يا لها من ازمة رائعة

حجم الخط
0

توقف وتقدير للامور: حينما يحين اليوم الذي ستكتب فيه تسيبي لفني كتابها عن مفاوضة الفلسطينيين ذ الجولة التي لا يعلم أحد كم هي ذ لن يُذكر هذا الاسبوع على أنه واحد من أفضل الاسابيع في تاريخها. بل إن لفني اعترفت بأن الخطوة التي خطاها أبو مازن حينما وقع على اتفاق المصالحة مع حماس ااشكاليةب. لو كان هناك أحد عدا لفني لاستعمل بيقين كلمة مُخيبة للأمل ومُغضبة بل مُنفرة، بعد اسابيع طويلة كانت تجري فيها اتصالات بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية بغية تحريك التفاوض مرة اخرى، وبعد أن تم قبل ذلك بيوم لقاء بين الممثلين الاسرائيليين والفلسطينيين ووجد شعور بتقدم. لكن في ظهر الغد جلس ممثل السلطة في غزة الى جانب هنية وأعلنا اتفاق مصالحة تاريخيا. فيمكن أن تنفجر غضبا اذا.
لكن لفني لا تنفجر غضبا كما قلنا آنفا. وحينما اسألها ما الذي تشعر به بعد كل الجهود التي بذلتها في الاشهر الاخيرة عامة وفي الايام الاخيرة خاصة، تجيب بفكاهة غير متوقعة: ااذا كنتِ تعتقدين أن شيئا ما قد تغير عندي في قسم المشاعر فأنت مخطئة. أنا لست عميلة’.
ونقول بعبارة اخرى إنها لا تشارك الجمهور الاسرائيلي في مشاعرها في هذا الشأن. لكن مواقفها من حماس خاصة لم تُخفها قط. بالعكس. ففي الايام التي كانت تتولى فيها وزارة الخارجية في حكومة اولمرت، وكان باراك وزير الدفاع، عارضت بقوة كل محادثة مع حماس الى أن تستجيب حماس لمطالب الرباعية. واعتقدت أن مفاوضة منظمة ارهابية حتى لو تمت بوساطة وسطاء، هي اطلاق نار على القدم، ولا تستطيع اسرائيل أن تبيح لنفسها أن تتلعثم في هذا الشأن في الوقت الذي تقاطع فيه اوروبا وامريكا حماس.
عرفوا في اسرائيل بالاتصالات التي سبقت اتفاق المصالحة. وعرفوا عن أمر الوفد الذي خرج من رام الله الى غزة. لكن في السنوات الاخيرة منذ نشأت سلطة حماس في القطاع حدث غير قليل من الاتصالات واللقاءات ومحاولات المصالحة ولم ينته ذلك الى اتفاقات. ولهذا لم توجد خشية حقيقية من حدوث ذلك هذه المرة ولا سيما في هذا الوقت الحساس جدا بالنسبة للتفاوض بين اسرائيل والفلسطينيين. وتمت في الايام الاخيرة لقاءات متواترة محمومة حاولت فيها اسرائيل أن تقارب المطالب الفلسطينية. وقد تم الاتفاق من قبل على عدد من الامور. وفي يوم الثلاثاء عشية اتفاق المصالحة في غزة جاءت لفني الى لقاء مع حل خلاق لاحدى المشكلات التي كانت مطروحة للبحث.
بيد أنها في يوم الاربعاء بدل أن تجلس مع عريقات وفرج، جلست مع نتنياهو حيث تقرر الغاء اللقاء الذي كان يفترض أن يتم في ذلك المساء.
وتقول لفني إننا نتوقف الآن ونُقدر الامور فهذا حدث يجب أن نرى الى أين يتجه بنا.
قلت: يمكن أن نقول اذا إن ائتلاف نتنياهو الحكومي قد نجا.
قالت: إن أبو مازن أنقذ متطرفينا باتصاله بمتطرفيه.
ولم تقل، أو لم تقل بصورة صريحة، إن الذي يحتفل بالمصالحة في غزة بيقين هو بينيت أو كل الآخرين الذين لا يريدون حل الدولتين.
اجل يصعب أن نقول إنهم حول بينيت ذرفوا دمعة واحدة بسبب الاتفاق الذي وقع عليه في غزة. وقالوا هناك في رضا إن أبو مازن أحرق جميع أوراق لعبه. وكان نتنياهو محتاجا الى هذه الخطوة لمواجهة العالم ولمواجهة ائتلافه الحكومي ايضا، وها هو ذا رئيس السلطة الفلسطينية يمنحه ذلك. وأضاف أحد المقربين من بينيت في تهكم: من الذي قال إن كيري لم ينجح في الاتيان باتفاق. ها هو ذا اتفاق بين الفصائل العربية.

الذي لا يُحسن القرار

إن العاملين في الجهاز السياسي على يقين من أنه لو وقعت الصفقة مع أبو مازن مشتملة على الافراج عن السجناء الاسرائيليين لاستطاع بينيت أن ينزل عن الشجرة التي تسلقها، لكن بعد أن يشنق نفسه فقط، ولن يكون ذلك إلا اذا نجح اجراء نزع الجنسية الاسرائيلية عن السجناء المفرج عنهم.
كان ذلك هو الاجراء الذي تمت فيه مباحثات محمومة في مكتب رئيس الوزراء وشارك فيه ايضا المستشار القانوني للحكومة: ماذا نفعل لتنفيذ الصفقة مع الفلسطينيين من غير أن ينقض بينيت عُرى الحكومة. بيد أن السجناء الذين كان يجب عليهم أن يوقعوا على سلبهم جنسيتهم شرطا للافراج عنهم رفضوا، ورفض كذلك مندوبو الفلسطينيين الى التفاوض. ولهذا كان احتمال استقالة بينيت مرتفعا جدا وهو ما كان سيفضي فورا الى حل الحكومة والى انتخابات مبكرة.
لكن أبو مازن لم ينقذ بينيت وحده حينما وقع على اتفاق مصالحة مع حماس، لأنه أنقذ نتنياهو والليكود وسائر احزاب الائتلاف الحكومي ذ ويشمل ذلك ليبرمان ولبيد ذ وأنقذ كل من كانوا سيضطرون الى مواجهة حل الائتلاف الحكومي والتوجه الى انتخابات في وقت غير مريح لأي أحد منهم لو أن اسرائيل نفذت الصفقة مع الفلسطينيين. لو أجريت انتخابات لكانت أكبر احتمال ألا يُشكل نتنياهو الحكومة القادمة، وليس ذلك لأنه غير أهل للانتخاب فلا منافس له البتة في انتخابات شخصية. لكن استطلاع مينا تسيمح الذي أجري قبيل العيد لصحيفة ايديعوتب بين بوضوح أنه لو أجريت الانتخابات اليوم لما استطاع نتنياهو أن يشكل ائتلافا حكوميا فما كان أي حزب ليوصي الرئيس به؛ لا بينيت الذي سبب سقوطه، ولا الحريديون، ولا لفني، ولا لبيد ولا ليبرمان ايضا. إن رئيس اسرائيل بيتنا مشغول الآن بارتباطات جديدة فهو يفحص عن امكانية أن ينافس في الانتخابات القادمة مع كحلون. ويبلغ هذا الفحص الى استطلاعات عميقة بغية الفحص عن أنه هل تأتيهما منافستهما المشتركة حينما يكون ليبرمان رئيس الحزب بعدد من النواب أكبر من مجموع النواب لكل واحد على حدة. لكن أبو مازن أحرق يوم الاربعاء أوراق اللعب وانتقلت الكرة الى لفني. وليس السؤال الآن ماذا سيفعل بينيت بل ماذا ستفعل الوزيرة التي دخلت حكومة نتنياهو كي تأتي باتفاق سلام. من الواضح أنه لو أجريت انتخابات الآن لتحطم حزب الحركة، ولهذا يفترض أن تتمسك لفني بكل طريقة بالحكومة الحالية وأن تحاول إحياء الاتصالات بالفلسطينيين باعتبارها شرطا لبقائها، إلا اذا كانت تتكل كما يقول اشخاص ساسة على اطار سياسي آخر في الانتخابات القادمة. وتوجد عدة امكانات: فهي تستطيع اذا وقف التفاوض أن تتفق الآن مع هرتسوغ وحزب العمل بزعم أنه لا يمكن التوصل الى تسوية سلمية مع تشكيلة الحكومة هذه. واذا استقر رأيها أن تعتزل الحكومة بسبب الشأن السياسي ومضى معها سائر اعضاء حزبها فسيبقى ائتلاف حكومي مؤلف من 62 عضو كنيست. ولن يبقى هذا الائتلاف زمنا طويلا وفي داخله اعضاء كنيست مشاغبون مثل فايغلين وريفلين وغمليئيل وآخرين.
