يجب انقاذ المسيرة السياسية

حجم الخط
0

استقر رأي نتنياهو على اجتياز نهر الروبكون وبولارد فوق ظهره. ويبدو طريق العودة غير ممكن. ولو أنه جمد فقط البناء الحكومي لكان ذلك كافيا لنا، ولو أنه أفرج فقط عن سجناء فلسطينيين لكان ذلك كافيا لنا، ولو أنه أفرج عن سجناء اسرائيليين لكان ذلك كافيا لنا بيقين، ولست أعلم ما هي التنازلات الاخرى التي وافق عليها قبيل عيد الفصح.
حدث شيء ما في الـ 24 ساعة الاخيرة منذ جاء كيري الى اسرائيل. ربما عُرضت على رئيس الوزراء صورة وضع محدثة وصعبة عما يتوقع في الميدان السياسي. ومن الممكن أن الولايات المتحدة قدرت أنها لن تستطيع أن تصد الموجة الدولية التي ستفضي الى اعتراف بدولة فلسطينية في جلسة الجمعية العمومية القريبة. أوربما تكون حملة المقاطعة مؤثرة؟ قد تكون الولايات المتحدة تماليء اسرائيل في موضوعات ما امنية أو غيرها، وسنتحدث عن بولارد بعد قليل، وعلى كل حال فان قرارات بهذا القدر هي قرارات تاريخية.
يمكن أن نأسف لأن نتنياهو لم يكن من البداية مستعدا لاجراءات كهذه ولو أنه كان كذلك لكان التفاوض اليوم في مكان مختلف تماما. من المناسب أن نفحص عن مبلغ جدية كل طرف في التفاوض، لكننا موجودون في داخل المسيرة ونريد أن ننقذها وأن نستمر عليها بغية التوصل الى تسوية، آمل.
إن التنازلات التي وافق عليها نتنياهو هي بمنزلة خطوط حمراء تم تجاوزها في الماضي جزئيا أو لم يتم أصلا وقد تم تجاوزها الآن بيقين تام. وسيكون من الصعب جدا العودة عن ذلك. إن تجميد البناء نقطة رئيسة فاذا كانت اسرائيل تعترف بحقيقة أنه لا ينبغي البناء وراء الكتل الاستيطانية فهذه سياسة جديدة مهمة وهي تزيل عقبات كثيرة في الطريق التي أمامنا. وإن الافراج عن سجناء عنصر لانشاء ثقة بين الطرفين. أنا أعتقد أن الافراج عن سجناء عرب اسرائيليين خطأ كبير سيؤثر في مستقبل العلاقات بين مواطني اسرائيل اليهود ومواطني اسرائيل العرب والدولة الفلسطينية المستقبلية، لكن الايام ستخبرنا.
وننتقل الآن الى بولارد. انتظر الامريكيون بهذا القرار زمنا طويلا، طويلا جدا، ولا يعلم إلا القليلون أن بولارد يفترض أن يفرج عنه أصلا في نهاية السنة القادمة، كما كتب في موقع مصلحة السجون الامريكية في الشبكة. وإن التعجيل بالافراج عنه يساعد الامريكيين على تهيئة الرأي العام في اسرائيل وفي اليمين خاصة لقبول التسوية. فهو يُحلي حبة الدواء المرة، المرة جدا التي سيبتلعونها وسيبتلعونها، بلا ريب. ومع ذلك تنهي الولايات المتحدة ايضا هذا الفصل القبيح للعلاقات بين الدولتين وهذا أمر جيد، فمن المرغوب فيه أن تغرق قضية بولارد آخر الامر في أطواء التاريخ. ومن المعلوم أن بولارد سيفرج عنه قبيل الفصح بحسب دراماتية توجيه الامريكيين للاحداث. وقد نجح وزير الخارجية الامريكي جون كيري في الاخراج التمثيلي لذلك.
إن كيري على العموم يستحق كل مدح، فقد أخذ اجازة من حادثة دولية خطيرة كشبه جزيرة القرم وتفرغ مرة اخرى للتفاوض الاسرائيلي الفلسطيني. ولا شك أنه ‘موسوس’ و’مسيحاني’ وربما يستحق آخر الامر جائزة نوبل.
اسرائيل اليوم 2/4/2014

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية