يوئيل جوجانسكي
يقلل نتنياهو، ربما لأسباب سياسية داخلية، من مركزية المسألة الفلسطينية في موقفه من التطبيع مع السعودية. في محادثاته مع الزعماء على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة، علم أنه قال إن “الاتفاق مع السعوديين لن يجر تنازلات ذات مغزى للفلسطينيين”. وتعبير “ذات مغزى” مفتوح للتفسيرات بالطبع.
لكن يتأكد الفهم بأن المسألة الفلسطينية ستحتل مكاناً مركزياً أكبر في كل اتفاق بين إسرائيل والسعودية، مقارنة مع اتفاقات إبراهيم. ليس ذلك بسبب التوقعات والمطالبات في الموضوع من جانب الولايات المتحدة، بل أيضاً، وربما أساساً من جانب السعودية. فالأخيرة تعرض المضي بالموضوع كشرط للتطبيع معها.
أبدت الأسرة المالكة السعودية على مدى السنين اهتماماً قليلاً بالمسألة الفلسطينية. فقد أوقفت المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية غير مرة، ومسؤولو المملكة، بينهم ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، تحدثوا حتى بحدة ضد القيادة الفلسطينية الحالية. لكن معظم مواطني المملكة يؤيدون الفلسطينيين ويعارضون إسرائيل. يتبين من استطلاعات أجريت هناك أن معظم مواطني المملكة يعارضون التطبيع مع إسرائيل بنموذج اتفاقات إبراهيم.
رغم إحساس النفور القائم في النخبة السعودية من الانشغال بالموضوع الفلسطيني والموقف البارد من القيادة الفلسطينية، بدأ السعوديون مؤخراً بتعظيم دورهم في الموضوع الفلسطيني، وذلك كي يظهروا بأنهم، ربما بخلاف الدول التي وقعت على اتفاقات إبراهيم، لم “يهملوا” الفلسطينيين.
في هذا الإطار، عين السعوديون سفيراً غير مقيم لمناطق السلطة الفلسطينية وشرقي القدس. كما يسعون أيضاً لإحياء المبادرة العربية للسلام (التي بادروا لها) ويعززون التنسيق السياسي مع السلطة الفلسطينية. يسعى بن سلمان ليكون الملك قريباً، بل ويقود العالم العربي. لهذا، يحتاج إلى المسألة الفلسطينية التي لا تزال المفتاح لتلقي الشرعية. يخشى السعوديون من نقد من جانب إيران، ولهذا فهم يحتاجون، على حد نهجهم، ليظهروا أنهم هم الذين يحملون المسألة الفلسطينية بفخار.
كما يبدو أن القيادة الفلسطينية استخلصت الدروس من معارضتها لاتفاقات إبراهيم، وهي الآن مستعدة لمشاركة فاعلة في الخطوات التي تدفع قدماً بتطبيع سعودي – إسرائيلي. هذه الاستراتيجية ستسمح للفلسطينيين بمحاولة التأثير على شروط مبادرة التطبيع وبالتأكيد الاستمتاع بثمارها قدر الإمكان.
ستكون المسألة الفلسطينية مركزية أكثر في كل تسوية مع السعودية. يبدو أن تصريحات إسرائيل المؤيدة للدفع قدماً بالمسألة الفلسطينية لن تكفي السعوديين. بتقديري، سيطالبون بخطوات عملية من إسرائيل، قد تحتاج تعديلات في تشكيلة الحكومة الحالية.
ثمة تحديات في المبادرة الأمريكية الحالية التي تتضمن تطبيعاً مع السعودية، وإلى جانبها مخاطر، وعلى رأسها توفير قدرة تخصيب اليورانيوم في السعودية. لكن فيها احتمالات كامنة لمردودات كثيرة، وعلى رأسها “تحريك مسيرة سياسية وانفصال بين إسرائيل والفلسطينيين”.
يديعوت أحرونوت 1/10/2023