أجهزة الأمن هندست البرلمان المصري ورسمت تفاصيله… وكتاب يعربون عن ندمهم ويعتذرون للرئيس مرسي

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» : بين البكاء على استحياء وبحذر شديد في الصحف القومية، والصراخ والعويل في صحف المعارضة والمستقلة على جزيرتي تيران وصنافير، اللتين أقرت الحكومة المصرية بملكيتهما للسعودية، قضت مصر أمس يوماً آخر تتراوح فيه الجماهير بين عتبة اليأس وشاطئ الخوف من مجهول بات واقعاً، متمثلاً في تردي الأحوال المعيشية للأغلبية العظمى من المواطنين الذين أصبحوا يخوضون حروباً يومية من أجل توفير لقمة العيش لأسرهم، بعد أن دفعت بهم الحكومة، عبر سلسلة من الإجراءات الاقتصادية، نحو قاع المجتمع.. وفي الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 2 يناير/كانون الثاني، تشابكت المعارك وتفاقم الخلاف واجتمع الخصوم من جهات شتى على هدف واحد هو، التنديد بالفشل المدوي للحكومة في التصدي للمشاكل الاقتصادية، والاستسلام لحفنة رجال الأعمال الذين باتوا شيئاً فشيئاً يستردون زمن الديكتاتور المستبد مبارك بكافة تفاصيله، حيث تحرص السلطة الجديدة في البلاد على تدليلهم وعدم المساس بالمكتسبات التي جنوها على مدار العقود الثلاثة الماضية. كما شهدت الصحف بالطبع ثناءً على السيسي من قبل حفنة من كتاب النظام الذين لم ينسوا بطبيعة الحال الهجوم على الإخوان وإلى التفاصيل:

سامحنا يا مرسي

تقدم سامح أبو عرايس – مدير حملة عمر سليمان سابقا وأحد أبناء مبارك – باعتذار للرئيس الأسبق محمد مرسي والإخوان قائلا: «حاسس أننا ظلمناهم. وقال في تدوينة عبر حسابه على «الفيسبوك»: «كلمتين عايز أقولهم في بداية السنة الجديدة علشان أريح ضميري.. بعد إقرار الحكومة التنازل عن تيران وصنافير وإحالته للبرلمان للتصديق عليه، كده يبقى كل اللي اتهمنا به مرسي وكنا خايفين أنه يعمله بيعمله حاليا السيسي». وأضاف: «كنا خايفين أن مرسي يتنازل عن جزء من سيناء، والنهاردة السيسي بيتنازل عن تيران وصنافير. كنا خايفين أن مرسي يغرق مصر بالديون وينفذ أجندة صندوق النقد الدولي بخفض العملة وإلغاء الدعم، والنهاردة السيسي نفذ كل ده وأغرق مصر بالقروض الخارجية ووصل الدولار لعشرين جنيه، وبيلغي الدعم وعايز يبيع المستشفيات الحكومية كمان، وكل أجندة صندوق النقد الدولي بينفذها بالحرف». وأردف: «كنا بنقول إن مرسي والإخوان هيقمعوا أي شخص يعارضهم ويعملوا فاشية باسم الدين، ويبقى اللي بيعارضهم ضد الدين، والنهارده السيسي ومؤيدينه حولوا البلد إلى فاشية باسم الوطنية واللي يعارض السيسي يبقى ضد الجيش ويبقى خائن ويتشتم من الإعلام واللجان الإلكترونية، وممكن يختفي قسريا أو يعتقل أو يتصفى في الشارع. الحقيقة أن النظام الحالي بيعمل أبشع بكثير من اللي كنا خايفين أن الإخوان يعملوه.. علما بأن أغلب اللي هاجمنا مرسي علشانه كانت مخاوف وتوقعات يعني ماشفناش مرسي بيتنازل عن أرض فعليا مثلا. وماشفناش ذبح للمعارضين في الشوارع زي اللي حصل في رابعة والنهضة وغيرها، وماشفناش اختفاء قسري.. علشان كده حاسس فعلا أننا ظلمنا مرسي والإخوان.. إحنا آسفين يا مرسي».

العجلة من الشيطان

«لماذا أصرت الحكومة على أن تسارع إلى إبلاغ البرلمان بموافقتها على قرار تعليم الحدود البحرية بين مصر والسعودية في البحر الأحمر، الذي يؤكد سعودية جزيرتي تيران وصنافير، لكي يناقش الموضوع؟ بينما لا يزال القضاء المصري ينظرالدعوى التي أقامها بعض المصريين لإثبات ملكية مصر للجزيرتين، كما يشير مكرم محمد أحمد في «الأهرام» على أن مصر قامت بحماية الجزيرتين لما يقرب من 70عاما وقعت خلالها ثلاث حروب مريرة مع إسرائيل، لعبت فيها الجزيرتان دورا مهما في حماية أمن مصر وسيناء، لتبدو الصورة، كما قال الزميل حمدي رزق مربكة تنذر بمواجهة بين السلطتين التشريعية والقضائية، وتقطع الطريق دون أي مسوغ على السلطة القضائية التي لم تصدر بعد حكما باتا ونهائيا في الموضوع. ويتساءل الكاتب، ما وجه العجلة في إعادة الجزيرتين إلى السعودية قبل استيفاء كل الشروط التي تضمن تلافي أي آثار سلبية يمكن أن تلحق بأمن سيناء وأمن مصر، نتيجة تسليم الجزيرتين، وقبل اتخاذ الإجراءات الاحترازية التي تسد الفراغ الأمني الذي يمكن أن يترتب على نقل سلطة إدارة الجزيرتين إلى المملكة، خاصة أن المملكة قبلت لمدة تقرب من 70 عاما أن تبقى الجزيرتان وديعة لدى مصر، وتتحمل مصر مسؤوليتهما الأمنية في مواجهة كيان عدوانى شرس يخطط لسلب الأرض العربية والهيمنة على اقدار الشرق الاوسط؟ ولا ضرر المرة أن تنتظر السعودية بعض الوقت إلى أن تدبر مصر حالها، وتتمكن من تعويض هذا الفراغ الأمني حماية لأمن سيناء وأمن مصر، خاصة أن الصراع العربي الإسرائيلي لم يجد تسويته النهائية بعد».

الغضب الساطع آت

نبقى مع أزمة الجزر، حيث حذر أحمد النجار رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام من لحظة انفجار مقبلة بسبب التنازل عن تيران وصنافير. وحسب «البداية» كتب النجار على صفحته على فيسبوك بعد ساعات من قرار الحكومة بالموافقة على اتفاقية التنازل عن الجزيرتين، المعروفة إعلاميا بترسيم الحدود وإحالتها للبرلمان، أن مصر قد تنام على خواء البطون لكنها ستنتفض بشراسة النمر من أجل ذرة من ترابها، وقال أحمد السيد النجار الذي سبق ومنعت «الأهرام» نشر بعض مقالاته بخصوص القضية نفسها، بحكم التاريخ والجغرافيا والارتباط الإستراتيجي.. تيران وصنافير مصريتان. وتابع: تولى إعلام المسوخ والشراشيح محاولة تدمير وعي الأمة بوطنها وبقدسية ترابه وأحدثوا تشوشا لدى البعض، لكن براهين المدافعين عن حصون وتفاصيل الوطن وأحكام القضاء، التي أكدت مصرية الجزيرتين استعادت الوعي لهؤلاء، وواصل النجار محذرا، أصبح التنازل عن أرض الوطن عارا وحدا فاصلا بين صمت الشعب على كل المشاكل الاقتصادية من أجل الاستقرار، وبين لحظة الانفجار، فاحذروا فمصر قد تنام على خواء البطون، لكنها ستنتفض بشراسة النمر من أجل ذرة من ترابها، فما بالكم بجزيرتيها اللتين هما مرتكز الدفاع الاستراتيجي عن قناتها وبحرها وخليجها لو تعلمون».

