لندن ـ “القدس العربي” ـ من إبراهيم درويش:
بدأت إيران حملة دبلوماسية ضد دول أوروبية وخليجية قالت إنها دعمت ومنحت ملجأ للأشخاص الذين لهم علاقة بهجوم إرهابي خلف 25 شخصا وزاد من درجة التوتر في منطقة الشرق الأوسط.
وعلق سون إنغل راسموسين في صحيفة “وول ستريت جورنال” أن جماعة “الأحوازية” التي تعبر عن العرب في منطقة خوزستان أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم الذي نفذ ضد عرض عسكري في مدينة الأحواز، جنوب-غرب إيران. وقالت السلطات الإيرانية إن من بين القتلى أطفال وصحافيون إلى جانب ثمانية من عناصر الحرس الثوري الإسلامي.
وحملت إيران السعودية مسؤولية تمويل وتدريب الجماعة الانفصالية. واستدعت الخارجية الإيرانية في ساعة متأخرة من مساء السبت سفيري كل من الدانمارك وهولندا حيث تعمل الجماعة التي تتهمها الحكومة الإيرانية بالوقوف وراء الهجوم. كما واستدعت القائم بأعمال السفير البريطاني في طهران حيث تعمل قناة “الأحوازية” من لندن ويستثمر فيها سعوديون. واستدعت إيران كذلك القائم بأعمال السفير الإماراتي في طهران للاحتجاج على تعليقات مسؤول إماراتي. وتعتبر الإمارات حليفا للسعودية وليست لديها تمثيل دبلوماسي في إيران وتشتركان في الحملة العسكرية ضد جماعة الحوثيين الذين تدعمهم إيران.
وتعلق “وول ستريت جورنال” أن الهجوم أضاف نقطة ساخنة للنزاع بين إيران والسعودية اللذان تخوضان حربا دموية على الهيمنة ولكن بطريقة غير مباشرة.
وتنظر الرياض بعين الحذر لتزايد تأثير طهران السياسي والعسكري في المنطقة. وتقول إن هجوم السبت والرد الإيراني عليه قد يؤدي إلى تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة والتي تراجعت لأدنى مستوياتها في ظل إدارة دونالد ترامب التي قررت الخروج من الاتفاقية النووية التي وقعتها الإدارة السابقة لباراك أوباما عام 2015.
ورفض المسؤولون الإيرانيون عروض ترامب للقاء بما فيها أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. واتهمت إيران الولايات المتحدة بالتواطؤ في الهجوم. وفي يوم الأحد اتهم الرئيس حسن روحاني الولايات المتحدة قبل مغادرته طهران إلى نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بأنها لا تريد الأمن لإيران وتعمل على مفاقمة الفوضى فيها “ويريدون خلق الظروف للعودة إلى البلد يوما ما ويصبحوا أسيادا على الناس كما في الماضي”.
وشجبت الولايات المتحدة وبريطانيا والدانمارك الهجوم واعتبرته عملا إرهابيا. وقال وزير الخارجية الدانماركي أنديرز سامولسين: ” لو ثبت أن الجناة لهم علاقة بالدانمارك فستكون هناك بالطبع تداعيات”. وقالت هيذر نوريت، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية: “نقف مع الشعب الإيراني ضد آفة الإرهاب الراديكالي الإسلامي ونعبر عن تعاطفنا معه في هذا الوقت الرهيب”. وقال الكاتب إن شجبا قليلا صدر من العالم العربي حيث تقود الإمارات والسعودية حملة للحد من التأثير الإيراني في المنطقة.
وأشار الكاتب إلى ما قاله معلقون إماراتيون من الهجوم ليس إرهابيا لأنه استهدف عرضا عسكريا. وقال عبد الله عبد الخالق المعلق المعروف إن “نقل المعركة للعمق الإيراني هو خيار معلن وسيزداد في المرحلة المقبلة”. وكان الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي قد تحدث في مقابلة تلفازية العام الماضي عن نقل المعركة إلى داخل إيران وليس السعودية. وتقول الصحيفة إن الانفصاليين الأحوازيين لهم علاقة مفتوحة مع السعودية. وتكشف صور على وسائل التواصل الاجتماعي المتحدث باسمها يعقوب التستري وهو يصافح الملك سلمان في احتفال الحج لعام 2016 والدعوة التي تلقاها لحضور المناسبة. وقال راسموس كريستيان إيلينغ، الأستاذ المشارك بجامعة كوبنهاغن “إنهم ينتمون لجناح في حركة انفصالية عربية لا تخفي علاقتها مع السعودية”.
ويعد إقليم خوزستان وعاصمته الأحواز من الأقاليم ذات التاريخ في الدعوات الانفصالية واندلعت هذا العام تظاهرات بسبب شح المياه. وهو قريب من الحدود مع العراق بشكل يجعله منطقة للمهربين ومصدر قلق أمني للسلطات الإيرانية.
وشهدت السنوات مواجهات بين الانفصاليين وقوات الأمن الإيرانية بما في ذلك تنفيذ هجمات على المنشآت النفطية. ويعتبر النظام الإيراني الأقلية بكونها مصدرا للتحريض المحلي على الاحتجاج وحليفا ممكنا للقوى الأجنبية التي تحاول الإطاحة بالنظام في طهران.
وفي مذكرة أعدها في عام 2017 مستشار الأمن القومي الحالي جون بولتون اقترح فيها على الإدارة الأمريكية دعم “المقاومة الداخلية” والأقليات داخل إيران بمن فيها العرب في خوزستان. ويرى تريتا بارسي، مؤلف عدد من الكتب عن العلاقات الدبلوماسية الإيرانية-الأمريكية أن السعودية ربما “كانت تبحث عن رد انتقامي إيراني لتبرير التصعيد في المواجهة بطريقة تجر الولايات المتحدة” هذا إن كان لها علاقة بالهجوم الأخير.