وزير الدفاع موشيه يعلون لا يثق بأحد. فهو يريد أن يرى جنود الجيش الاسرائيلي في غور الاردن الى أن يصبح الفلسطينيون محبين للفكرة الصهيونية. من ناحيته يمكن للتغيير في الرواية الفلسطينية أن يستغرق 300 سنة ايضا. وحتى ذلك الحين سيكون الجيش القوة التي تحمي مواطني الدولة في الغلاف الحدودي وتسيطر أمنيا داخل الدولة الفلسطينية، اذا ما قامت. ‘جنود الجيش الاسرائيلي وليس أي محطة انذار مبكر، كاميرات أو جساسات’، قال يعلون لكيري. قبل شهر طرحنا لاول مرة في ‘معاريف’ مواقف يعلون القاطعة في موضوع غور الاردن والمسيرة السياسية. وصفنا بالتفصيل مواجهته مع وزير الخارجية الامريكي. الحوار في تلك الايام كان غامضا على المستوى السياسي والايديولوجي ويتركز على المستوى الامني. طلب الفلسطينيون أن يروا خريطة الدولة المستقلة والمجردة التي سيقيمونها. أما اسرائيل فرفضت عرض الحدود قبل الحديث عن الترتيبات الامنية، ولا سيما في غور الاردن. واستخدم كيري الجنرال جون ألين. وزارت طواقم امريكية الغور وبنت رزمة امنية تقوم ايضا على أساس كاميرات، جساسات ووسائل انذار مبكر. أما يعلون فاستخدم جساساته ولم يكف عن التحذير. ‘أنا حتى لا أتحدث عن غزة، هناك أخلينا كل شيء دون ترتيبات امنية وتلقينا الصواريخ، فهل تعرفون أن 180 مخربا خرجوا من جنين في الانتفاضة الثانية؟ هذا ما سيحصل اذا ما فقدنا سيطرتنا في الغور’، قال يعلون لكيري في أحد اللقاءات. ويقصد يعلون الاتفاق الذي من شأنه أن يمنع اسرائيل من تنفيذ مطاردة ساخنة واعتقالات في أعقاب معلومات استخبارية. وسأل يعلون ‘أي تكنولوجيا امريكية ستوقف عملية داخل اهداف في اسرائيل؟ الخطة الامنية للامريكيين لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، ما هي هذه الترهات عن تواجد لخمس أو عشر سنوات في الغور؟ وماذا سيحصل بعد ذلك؟’. لقد أصبح وزير الدفاع المصفي الهاديء للمسيرة السياسية. فقد كف عن الثقة بها بعد اتفاقات اوسلو. وزراء الحكومة يتحدثون عن مفاوضات، يظهرون في مؤتمرات دولية، يلقون الخطابات ويجرون المقابلات الصحفية في كل مناسبة، ولكن يعلون هو المحكم الامني الاخير، رعب الامريكيين. وفي الاشهر الاخيرة يصمت، إلا في محادثات خلفية لغير الاقتباس، حيث ينفلت بحرية ضد كيري ومخططاته. مع فارق بين ما يُقال للصحفيين ثنائيا وبين اقوال تجد نفسها في العناوين الرئيسة. فتصريحات يعلون أثارت الامريكيين والساحة السياسية في البلاد. ويحتمل أن تكون ألحقت ضررا سياسيا جسيما، وبالذات حين تشعر الحكومة بالزخم في ضوء المواقف الفلسطينية المتصلبة والاعمال الارهابية الاخيرة. ‘يعلون أدخلنا في حالة دفاع’، قدر أمس وزير يعنى بالموضوع السياسي. ‘لقد نهض نتنياهو في الصباح وقال لنفسه لماذا أحتاج هذا الآن. لحظ يعلون، نتنياهو لا يرى فيه عدوا ويتدبر أمره معه على نحو لا بأس به’. ليس واضحا ايضا كيف سيرد يعلون. فهو لا يريد أن يصبح شخصية غير مرغوب فيها لدى الامريكيين. ومن جهة اخرى، لديه جدول زمني سياسي خاص به وجدول اعمال سياسي لا يتنازل. اذا كان معظم الوزراء والنواب من الليكود يعارضون اقامة دولة فلسطينية مستقلة، تقسيم القدس، وحتى المفاوضات على أساس إبقاء الكتل الاستيطانية فان يعلون يقف على رأسهم. كما أنه سيقود هذه العصبة اذا ما قرر نتنياهو خطوة تاريخية ويعلن عن أنه يقبل مباديء تقسيم البلاد، الامر الذي سيشق الليكود. في الاسابيع الاخيرة تلقى يعلون ومساعدوه آلاف الرسائل الالكترونية والرسائل القصيرة من نشطاء اليمين من خلال شبكات الاتصال المختلفة. وناشد النشطاء وزير الدفاع ألا ينجر خلف ‘مواقف نتنياهو الخطيرة التي يمثلها اليسار. انتخبناك لكي تمثل اليمين’. ويبدو أن يعلون أولى انتباهه لما يُقال. وأمس اتخذ خطوة قيادية في هذا الاتجاه.