مع اقتراب إسرائيل من حافة حرب في الشمال، تواصل أذرع الدولة تنفيذ سياسة حكومية هدامة في جبهات أخرى، لقد تبين مؤخراً بأن سلطة السكان قررت بأن على قانون العودة أيضاً أن يجتاز مراجعة قومية تتناسب وروح العصر.
ليو فرانكس، يهودي ترعرع في القدس، انتقل مع والديه إلى لندن وهو ابن 11. في نيسان عاد إلى إسرائيل، وتوجه إلى الوكالة اليهودية بهدف البدء بعملية الهجرة الوافدة، وتقدم بالوثائق وتقرر له دور في سلطة السكان. غير أنه لم يأخذ بالحسبان أنه محظور عليه اليوم انتقاد الدولة أو كشف مظالمها.
الظلم المركزي الذي انكشف كان في منطقة جنوب جبل الخليل، حيث حاول توثيق اعتقال طفل فلسطيني. وروى يقول: “رأيت سبعة جنود يتوجهون إلى الطفل، أخرجت كاميرا واعتقلوني على الفور”. صادروا جواز سفره، بحيث لن يتمكن من مواصلة إجراءات الهجرة الوافدة التي أراد استكمالها.
لم تكن المرة الوحيدة التي يتعرف فيها فرانكس على العبث الإسرائيلي؛ فقد اعتقلته شرطة إسرائيل حين عاد من مظاهرة في القدس تنادي بتحرر المخطوفين. وتبين أن هذا أيضاً يعتبر عملاً غير شرعي، ومرة أخرى بعد أن زار الضفة.
عندما رفع فرانكس التماساً إلى المحكمة المركزية في القدس لاستعادة جواز سفره، شرح مندوب الشرطة شموئيل أشكنازي بأن الحديث يدور عن شخص “يحدث جريمة” وأن “الشرطة تحقق معه للمرة الثالثة” وأن “الهدف أن يغادر البلاد”. كان يمكن اعتبار الموضوع تافهاً، ففي الواقع الطبيعي غير مشوه، تحقيقاته الثلاثة هي “محدثة الجريمة” إذ إن الشرطة تتعاون مع المستوطنين في الضفة وفي جبل الخليل ممن يعملون بعنف تجاه الفلسطينيين، ومع الحكومة أيضاً التي حددت المحتجين لإعادة المخطوفين كأعداء.
وقررت سلطة السكان أيضاً التأكد بأن الحديث لا يدور عن مواطن مستقبلي ينتقد الحكومة. سألوا فرانكس: لماذا زرت منطقة جنوب جبل الخليل؟ وحين لم تعجبهم إجاباته – فقد كانت “عامة وعمومية” – رفضوا تمديد تأشيرة السائح له وأوقفوا إجراءات الهجرة الوافدة. بعد ذلك، وكأنه بتأكيد المنزلق السلس الذي تنزلق فيه إسرائيل، ردت المحكمة أيضاً التماسه ضد سلطة السكان، بحجة إجرائية.
قصة فرانكس ليست قصة عن يهودي أراد الهجرة إلى دولة إسرائيل، هي قصة عن دولة تتفكك من عموم ذخائرها الديمقراطية وسلطاتها – الشرطة، سلطة السكان، المحكمة – وتجبن وفقاً لروح القائد. هذا خطر لا يقل عن حرب ضد أعداء خارجيين.
أسرة التحرير
هآرتس 23/9/2024