شمعون شيفر
اختار نتنياهو أن يذكر محاكمة درايفوس حين شجب قرار محكمة الجنايات في لاهاي إصدار أوامر اعتقال ضده وضد وزير الدفاع السابق غالانت، بسبب الحرب في غزة. على طريقته، في عالمه حيث لا يوجد إلا هو، لم يذكر غالانت. كم هو صغير! “لاهاي” جديرة بكل شجب، لكن مسموح لنا أن نسأل أسئلة تتعلق بنتنياهو فقط. بكامل الحذر، سأستخدم كتابا علنياً وجهه الكاتب أميل زولا للرئيس الفرنسي في حينه فليكس فور في كانون الثاني 1998، تحت عنوان “أنا أتهم”، الذي انتقد فيه بحدة سير محاكمة درايفوس المتهم بالتجسس والخيانة: “صورة فرنسا كلها ستوصم بهذه اللوثة، وستسجل صفحات التاريخ بأنها جريمة وقعت في فترة ولايتك ضد المجتمع”.
أتهم نتنياهو بأنه قادنا إلى واقع صادم، إلى دولة منبوذة سيخاطر مواطنوها بالاعتقال في كل رحلة خارج حدودها. يا نتنياهو، إن مواصلتك للحرب في كل الساحات، ونحن واقفون صامتين وفزعين أمام ضحايانا، في الوقت الذي ترفض فيه تحمل المسؤولية عما حصل ولا تعمل على إقامة لجنة تحقيق رسمية – فيها قدر من العار.
أتهم رئيس الوزراء نتنياهو بأنه يرفض الاستجابة للمطالب وللواجب الأولي في تحرير مخطوفينا، رغم الثمن الذي سندفعه في شكل تحرير قتلة. وإنه بغياب مبادرة لإيجاد بديل لحكم حماس في القطاع، سيبقى هذا الجسم المنكر وسيحكم ملايين الفلسطينيين في غزة.
أتهم نتنياهو برفضه العنيد للنظر في عيون عائلات ضحايا حربنا الأطول منذ حرب الاستقلال وإقناعهم بأن المصالح المرتبطة بوضعه القضائي ليست هي ما يحركه. كيف سيشرح للأهالي بأن استمرار الحرب في غزة، وإقالة غالانت وتملصه من تجنيد الحريديم، ليست بدوافع المصالح. ثم يا نتنياهو، أنت المسؤول عن تدمير الشمال ومواصلة إطلاق الصواريخ نحونا. النصر المطلق هو كلام فارغ.
آريه درعي وموشيه قصاب اتهما جهاز القضاء بما بدا في نظرهما كظلم. انضم إليهما نتنياهو في هجمة منفلتة العقال ضد المنظومة التي هو مسؤول عنها. والآن ينقض مؤيدوه في الشبكة على المستشارة القانونية. ما الذي يفكر به؟ كيف يتوقع أن يتصرف المواطنون حيال منفذي القانون؟ هذه هي النتيجة عندما يزرع رئيس الوزراء أعشاباً ضارة بالمنظومة التي يفترض أن تضمن حياة سليمة في الدولة.
الشاعرة آغي مشعول، هي من الصف الأول من الكُتّاب، التي تدقق في الواقع الذي نعيشه منذ كارثة أكتوبر. وهاكم قصيدة “الملجأ”: “الآن حين يزحف الموت من حولنا وتضغط حبات الجوز على قشورها، اختبئ في الملجأ. لن يحصل لي شيء بالكتابة البريئة، لن يحصل شيء إذا ما تلقيت الحروف، إذا لم أخرج عن السطر – أنحشر في قلب أو بطن جيم مع دموع تتقطر على الطفل”. وإذا كان كذلك، فإنني أتهم أنفسنا بأننا كلنا – أمام الرعب والأسى وانعدام الرحمة وانعدام الاتجاه أمام أولئك المسؤولين عن إرسال أبنائنا وأحفادنا إلى ميدان المعركة، كلنا نبقى صامتين ولا نجد السبيل لنقول لهم قولتنا حتى هنا. ليس بعد.
يديعوت أحرونوت 24/11/2024