القاهرة ـ «القدس العربي» على مدار أسبوع مضى، لا يزال كثير من المواطنين يتداولون في ما بينهم مقطع فيديو للمشير الراحل محمد عبد الحليم أبو غزالة، للإعلان عن ثقتهم في جيش بلادهم، وأنه لن يتركهم يواجهون العطش، حيث شدد أبوغزالة على أن مصر ستستخدم قوتها في الحفاظ على ثرواتها المائية، والتصدي لأي مشاريع تقام على النيل، بهدف تقليص حصتها من المياه.
وبدوره قال الرئيس عبدالفتاح السيسي، أمس الأحد، إن ذكرى استرداد سيناء ذكرى مجيدة، تمثل منبعا لا ينضب تنهل منه الأجيال القادمة معاني العزة والكفاح والولاء والانتماء، ومثالا يحتذى به. وأضاف السيسي، خلال كلمته في الذكرى الـ39 لتحرير سيناء، أن معركة تحرير سيناء درس في الحفاظ على التراب الوطني، بالعمل والاجتهاد والعلم وليس بالأماني والشعارات، موضحًا أنه «يؤكد للعالم أجمع ما أثبتته دروس التاريخ، من أن مصر قادرة على الحفاظ على مكتسبات السلام.
ومن أبرز تقارير صحف يومي السبت والأحد 24 و25 إبريل/نيسان: إصدار الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً بإعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر، اعتباراً من الساعة الواحدة من صباح يوم الأحد الموافق 25 إبريل الجاري. ونص القرار على أن تتولى القوات المسلحة وهيئة الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن في جميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين. وبدوره، أصدر رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، قراراً بحظر التجوال في المنطقة المحدودة شرقاً من تل رفح ماراً بخط الحدود الدولية. كما شمل قرار رئيس الوزراء بإحالة بعض الجرائم من النيابة العامة إلى محاكم أمن الدولة طوارئ. ومن أبرز أخبار أمس الأحد إعلان المستشار نادر سعد المتحدث باسم رئاسة مجلس الوزراء، أن أسامة هيكل وزير الدولة للإعلام، تقدم باستقالته من منصبه، لرئيس الوزراء مصطفى مدبولي، نظرا لظروف خاصة. وساد العديد من علامات الاستفهام حول الأسباب الحقيقية للقرار، وكان كثير من الكتاب قد توقعوا إقالته أو خروجه في أي تغيير وزاري محتمل.. ومن أخبار الراحلين: نعى الفنان محمد رمضان الطيار أشرف أبو اليسر الذي وافته المنية. وكتب رمضان في أول تعليق له عبر أنستغرام: “إنا لله وإنا إليه راجعون.. الطيار أشرف أبو اليسر في ذمة الله ربنا يرحمه برحمته التي وسعت كل شيء ويسكنه فسيح جناته ويصبر كل أهله وأحبابه”. وتوفي الطيار أشرف أبو اليسر بطل الأزمة الشهيرة مع الفنان محمد رمضان، الذي أقيل بسببها من عمله، بعد أيام من حصوله على حكم قضائي ضد رمضان بتعويضه بمبلغ 6 ملايين جنيه. وكان أبو اليسر قد عانى من أزمة صحية قضى على إثرها أيامه الأخيرة في المستشفى. وشن أفراد من عائلة وأصدقاء الراحل هجوماً واسعاً على محمد رمضان متهمين اياه بالسبب في وفاته.
يحيط به الغموض
ثارت تكهنات واسعة حول السبب الذي دفع وزير الإعلام أسامة هيكل للاستقالة، وتساءل البعض هل الأمر تم برغبة شخصية منه؟ أم أن الهجوم الذي تعرض له منذ عدة أشهر من قبل كتاب كانوا بحكم العمل زملاء له، فضلاً عن تعرضه لهجوم واسع من قبل بعض نواب البرلمان، له دخل بالأمر؟ وقد كشفت مصادر عن الأسباب الحقيقية وراء استقالة وزير الدولة للإعلام أسامة هيكل، وقالت المصادر في تصريحات لـ”الفجـر”، إن آخر اجتماع لرؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة، الذي عُقد في مؤسسة “روز اليوسف” يوم الأحد 4 إبريل/نيسان الجاري، كان أحد الأسباب المهمة وطالب رؤساء التحرير في اجتماعهم، سلطات الدولة المُختصة، بإقالة وزير الدولة للإعلام، وإيقاف ما وصفوه بـ”المسار غير المعهود” بين أحد أعضاء الحكومة المصرية، وإعلام الدولة المصرية. كما طالب رؤساء التحرير في ذلك الاجتماع، نشر أخبار وزارة الدولة للإعلام، ووزير الدولة للإعلام بالصفة الوزارية الحكومية، بدون ذكر اسمه؛ بسبب تصرفات غير مقبولة من قِبل من أؤتمن على هذه الحقيبة الوزارية. جاء ذلك على خلفية أزمة نشبت بين الوزير ورؤساء تحرير الصحف القومية والخاصة، وعدد من الإعلاميين، بسبب تصريحات أدلى بها، حول وضع الصحافة والإعلام في مصر. وعقد الوزير لقاء سابقا مع بعض رؤساء التحرير والإعلاميين في الوزارة، لإذابة جليد هذه الأزمة، إلا أنه لم ينجح في ذلك. يذكر أن لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب، برئاسة الدكتورة درية شرف الدين، كانت أصدرت تقريراً ينص على رفض بيان وزير الإعلام حول تنفيذ برنامج الحكومة.
قبل أن يجف
(عندما ينش النيل (أي يجف)، فإن المصري ينش). مثل قديم استدعاه الدكتور محمود خليل في “الوطن”، موضحاً، ليس لمن يريد أن يعرف معنى المثل المصري «قاعد ينش» سوى أن يعود إلى كتاب موفق الدين عبداللطيف البغدادي «رحلة عبداللطيف البغدادي في مصر»، ويقرأ ما كتبه حول جفاف النيل، الذي شهدته مصر أواخر القرن السادس، والشدة التي اقترنت به (زمن الدولة الأيوبية). تعاصرت الرحلة مع تراجع فيضان النيل (سنة 595هـ)، حيث «نش» النهر، على حد تعبير البغدادي، وساد الغلاء، وتفشى الوباء بين المصريين، وسادت المجاعة البلاد والعباد، وقد بلغت حداً من الرعب يفوق أي خيال سينمائي. حكى البغدادي بعضاً من مشاهدها البشعة، ولا أريد أن أرهقك بها، يكفي أن أنقل عنه ما ذكره من أن «إمام مسجد الإسكندرية صلى في يوم على ما يزيد على 700 جنازة». لقد تأمّل المصريون خيراً في زمن الأيوبيين، بعد ما عانوه من شدائد اقتصادية أيام الفاطميين، لكن لم يكن هناك جديد تحت شمس المحروسة.. فالنيل إذا شح اهتزت الأرض تحت أقدام الناس. وقد شح النيل لسنوات سبع متصلة في عصر الخليفة الفاطمى المستنصر. قبل الجفاف عاش المستنصر سنين طويلة يشرب من كؤوس العز والرخاء، ويحيا حياة مخملية، بسبب ما كانت تربحه الدولة من سيطرتها على ممرات التجارة العالمية، من خلال البحر الأحمر، بالإضافة إلى الأموال الطائلة التي كان يحصدها الخليفة نتيجة حصوله على الخُمس من كنوز مصر القديمة. وقد تستغرب إذا علمت أن المقصود بهذه الكنوز هو ما كانت تختزنه أرض مصر من آثار فرعونية، كان يتم الحفر والتفتيش عنها، من خلال مجموعات متخصصة مهمتها استخراج الكنز ومنح الخليفة خُمس محتوياته.
شدة لن تزول
انتهى الدكتور محمود خليل إلى أن عمر السعادة في حياة المصريين قصير.. والإحساس بها أقصر.. أما سنوات الشقاء فثقيلة بطيئة، والإحساس بها طويل مرير. مضت سنوات الرخاء على المصريين في عهد المستنصر بدون أن يشعروا بها، ثم وقعت الواقعة ودهمتهم سنوات الشدة. بدأت الشدة المستنصرية بارتفاع حاد في أسعار السلع الغذائية، بسبب خلو المخازن السلطانية، وسوء أداء الوزراء، كما ضعفت شخصية الخليفة وفقد السيطرة على من حوله من الوزراء، فانتشرت الفوضى، وعم الغلاء. ثم كانت القاصمة عندما شح النيل وانخفض منسوب المياه فيه نتيجة ضعف الفيضان لسبع سنوات عجاف متتالية، وسميت هذه السنوات السبع بـ«سنوات الغلاء العظيم». ولكي تتصور ما حدث للمواطن حينذاك يكفي أن أحكى لك ما فعلته الشدة بالمستنصر نفسه، فقد أدت به إلى أن يفقد كل أملاكه، ويسكن الجامع، ولم يبق له إلا حصيرة يجلس وينام عليها. وبسبب عجز الحكومة عن تسديد مرتبات الجند، خصوصاً من «الترك»، ثارت ثائرتهم، وعاثوا في الأرض فساداً، فأضافوا إلى فوضى المجاعة فوضى أمنية شاملة. أما الأهالي فحدث ولا حرج، والمشاهد التي تنقلها كتب التراث في وصف الشدة المستنصرية لا تقل بشاعة عما نقله البغدادي في رحلته أيام الدولة الأيوبية، لقد كان الناس يخطفون الخبز من أيدى بعضهم بعضا، ومن فوق رؤوس الخبازين، وذبحوا الكلاب والقطط الضالة في الشوارع وأكلوها ليسدوا جوعهم.مشاهد في غاية الصعوبة ترسم لك صورة الحياة في مصر حين يشح النيل.
إنه الموت
نبقى مع النهر بصحبة سكينة فؤاد في “الأهرام”: أمام لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس الشيوخ، قدم وزير الري معلومات مهمة عن إمكانيات ووفرة المياه والأراضي الخضراء في إثيوبيا، والمقارنة بين أرقام هذه الوفرة وندرة المياه ومصادرها، والأراضي الخضراء في مصر، ويكفي أن نعرف أنه بينما تصل نسبة الأراضي الخضراء 94% من أراضى إثيوبيا ولديها 930 مليار متر مكعب أمطار، تصل نسبة الأراضي الخضراء في مصر إلى 6% بينما تشغل الصحارى المساحات الباقية من أراضيها، ويكاد يكون مورد مصر من المياه العذبة المتجددة منحصرا تقريبا في نهر النيل، الذي يمثل 97% من هذه المياه، وبين الدول الثماني الأخرى، التي يمر بها النيل تنفرد مصر بأنها تكاد تكون محرومة من سقوط الأمطار، في ما عدا السواحل الشمالية في فصل الشتاء، ولا يزيد مجمل مياه الأمطار على 1.4 مليار متر مكعب سنويا… حقائق كثيرة وخطيرة بين الندرة في مصر والوفرة في إثيوبيا ـ ما ذكرت وما لم أذكر ولدى الخبراء العديد والأخطر منه ـ وفي مجموعها يتأكد ما في موقف إثيوبيا من نوايا وأهداف يتقدمها مكايدة مصر وحرمانها من المصدر الرئيسي، إن لم يكن الأوحد لحياة شعبها. وضرب عرض الحائط بالقرارات والاتفاقات الدولية التي تصفها إثيوبيا بأنها تمت في عصور استعمارية، مع أنه لم يضار بلد في افريقيا من الاستعمار كما أضيرت مصر. محكمة العدل الدولية اعتبرت الحقوق في النهر مثل اتفاقيات الحدود التي تنص على ضرورة الرجوع إلى دولتي المصب السودان ومصر، عند بناء أي سد باعتباره تحديا، ولو لزم الأمر ترفع دعاوى في المحاكم الدولية، وتحذر من أن الأيام المقبلة ستكون الحرب على المياه، وضرورة أن يكون التفاهم والتعاون بين دول المنبع ودول المصب أساسا لحل المشكلات، وهو المبدأ الذي لجأت إليه مصر ومازالت متمسكة به، والذي كان يمكن أن يتحقق، لولا أن المخطط الشيطاني الذي يريد الإضرار بمصر أكبر وأكثر تعقيدا.
الأزمة قديمة
أكد الدكتور ياسر عبد العزيز في “المصري اليوم”، أن الأزمة التي تواجهها مصر بخصوص حصتها في ماء النيل ليست مفاجئة، داعياً إيانا للعودة إلى الأرشيف والاطلاع على آلاف الصفحات من الكتب والمقالات والأبحاث، التي خطّها مفكرون ومتخصصون وطنيون وعرب وأجانب عن احتمالات اندلاع الصراع الذي نخوضه راهنا، بل تنبأ بعض هؤلاء – أو توصل استنادا إلى أدلة وبراهين – بمحطات الصراع، وآلياته، وأسماء بعض القوى الفاعلة فيه، وأغراضها منه. لم نَصْحُ إذن على إثيوبيا وهي تسعى إلى تعطيش مصر، ولم نفاجأ كذلك بخطة «تسعير المياه وبيعها لنا»، ولم نندهش لأن بعض القوى المحايدة أو الصديقة أو الحليفة تساعد أديس أبابا على إدراك مراميها، أو على الأقل لا تفعل ما يتوجب عليها فعله من أجل نصرة قضيتنا العادلة. يقودنا هذا إلى احتمالين لا ثالث لهما، أولهما أن الدولة المصرية لم تنتبه أو تهتم بهذا الميراث من البحث والتنبؤات والتحذيرات الجادة، وثانيهما أنها أخذت هذه التحذيرات على محمل الجد، وبنت سيناريوهات محكمة ورشيدة للتعامل معها، وفق ما يفرضه السياق المحلي والإقليمي والدولي من محددات وقيود. لا يمكن بالطبع أن يكون الاحتمال الأول قائما، إذ لا تستقيم الأمور هكذا أبدا، فقد علمنا منذ قديم الأزل أن للدولة المصرية الضاربة في أعماق التاريخ وظائف شتى، لكن مناط انشغالها الرئيس وسبب وجودها الأساسي يمكن أن ينعكس في ثلاث مهام، أولاها الدفاع عن التراب، وثانيتها صيانة الوحدة الوطنية، وثالثتها ضمان جريان مياه النيل، بلا عائق أو تغيير، اللهم إلا في مسار الزيادة وليس أبدا في مقام النقصان.
فوق رؤوسنا
ستكون خطة الدولة المصرية للتعاطي مع تحدي سد النهضة، عنوانها وفق رأي الدكتور ياسر عبد العزيز: “ماء النيل لا ينقص”، وستنقسم الخطة إلى مسارين؛ أولهما ما تقوم به الدولة بالفعل منذ عقد من الزمان، أي التفاوض والجهد الدبلوماسي لإدراك حل سلمي عادل، وثانيهما هو استخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن المقوم الأهم من مقومات الحياة في بلادنا، مهما كانت التكاليف ومهما كانت المحددات والقيود. على مدى أكثر من خمس سنوات، انخرطت في نقاشات عديدة استهدفت الإجابة عن السؤال: “ما الحل لتلك الأزمة الخطيرة؟” وقد ظهر انقسام بين فريقين في معظم تلك النقاشات، أولهما يرى ضرورة التركيز على الجهد التفاوضي والدبلوماسي إلى آخر مدى، لأن الحلول الأخرى صعبة ومكلفة وغير مأمونة العواقب، وثانيهما يرى ضرورة عدم استبعاد أي حل أو خيار مهما عظمت تكاليفه وغامت نتائجه وتدنّت حظوظه لأن ترك إثيوبيا تُفعِّل إرادتها يعني ببساطة إلقاءنا في موارد التهلكة. وقد لاحظت أن بعض أعضاء الفريق الأول يصفون أعضاء الفريق الثاني بأنهم غير ناضجين، وليسوا مُلِمّين بخطورة الحلول غير السلمية وتداعياتها المريرة وتكاليفها الكبيرة، ورغم أنني أقدر «الحنكة» التي تقف خلف تلك الأوصاف، وأحمد للفريق الأول حرصه وتأنيه وحسه الوطني، فإننى مع ذلك لا أحب أن أكون معه.
لسنا عجزة
ثمة انطباع سائد لدى شريحة واسعة من الرأي العام، فحواه كما أشار ياسر رزق في “اخبار اليوم”، إلى أن أبواب الحل السياسي لأزمة سد النهضة قد أغلقت، وأن الوقت قد حان للجوء إلى خيارات أخرى، لها أثمان ولها فواتير، لكنها رخيصة أمام الضرر المحتمل، وقد لا يكون هناك بديل غيرها.. حتى الآن، لم تنسد الأبواب. وإذا سدت لن نكون نحن الذين قد أغلقناها وأوصدناها. وثمة ظنون أيضا لدى قطاع من الرأي العام، بأن مصر فوجئت بالأزمة ومجرياتها، واحتمالات تصاعدها، فلم تتهيأ لها ولم تتحسب لأضرارها، وأن ظهرها يواجه الحائط، بينما يداها مغلولتان.. تلك ظنون آثمة. فمصر دولة كبيرة، أكبر في الحقيقة مما يحسب كثيرون. ربما في الخارج يعطونها حق تقديرها، بأكثر أحيانا من بعض أبنائها. لم نفاجأ بالأزمة، بل تحسبنا لها، واتخذنا كل التدابير الضرورية لاحتمال تصاعدها، وتهيأنا لتبعاتها بإجراءات فعالة، تمتص أكبر قدر من الضرر، إذا لم يتم إبرام اتفاق قانوني ملزم، قبيل الملء الثاني لسد النهضة. كل السيناريوهات، والإجراءات والتدابير، مرسومة، وموضوعة ومتخذة، بعضها جرى تنفيذه. وبعضها ينتظر أوانه. يدانا ليستا مغلولتين. واحدة نمدها منبسطة للآخر الذي لا يزال يتشبث بعناد الحمقى، والأخرى نقبضها ولا نستخدمها إلا حين يرفض الآخر يدنا الممدودة، فيدفعنا دفعا لاستخدام اليد الأخرى. وقد يدفعنا التعنت الإثيوبي، إلى أن تلجأ مصر إلى مجلس الأمن، لتضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته إزاء أزمة تهدد بحق الأمن والسلم الدوليين في منطقة مضطربة يسكنها 250 مليون إنسان، كانت شعوبها تتطلع إلى تعاون مثمر منشود يطلق مشروعات تنمية واعدة لدول حوض النيل الشرقي تنقل حياة أبناء المنطقة إلى آفاق مأمولة. بعدئذ. عند حدوث الضرر الذي لا نسمح بوقوعه، يحدث التصرف، وينفتح سيناريو «الخيار صفر» الذي ما زال حتى الآن على الرف ينتفض.
الكارثة تقترب
حذّر عماد الدين حسين في ” الشروق” من مصير مروع في انتظارنا: رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يواصل بمهارة فائقة محاولات كسب الوقت، حتى يفاجئنا بالملء الثاني لسد النهضة، وبعدها يقول لنا: «انتهى التفاوض، أو عليكم باتباع القواعد الجديدة بشأن مياه النيل وسد النهضة، التي ستضعها إثيوبيا». وأرجو أن نكون أكثر يقظة، حتى لا نستيقظ خلال أيام على خبر تبثه وكالة الأنباء الإثيوبية، أو تغريدة لآبي أحمد يعلن فيه أن الملء الثاني تم بنجاح. معظمنا يعتقد أن الملء الثاني سيتم خلال شهري يوليو/تموز وأغسطس/آب خلال موسم الأمطار، لكن أكثر من مسؤول سودانؤ رفيع المستوى، أعلن في الأيام الماضية، أن إثيوبيا قد تبدأ عملية الملء التؤ تصل إلى 12 مليار متر مكعب خلال أيام قليلة، في مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين. آخر محاولات آبي أحمد هو رده المائع، على اقتراح رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، بعقد قمة لرؤساء وزراء البلدان الثلاثة، بعد أن فشلت المفاوضات. آبي أحمد ادعى أن المفاوضات لم تفشل، وأن الحلول في متناول اليد، إذا خلُصت النوايا. ولا أعرف عن أي نوايا يتحدث؟ وقبلها بيوم أرسل بيانا يمتلئ بالأكاذيب لمجلس الأمن، يزعم فيه أن مصر والسودان هما من يعرقلان التوصل إلى حل للمشكلة، وأن بلاده منفتحة على المفاوضات، لكن في إطار الاتحاد الافريقي، وليس تحت أي منصة أخرى، خصوصا آلية الرباعية الدولية، التي اقترحها السودان وأيدتها مصر. أكد أستاذ الموارد المائية الدكتور عباس شراقي، وجود صورة بالأقمار الصناعية تؤكد استعدادات إثيوبيا للملء الثاني، رغم كل التحذيرات المصرية. شراقي أشار إلى تعلية السد إلى مستوى 595 مترا فوق سطح البحر، أي بزيادة 30 مترا جديدا لتخزين إجمالى 1805 مليارات متر مكعب في يوليو/تموز المقبل.
لا تراجع
يرى عماد الدين حسين أن رئيس الوزراء آبي أحمد لن يتراجع عن قرار الملء الثاني بصورة انفرادية، إلا إذا شعر وأدرك، أن ثمن هذا التصرف سيكون أكبر وأخطر من المكاسب التي ستعود عليه من قرار الملء الأحادي. حتى الآن أتصور أن إصرار آبي أحمد وحكومته على هذا النهج الانفرادي هو الانتخابات البرلمانية التي ستجري في أوائل شهر يوليو/تموز المقبل. هذه الانتخابات كانت مقررة في صيف العام الماضي، لكن حكومة آبي أحمد أجلتها بحجة تداعيات فيروس كورونا، رغم أن الإصابات في إثيوبيا وقتها لم تكن وبائية ومتفشية، مقارنة بالعديد من الدول الأخرى، التي أجرت انتخاباتها في ظل الإصابات الكثيرة. آبي أحمد يريد أن يدخل الانتخابات، وفي يده صور الملء الثاني ليقول للناخبين إنني وعدت فوفيت وحققت لكم ما لم يستطع كل قادة إثيوبيا السابقين أن يحققوه. هذه الصورة للسد وهو ممتلئ ستكون الورقة الرابحة لأحمد في الانتخابات، علما أن إقليم التيغراي كان قد رفض تأجيل الانتخابات العام الماضي، وقرر أن يجري انتخابات أحادية، الأمر الذي دفع حكومة آبي أحمد لشن حرب طاحنة ودموية ضد الإقليم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
فائض القوة
نتحول نحو عدونا الأبدي، إذ أشارت سناء السعيد في “الوفد” إلى أنه إسهاماً من الولايات المتحدة في تأمين إسرائيل قامت بنشر نظام رادار (أكس ـ باند) في الأراضى الفلسطينية المحتلة، وهو النظام الذي يمتلك القدرة على اكتشاف الصواريخ المعادية، بالإضافة إلى قيام الولايات المتحدة بإمداد إسرائيل بالطائرات المقاتلة (إف ـ 35). ويشمل الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل قيام واشنطن بتخزين إمداداتها العسكرية لدى الكيان الصهيوني، بحيث يمكن لقواتها طلب استخدامها من واشنطن في أوقات الطوارئ، كما حدث في حرب لبنان الثانية عام 2006، وحرب غزة الثالثة التي انطلقت عام 2014. وفي عملية إحصائية ترتبط بالدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل زاد عدد اتفاقيات التعاون العسكري الأمريكي الإسرائيلي في المجالين العسكري والأمني على خمس وعشرين اتفاقية، كلها تصب في مصلحة الكيان الصهيونى تعزيزاً له، ومن أجل زيادة قدرته العسكرية، وإدخال التكنولوجيا المتقدمة في وسائله القتالية ونظمه التسليحية، بما يضمن تحقيق التفوق على الدول العربية المحيطة به على الأقل. أما الولايات المتحدة فتعتمد في تفسيرها لتقديم هذا الكم الكبير من مساعداتها العسكرية لإسرائيل على أن الكيان الصهيونى ليس عضواً في حلف شمال الأطلسي، ولهذا فهو يسعى لحماية نفسه من خلال حيازة معدات عسكرية قتالية. ولا تخفي إسرائيل ارتياحها حيال المنحة العسكرية الأمريكية السنوية، التي تقدم لها كاملة حصرياً بداية كل عام، وليست مقسطة على غرار ما يحدث مع دول العالم الأخرى التي تحصل على مساعدة من الولايات المتحدة، فضلاً عن أن العمق الاستراتيجي لإسرائيل محدود، ومن ثم فهي تحتاج إلى حدود آمنة ونجدة سريعة ولا يتحقق لها ذلك من خلال قواها الذاتية وإنما بالدعم الأمريكي.
أدمنا الهوان
مضت سناء السعيد قائلة، لا شك في أن المساعدات العسكرية الأمريكية قد ساهمت في تفوق إسرائيل العسكري النوعي، وساهمت في تقويتها عسكرياً طوال العقود السابقة. ومن ثم باتت تشكل مصدر تمويل أساسي وجبهة تزويد مركزية للوسائل القتالية التي تطلبها. كما أدت المساعدات الأمريكية إلى حيازة الجيش الإسرائيلي للمعدات القتالية الأمريكية أولاً بأول، من أجل ضمان المحافظة على التفوق النوعي والكمي لإسرائيل على دول المنطقة في الجوانب التسليحية والعسكرية. وفى عام 2008 أقر الكونغرس بحرصه على أن تتمكن إسرائيل عبر هذا التفوق النوعي من الإطاحة بأي تهديد تقليدي من أي دولة منفردة، أو حتى من خلال تحالف من عدة دول أو عدة مجموعات وتنظيمات ليست دولية. وهكذا فإن المساعدات الأمريكية الخاصة بالجيش الإسرائيلي تعكس الرغبة العارمة للولايات المتحدة في تعزيز قوة إسرائيل والحفاظ على تفوقها العسكري النوعي على الجيوش المجاورة، لتعويض بعض نقاط الضعف التي تعانيها إسرائيل كدولة صغيرة جغرافيا، ومن حيث محدودية عدد السكان مقارنة بأعدائها المحتملين. وبفضل المساعدات العسكرية والدعم الأمريكي استفادت الصناعات العسكرية الإسرائيلية، فأصبحت إسرائيل سابع أكبر مصدر للأسلحة عالمياً، وفتح ذلك المجال أمامها إلى الحد الذي أمكنها معه بيع معدات تسليحية، بما يزيد على ستة مليارات دولار.
تقدم للخلف
مصر الحديثة، كما أوضح الدكتور عبد المنعم سعيد في “المصري اليوم” العنوان المختار لانتقال مصر وشعبها من تخلف العصور الوسطى المصرية إلى دائرة تقدم العالم المعاصر. لا يختلف أحد على أن محمد علي هو مؤسس هذه الحالة من التقدم، ومن يقرأ كتاب خالد فهمي «كل الرجال الباشا» سوف يجد تلك الحالة من الألم الشديد الذي تعلمه شعب من الفلاحين لكي يندرجوا في عملية معقدة للخروج على ما تعودوا عليه، ويكونون جيشا كان ولا يزال حتى الآن محور عملية التحديث والتقدم. لم يكن ما لدى المصريين من الألم ما هو استثناء، مما جرى في أوروبا وجيوشها، من آلام للخروج من حالة دنيا من الفاقة والمرض والجهل، إلى حالة أرقى من التغذية والصحة والمعرفة، التي جاء منها بعد ذلك بعثات ذهبت إلى أوروبا طلبا للمزيد. الآلام في البداية بدت وكأن عملية التقدم خارجة على الملة، وأنها تدفع الإنسان للخروج عما اعتاده من عيش فقير، ولكن الخروج من هذه الحالة في النهاية كان هو الذي أسس لدولة حديثة بمؤسساتها وتعليمها وبزوغ هويتها المصرية الصميمة التي جعلت من مصر دولة قومية من الطراز الأول بين الدول، حتى لو كانت مسيرة تقدمها تتعرض لإخفاق من وقت إلى آخر.
حالة خاصة
رأى الدكتور عبد المنعم سعيد، أن عقدة التاريخ المصري الحديث كله كانت دوما تعثر التقدم الذي يجري تحقيقه لأسباب خارجية بالاحتلال الأجنبين أو داخلية لأن كثرة من المصريين لا يريدون مغادرة ما تركه لهم آباؤهم وأجدادهم. وما يحدث في مصر الآن عبر السنوات القليلة الماضية هو آخر حلقات السعي نحو التقدم، الذي ترجمته أن تكون مصر جزءا من عصرها وليست استثناء من التقدم الذي حدث فيه. جرت ترجمة ذلك في «رؤية مصر 2030»، ولكن عند تطبيق ما احتوت عليه جرت المقاومة الشديدة تحت شعار أن مصر حالة «خاصة» لا يصلح معها أن يكون سعر عملتها معبرا عن حالة السوق الحقيقية، ولا أن تترك واديها الضيق إلى البراح الواسع، ولا أن يساير تعليمها التعليم الجاري في الدول المتقدمة. الحجة التي ذكرت في مداولات برلمانية أخيرة هي أن مصر حالة خاصة، استثنائية، لا يصح فيها «التجريب» الذي يأتي من دول أخرى، خلقها الله بمواصفات أخرى، ولا ينفع فيها «التابلت»، وشعبها وتلاميذها ليس لهم نصيب في المذاكرة الشاقة، والبحث من خلال بنك المعلومات، أو الاستماع إلى القنوات المخصصة للتعليم، وإن من حقهم التعليم المجاني لمرات ومرات، فإذا ما أضيفت للتحسين رسوم فلابد أن ذلك يشكل مخالفة دستورية، عجبي!
علاج مكروه
الصبر من وجهة نظر الدكتورة نهلة الحوراني في “البوابة نيوز” كائن مظلوم لأن الجميع يطلبون منه الكثير.. فهو حين يأتي يرفضه الكل حتى حين يقبله البعض فإنهم يقبلونه بسياسة الرضا بالقضاء والقدر.. وهو أمر يحتاج لنفوس قوية ترى ما هو خلف الأحداث، أو تأمل في ما هو خلف الأحداث.. لكن هذا لا يعني أن الصبر ليس مفتاح الفرج فعلا.. وإلا لما كانت المحاولة رقم 100 لأديسون هي التي أشعلت المصباح الكهربائي.. يدهشني هذا الـ (أديسون) كيف حاول 99 مرة؟ الصبر ليس له أصدقاء لكن له من يعتادون عشرته.. وقديما كنت ترى حكيم القوم أكثرهم صبرا، أما اليوم فصار حكيمهم أكثرهم استغلالا للوقت.. وربما صار الوقت سلعة تزداد قيمتها كلما تقدم العمر بالكرة الأرضية.. هم يحسبون عمرهم بحرص أكثر من ذي قبل. والمدهش أن العمر حين تحسبه لا تشعر به.. كثرة مراقبة الشيء تفقده جماله مع الوقت.. والأجمل أن تندهش بمروره سريعا، أو بطيئا.. وأن تصبر دون قلق من تأخر النتائج حتى تحب النتائج. لطالما سمعنا عن أن الشيء الذي يصل ليدك بعد صبر طويل يكون شهيًا أكثر من كل ما سواه.. لكن لما نفكر هكذا؟ أليست النهايات السعيدة المفاجئة سعيدة أيضا؟ ربما يكون الرجل الذي يعمل كل عمره كي يملك ثروة في كبره ليس أسعد من ذلك الذي حقق الثروة صغيرا واستمر وجودها معه..أحيانا نفكر في أن بعض الأمور يكون الصبر فيها خيارا وحيدا إن أردت النجاة.. فبعض الأمور التي تحدث لك كالمرض لا يمكنك تغييرها أبدّا ولا يمكنك تركها والرحيل عنها.. عندها تجد نفسك في مواجهة معها.. إما أن تتذمر وتشكو وهي لن ترحل، وإما أن تبدأ في تأملها وعرض الصداقة عليها.. وهو الصبر اللطيف الذي يسمونه علميا بـ(التكيف). الإنسان أكثر الكائنات تكيفًا لأنه يعتمد في تكيفه على العقل، فهو كائن يحاول طوال حياته أن يفهم المعلومات حتى يستخدمها.. لذا يمثل له الصبر مشكلة فأنت في الصبر تأخذ قرارا بانتظار معلومات قد تحبها وقد لا تحبها.
الحرام في رمضان
رغم أننا نعيش أجواء روحانية في شهر رمضان الكريم، إلا أن البعض كما يرى ذلك محمود عبد الراضي في “اليوم السابع” مازالوا يعشقون الحرام، ويتلذذون بأكله، لاسيما بعض أصحاب المخابز، الذين يستولون على أموال الدعم التمويني، بدون وجه حق، يستولون على “قوت الغلابة” في الشهر الكريم، أملًا في تحقيق ثروات طائلة. المتابع جيدا لصفحات الحوادث المتخصصة مؤخرا، يلاحظ ضبط عدد من أصحاب المخابز الذين يستولون على أموال الدعم بالتلاعب، من خلال إجراء عمليات ضرب وهمية بماكينة صرف الخبز البلدي المدعم من قِبل الدولة، والذي يُصرف بنظام الحصص التموينية لمحدودي الدخل، من خلال البطاقات الذكية الخاصة بالمواطنين، محققين أرباحا غير مشروعة ما يعد استيلاء على المال العام. وتبذل وزارة الداخلية ممثلة في شرطة التموين، جهودا ضخمة لملاحقة هؤلاء الخارجين عن القانون وضبطهم، في إطار تكثيف الجهود الأمنية لضبط الجريمة بشتى صورها، ولاسيما الجرائم التموينية والغش التجاري والاستيلاء على أموال الدعم، ونجحت مؤخرا في ضبط العديد من القضايا في هذا الصدد بملايين الجنيهات، كان أبرزها ضبط صاحب مخبز في شبرا الخيمة في القليوبية لاستيلائه على أموال الدعم، حيث تبين من خلال الفحص استيلاءه على 51 مليون جنيه، بدون وجه حق، وإجراءه عمليات ضرب وهمية لإنتاج الخبز البلدي. ورغم الجهود الكبيرة التي تبذلها الداخلية في ملاحقة هؤلاء الخارجين عن القانون، إلا أن الأمر يحتاج لضمير، نعم، يحتاج لإيقاظ ضمائر أصحاب المخابز الذين يستولون على “قوت الغلابة” ويأكلون الحرام، ولا يبالون بعواقبه الوخيمة، هؤلاء الأشخاص الذين يستبيحون كل شيء في مقابل جمع الثروات، وتحقيق الثراء السريع حتى لو كان ذلك على حساب المحتاجين والبسطاء من الناس.
الكوميديا السوداء في امر سد اثيوبيا مثل ان توافق على لف حبل على رقبتك بشرط ترك مجال للتنفس و مع ذلك فالسيسي بطل الابطال