لندن- “القدس العربي”- من إبراهيم درويش:
كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن تهديدات يمارسها نظام بشار الأسد على الأكراد السوريين، حيث يطالبهم بالتخلي عن المناطق التي سيطروا عليها بعد طرد مقاتلي تنظيم الدولة أو مواجهة عمل عسكري.
وقالت الصحيفة إن قوات سوريا الديمقراطية التي تقودها قوات حماية الشعب الكردية، تتعرض لضغوط من حكومة الأسد للتخلي عن المناطق لنظام طالما طالبت الحكومة الأمريكية بالإطاحة به.
وتسيطر قوات سوريا الديمقراطية على مناطق شاسعة في شمال وشرق سوريا بما فيها مدينة الرقة وحقول نفط حيوية لاقتصاد سوريا.
وتحتفظ أمريكا بـ 2000 جندي يقومون بحماية الإدارة الكردية. ورغم حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن سحب هذه القوات، إلا أن جدولاً زمنياً للخروج لم يحدد بعد. وفي ضوء الغموض بشأن الموقف الأمريكي من سوريا، فقد أعطى الأسد الأكراد تحذيراً نهائياً إما التخلي عن الأراضي أو مواجهة عملية عسكرية.
ويحاول نظام الأسد استعادة مناطق خسرها خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ سبعة أعوام، وذلك بدعم من القوات الروسية والميليشيات التي تمولها إيران.
فبالإضافة للمناطق التي يتحكم بها الأكراد، هناك مناطق في شمال سوريا تحت سيطرة تركيا والجماعات الموالية لها، أما تنظيم الدولة فلا يزال يحتفظ ببعض الجيوب الصغيرة حول نهر الفرات.
وتعلق الصحيفة “أن محاولات النظام السوري استعادة مناطق بيد الأكراد تجابه بعقبات متعلقة بوجود قوات أجنبية ذات مصالح متباينة. ولو توصلت الحكومة السورية والأكراد لاتفاق فإن الموقف الروسي سيقوى باعتبار موسكو حَكَماً لا يمكن الإستغناء عنه، في وقت يتراجع فيه الأمريكيون”. وتقول الصحيفة إن “توصل النظام لاتفاق مع الأكراد يعني استعادته السيطرة على مناطق واسعة. ويؤكد المسؤولون الأمريكيون أن أهداف السياسة في سوريا لا تركز بقدر كبير على الإطاحة بنظام الأسد بقدر ما تسعى لهزيمة تنظيم الدولة والحد من تأثير إيران في سوريا”.
وكان مسؤولون من النظام قد التقوا الشهر الماضي بمجلس سوريا الديمقراطية، وهو الجناح السياسي للفصيل الكردي الذي يدير المناطق في شمال شرق سوريا.
وقرر الطرفان تشكيل لجنة تضم سبعة من كل طرف لمناقشة منظور اتفاق بشأن إدارة المنطقة.
وزار وفد المجلس الأسبوع الماضي دمشق، وبدأوا مفاوضات مع الحكومة لكنهم غادورا بدون اتفاق حسب مسؤولة المجلس إلهام أحمد.
وقالت في تصريحات للصحيفة: “كنا نبحث دائماً عن حل سياسي” و “لم نضرب النظام أبداً ولهذا فما هو مبرره كي يقوم بضربنا”.
ورفض النظام السوري التعليق على تقرير الصحيفة، فيما قال مسؤولون في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة، إنهم يعرفون بالمحادثات بين الطرفين ولا دور لهم فيها. فيما قالت وزارة الخارجية الأمريكية أنها علمت بالتقارير عن لقاءات النظام والمسؤولين الأكراد ولا دور لها فيها، مؤكدة على وحدة سوريا وحل يضمن مصالح كل السوريين.
وتعايش النظام والأكراد بشكل سلمي منذ بداية الثورة السورية عام 2011، وانسحاب القوات السورية من مناطق شمال شرق البلاد، في محاولة منه لتطمين الأقلية الكردية التي ظلت محرومة من أبسط حقوق المواطنة، بما فيها جواز السفر.
واستغل الأكراد الحرية النسبية وأقاموا إدارة مستقلة وقوانين. وشاركوا في الحرب ضد التنظيم الدولة وتوسيع مناطق سيطرتهم. وعليه فاتفاقٌ مع النظام يقضي بالتخلي عن مناطق سيكون بمثابة ضربة لطموحاتهم الإستقلالية.
وعانى الأكراد سلسلة من النكسات، منها سيطرة القوات التركية وحلفائها السوريين على بلدة عفرين التي كان الأكراد يريدون ضمها لإدارتهم. وجاءت السيطرة التركية في محاولة لمنع اقترابهم من الحدود.
كما اتفقت أنقرة مع واشنطن على ضرورة انسحاب المقاتلين الأكراد من بلدة منبج التي سيطروا عليها بدعم من الأمريكيين وتسليم الأمن لقوات مشتركة أمريكية- تركية. وقد يتأثر الإتفاق بالأزمة الحالية بين تركيا وأمريكا بشأن القس أندرو برونسون. وتقترب أنقرة من روسيا حيث لا تمانع من سيطرة النظام على المناطق القريبة من حدودها. واتهم المسؤولون الروس الدول الغربية بتغذية المشاعر الإنفصالية الكردية من أجل مصالحها الخاصة. وتشير الصحيفة إلى أن أسلوب “فاوض أو استسلم” استخدمه النظام مع مقاتلي المعارضة في دمشق والجنوب، حيث مارس وحشية كبيرة ضدهم، ولم تنته المواجهات إلا عندما وافق المعارضون للنظام على تسليم أسلحتهم أو الخروج لمناطق أخرى. وهو ما دفع الكثير من السكان داخل المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد لتسجيل ممتلكاتهم وأراضيهم في سجلات الحكومة بدمشق، حيث يتوقعون عودة المناطق لاحقاً للنظام وتحسباً من مصادرتها.
ولا تزال أحمد متفائلة بالتوصل لاتفاق، مشيرة: “لا نريد استقلالاً أو انفصالاً” بل “نطالب بالمشاركة السياسية والديمقراطية”.