وول ستريت جورنال: القوات الأمريكية الخاصة تخوض حربا سرية في بادية الشام ضد خلايا تنظيم الدولة الصاعدة

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا حول الحرب السرية التي تخوضها الولايات المتحدة داخل سوريا ضد تنظيم الدولة.

وفي التقرير الذي أعده مايكل فيليبس من قاعدة للقوات الأمريكية الخاصة في شمال- شرق سوريا، جاء فيه أن القادة العسكريين الأمريكيين يبحثون عن طرق لاحتواء الصحوة في نشاطات تنظيم الدولة. وبحسب ضباط أمريكيين ومن قوات سوريا الديمقراطية التي يتحكم بها الأكراد، فإن تنظيم الدولة يحشد قواته في بادية الشام، ويعد جيلا شابا للقيام بعمليات انتحارية، وتوجيه الهجمات ضد قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ومحاولة إحياء حلمه بالخلافة الإسلامية.

وتشير الصحيفة إلى أن المقاتلين زادوا هذا العام من وتيرة الهجمات في العراق وسوريا، وحاولوا تحرير آلاف من زملائهم المعتقلين في السجون منذ سيطرة التحالف الأمريكي- الغربي على المدن التي كانت واقعة تحت سيطرة التنظيم.

وتضيف الصحيفة، أن القوات الأمريكية تدير حملة لم تثر اهتماما إعلاميا، حيث قام الطيران الأمريكي بشن غارات وعمليات مراقبة لقوات سوريا الديمقراطية التي شنت مداهمات على خلايا يشتبه بعلاقتها بتنظيم الدولة. ورغم أن القوات الأمريكية تقف بعيدة عن القتال، إلا أنها تقوم بغارات بنفسها لقتل أو اعتقال قادة تنظيم الدولة.

وتقول الجنرال روحيلت عارفين، القائدة المشاركة لقوات سوريا الديمقراطية: “كان هذا العام الأسوأ منذ هزيمة تنظيم الدولة” و”مهما ضربتهم، فإنهم يحاولون الوقوف من جديد”، حيث تحدثت في قاعدة قيادة أمريكية في شمال- شرق سوريا. واستمر التنظيم في أماكن أخرى من العالم، بشنّ هجماته التي خلفت ضحايا كثرا، من كرمان في إيران، إلى مذبحة الحفل الموسيقي في موسكو. إلا أنه يفضل العمل والقتال في المنطقة التي يعرفها.

وتعلق الصحيفة أن عودة تنظيم الدولة تمثل تحديا مختلفا عما كان في ذروة قوته، عندما كان مئات المقاتلين يهاجمون القرى المعزولة والمدن المزدحمة بالدبابات والشاحنات الصغيرة التي ركّبت عليها الرشاشات. واليوم يعمل التنظيم من خلال خلايا صغيرة مسلحة بالبنادق والمفخخات.

كما أن رد الولايات المتحدة وفرنسا والدول الغربية المتحالفة معهما معقد بسبب الغموض الناجم عن المفاوضات الدبلوماسية والانتخابات الأمريكية المقبلة، وما هو الدور الذي يجب أن يلعبه التحالف في المنطقة خلال الأشهر والسنوات المقبلة. وأعلن تنظيم الدولة في النصف الأول من العام الحالي، المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا. ويقوم ببناء صفوفه سرا من خلال غسل أدمغة الشباب في المعتقلات التي تُحتجز فيها زوجات مقاتلي تنظيم الدولة وأطفالهن.

وقال ضابط في القوات الأمريكية الخاصة المتمركزة في سوريا: “ما نراه هي حركة للرجال ونقلا للسلاح والمعدات”.

وتقول قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الأمريكيين، إنها اعتقلت 233 شخصا يشتبه بعلاقتهم بتنظيم الدولة في 28 عملية قامت بها خلال الأشهر السبعة الأولى من هذا العام. وحتى الآن، شن الطيران الأمريكي ثلاث غارات ضد تنظيم الدولة في سوريا وواحدة في العراق.

وتحتفظ الولايات المتحدة بـ900 جندي وأفراد مدنيين في سوريا، و2,5000 جندي في العراق. وبحسب بيانات البنتاغون، فقد ساعد الطيران الأمريكي في 50 غارة أخرى شنها الطيران العراقي منذ بداية العام الماضي.

وتقوم قوات سوريا الديمقراطية بعمليات في القرى والمدن بشمال- شرق سوريا. وفي واحدة من الغارات في تموز/ يوليو، قامت وحدات الكوماندوز في قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من القوات الأمريكية الخاصة، بضرب 8 مجمعات يقيم فيها متشددون يشتبه بعلاقتهم بتنظيم الدولة. واستغرق التخطيط للعملية 7 أسابيع، واستُخدمت المسيّرات ومروحيات الأباتشي في عمليات المراقبة وجمع أكبر قدر من المعلومات حول حركة المقيمين في الأبنية من ناحية الدخول والخروج.

