تبين لرئيس الحكومة التركي في نهاية الاسبوع الماضي مبلغ كون الحياة السياسية سيالة، ولا سيما حينما يشغلون أنفسهم بالاشجار. كان الى ما قبل اسبوع زعيم تركيا القادر على كل شيء، الذي يحكم بلده باسم الديمقراطية حكما مسيطرا، واصبحت حتى الصحف المحافظة والمشايعة للاسلاميين تنتقد فجأة طريقة قمع المظاهرات في اسطنبول. ماذا سيفعل اردوغان؟ أيعتقل الصحافيين في الداخل ايضا؟ هذا صعب قليلا هذه المرة لكن لن يكون تأبين اردوغان جديا. يريد المتظاهرون اسماع صوتهم أكثر مما يريدون اسكاته. لكن هذا ايضا قد يتغير باسم الديمقراطية، يجب على اردوغان ان ينتبه، أيريد أن يحافظ على جذع مقطوع هرم يستطيع الجلوس عليه والاستراحة حينما يحقق حلمه في 2014 ويصبح رئيسا. كان أمس يوم امتحان للسلطات التركية بعد يومين عاصفين بصورة مميزة. بيد أن الامتحان اليوم سيكون اكثر جدية لان الاتراك يعودون الى العمل. اخلت قوات الامن امس ميدان تقسيم ومكنت من عودة جو البهجة الى الميدان. وقد اراد اردوغان خاصة أن يثير الغرائز فاعلن انه لن يرجع عن المشروع المخطط له في الموقع الذي يوجد فيه متنزه غازي وستمئة شجرة. ان أمرين يصنعان الفرق بين الهبة الشعبية التركية وهبات الجيران العرب. فحتى لو لم يكن اردوغان نموذجا للديمقراطية فانه لا يمكن المقارنة بين تركيا والدول العربية التي وقعت فيها هبات شعبية شديدة. ففي الوقت الذي بقي فيه مبارك وابن علي التونسي في الحكم عشرات السنين، بدلت تركيا عددا لا يستهان به من رؤساء الوزراء. والديمقراطية التركية وان لم تكن كاملة يراها الشباب الليبراليون في العالم العربي مثالا يحتذى. ويوجد امر آخر صنع الفرق بين القاهرة واسطنبول هو أن الجموع في مصر لم يكن عندها في واقع الامر ما تخسره. لانه يصعب على شعب يعيش فيه ثمانيو مليون انسان على دولارين في اليوم ان يخافوا فقدان القليل الموجود، لكن الوضع في تركيا مختلف: فالاقتصاد التركي مزدهر والمطاعم مملوءة. ولكن لكلمة الحرية في هذه الايام معنى مميزا. وفي هذه الاثناء يتابع سكان اسطنبول من قريب مصير الاشجار التي اصبحت رمزا. ولا شك في أن ‘الشجرة السخية’ يمكن أن تكون اسم اليوم في سيت سيلر. والسؤال الكبير فقط هو من سيجلس بجانب الجذع المقطوع. أردوغان أم الجموع؟