لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا أعده وارن بي ستروبل ونانسي يوسف، أشارا فيه إلى التعاون الاستخباراتي غير المسبوق بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والنقد الموجه لواشنطن فيما إن كانت المعلومات الاستخباراتية التي تقدمها لإسرائيل تسهم في الكارثة الإنسانية التي تتكشف في غزة وتزايد أعداد القتلى، حسب أشخاص على معرفة بالأمر.
وأشارت الصحيفة في تقريرها الحصري، إلى أن القلق نابع من “مذكرة سرية” وسّعت التشارك في المعلومات الاستخباراتية بعد هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
وينبع القلق من عدم وجود رقابة حول المعلومات المقدمة، وما يؤكد أن إسرائيل لا تستخدمها في غارات غير ضرورية لقتل المدنيين، حسب قول الأشخاص المطلعين على المذكرة.
وأضافت الصحيفة أن التشارك الاستخباراتي الأمريكي- الإسرائيلي لم يحظ باهتمام كبير مثل صفقات الأسلحة. لكنه يثير أسئلة متزايدة من مشرعين ديمقراطيين ومنظمات حقوق إنسان، وسط القلق المتزايد داخل إدارة بايدن بشأن الطريقة التي تدير فيها إسرائيل حربها على غزة بعد هجمات حماس العام الماضي.
وتعكس مظاهر القلق بشأن التشارك الاستخباراتي تلك المتعلقة بتوفير الأسلحة لإسرائيل وسط تزايد القتلى في غزة، حيث ترك الرئيس جو بايدن الباب مفتوحا أمام إمكانية تعليق إمداد إسرائيل ببعض الأسلحة، إلا أن هذا الاحتمال لم يطرح أبدا فيما يتعلق بالتشارك الاستخباراتي، مع أن احتمالية مساهمته في زيادة أعداد الضحايا المدنيين باتت محل نقاش داخل الإدارة الأمريكية وفي الكونغرس. وقال النائب الديمقراطي عن كولورادو، جيسون كراو: “ما يقلقني بشأن التشارك الاستخباراتي هو التأكد أنه متناسب مع قيمنا ومصالحنا للأمن القومي”.
وأضاف كراو، العضو في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، وكتب في كانون الأول/ ديسمبر إلى مديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هينز، مطالبا بتفاصيل حول ترتيبات التشارك الاستخباراتي، بأنه قلقه نابع من “أن ما نشارك فيه الآن لا يخدم مصالحنا الوطنية”.
وأدت العملية العسكرية الإسرائيلية منذ تشرين الأول/ أكتوبر في غزة لمقتل أكثر من 32,000 شخص، بحسب وزارة الصحة في غزة. ودمرت العملية أو أضرت بأجزاء كبيرة من البنية المدنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والجامعات. وتزعم إسرائيل أن الدمار لا يمكن تجنبه لأن حماس بنت قدراتها العسكرية وسط المناطق المدنية لحماية نفسها من الهجمات الإسرائيلية.
وقال كراو إنه التقى بشكل منفصل مع رموز عسكرية إسرائيلية بارزة ومسؤولي استخبارات أمريكيين، وقال إنه لاحظ “تناقضا” في رواية الطرفين عن الحصيلة بين المدنيين. وتتم المشاركة في المعلومات الاستخباراتية بناء على مذكرة سرية أصدرها البيت الأبيض بعد فترة قصيرة من هجمات حماس وتم تعديلها بعد عدة أيام، حسب قول مسؤولين أمريكيين. وفي نفس الوقت، وسّعت الولايات المتحدة من نشاطاتها الاستخباراتية وجمع المعلومات في غزة، بعد اعتماد لسنوات على المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها إسرائيل عن القطاع.
وفي بداية الحرب، وضع مجتمع الاستخبارات الأمريكي مبادئ توجيهية بشأن التشارك في المعلومات مع الإسرائيليين، إلا أن صناع السياسة في البيت الأبيض هم من يحددون في النهاية إن حدث خرق.
وتقوم الوكالات الاستخباراتية الأمريكية بتوثيق احتمالات خروق لقوانين النزاعات من الجانين في غزة، كجزء من تقريرها الذي تعده مرتين في الأسبوع، وبعنوان “ملخص الأعمال غير المشروعة المحتملة لأزمة غزة”، حيث تحدد حوادث بعينها والتوجهات المتعلقة بالحرب، حسب قول أحد الأشخاص العارفين بالعملية.
ووصف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري التعاون الاستخباراتي والعسكري مع أمريكا بأنه لم ير مثله خلال حياته العسكرية التي مضى عليها 30 عاما. وقال للصحافيين يوم الثلاثاء: “نشهد مستويات غير مسبوقة من التنسيق الاستخباراتي”. ورفض المسؤولون الإسرائيليون التعليق على معلومات بعينها تتعلق بالتعاون الاستخباراتي.
ويقول مسؤولون أمريكون أو من هم على معرفة بالتعاون، إن الدعم الأمريكي لإسرائيل في مجال التجسس يركز على المساعدة في تحديد مكان اختفاء قادة حماس والعثور على الأسرى الإسرائيليين لدى الحركة ومراقبة الحدود. وقالوا إن الولايات المتحدة تشرك إسرائيل بالصور التي تلتقطها المسيرات الأمريكية التي تحوم فوق غزة. ولا تقدم أمريكا معلومات تسهم في عمليات عسكرية برية أو غارات جوية. وقال مسؤول في الإدارة الأمريكية: ” تركز مشاركتنا الاستخباراتية على جهود البحث عن الأسرى ومنع توغلات مستقبلية في إسرائيل. وهذا يشمل رصد تعبئة عسكرية أو حركة عند الحدود”.
وقال مسؤولون على معرفة بالمذكرة السرية، إن إسرائيل مطالبة بعدم استخدام المعلومات الاستخباراتية في عمليات تتسبب بضحايا بين المدنيين أو دمار في البنى التحتية. لكن إسرائيل مسؤولة عن تحديد التزامها بالمذكرة، حيث تفعل هذا شفهيا في بعض الأحيان، على حد قول مسؤولين. ويضيفون أنه من الصعب معرفة كيف استُخدمت المعلومات الأمريكية بعد دمجها في البيانات الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول بارز قوله: “تقدم إسرائيل تأكيدات أن استخدام الاستخبارات الأمريكية في العمليات يتم بطريقة متناسبة مع القانون الدولي، بما في ذلك قوانين الحرب التي تنص على حماية المدنيين”. وعندما تقرر واشنطن التشارك في الاستخبارات مع الحلفاء، تقوم بتقييم استخدام الشريك لها، مثل القيام بغارة، وتقرر بعد ذلك إن كانت المشاركة قانونية. وربما تطالب بتأكيدات أخرى قبل إرسال المعلومات الاستخباراتية وطريقة استخدام الحليف لها.
وقال دوغلاس لندن، ضابط “سي آي إيه” السابق، والباحث في معهد الشرق الأوسط: “لا يمكننا تقديم معلومات قابلة للتنفيذ تقود إلى تداعيات قاتلة من بلد، إلا في حالة سمح لنا القيام بنفس العمل”. وفي كانون الأول/ ديسمبر، قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأمريكي، مايكل تيرنر، إن الولايات المتحدة حذرةٌ في تقديم معلومات لإسرائيل عن قيادة حماس، وملء الفراغات في عملية جمع المعلومات الاستخباراتية لدى إسرائيل. وفي تصريحات لشبكة سي بي إس، قال: “نحن انتقائيون في المعلومات التي نقدمها”.
وتعلق سارة ياغر، مديرة مكتب واشنطن في منظمة هيومان رايتس ووتش، أن التشارك الاستخباراتي لديه القليل من القيود والقواعد، وهو يعني “فتح قبو الولايات المتحدة بأكمله”.