ماذا بعد الصبر؟

«السيسي طالب المصريين بمزيد من الصبر 6 شهور جديدة، وطبعا، كما يشير حسام فتحي في «المصريون»، فإنه من صبر أكثر من 60 عاما لا يضره صبر 6 شهور أخرى، ولكن بعدها ماذا سيحدث؟ نتمنى على الله بعد 6 شهور أن يعود المصريون أصحاء، ويختفي «وباء» فيروس «سي» من أجسادهم الواهنة، وتخرج أمراض الكلى والكبد وكل الأمراض المستوطنة في أجسامهم، التي قاومت كل أنواع التلوث. نتمنى بعد 6 شهور أن تخف وطأة الإرهاب الأسود، ونحقن دماء الشهداء، ونصل إلى حل لمشاكلنا دون قتل وذبح وتفجيرات وتقتيل مضاد، ويعم السلام سيناء، أرض السلام، وكل شبر من أرض مصر المحروسة بإذن الله تعالى. نتمنى بعد 6 شهور أن يعود الجنيه إلى الحياة مرة أخرى، ويستفيق من غيبوبته أمام كل عملات الأرض، حتى الـ «بولا» بتاع بوتسوانا، والإيسكودو عملة «الرأس الاخضر»، و«الوالاس» الغامبي، حتى نشعر بأننا نمتلك عملة محترمة يمكنها شراء «شيء ما» من مكان ما. نتمنى بعد 6 شهور أن تعود السياحة إلى مصر، أكثر دول العالم استحقاقا للسياحة بلا منازع، وأن تتراجع معدلات البطالة، وتعود المصانع المغلقة للإنتاج، والأيدي «البَطّالة» للعمل، وتنجح زراعة 1.5 مليون فدان، وتصمد شبكة الطرق الجديدة والقديمة، وننتهي من تطوير حواجز تقاطعات خطوط السكك الحديدية. الأمنيات لمصر في العام الجديد كثيرة.. تفوق حجم الصعوبات والمصاعب والمصائب والجروح التي تحملناها لأكثر من 6 عقود».

تخبط اقتصادي

إذا كان هناك وصف لسياسات الحكم في مصر فإنه يمكن وصف ما يتم اقتصاديا بالتخبط الاقتصادي، حيث لا تتم مواجهة مشكلة من المشكلات المستمرة ووضع آليات القضاء عليها، بل مجرد إجراءات للتهدئة، وهو ما يلمسه صفوت قابل الكاتب في «الشروق» في مواجهة مشاكل نقص السلع المستمرة من الأرز إلى السكر إلى الأدوية وهكذا تستمر الأزمات من سلعة إلى أخرى. من مظاهر هذا التخبط أيضا اتخاذ قرارات ثم التراجع عنها، وهو ما رأيناه في قرار منع تصدير الأرز ثم السماح بتصديره ثم العودة لمنع التصدير، والتغاضي عن التهريب ثم الشكوى من التهريب، وكأن الحكومة غير قادرة على مواجهة هذا التهريب. نضيف إلى ذلك أيضا التراجع عن قرار إلغاء الجمارك على الدواجن المستوردة بعد صدوره بأيام، وما صاحب ذلك من اتهامات بتربح البعض، وفي كلا القرارين هناك المبررات بأن ذلك لصالح المستهلك، بينما المستهلك يئن من زيادة الأسعار يوميا. أيضا طال التخبط السياسة النقدية؛ فمن وضع قواعد وتحديد مبالغ الإيداعات بالعملة الأجنبية لمواجهة السوق السوداء في العملات الأجنبية، وتقليل الواردات، إلى إلغاء ذلك عمليا بعد شهور، ثم التحول الدراماتيكي في السياسة الاقتصادية بتعويم الجنيه، ثم لم تكد تمضي أسابيع، وتحت ضغط ارتفاع سعر الدولار كل عدة ساعات، إلا وعادت المطالبة بضرورة تدخل البنك المركزي وضخ الدولارات في الأسواق ، وهكذا يستمر التخبط. نشير أيضا إلى ما يصدر من وعود بمراعاة محدودي الدخل، التي تكون في جملتها مجرد رسالة لبث الطمأنينة في النفوس، حتى يتم التعود على الأوضاع الجديدة، ومن ذلك وعد الرئيس السيسي بأنه أصدر توجيهاته بعدم المساس بأسعار السلع الأساسية، بينما الواقع أن زلزالا أصاب كل السلع ما أفقد المواطن ثقته في التصريحات».

