله، 700 دولار لبندقية تشيكية 7 مليميتر،  و 4.200 دولار لبندقية غلوك النمساوية.

الصحيفة: يمثل الغضب المتصاعد بسبب الحرب في غزة تحدياً للسلطة الفلسطينية التي فقدت السيطرة على  الأرض

وفي أيار/مايو، ألقي القبض على النائب عماد العدوان وهو يحاول تهريب 200 قطعة سلاح، بما فيها 12 بندقية قتالية عبر جسر اللنبي إلى الضفة الغربية. ورحّلتْه إسرائيل إلى الأردن، حيث يواجه حكماً بالسجن لمدة 15 عاماً، وسيردّ، هو و13 متهماً معه، على التهم الموجهة إليهم هذا الأسبوع.

 وبنى المسلحون في الضفة الغربية ترسانة من الأسلحة، حيث شنت إسرائيل، في تموز/يوليو، أكبر عملية في مخيم جنين منذ أكثر من عقد، وقالت إنها صادرت آلافاً من البنادق والمتفجرات.

وقالت إنها فككت ستة أماكن لصناعة المتفجرات، وقُتل في العملية 12 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين.

ومنذ هجوم “حماس” على إسرائيل، كثفت هذه الأخيرة من عملياتها في الضفة الغربية.

وقتل، في يوم الجمعة، 13 فلسطينياً، في عملية إسرائيلية استمرت 30 ساعة بمخيم نور شمس، قرب طولكرم، وجاء هذا العدد بعد مقتل 55 فلسطينياً، في الأسبوع الأول بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.

ويمثل الغضب المتصاعد بسبب الحرب في غزة تحدياً للسلطة الوطنية التي فقدت السيطرة على  الأرض. وقال تاجر سلاح في الرام إنه يبيع مئات من قطع السلاح كل شهر، ولأناس يريدون تنظيم أنفسهم دفاعاً عن قراهم، وسط غياب التنسيق الأمني الفلسطيني. وأضاف: “هناك طلب كبير هذه الأيام، ولكن دعني أخبرك أن كلهم من الشباب”.

وتظل مهمة الأردن لوقف تدفق الأسلحة صعبة، فالمملكة هي ضحية الجغرافيا، فحدودها الشمالية غير محروسة من الجانب السوري، نظراً لغياب التعاون من نظام الأسد، أما حدودها الغربية فليست محروسة بسياج، ما يجعل التهريب منها ممكناً.

 وفي هذا العام، اكتشف الأردن تسع عمليات تهريب أسلحة على الحدود، مقارنة بسبعة في 2022، و21 في 2021، حسب مسؤول أمني بارز.

وفي ذروة تنظيم “الدولة الإسلامية”، كانت الأسلحة المهرّبة تُرسَل للجماعات الجهادية، لكنها تباع للربح المادي، حسب محمد عفيف، الرئيس السابق لمحكمة أمن الدولة في الأردن. وحذّرَ من استفادة خلايا الإرهابيين، لو استمر الوضع الأمني بالتدهور: “يلعب الأردن دوراً محورياً لمنع  تهريب المخدرات والأسلحة”، و”عبء كبير علينا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية