عقدت يوم الاحد جلسة حكومية في جبل هرتسل، بمناسبة يوم القدس. وأنشدت جوقة ‘أنكور’ انشودة ‘قدس الذهب’ ورئيس الوزراء ألقى كلمة حازمة حول الالتزام العظيم لحكومته ‘بمواصلة الزخم الهائل’ الذي تحظى به المدينة في السنوات الاخيرة. ولكن الحقيقة هي أن الحكومة مذنبة بتقصير مستمر وخطير يتعلق بالقدس، تقصير يعرض للخطر ماضيها ومستقبلها. لا يمكن اتهام كل وزراء الحكومة الحاليين بالمسؤولية عن التقصير، ولكن نتنياهو هو بلا ريب المذنب المركزي. وبصفته مقدسيا بالذات، يتعين عليه أن يفهم السياقات الحساسة التي تمر بها المدينة فيعلن عن مشروع وطني اسمه القدس. ولكن نتنياهو يكتفي، بهذا الموضوع ايضا، بالكلمات وبالطقوس فقط. عمليا تجده يخنق ويعرض للخطر مستقبل المدينة ومستقبلنا جميعا. نير بركات، رئيس البلدية الحالي، نجح بالفعل في جلب روح جديدة، بلا ريب تهب وتؤثر. ولكن يحتمل أن تكون المهام كبيرة عليه. فهي تمتد الى ما هو أبعد من الميزانية البلدية ومشكوك أن يكون ممكنا تحقيقها اذا أخذنا بالحسبان المبنى الائتلافي البلدي، المقيد بوضع راهن مستحيل. القدس هي مدينة مشوقة، منوعة، جميلة ومفعمة بكل خير. فيها عدد من مواقع الجذب، المناسبات الثقافية والمواقع المشوقة. وما تحاول مدن اخرى اختراعه بالقوة، موجود فيها في كل زاوية نائية. ولكن بعض الظواهر تهدد مستقبلها. عدد لا حصر له من الكلمات سكب منذ الان حول الادعاء بان الاصوليين يسيطرون على المدينة. التوصيفات مبالغ فيها مثلما هو ايضا الانفصام الذي ألم بعلمانيي المدينة ودفع الكثير منهم الى مغادرتها في الـ 15 سنة الاخيرة. فالهجرة السلبية الاكبر الى المدينة هي بالذات للاصوليين الذين يصل عددهم فقط الى اكثر بقليل من ثلث السكان. ولكن سلسلة من الاسباب الاخرى تهدد بجعل القدس بني براك. المشاكل تبدأ بالذات بالسكن وبالعمل. الاسعار في القدس عالية وتدفع الشباب والعائلات المنتجة بالبحث عن شقق في اماكن اخرى، من موديعين وحتى أطراف غوش دان. وتضاف الى ذلك حقيقة أن سوق العمل الخاص في القدس هزيل وضيق. فالوزارات الحكومية والمؤسسات العامة موجودة، ولكنها لا تكفي. وفي هذا المجال أيضا فشلت الحكومة وتخرق قراراتها هي نفسها. فهي لا تلزم كل وزارات الحكومة بالعمل فقط من العاصمة، الخطوة التي ستضيف أماكن عمل عديدة في القدس. العمل والبناء هما مجالان لا يوجدان في متناول يد رئيس البلدية، وهنا مطلوبة المساهمة الوطنية. فحكومة اسرائيل ملزمة بالاعلان عن القدس كمنطقة اولوية وطنية عليا في كل ما يتعلق بالاعمال التجارية التي توفر العمل وبالنسبة للسكن القابل للتحقق لمن يعمل ويكسب الاجر. يدور الحديث عن صفقة رزمة ستؤثر، بالطبع، على المبنى الديمغرافي للمدينة أيضا. وفقط من يجد قدرة دفع الايجار ويجد عملا في القدس، سيحظى بالاولوية في السكن. وهكذا تحصل العاصمة على نبض حياة جديدة تحتاجه جدا. غير أنه حتى لو اعطيت القدس اولوية في مجال البناء للسكن، فسيكون من الصعب ايجاد اراض واسعة للبناء. وهنا يكمن الذنب الاعلى لبنيامين نتنياهو. فخلافا لتصريحاته العلنية، فانه بنفسه يمنع التطور الطبيعي للقدس في الاتجاه الوحيد الممكن شرقا. نتنياهو يتدخل في قرارات لجان التخطيط والوزارات الحكومية بشكل مشكوك أن يكون قانونيا، بسبب خوفه من الضغط الدولي. ان نتنياهو يخنق القدس. وعليه فلا تكفي الكلمات الفارغة واطلاق الاناشيد، هناك حاجة لمطالبة الحكومة برفع القدس الى رأس فرحتنا بالافعال ايضا.