«البطل القومي لإسرائيل»

نتحول للهجوم على الرئيس والبرلمان على يد أمين إسكندر في «مصر العربية»: «بعد مرور ما يقرب من الخمس سنوات على ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وما يقرب من ثلاث سنوات على الموجة الثانية للثورة في 30 يونيو/حزيران 2013، وما يقرب من سنتين ونصف السنة على تولي عبد الفتاح السيسي الرئاسة المصرية، وما يقرب من نصف العام على تشكيل مجلس للنواب برئاسة علي عبد العال، اكتشف كثيرون من شعب مصر أن «ريما عادت لعاداتها القديمة» كما يقول المثل، وأن أحوال مصر من سيئ إلى أسوأ، ومن سياسات يصنعها صندوق النقد الدولي إلى عودة للصندوق وسياساته مرة أخرى، ومن استبداد سياسي إلى استبداد سياسي آخر ومن سياسات إفقار وتجويع إلى سياسات إعدام للطبقة الوسطى، تحت مسمى تحرير سعر العملة ـ تعويم الجنيه وهكذا زاد الفقراء واتسعت مساحة الفقر، ومن رئيس يوصف من قبل نخبة الكيان الصهيونى بالكنز الإستراتيجي إلى رئيس يأتي بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو يوصف بالكنز الاستراتيجي وبالبطل القومي لـ«إسرائيل». وبرلمان قبل ثورة 25 يناير 2011 الذي عُرف باسم برلمان أحمد عز، الذي تم تزويره بالكامل، جاء برلمان النواب في عصر السيسي بعد أن تمت هندسته ورسم تفاصيله من قبل أجهزة الأمن المصرية (مخابرات وأمن وطني) بدءا من القوانين المنظمة لتشكيله، التي لم يتحاور عليها أحد، ولم يؤخذ برأي أحد من الشعب، وكانت قد صدرت من قبل الرئيس إلى قيادة ضابط من المخابرات لقائمة في انتخابات البرلمان تحت اسم «دعم مصر»، عُرفت بإنهاء قائمة الدولة، بالإضافة إلى تدخل الأمن الوطني بالعديد من العناصر، وتكليف بعض رجال الأعمال بالصرف على مرشحين مدعومين من أجهزة الأمن في معركتهم الانتخابية.

تصريحات السيسي للفلاحين حبر على ورق

«الفلاح المصري منذ عهد الفراعنة، في مؤخرة اهتمام حكامه، استمرت الأوضاع هكذا حسب أحمد إبراهيم في «الوطن» حتى ثورة يوليو/تموز، وقام عبدالناصر بتوزيع أراضي الإصلاح الزراعي على الفلاحين، وسمح لأبنائهم بالتعليم المجاني والتعيين في الوظائف المهمة، والالتحاق بالكلية العسكرية وكلية الشرطة. وبعد عبدالناصر عادت معاناة الفلاح مرة أخرى من الفقر والجهل والمرض، تحمّل الكثير وما زال صابرا، وهو من الفئة المنتجة في البلد، لم يعترض ولم يشكُ. حتى في ظل الفوضى والانفلات الأمني كان الفلاح يعمل ويشقى حتى لا نجوع، كل فئات المجتمع تظاهرت وأضربت للمطالبة بما لا تستحق، والفلاح لم يفعل ذلك للحصول على حقوقه، بل كان داعما للرئيس والدولة في كل الأحداث السياسية، وأبناؤه الجنود هم الأكثر استشهادا برصاص الإرهاب الغادر، كل هذا لم تقدّره الحكومة، بل إنها تذبحه وتمنعه حتى من الأنين والتألم، كل الفئات لها نقابات واتحادات تطالب بحقوقها إلا الفلاح، لا يجد من يحنو عليه أو يرفق به حتى وزارة الزراعة (الله يرحمها) تركته في مهب الريح، يقاوم بنفسه ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وإلغاء الإرشاد الزراعي الذي كان يساعده في استنباط أصناف حديثة من التقاوى والبذور لزيادة إنتاجه. حتى أبناء الفلاحين المتفوقون في التعليم ممنوعون من التعيين في الوظائف المهمة في البلد – القضاء والخارجية والجيش والشرطة – وبعد ثورتين ما زالت تلك الجهات تشترط حصول الوالدين على مؤهل عال. كل هذا والحكومة تفكر في زيادة أسعار الأسمدة مرة أخرى، لماذا إذن ترتفع الأسعار؟ ولماذا يتحملها الفلاح؟ الرئيس السيسي وعدهم بمعاش ضمان اجتماعي وتأمين صحي وشراء محاصيله الاستراتيجية وأيضا نقابة تدافع عن حقوقهم، هذه القرارات لم تنفذها الحكومة».

«يا ضاربين الودع»

«بعض المسؤولين وكذا المتخصصين يتناولون شؤون المستقبل في مصر بمنطق لا يقل سذاجة عن منطق المنجمين، إذا صح أن يكون التنجيم محكوما بمنطق. فبم نفسر كلاما سمعناه عن موضوع «الجنيه والدولار» خلال عام 2016، من نوع: «مشكلة الدولار ستحل تماما أول يونيو/حزيران 2016» و«حجم الاحتياطي في هذا التاريخ سيتجاوز الـ30 مليار دولار». وكلام من فصيلة «الدولار هيبقى بـ4 جنيه» وغير ذلك. واضح أن هذا الكلام لم يستند إلى معلومات دقيقة أو حسابات منطقية، فجاء أشبه بأحاديث المنجمين والمشعوذين وضرب الودع، ووشوشة الدكر كما يشير محمود خليل في «الوطن»، هل تعرف معنى عبارة «وشوش الدكر» التي يستخدمها «الضاربون بالودع»؟ إذا كنت لا تعرف دعنى أقول لك.. الطلب الأول الذي يطلبه أو تطلبه منك ضاربة الودع هو «وشوشة الدكر»، لكي تحكي له ما يعكر عليك حالك، وما تحلم بتحقيقه في الحاضر أو المستقبل، ثم تأخذ «دكر الودع» منك وتبدأ في كشف الأسرار التي أفضيت له بها، وتحكي لك ما يؤرقك من مشكلات في الحاضر، وما ينتظرك من أحداث ستؤدي إلى حلها أو تعقيدها في المستقبل. من المعلوم أن لجوء الإنسان إلى الدجل والشعوذة يرتبط بشعوره بالعجز وقلة الحيلة، فإحساس الفرد بالسيطرة على أمور حياته يجعله أكثر عقلانية، لكن الأمر يختلف عندما تغيب السيطرة. مع مطلع عام جديد، أتصور أننا جميعا مطالبون بتبني رؤية أكثر عقلانية في النظر إلى مشكلاتنا، ينطبق هذا على المسؤول الذي يدير، كما ينطبق على المواطن الذي يعاني من المشكلة. أفهم أن يقدم المسؤولون توقعات علمية لمسارات الأحداث والمشكلات، لكنني لا أستطيع أن أستوعب الكلام الجزافي غير المحسوب، وأفهم أن يتفاءل المواطن بالآتي، ولكن بوعي عميق بالإسهام المطلوب منه للوصول إلى مستقبل أفضل، بعيدا عن حكاية «وشوشة الدكر».

السلطة تأكل أبناءها

نبقى مع الحرب على النظام وأسامة الغزالي حرب في «المصري اليوم»: «أضم صوتي بكل قوة، وبلا أي تردد إلى الكلمة الرائعة، التي كتبها «نيوتن»، يوم (1/1)، تحت عنوان: «نهاية كل حزب»، التي أدان فيها عملية التدمير الشائنة، التي يتعرض لها حاليا حزب «المصريين الأحرار». أتفق تماما مع قوله بأن ما حدث ليس غدرا بنجيب ساويرس، وإنما هو غدر بفكرة المعارضة، وغدر بمبدأ الديمقراطية. أتفق معه على «ما تحاوله بعض الأجهزة الأمنية لإفشال التجربة الحزبية البائسة في مصر، التي تتعرض للتدهور والانتكاس. أتفق معه في أن إنجاح التجربة الحزبية ليس مسؤولية المعارضة، وإنما هو مسؤولية مَن بيده اتخاذ القرار والحكم. أتفق معه في أن المعارضة مثل المضاد الحيوي بالنسبة للجسد، ومثل المراجعة التي لا يستقيم عمل المؤسسة المالية بدونها. وأضيف إلى هذا كله وأقول إنه قبل إنشاء «المصريين الأحرار» كان هناك حزب الجبهة الديمقراطية، الذي أُنشئ كحزب ليبرالي في مصر في عام 2007، وأسهمت في إنشائه أسماء وطنية وقامات كبيرة في الحياة السياسية المصرية: د. يحيى الجمل، د. حازم الببلاوي، د. على السلمي، د. محمد غنيم، د.صلاح فضل، أ. سكينة فؤاد، د. سلوى سليمان، أ. خالد قنديل، د. نور فرحات، د. مصطفى كمال طلبة، أ. محمد منصور حسن، أ. راوي تويج، د. شادي الغزالى حرب.. والعديد من الأسماء الوطنية الكبيرة.. إلى جانب كاتب هذه السطور. ورغم أن الحزب قام في البداية على دعم القادرين ماليا من المُنشئين له، فإن الدعم المالي المستقر والمتواصل تم من جانب المهندس نجيب ساويرس، تشجيعا لوجود حزب ليبرالي مصري يرفع مبادئ: الحرية والعدالة والدولة المدنية».