ولغرض التخطيط للهجوم، بنت القوات الأمريكية نماذج عن المجمعات المشتبه بها. وتوزع أكثر من 100 مقاتل من قوات سوريا الديمقراطية على مسافة 10 أميال خارج القرى لمنع مقاتلي تنظيم الدولة من تحذير المقيمين في المجمع بأن الحلقة تضيق عليهم. وتم اعتقال عدد من الموجودين في المجمعات بدون إطلاق رصاصة واحدة، على حد قول ضابط في القوات الأمريكية الخاصة.

وعندما أمّنت قوات سوريا الديمقراطية، المكان دخلته القوات الأمريكية وصادرت أجهزة الهاتف على أمل متابعة تاريخ الاتصالات فيها وتحديد أماكن عناصر التنظيم الآخرين.

وفي العراق، يطالب القادة الشيعة المرتبطون بإيران، الولايات المتحدة بمغادرة البلاد، والتي تستخدم كقاعدة لوجيستية لعمليات البنتاغون في سوريا. وانتهت المحادثات الأمريكية- العراقية في واشنطن الشهر الماضي بدون قرار الانسحاب، إلا أن حلفاء أمريكا الأكراد في سوريا يشعرون بالقلق.

ونقلت الصحيفة عن الجنرال علي الحسن، المتحدث باسم قوات الأمن الداخلي في شمال- شرق سوريا: “سنرى فوضى لم نرها من قبل” و”أي انسحاب سيتسبب بإعادة تفعيل مباشر لخلايا تنظيم الدولة”.

ويتذكر قادة قوات سوريا الديمقراطية عندما أمر الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب في عام 2018 بسحب 2,000 جندي أمريكي في سوريا، إلا أن قادة الدفاع الأمريكيين أقنعوه بالحفاظ على نصف الجنود. وتظل الصراعات المجنونة في سوريا عقبة أمام اتخاذ القرارات  المتعلقة بالحفاظ على القوات الأمريكية أو سحبها من هناك.

وتشير الصحيفة للموقف التركي من الكيان الكردي في شمال- شرق سوريا والغارات التي تشنها على الجماعات الكردية فيه نظرا لكونها إرهابية. وتساعد روسيا رئيسَ النظام السوري بشار الأسد على مواجهة تنظيم الدولة وقوات سوريا الديمقراطية.

وفي الوقت نفسه، تشن الجماعات الموالية لإيران في العراق وسوريا هجمات ضد القوات الأمريكية بالمنطقة. ففي كانون الثاني/ يناير، قتلت طارة مسيرة 3 جنود أمريكيين في قاعدة عسكرية أمريكية بالأردن. وأطلقت جماعة شيعية بداية الشهر الجاري صواريخ صوب قاعدة عين الأسد في العراق أصابت خمسة جنود أمريكيين ومتعهدين أمنيين.

وأجبرت الجماعات الشيعية الموالية لإيران القوات الأمريكية وعلى مدى الأشهر الماضية لتعزيز دفاعاتها وحرفت انتباهها عن ملاحقة تنظيم الدولة.

ورغم هزيمة تنظيم الدولة في معركة الباغوز عام 2019، إلا أن هناك عشرات الآلاف من عائلات المقاتلين وأطفالهم لا يزالون في المعتقلات. ففي ذروة تأثيره، صكّ التنظيم عملةً خاصة به، وفرض الضرائب على سكان المناطق التي خضعت لسيطرته في العراق وسوريا، حيث تجاوز عددهم 12 مليون نسمة.

وجذبت أيديولوجية التنظيم حوالي 30,000 مقاتل أجنبي وعائلاتهم من بلدان مثل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وروسيا ودول عربية وإسلامية أخرى.

وهناك حوالي 9,000 مقاتل لا يزالون في معتقلات خاضعة لقوات سوريا الديمقراطية، ولم يخفِ التنظيم نيته تحرير المقاتلين كي يعودوا إلى ساحة المعركة. وحاول المعتقلون هذا العام الهروب مرتين من السجون. وفي مرة، حاول انتحاري اختراق بوابة سجن الرقة، عندما ساق مركبة محملة بالمتفجرات. وهناك حوالي 43,000 من العراقيين والسوريين والنازحين الذين يعيشون في مخيمات بشمال- شرق سوريا، بمن فيهم أطفال مقاتلي تنظيم الدولة المعتقلين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية