رسالة التهديد المرفقة بالرصاصة، التي أرسلت أمس إلى نجل رئيس الوزراء يوني بينيت، والتي تنضم إلى رسالة مشابهة أرسلت قبل يومين من قبل إلى مكان عمل غيلات بينيت، لا تتضمن عنوان المرسل، غير أن لدى رجال بينيت شكوكاً إزاء خط الإنتاج الذي صدرتا عنه. ومثل مرسل أو مرسلي هاتين الرسالتين، ثمة كثيرون مثلهما محرضون بسمّ هدفه استقالة بينيت من منصبه.
عاد بينيت وقال هذا الأسبوع في كل مناسبة إنه ليس قلقاً وليس مردوعاً من رسائل التهديد هذه، وإنه وأبناء عائلته محروسون جيداً. ومن يؤمن بأن كتاب الإنذار الذي طلب فيه الاستقالة ودفع رئيس الوزراء لفعل هذا، مخطئ جداً. لكن يخيل إليّ أن من هو مقتنع بعدالة طريقه يصعب عليه البقاء غير مكترث في ضوء مظاهر العنف الإجرامية هذه حين تكون موجهة إلى أبنائه، وبخاصة حين تنعدم الثقة في أن لا تفلت الرصاصة التي أرسلت داخل المغلف في المعركتين الأولى والثانية من فوهة البندقية في المعركة الثالثة. وليس صدفة أن اختار بينيت تكريس قسم من خطابه عشية يوم ذكرى الكارثة لمخاطبة الشقاق داخل المجتمع الإسرائيلي. هذه هي المرة الأولى منذ سنوات عديدة لا يكون فيها الموضوع المركزي في الخطاب النووي الإيراني بل قنبلة أخرى، لا تقل خطورة، تدق من تحت أقدامنا وتتمثل بالشقاق والانقسام.
هو نفسه كتب الخطاب وقال لرجال مكتبه بأنه سيقاتل ضد كراهية الأخوة هذه بكل سبيل ممكن. ونتمنى له النجاح بالطبع. لكن يبدو أنه سيحتاج وقتاً كي يعتاد على هذا. قبل يومين، نشر هو نفسه منشوراً “بوست” طويلاً ومفصلاً في موضوع نفقات عائلته رداً على تحقيق صحافي نشرته آييلا حسون. يخيل أنه لو فكر قليلاً لامتنع عن نشر نص يقارن فيه نفقات عائلته بنفقات عائلة نتنياهو. هناك من يدعون أنه ليس مستبعداً أن يكون في مكتب بينيت دسيس يسرب المعطيات عن مستوى معيشة عائلة بينيت، ولعل هذا هو ما أدى إلى هذا “البوست” الغاضب.
حتى لو كان هذا صحيحاً، ففي اليوم الذي تسقط فيه صواريخ من لبنان ومن غزة لا يفترض برئيس الوزراء أن ينجر إلى وضع يجري فيه جداول استهلاك. كان هذا هدفاً سجله في مرماه. وفي اللحظة التي وضع فيها بينيت قدمه في ملعب المقارنة هذه، فقد دخل مباشرة إلى ملعب نتنياهو. وبدلاً من أن يقنع الجمهور بأن عائلته تتصرف مثل عائلة “طبيعية”، وحاول أن يظهر بأنه يتصرف على ما يرام مقارنة بنتنياهو، وبعد يوم من ذلك تراجع وأعلن بأنه سيدفع بنفسه نفقات عائلته.
قبل أسبوع أجري بينيت مقارنة بين عدد الصواريخ التي سقطت في عهد نتنياهو وعدد الصواريخ التي سقطت في عهده. ولم يتردد هذا الأسبوع في استخدام اسمي سارة ويئير في منشوره. لم يكن هذا هو أسلوب بينيت، فهل يشهد هذا بشيء ما عن وضع رئيس الوزراء العاطفي؟ هل فقد صوابه هذه المرة أمام الحملة التي تجري ضده؟ يقال في صالحه إنه أنهى القصة بشكل محترم حين وعد بأنه منذ الآن فصاعداً سيدفع نفقات أبناء عائلته. وإذا كان لا بد من المقارنة، فهل يتصور أحد ما وضعاً كان سيعد فيه نتنياهو بأن تكون نفقات بيته عليه؟
كانت بداية الأسبوع جيدة من ناحية بينيت: ثمة انتصار معنوي للائتلاف إذا كان ممكناً تسمية مثل وضع كهذا تترنح فيه الحكومة بفارق صوت. هذا الأسبوع كان أسبوع شيكلي؛ كانت خطوة انسحابه من “يمينا” قد أثبتت نفسها كصحيحة، حين حقق زخماً إيجابياً كان للمعارضة. إضافة إلى إبعاد شيكلي، نجح الائتلاف في وضع عيديد سيلمان في معضلة: ستحتاج رئيسة الائتلاف السابقة في الدورة الصيفية أن تقرر ما إذا كانت ستصوت بشكل منهاجي، وكأنها في المعارضة، وهكذا تبني لنفسها ملف انسحاب يشبه شيكلي، أم أنها ستصوت بشكل انتقالي أكثر، مما يعطي الائتلاف مجالاً للمناورة؟
لم تصوت سيلمان هذا الأسبوع في لجنة الكنيست، رغم أن كان لها حق التصويت. تحدثت في المداولات ضد شيكلي، ولكنها لم تكن مستعدة للسير حتى النهاية، فهي لم تخاطر برأسها لأجل الليكود.
ما حصل في مداولات لجنة الكنيست عن شيكلي قد يكون درساً جيداً لكل من يفكرون بالفرار من صفوف الائتلاف. الليكود غير مستعد للقتال، وربما استنتج بأنه حتى إذا عينوا مندوبيهم في اللجان، فسيكون للائتلاف أغلبية. وبالتالي، فقد اختاروا ألا يغيروا استراتيجية مقاطعة اللجان. في حالة شيكلي، يمكن القول إن “يمينا” هي التي طردته، ولكن الليكود تركه لمصيره. بعد أن عمد شيكلي (البطل لمدة ساعة) ليدفع نقداً لنتنياهو في عشرات التصويتات ضد الائتلاف، لا حاجة لنتنياهو أن يعطيه شيئاً، بل ولن يعطيه أي شيء.
إن بداية دورة الكنيست بعد عشرة أيام ستكون مهمة جداً؛ فهي ستجبر الائتلاف لأن يكون أكثر تفكيراً فيما يأتون به إلى الهيئة العامة، وأن يحرصوا على إنهاء الاتفاقات من خلف الكواليس، وأن يكونوا منضبطين، والأهم أن يكونوا حاضرين. بكلمات أخرى: صفر أخطاء. مؤخراً، اقترح ساعر على بينيت ولبيد تجنيد ألكين للاحتياط حتى يساعد في الشؤون السياسية، بعد أن أزيح جانباً من قبل سيلمان وتوبوروبسكي.
أبلغ بينيت هذا الأسبوع رجاله اعتزامه القتال، وأنه لن يكون وحده في هذه الحرب. أخذونا إلى حافة الهاوية، قال لهم، وأرونا كيف تكون الهاوية. والآن على الجميع أن يتجند. لا الخميرة في المستشفيات، ولا إخلاء “حومش”، ولا شؤون المواصلات. إن ما على جدول الأعمال الآن أمور أهم لشعب إسرائيل: الديمقراطية، والأمن، والاقتصاد.
بقلم: سيما كدمون
يديعوت 29/4/2022
* * *
معقول بدهم يحطوا البسطار في فمك ايها اللعين
تبا لإسرائيل الهمجية.