لندن – “القدس العربي”:
حاولت القيادة العسكرية الباكستانية المؤثرة تخفيف الحدة الاقتصادية، من خلال طرح أصول الدولة يمكن من خلالها لدول الخليج القوية أن تشتريها وتوفر العملة الصعبة لبلد يعاني تضخما وأزمة اقتصادية خانقة.
وجاء في التقرير الذي أعده سعيد شاه وسومر سعيد أن باكستان تتفاوض مع دول الخليج للحصول على مليارات الدولارات كاستثمارات في وقت تبحث فيه إسلام أباد عن العملة الصعبة التي تريدها لكي يستقر اقتصادها وتحاول فيه دول الخليج تنويع اقتصادياتها وتوسيع تأثيرها.
يتفاوض السعوديون لشراء منجم رصاص يتم تطويره بكلفة 7 مليارات دولار من قبل الشركة الكندية باريك غولد في غرب أفغانستان، وذلك بحسب أشخاص على معرفة بالمشروع. وبشكل منفصل، هناك مفاوضات في المراحل المتقدمة لبناء مصفاة نفط في باكستان يمكن أن تكلف 14 مليار دولار، بحسب مسؤولين في إسلام أباد وخليجيين.
باكستان تتفاوض مع دول الخليج للحصول على مليارات الدولارات كاستثمارات في وقت تبحث فيه إسلام أباد عن العملة الصعبة التي تريدها لكي يستقر اقتصادها وتحاول فيه دول الخليج تنويع اقتصادياتها وتوسيع تأثيرها
وبالنسبة إلى دول الخليج، فهذا يمثل تحولا من طريقة تقديمها القروض والمنح للدول الأفقر في المنطقة مثل باكستان ومصر، حيث يتم التركيز حاليا على امتلاك أصول لصناديقها السيادية. وتعاني باكستان النووية (240 مليون نسمة) أزمة اقتصادية وعدم استقرار سياسي، وتوصلت إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي في حزيران/يونيو من أجل حزمة إنقاذ. وقام جيشها القوي بقمع الحرية السياسية في الأشهر الأخيرة، ويحاول فتح الطريق أمام استثمارات مع مستثمرين من الخليج الذين اشتكوا سابقا من المعوقات والتقاعس في القرار السياسي. ويمكن أن تكون المناجم والبنى التحتية للطاقة والمزارع وخصخصة المؤسسات التجارية التابعة للدولة جزءا من خطة البيع لكل من السعودية والإمارات وقطر، التي تتنافس وبشكل متزايد فيما بينها للحصول على أصول في الدول الحليفة التي تكافح اقتصاديا.
وفي الصيف الحالي، أنشأت إسلام أباد مجلس تيسير الاستثمارات الخاص، والذي يضم رئيس الجيش من أجل تسهيل الطريق البيروقراطي للاستثمار الخليجي. وقال أحسن إقبال، وزير التخطيط الباكستاني الذي تنتهي فترته “باكستان واقعة إستراتيجيا على مفترق طرق عجلة النمو في آسيا، بين جنوب ووسط آسيا والشرق الأوسط”، وهو عضو في مجلس تيسير الاستثمار الخاص، وأضاف “هناك فرصة كبيرة للمستثمرين لكي يأتوا هنا طالما منحناهم التطمينات بأن هناك استمرارا في السياسة لاستثماراتهم”. وزار كل من نائب وزير الخارجية والتعدين السعوديين إسلام أباد في هذا الشهر لإجراء محادثات حول مبادرات الاستثمار. وأعلن رئيس الوزراء شهباز شريف عن حل البرلمان تحضيرا لانتخابات قد تعقد العام المقبل، كما أن تعيين حكومة تصريف لإدارة البلاد أثناء الفترة الانتقالية قد يكون فرصة لتوقيع الصفقات.
ومنحت سلطات جديدة لحكومة تصريف الأعمال، التي من المحتمل أن تعمل تحت تأثير الجيش من أجل اتخاذ القرارات الاقتصادية الكبرى.
يهيمن الجيش الباكستاني على مؤسسات الدولة، وهو قوة دائمة في بلد لم يكمل فيه أي رئيس وزراء فترته بالحكم. وتعاملت دول الخليج مباشرة مع الجيش الذي وفر قوات للسعودية لعقود. وكانت أول رحلة لقائد الجيش الحالي الجنرال عاصم منير هي للسعودية، حيث اجتمع مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في كانون الثاني/يناير.
بالنسبة إلى دول الخليج، باكستان ومصر تعتبران أولوية أمنية إقليمية ولا تستطيع رؤية دول فاشلة في مصر وباكستان، وفيهما أعداد كبيرة من السكان ومساحات زراعية وجيوش كبرى.
وستأتي الاستثمارات في باكستان من كيانات مملوكة من حكومات الخليج، التي قامت خلال السنوات الماضية بالاستثمار في مصر، البلد الذي يعيش أزمة اقتصادية، وكذا السودان وإثيوبيا ومناطق أخرى في القرن الأفريقي. وقالت كارين يونغ، الباحثة بجامعة كولومبيا “بالنسبة إلى دول الخليج، باكستان ومصر تعتبران أولوية أمنية إقليمية” و”لا تستطيع رؤية دول فاشلة في مصر وباكستان”. وفي البلدين أعداد كبيرة من السكان ومساحات من الأراضي الزراعية وجيوش كبرى، كل هذه الصفات غير موجودة في دول الخليج، كما يقول فيصل أفتاب، مؤسس زين فينتشر كابيتال في باكستان. و”هذه هي آخر فرصة لباكستان” و”تريد نفوذا في الاستثمار”.
وقال إقبال إن باكستان تأمل بصفقات تصل إلى 25 مليار دولار، بما فيها الطاقة الشمسية وتكنولوجيا المعلومات. كما أن وزارة الدفاع منفتحة على الاستثمار أيضا والبلد مستعد لمنح الأراضي الحكومية غير المصلحة وبعقود طويلة للزراعة.
ولم تضع دول الخليج أرقاما حول ما يمكن أن تعرضه، ففي كانون الثاني/يناير هذا العام، قال السعوديون بأنهم مستعدون لاستثمار 10 مليارات دولار بعد زيارة قائد الجيش الباكستاني. وأدت الأزمة الاقتصادية في البلدين إلى فتح فرص استثمارية لدول الخليج وامتلاك أصول للدول، لكن السعوديين ترددوا في شراء أصول مصرية. وعلى باكستان أن تدير المنافسة بين دول الخليج للحصول على الأصول وبخاصة بين الإمارات والسعودية.
ومن بين العقود التي أثارت الاهتمام من الإمارات وقطر وطرحت عطاءاتها في هذا الأسبوع هي إدارة خدمات في جزء من مطار إسلام أباد. وتنافس البلدان على إدارة مطار كابول العام الماضي، حيث فازت الإمارات. وتتطلع باكستان لمستثمرين في شركة الخطوط الجوية الباكستانية. وقال وزير النفط الذي سيغادر منصبه مصدق مالك، بأن صفقة مصفاة البترول “قريبة من الاكتمال”، وستكون في ميناء غوادار الذي تقوم الصين بتطويره على بحر العرب. كما أن المحادثات بين السعوديين والباكستانيين جارية لشراء منجم ريكو ديق، حيث سيشارك هيئة الاستثمارات العامة مع شركة المعادن لشراء نسبة 50% من المنجم الذي تملكه باكستان.