أغرم العديد من المبدعين بمدينة باريس، ومنهم همنغواي، الأديب الفائز بجائزة نوبل.. (وبينهم الكثير من الأدباء العرب). عزيزي همنغواي.. لو كنت حياً لنصحتك بعدم زيارة باريس هذه الأيام.. فوباء كورونا نجح في تحويلها إلى مدينة خاوية الشوارع ولن تجد يا همنغواي حانتك المفضلة «ليب» لشرب البيرة في الحي اللاتيني، فهي مغلقة كما بقية مطاعم المدينة، وقد تذكرتك يا همنغواي مؤخراً ليلة إشعال الأضواء التي تزين شجرة جادة الشانزيليزيه على طول 2 كم يصفها الفرنسيون بأجمل جادة في العالم!
أربعة حمقى فقط وأنا منهم!
ذهبت تلك الليلة كعادتي إلى شارع الشانزيليزيه للاحتفاء بإشعال الضوء في الأشجار بمناسبة الأعياد.. ولم يفعل ذلك أكثر من ثلاثة أشخاص آخرين، كما شاهدت فيما بعد على النقل المباشر للحدث على شاشة التلفزيون، فالمقاهي مغلقة كما المطاعم والحانات، ولو جاء همنغواي وشاهد ما يدور (بأمر الإمبراطور كورونا) وكيف كاد «حفله المتنقل» يتحول إلى جنازة صامتة بلا مشيعين، لو شاهد ذلك همنغواي لانتحر ثانية!
كم أنت حزينة أيتها المدينة!
لا يستطيع أحد أن يلوم من لا يريد مغادرة بيته خوفاً من التقاط فيروس الوباء، وكان الأمل دائماً في إيجاد لقاح ضد الوباء كما حدث أيام وباء الكوليرا والتيفوئيد والجرب، وسواها من الفيروسات الفتاكة بالبعض.. والمضحك أن عدة لقاحات ضد فيروس كورونا تكاد تصير متوافرة، لكن الكثير من الذين كانوا يحلمون بها لم يعودوا يجدون الجرأة في أنفسهم لاستخدامها!
لن نكون فئران اختبار!
ثمة لقاح «أوكسفورد» ولقاحات أخرى منها أمريكية وفرنسية، وكلها تخضع لتجارب على البشر، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
وبعدما كان حلمنا اللقاح ضد كورونا، جاء زمن الحذر، وتراجع عدد الذين كانوا يتحرقون لتلقي اللقاح ضد كورونا 19 (حين يتوافر) فالجيل الأول الذي يتلقى أحد اللقاحات المتعددة سيكون بمثابة فأر الاختبار، وقد أعلنت شركة «بيونتيك» الألمانية وشريكتها «فايزر» الأمريكية عن توصلهما للقاح يحمي بدرجة 90 في المئة (كما ذكرنا) من وباء كورونا، لكن عدد الذين صاروا يقبلون بتجريب اللقاح صار 75 في المئة في بريطانيا و62 في المئة في فرنسا وأمريكا.
للأسف، لم يعلن العرب عن لقاح
لاعتزازي بعروبتي، أشعر بالاكتئاب لتقصيرنا في كثير من الحقول الطليعية، ومنها إيجاد طعم فعال ضد الفيروس الذي يحكم العالم هذه الأيام، صاحب الجلالة كورونا!
لا شيء ينقصنا، لكن انشغالنا بتدمير أنفسنا وقتال بعضنا لبعض يلهينا عن الحقل العلمي العالمي، وفيروس كورونا يلتهم بعضنا ويسعد إسرائيل استغلاله، بحيث ينتشر الوباء في سجونها والمساحات الفلسطينية العربية غير المحتلة المتبقية فيها.
والباحث العربي يلمع في الغرب لأنه يجد المختبرات اللازمة للاختراعات، والإنسان العربي لا ينقصه العلم أو الخبرة، بل تنقصه معرفة قيمته واحترامه وحمايته من مخالب إسرائيل… ولا أعتقد، للأسف، أننا في هذه الفترة سنجد لقاحاً عربياً ضد الوباء من عطاء مجموعة من الأطباء العرب.
لبنان وعدة أوبئة
وإذا كان العالم يعاني من فيروس كورونا، فلبنان يعاني من ذلك أيضاً، فبالإضافة إلى كورونا الغش والاحتيال والاختلاس للشعب اللبناني الصابر رغم الانفجارات المروعة في المرفأ والافتقاد إلى حكومة وإلى مجلس نيابي يمثل خلجات الناس إلى عيش أفضل، ناهيك عن توقف البنوك في لبنان عن تسديد أموال المودعين لديها الذين سبق أن وضعوا ثقتهم بها، وبالتالي تفشي الفقر وهبوط القيمة للعملة المحلية… وإذا كان معظم أقطار العالم يعاني من وباء كورونا، فإن لبنان يعاني من عدة أوبئة، وعسى أن نرى أخيراً الضوء في آخر النفق، فقد تعبنا من العتمة نفسياً وعملياً ومن قطع الكهرباء وحلم الناس بالهجرة من الوطن اللبناني الذي كان يلقب بسويسرا الشرق.
بعيداً عن الغم بكورونا!
أنتقل إلى موضوعات أخرى أقل غماً!.. منها مثلاً ذلك المعرض السنوي الفريد للكتاب في باريس، فهو لا يضم إلا الكتب الأولى التي يصدرها الأدباء الشبان.
الكتاب الأول وشاية بموهبة الكاتبة/الكاتب الشاب.
فرنسواز ساغان اشتهرت منذ كتابها الأول: مرحباً أيها الحزن.. وكانت شابة صغيرة، ومن الجميل أن نكتشف اليوم مبدعين وهم يقدمون كتابهم الأول.
بالمناسبة، التقيتُ فرنسواز ساغان مرة واحدة حين كنت أتسكع في حي (شان دو مارس) الباريسي تحت جناح جاري برج إيفل، وجلست على أحد المقاعد العامة، وفوجئت بأن الجالسة على الطرف الآخر من المقعد نفسه هي فرنسواز ساغان! لم أكلمها، لكنني تذكرت أنها جاءت للإقامة لفترة في هذا الحي برفقة أبنها.. كما قرأت في الصحف.
لا أدري لماذا مرت فترة في فرنسا كان المشهورون فيها يخفون أولادهم كأنهم سيظلون صغاراً إلى الأبد.
بريجيت باردو قالت إنها لا تصلح للأمومة وتركت طفلها لإحدى المربيات، ولم تتحدث عنه يوماً بل عن حيواناتها الحبيبة. فرنسواز ساغان دمرت نفسها ومالها بتناول الكوكايين والمقامرة، وأفلست، وحين احتضرت في المستشفى لم يكن إلى جانبها غير عاملتها المنزلية، وحين وصل ابنها رفضت أن يدخل (ربما خجلاً منه) لكنه كان شاباً نبيلاً، ففي برنامج وثائقي عن أمه الشهيرة قال إنها رفضت أن يدخل إلى غرفة احتضارها في المستشفى كي لا يحزن.
المغني كلود فرنسوا أخفى ابنه الثاني!
من أطرف الأمثلة على (النجوم) الذين يخفون زواجهم وأولادهم، ما فعله المغني الشهير الفرنسي كلود فرنسوا، حين ولد له طفله الأول حمل اسمه، وحين ولد الثاني أخفى الأمر لكي لا تراه المعجبات كرب أسرة!
فقط حين كادت تفضح الأمر إحدى المجلات الفنية، سارع إلى الإعلان بنفسه عن طفله الثاني، بل واصطحبهما إلى التلفزيون ـ مستبقاً الفضيحة ـ حيث عزفا معه على البيانو في برنامج ميشيل دروكر، وبالتالي تفادى السخرية منه.
ومرض كورونا كما يبدو قد يكون نفسانياً أيضاً!
مدقق لغوي محدث
شكرا لكم ايها الأستاذ الجليل على الملاحظة الهامة
جزاكم الله خيرا
وأصحح
وصار الهاتف المحمول مصيدة وجاسوسا
وصلنا آخر الدنيا وصار الخير مطموسا
أخي محمد شهاب أحمد، معك حق يجب عليّ الاختصار في كتابة التعليق لكن كل مرة أحاول فلا أقدر ولهذا اقوم بتقسيم تعليقي إلى فقرات وعادة كل فقرة أشبهه بتعليق مستقل بحيث لايحتاج المتابع أن يقرأ كامل التعليق بل فقرة أو أكثر منه. مع تحياتي
ولكنْ، شَامُنَا صَارتْ / فَلاةَ النَّفْطِ مَغْمُوسَاْ
بِبَحْرٍ مِنْ دَمٍ خَضِبٍ / وَجَائِحَةً وَ«فَيْرُوسَاْ»
صدقت وكنت ذا رأي
حكيم شع فانوسا
وفي بعض الصدى عبر
تضيء الدرب مأنوسا
غادتنا الأبية، نأمل أنك بخير وأن يحميك الله من هذه الجائحة ومن كل مكروه. أحببتُ دفاعك عن الإنسان الذي أضحى مستعبدًا من الأنظمة العلمية التي تستهدف صحته وتحوله إلى فئران تجارب. كم أنت ثاقبة وعميقة وتتمتعين ببعد نظر خارق. مسكينة هذه البشرية التي تدفع ثمن الجشع العلمي ووقعت في مصيدة الوباء. أسلم عليك من جديد من تونس وحفظك الله لنا