قبل أشهر عديدة من الانتخابات توجد مؤشرات تفيد بأن الكثيرين، ولا سيما الشباب، يشعرون باغتراب تجاه الاحزاب الكبرى ويعطون أهمية لـ «احزاب اليسار». ويوفر الامر رافعة هائلة لزعماء هذه الاحزاب لانتزاع تنازلات من الاحزاب الكبرى ولتقرير طبيعة الحكومة التالية عمليا.
ان تقلبات نتائج الانتخابات تتأكد بقوة اكبر من خلال التفتت المحتمل لشاس، فما بالك من خلال التسونامي الذي يهدد اسرائيل بيتنا. هذا، ليس فقط بسبب الشبهات بالفساد التي فوق 30 من زعمائه المركزيين، بل وايضا بسبب حقيقة أنه يخيل أن افيغدور ليبرمان أخطأ بتقدير الكثير من ناخبيه حين انتقل فجأة إلى الاتجاه الحمائمي.
قبل سنة اتهم ليبرمان الاوروبيين بخيانة اسرائيل. اما اليوم فهو يصر ان علينا أن نرضيهم، حتى بثمن انسحابات احادية الجانب. ليبرمان اياه الذي هدد بقصف سد أسوان واستقال من حكومة اولمرت لانها وافقت على تنازلات أكثر مما ينبغي للفلسطينيين يقترح الان تجاوز الفلسطينيين والوصول إلى اتفاق مع الدول العربية المعتدلة. لوزير الخارجية، الذي استاء من حكومته لانها لا تصفي حماس في الجرف الصامد، توجد الان الوقاحة لاتهام نتنياهو بالتآكل في العلاقات الامريكية الاسرائيلية. فالتطلع الشخصي للقوة هو الدافع الوحيد خلف تذبذبات ليبرمان الغريبة.
يئير لبيد هو الاخر قطع يسارا، وهو يقترح بشكل عابث تقدم السلام من خلال انسحاب احادي الجانب ومفاوضات مع الجامعة العربية. وفي نفس الوقت يعلن بتهكم بانه سيكون مستعدا للانضمام إلى حكومة تضم الاصوليين وذلك رغم مرضه المتمثل بالخوف من الاصوليين في ماضيه.
العنصر غير المتوقع على الاطلاق هو حزب كلنا بقيادة كحلون. هذا، في الوقت الذي خدم فيه كوزير عن الليكود عارض بشدة الانسحابات وشجب جدا اقامة دولة فلسطينية. اما الان فهو يلمح بانه توجد حادجة لتنازلات اقليمية. وفي الاسبوع الماضي عين السفير السابق مايكل اورن خبيرا للسياسة الخارجية في فريقه. وينتقد اورن نتنياهو على أنه لا يتخذ مبادرات دبلوماسية ويدعو إلى انسحاب احادي الجانب من قسم كبير من الضفة الغربية.
أما هرتسوغ ولفني فقد أقاما حملتهما على شجب نتنياهو لفشله في تقدم المسيرة السلمية، هدم العلاقات مع الولايات المتحدة واهمال الاقتصاد. ولكن في مقابلة استثنائية في صدقها منحتها لروجير كوهين من «نيويورك تايمز» دحضت لفني الفرضية المركزية لحملتها – أي ان نتنياهو كان مسؤولا عن الازمة في المفاوضات مع عباس. واتهمت صراحة القيادة الفلسطينية في أنها «تسببت بفشل» مفاوضات السلام. فقد قالت لفني لكوهين انه في 17 اذار 2014 عرضت على عباس مسودة كتبها الامريكيون تضمنت الحدود، الأمن والمستوطنات واعتبرتها هي «صيغة نزيهة وأعرب نتنياهو عن استعداده لان يواصل على أساسها مع بعض التحفظات».
وادعت لفني بان عباس «امتنع عن الرد» ووصفت كيف أنها بعد ذلك فوجئت بان تراه «يوقع على وثائق الانضمام إلى 15 منظمة دولية». بعد وقت قصير من ذلك أعلن عباس عن الوحدة مع حماس. ولاحقا رفض اعطاء أي تعهد لمواصلة المفاوضات، فرفضت اسرائيل تحرير الدفعة الاخيرة من المخربين، وهكذا انهارت المحادثات. لفني تقول ان بعد ذلك قالت لعباس في لندن ان «الخيار هو بين كل شيء ولا شيء. وفي نهاية المطاف أنت اخترت لا شيء». حقيقة أن لفني سكتت في الوقت الذي اتهمت فيه ادارة اوباما اسرائيل بأزمة المفاوضات هو أمر غير أخلاقي. وحقيقة أنها تواصل اتهام نتنياهو بالازمة فضائحية اكثر من ذلك.
وأخيرا سيضطر الناخبون إلى أن يختاروا بين حكومة المعسكر الوطني برئاسة نتنياهو، وبين حكومة يقودها هرتسوغ – لفني وتضم عددا كبيرا من رجال اليسار، الذين يحملون، برأيي الاوهام.
ينبغي الامل في أن تنتخب الاغلبية الكتل الكبرى وتمتنع عن اعطاء تفويض لـ «احزاب الوسط»
التي زعماؤها يسعون إلى تتويج الملوك وتحديد طبيعة الحكومة التالية على أساس مصالح شخصية ليس الا.
اسرائيل اليوم 31/12/2014
ايزي ليبلر