يوماُ بعد يوم يتزايد التضامن مع فلسطينيي غزة ضد الاعتداءات اليومية عليها من قبل جنود الاحتلال. والصور تشهد على قتلى بلا قبور بعدما أجريت لهم في «مستشفى الشفاء» وبالأحرى مجمع «الشقاء» عمليات جراحية دون تخدير، وتعاني الحوامل والأطفال الرضع في مستشفيات يركض فيها جنود الاحتلال خلف حلم القبض على «حماس». غزة تفقد 15 شهيداً كل ساعة قبل الوصول إلى المستشفى.
تظاهرة صامتة
عدت قبل قليل من «ساحة الجمهورية» في باريس، وكانت هنالك تظاهرة بلا هتافات تأييداً لأبناء غزة.. وحتى في سماء إندونيسيا نرى شابة تلوح بالعلم الفلسطيني وعلى رأسها كوفية. هذه العربة الخشبية التي تكوم عليها الناس حلت محل (التاكسي) لاختفاء الوقود، وتجرها الحيوانات (في غزة). وثمة تظاهرات في عواصم أوروبية وهي مؤيدة لفلسطين، يتصدى لها رجال شرطة ذلك البلد. وعلى الرغم من انحياز أعضاء الكونغرس الأمريكي لإسرائيل، تزداد وتيرة التظاهرات الداعمة لفلسطين الرافضة للعدوان على قطاع غزة.
هاجروا أنتم!
البعض يطالب أبناء قطاع غزة بالهجرة إلى هنا أو هناك، ولكن فلسطين وطنهم وغزة بلد أجدادهم، أما الذي يجب أن يهاجر فهو المحتل.. وحتى في شيلي ثمة حناجر في تظاهرات ضد الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل في غزة. وعلى الرغم من كل الجثث المتناثرة خارج مجمع الشفاء وحوله وقصف الاحتلال حتى لسيارات الإسعاف، فقد فشل الاحتلال في ترويع الجرحى وسواهم. والفلسطينيون في كل مكان يحملون لوحات عليها صور الكثير منهم تحت شعار: «نحن لسنا أرقاماً!».
أما اقتراح الاحتلال هجرة أهل غزة، فالإجابة عليه غاية في البساطة: هذا وطنهم ووطن أجدادهم… هاجروا أنتم! وعلى الرغم من القصف الجنوني الإسرائيلي ضد مستشفيات غزة ومنع الاتصالات وحرب التجويع، لكن الشعار الفلسطيني «نحن صامدون» مكتوب داخل القلوب كلها.
اضربوا صمودها بالنووي!
من أسخف ما سمعت أن وزيراً إسرائيلياً طالب بقصف غزة بالسلاح النووي ما دامت صامدة ضد القصف حتى (الهستيري) على المستشفيات. مقابل ذلك، خرجت أكبر تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين في تاريخ أمريكا ضد «الإبادة الجماعية»، ورئيس جمهورية أمريكا السابق أوباما يجد أن ما يحدث لا يطاق، وابنة زوج هارس تجمع التبرعات لغزة، وخرجت مظاهرات ضد بايدن الرئيس الحالي وموقفه المؤيد لإسرائيل. وتزايد الغضب العالمي ضد المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة، بعضها في باكستان وسواها كثير.
الولد المدلل المفسود
وعلى الرغم من الاستياء العالمي من غطرسة الاحتلال الإسرائيلي وتصرفاته نجده يتابع قصفه للنازحين والطواقم الطبية، حيث تتناثر أشلاء الشهداء، ومياومو عمال غزة في سجون الاحتلال معاناتهم مع التجويع وحتى التعذيب بالكهرباء ـ وذلك يهون أمام قتل الاحتلال للأطفال في غزة «إسرائيل تقتل واحداً منهم كل عشر دقائق»، روعتني صور جثثهم في أكفان بيضاء كالملائكة.. وقد حولوا غزة إلى مقبرة للأطفال أيضاً!
وقرأت خبراً محزناً عن مراسل تلفزيوني لفلسطين (بالمناسبة أهل الصحافة غير مرغوب بهم لأنهم ينقلون الحقيقة ولهم نصيب من الاغتيالات) وأعود إلى هذا الخبر، فقد ذهب مراسل (تلفزيون فلسطين) ليطمئن على أولاده، فاستشهد معهم!
مشاهير عالميون مع غزة
لا مصلحة لهم في شهاداتهم مع أهل غزة ضد إسرائيل وأفعالها غير إرضاء ضميرهم.. هذه «أوبريت» من القاهرة وأسماء لمبدعين يدعمون فلسطين، وهذه أسماء أخرى كثيرة وكبيرة فنياً تناصر غزة في وجه إسرائيل رغم حملة الضغوط والتهديدات في دول الغرب.. أذكر منها البريطانية ايما تومسون وسيلينا غوميز وبينلوبي كروز وزوجها وسواهم كثير.. ما الذي يفعله الاحتلال مقابل ذلك! إنه يعالج المرضى بالموت قصفاً. وأحزنتني صورة طفلة يأكل السرطان جسدها في أحد مستشفيات غزة بعد قصف الاحتلال.. فالقصف هو العلاج الوحيد الذي يعرفه! كثيرون طالبوا بتوقف إسرائيل عن قصف المدنيين، ولكنها اعتادت على ذلك بعد ألف مجزرة على بدء العدوان.
ولأنني أحب فن الكاريكاتير، أتوقف أمام رسم كاريكاتوري لإسرائيلي يتساءل وهو يحمل الصندوق: لماذا يكرهوننا؟!