غزة ـ «القدس العربي»: برغم الإعلان قبل عدة أيام عن توصل وفد السلطة برئاسة عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح رئيس طاقمها للمصالحة، لاتفاق مع الجانب المصري على إعادة تشغيل معبر رفح بآلية جديدة تساهم في تخفيف أزمات قطاع غزة المحاصر، ودعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لضرورة فتح هذا المنفذ الوحيد لسكان غزة على العالم، إلا أن شيئا جديدا في هذا الملف الذي يؤرق حياة الغزيين لم يتغير على الأرض، خاصة في ظل التحذيرات من تردي الأوضاع الصحية لآلاف المرضى الذين ينتظرون فتحه للعلاج بالخارج.
ومع تضاؤل آمال المحاصرين في قطاع غزل بحل قريب لأزمة المعبر المغلق منذ 400 يوم، نظمت هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار اعتصاما داخل الجانب الفلسطيني من المعبر. واعتبرت الهيئة في مؤتمر صحافي عقد خلال الفعالية أن الوضع الحالي هو الأسوأ، ودعت السلطات المصرية لفتح المعبر، لإنهاء معاناة آلاف الفلسطينيين، كما طالبت الجهات المعنية في مصر بضرورة اتخاذ «قرار تاريخي» في هذا الشأن. وشددت على ضرورة تحرك كل المتضامنين لكسر حصار غزة، والإسراع في تقديم المساعدات للفلسطينيين للتخفيف من معاناتهم.
يشار إلى أن إغلاق المعبر يأتي في ظل اشتداد الحصار الإسرائيلي المفروض على السكان منذ أكثر من ثماني سنوات.
وثمنت اللجنة دعوة بان كي مون، للسلطات المصرية لوضع جدول زمني منتظم، لفتح المعبر أمام حركة الأشخاص، واعتبرت أنها تأتي بعد تحذيرات أطلقتها المؤسسات الحقوقية من تدهور الأوضاع في قطاع غزة وارتفاع نسبه البطالة.
وكانت السلطات المصرية قد فتحت المعبر لعدة أيام خلال الحرب الأخيرة على غزة، وسرعان ما أعادت إغلاقه بشكل دائم، باستثناء أيام معدودة على فترات متباعدة، كان آخرها قبل أكثر من 100 يوم.
وجاء الاحتجاج الفلسطيني الجديد، بعد أن طالب بان كي مون السلطات المصرية بوضع جدول زمني منتظم لفتح المعبر أمام حركة الأشخاص، ولا سيما الحالات الإنسانية، وحسب «ما يسمح به الوضع الأمني» المصري.
وقال بان كي مون في تقرير بشأن تطورات الوضع في فلسطين ناقشه أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة الثلاثاء «إن الهدف النهائي للأمم المتحدة بغزة لا يزال يتمثل في إنهاء جميع حالات الإغلاق، في إطار قرار مجلس الأمن 1860 على نحو يخفف معاناة سكان القطاع.» وأعرب عن انزعاجه الشديد من ارتفاع معدل البطالة في غزة إلى 43%.
وترافقت هذه الدعوة مع إعلان الأحمد، أنه سيتم خلال الأيام المقبلة الاتفاق على صيغة عمل مؤقتة لمعبر رفح البري مع قطاع غزة، ووضع الخطط اللازمة لتشغيله في المرحلة المقبلة، وفقا لما تم التفاهم عليه.
وأضاف الأحمد في تصريحات من القاهرة أنه سيتم إعطاء الأولوية لسفر الطلاب والمرضى والعاملين في الخارج الذين يحملون تأشيرات سفر من دول أخرى أو إقامات في تلك الدول، فيما سيجري سفر المواطنين وفق ‘الاعتبارات المصرية’.
وكان ملف المعبر قد أثير بشكل كبير الأسبوع الماضي بإعلان الأحمد عن إعادة تشغيل معبر رفح قريباً وفتحه أمام المسافرين والبضائع وفق ترتيبات جديدة.
ولكن حركة حماس عارضت بداية أي تفاهمات تدور بعيدة عنها، لكنها أعلنت ترحيبها بأي خطوات «مقترح إيجابي» يهدف إلى فتح المعبر بشكل طبيعي. غير أن الأمور ومنذ الإعلان عن الاتفاق هذا وحتى اليوم لم تتغير مطلقا على الأرض، خاصة وأن الاتفاق جاء خلال الزيارة الأخيرة للرئيس محمود عباس.
ولا تزال أعداد المسافرين المسجلين للسفر من أصحاب الحاجة، تتكدس يوميا في سجلات وزارة الداخلية في غزة التي تشرف على تنظيم عملية المغادرة في أيام «الفتح الاستثنائي» التي تمتد في أغلب الأوقات لثلاثة أيام متتالية، تعقب فترة إغلاق تصل إلى أكثر من ثلاثة أشهر، كما هو حاصل الآن.
وفي هذا السياق قال الطبيب أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة بغزة، إن استمرار إغلاق معبر رفح البري، ستكون له «تداعياته الخطيرة» على الوضع الصحي لمرضى قطاع غزة، وإنه «سيدفع بالعشرات منهم إلى مآل مجهول». وأشار إلى أن استمرار إغلاق المعبر يشكل خطورة بالغة على آلاف المرضى، خاصة وأنه حرم مرضى قطاع غزة من 30 % من الأدوية والمستهلكات الطبية، التي كانت تدخل بشكل رسمي قبل الأحداث التي شهدتها مصر في منتصف عام 2013، ويقصد بها عملية عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
وذكر القدرة أن هناك 3500 مريض بغزة ينتظرون فتح المعبر، للسفر إلى مشاف مصرية وعربية ودولية لتلقي العلاج اللازم.
وأعرب عن قلق وزارته البالغ إزاء ما يحدث من أوضاع صحية صعبة بغزة في ظل إغلاق معبر رفح البري.
وأكد القدرة أن الاتصالات مع الجانب المصري «لم تسفر حتى اللحظة عن تقدم لإعادة فتح المعبر»، وطالب السلطات المصرية بفتحه بشكل سريع، كما دعا اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الحقوقية والطبية لممارسة الضغط على المجتمع الدولي لفتح المعبر ومعالجة المرضى.
ومعبر رفح البري هو المنفذ الوحيد لسكان قطاع غزة على العالم، وأغلقته مصر بشكل كامل بعد عملية عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ضمن خطة أمنية شددت فيها الرقابة بكل كبير على حدود غزة، بتدمير أنفاق التهريب، وإقامة منطقة أمنية عازلة في تلك المنطقة الحدودية الممتدة لـ 12 كيلومترا.
وحالت عملية إغلاق المعبر، دون تنقل سكان غزة بحرية، وحرمت الكثير من الطلاب من السفر، كما حالت دون إتمام علاج العديد من المرضى، وتسببت في فقدان الكثير من الموظفين أماكن عملهم، بعد انتهاء تأشيرات دخولهم للبلدان العاملين فيها.
وكانت آخر عملية فتح قد تمت قبل أكثر من 100 يوم متتالية، حين فتح وقتها لثلاثة أيام، ثم أعادت إغلاقه، ومؤخرا سمحت فقط بعودة العالقين لديها من الغزيين، دون السماح لأحد بالمغادرة. وقبل عدة أيام تظاهر طلاب من غزة يدرسون في جامعات مصرية وعربية، وطالبوا بفتح المعبر، وأكدوا أن آمالهم في التعليم تتحطم على بوابات المعبر المغلقة.
وكان كامل أبو ماضي وكيل وزارة الداخلية في غزة قد أعلن أن عدد المسجلين ممن هم بحاجة للسفر عبر معبر رفح البري وصل إلى أكثر من 25 ألف مواطن. وطالب السلطات المصرية بضرورة فتح المعبر بشكل دائم، ورفع جميع أشكال الحصار عن قطاع غزة، ودعا مؤسسات حقوق الإنسان والشخصيات الرسمية والوطنية إلى أن تقوم بدورها وتكثف جهودها من أجل فتح المعبر.
أشرف الهور