لكن من الممكن أن تعتزل لفني الحكومة دون أن تأخذ كل الحركة معها وأن يبقى نصفها ذ دافيد تسور ومئير شتريت واليعيزر شتيرن ذ في الائتلاف الحكومي في حين يعود بيرتس ومتسناع الى حزب العمل. وهذا أمر آخر. إن ائتلافا من 65 عضوا يمكن أن يبقى، واذا استقر رأي لفني على ألا تعتزل (وهذا هو السيناريو الاكثر منطقا) بقي ائتلاف من 66 عضوا.
ويلائم هذا ايضا امكانا آخر أثير هذا الاسبوع في الجهاز السياسي وهو ألا تتفق لفني مع هرتسوغ بل مع ليبرمان وكحلون على منافسة مشتركة في الانتخابات القادمة. وفي هذه الحال لا يوجد ما يدعوها الى الاسراع الى الترك الآن لأن هذا التنظيم سيستغرق وقتا ولن يجديها انصرافها الآن عن الساحة السياسية.
ماذا ستفعل لفني اذا؟ ستقول إن الفلسطينيين مذنبون. يقول مسؤول كبير في الليكود، وستعلل بقاءها بأن عندها عملا كثيرا في وزارة القضاء وإنها تبقى كي لا تُمكن البيت اليهودي من أن يفعل ما يحلو له في المستوطنات وأنها تتحمل مسؤولية حماية جهاز القضاء. هل تعوزها التعلات؟
لكن لفني ليست وحدها في هذا القارب لأن يئير لبيد ايضا سيضطر الى أن يُفسر لناخبيه الذين جاء اكثرهم من الوسط واليسار بقاءه في الحكومة التي لا تجري تفاوضا سياسيا. وقد قال هو وعوفر شيلح اكثر من مرة في الماضي إنه ليس لهما ما يبحثان عنه في حكومة كهذه. وتعلمون أن لبيد سينتظر ليرى ماذا ستفعل لفني، فاذا بقيت فسيجد تعلات هو ايضا. وهما يستطيعان أن يقولا دائما وبقدر كبير من الصدق إن نتنياهو لا يتحمل تبعة الازمة هذه المرة.
وبدا رضا في الليكود ايضا لأنه اذا لم يتغير شيء فان اسرائيل هي التي فازت في لعبة تبادل الاتهام، لأنه اذا كان أمكن الى الآن اتهام اسرائيل بأنها لم تفِ بالصفقة التي التزمت بها، فلن يستطيع أحد منذ أن وقع أبو مازن مع حماس، أن يزعم أن اسرائيل تتحمل تبعة تفجير التفاوض.
سيعقد في يوم السبت مؤتمر مجلس م.ت.ف. وهم في الليكود يؤمنون بأن أبو مازن سيتمسك هناك بالمواقف المتشددة التي عرضها ويدفن التفاوض بصورة نهائية.
ينتظر الجميع الآن. إنهم ينتظرون أن يروا اقامة الاتفاق بين حماس وفتح حقا، وينتظرون أن يروا ما ستفعله لفني وما سيفعله اعضاء حزبها. وينتظرون المعركة على الرئاسة: هل سينافس سلفان شالوم وإن لم يفعل فمن يدخل الميدان. وماذا سيقرر نتنياهو، وهذا سؤال ذو موضوع دائما كما يبدو. وماذا سيكون قراره في شأن مرشحه للرئاسة. ومن سيكون رئيس لجنة الخارجية والامن. ومن سيحل محل ياريف لفين رئيسا للائتلاف الحكومي. إنها قرارات كثيرة جدا لشخص واحد لا يُحسن القرار.

يديعوت 25/4/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية