المبدعون لا نزور قبورهم بالضرورة، بل نزور أبجديتهم في ذكرى رحيلهم.
ونزار قباني (الذي ولد ربيع 1923 ورحل إلى كوكب آخر ربيع 1998) يستحق منا زيارة إلى أبجديته في الذكرى 17 على رحيله.
وقد اخترت ان تكون وقفتي هذه مع كتاب من أجمل كتبه في نظري دونما استثناء وهو «أبجدية الياسمين» وهو كتاب لم يره نزار، فقد صدر بعد رحيله لكنه كان سيفرح بغلافه الرائع لزينب نزار قباني وتوقيعها مع شقيقها عمر والراحلة هدباء على مقدمة ذلك الكتاب المنشور بأكمله بخط يده.
الجميل الأنيق، والأعمق ما فيه والمؤثر ان كل سطر فيه يشي بوعيه بقرب رحيله إلى «الكوكب الآخر».
الوطن.. حول سريري
عزاء قباني في مرضه شعوره بحب القارئ له، يكتب نزار:
«حين فتحت عيني في غرفة الإنعاش في مستشفى «سان توماس» في لندن بعد الأزمة القلبية الخطيرة التي أصابتني لم أصدق ما تراه عيناي.
فقد كان الوطن العربي كله جالسا قرب سريري، يذرف الدموع ويضرع إلى الله كي يعيد قلبي إلى السلامة والعافية. كان مشهداً خرافياً لا قدرة لي على تصويره. فكيف يمكنني ان أتصور ان مئتي مليون عربي يمكن ان يحتشدوا في غرفة ضيقة يشغلها «شاعر عربي مريض».
هذا الشعور دعم قلب نزار الذي أصيب بذبحة قلبية أولى أواسط السبعينات من القرن الماضي، واستطاع بعدها الاستمرار ما يقارب ربع قرن ربما لشعوره الإيجابي بحب الناس له ولطالما كتب للأصدقاء عن ندواته في العالم العربي وازدحام الناس فيها وإقبالهم عليها، حيث تدلوا كالعناقيد الضوئية من أشجار تسلقوها للاستماع إليه..
القصائد الأكثر عمقاً وضراوة
الشاعر الذي صرخ ذات يوم بعنفوان الشباب قائلاً:
«فصّلتُ من جلد النساء عباءة/ وعمّرت أهراما من الحلماتِ»
يكتب في سطوره شبه الأخيرة (15/3/1997):
كل البطولات انتهت/ والعنتريات انتهت.
وعلى الصعيد الشخصي أعرف جيداً أن (عنتريات) نزار على النساء كانت لحظات زهو ذكورية ولم يعنها يوما.. ولم يمارسها أصلاً..
أعرف ذلك من قصيدته الرائعة في رثاء أمي التي توفيت في الثلاثين من العمر ولم أعرفها وكانت أديبة تكتب باسم مستعار احتراماً للتقاليد اللاذقانية/ الشامية، لكن نزار الشاعر الشامي الصاعد يومئذ عرفها بحكم القرابة العائلية مع أبي وأعجب بإبداعها، وحين رحلت ألقى في حفل تأبينها في مدرج «الجامعة السورية» قصيدة موزونة مقفاة يهاجم فيها (ذكورية) المجتمع العربي، وأبي الذي لم يقنع بمولود واحد «هو أنا» ورحلت أمي إثر ولادتها العسيرة الثانية.
أبي الرائع كان أميناً على التراث الإبداعي وسلمني قصيدة نزار التي تقع في خمسين بيتاً من تلك الموزونة المقفاة وبخط يده، وفيها يتجلى نزار حليفاً للمرأة في زمن لم يكن لها فيه الكثير من الحلفاء.
وسبق لي أن نشرت القصيدة كاملة وبخط يد نزار في مجلة «الحوادث» وسأنشرها في كتابي الآتي عن رسائل نزار لي.
نزار يتعرى من أقنعة (ذكوريته)
في كتاب «أبجدية الياسمين» بالذات لا نلتقي بنزار الوسيم، ملون العينين، الأمير الدمشقي الذابح لقلوب النساء اللواتي ينتحبن كأغصان الصفصاف على «ضفاف بردى شوقاً إليه، بل يكتب بعود إنساني يعي أنه رغم مجده سيموت، وبإيقاع بديع جنائزي تسمع عبره الأغاني السورية المنتحبة في المآتم ممتزجة مع المعزوفة الجنائزية لشوبان.
يقول نزار في هذا الكتاب الأخير «أبجدية الياسمين» وبالتحام إنساني بكل محتضر وبنغمة إنسانية مؤثرة:
أنا مئذنة حزينة/ من مآذن قرطبة/ تريد ان تعود إلى دمشق/
أنا تراث/ من الياسمين/ أنا أول البكاء/وآخر البكاء/
انا مجموعة من الأحزان
يستلهمها الرهبان لصنع شموعهم
أنا في النهار
سيف من سيوف عبد الرحمن الداخل.
يتابع نزار في واحدة من أجمل قصائد عمره بعد رثائه لابنه الأكبر توفيق الذي رحل شاباً في مطلع العشرينات بداء القلب أيضاً وبعد رثائه لزوجته صديقتي النخلة العراقية اللامنسية بلقيس، يقول نزار في ما يشبه الرثاء لنفسه:
أنا موشح أندلسي
لم تكتب ساحات (الحمراء) أجمل منه/ قيثارة تنتحب/
على صدر (غارثيا لوركا)…
أنا ياسمينة تتسلق صباحا/
على عباءة (أبي عبد الله الصغير)
أنا… كل أوجاع العالم.
هل أجمل الشعر أصدقه؟
في قصيدته الأخيرة التي سطرها في آذار 1998 أي قبل رحيله بشهر، يعود نزار إلى الموزون المقفى، كما في قصيدته حين كان في العشرينات من عمره، في رثاء أمي، كما لو أن النهايات تتعانق مع البدايات لتكتمل الدائرة ويكتب كأنما عن ليلة رحيله عن كوكبنا:
ما تراني أقول ليلة عرسي؟/ جف ورد الهوى ونام السامر/ ما تراني أقول يا أصدقائي/ في زمان تموت فيه المشاعر؟/ لم يعد في فمي قصيدة حب/ سقط القلب تحت وقع الحوافر.
ويتابع نزار بلغة تقنعنا أن أجمل الشعر أصدقه لا بالضرورة أكذبه:
أنزف الشعر منذ خمسين عاما/ ليس سهلاً أن يصير المرء شاعرا/ هذه مهنة المجانين في الأرض/ وطعم الجنون طعم باهر.
هذه وقفة مع حزن دمشقي ما له آخر، ورحيل مبدع قدره أن يموت فوق الدفاتر.
غادة السمان
يقول نزار قباني: إنني لا أدعي أنني نابوليون بونابرت الشعر، لا أدعي أنني فتحت العالم، لكنني أقول بكثير من الغرور وقليل من التواضع أنني جعلت الشعر خبزًا شعبيًا يأكله الجميع، وعملة رائجة يتداولها الجميع، وإنني استطعت أن اخترق بشعري حواجز اللغة كلها، وحواجز البلاغة القديمة، والقوالب الجاهزة، وأسوار القواميس العالية، مخترقًا بذلك جدار الخوف الذي كان يقوم بين الناس والشعر، واكتشفت أن شعر الشاعر لا يعبر إلا عن عشرة بالمائة من فكره، أما التسعون في المائة الباقية فلا تقال إلا نثرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا مني و الف تقدير ، ل ( افانين كبة ) من منتريال – كندا علي الكلمات الغارقة في عذوبة الذوق
و شكرا جزيلا ، ل ( ا ورتيغا منعم) – السلفادور – فلسطين ، الذي جعلني اتنهل من لمعان مرثيئة الفارس الولهان ( نزار قباني )
لفارس الصولجان ( جمال عبد الناصر ) ، التي ادخلتني ( قمرة ) سكينة تشنف الاذان ، و لم اغادر بعد !!!
حتي ترجلت عند مقطع يقول : ( و هذا يحاول بعدك ملكا و بعدك كل الملوك رماد )
و اعلم ان محبة السيد ( ناصر ) او كرهه ، مفروضتان علي كل من عرفوه ( رغما ) عنهم ، لاكن تفنيد لعلوي ( اجابياته ) عل ( سلبياته ) حسب فهم السود الاعظم من جامعة ( نبيل العربي ) و عيب الدار علي من بقي في الدار ، كما تقول العرب و الحديث يقول من مات وجب الامساك عنه و السلام علي من اتبع الهدي .
ابرهيم السالم : صباح الخير وطاب يومك لقد افرحني ردكم صديقي لكم كل التحيه والتقدير والجميع القراء والمعلقون اللأكارم ولكل ربوع وثرى وطننا العربي الكبير و يسرني ويسعدني وينشيني حبكم لرمز الكرامه والعزه العربيه وفارس الكلمه والصولجان والموقف خالد الذكر زعيم الأمه العربيه جمال عبدالناصر
… …. لا نامت أعين الجبناء
السلفادور
سان سلفادور
أورتيغا منعم