السياحة مضروبة والاستثمار ميت

«يُولد عام جديد في زمن الكرب.. وترى الناس سكارى وما هم بسكارى، يتنفسون الذل، ويتجرعون المرارة، مقطوعي الألسن مطأطئي الرأس، شاب الصغير ويئس الكبير، ويد الجلاد تبطش وتتجبر ومن بين هؤلاء الذين ينتابهم اليأس بدوي البيومي في «البديل» مستشهدا بكلمات للرئيس: «مش هناكل يعني، منكلش.. هنجوع يعني، ما نجوع.. المهم نبقى كدة». يبدو أن كلمات «النحنوح» بدأت تأتي أُكلها؛ فمع اقتراب انقضاء ثلاثة أعوام على أسوأ عهود المحروسة، الأسعار تحرق أجساد المصريين، والاقتصاد ينهار، والسياحة مضروبة، والاستثمار ميت، والتعليم في المذيلة، والفساد مستشرٍ، والجهاز الإداري مهترئ، والبرلمان موافقون، والحكومة تأتمر، والإعلام طبال، والعدو أضحى صديقا نعزيه ونتباكى عليه ونطفئ نيرانه، و«هدية مصر للعالم» خربتها. شاركت في أيام ثورة 30 يونيو/حزيران الأربعة، التي ألعنها الآن في كل صلاة؛ لأنها جاءت بهذا النظام أو بالأحرى، أعادتنا إلى ما قبل 25 يناير/كانون الثاني على الوجه القبيح، وللأسف، كنت ضمن من جاءوا بـ»النحنوح» إلى سدة الحكم، إلا أن عزائي الوحيد أن ما فعلته كان وفق رؤية شخصية اكتشفت زيفها بعد أشهر قلائل، وأعلنت خطأي على الملأ، وطالما أدعو الله المغفرة، علّني أتطهر منه، لكن ذنبي عظيم جاءت الجرائم تباعا؛ فباعت «دولة النحنوح» الأرض وتنازلت بكل سهولة ويسر عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ليخضع المضيق المصري إلى سيادة دولية تخدم في الأساس الكيان الصهيوني، وخاضت حربا شعواء ضد رافضي صفقة العار والمهانة، على رأسهم، الصحافيون ونقابتهم التي احتضنت الغاضبين من الكارثة؛ فأعملت فيهم يد البطش والانتهاك، ونسجت قضية وهمية للنقيب واثنين من أعضاء المجلس، حكم عليهم بالسجن عامين بموجبها، كما تحاول تأميم المهنة بقوانين وتشريعات تكبل الصحافة والإعلام وتتحكم فيهما السلطة التنفيذية».

في رقبة الرئيس

«الدبلوماسية المصرية لم تهتز في عصور ناصر والسادات ومبارك.. قدمت العون الفني والسياسي والاقتصادي لمؤسسة الرئاسة.. رجالها خدموا بإخلاص ووطنية وتجرد في مكاتب رؤساء مصر حتى 2010 حسب محمد علي إبراهيم في «المصري اليوم» الأسماء اللامعة مثل أسامة الباز ومحمود عزمي والسفراء د. مصطفى الفقي وماجد عبدالفتاح ورضا شتا والمبدع الرائع سليمان عواد- قدموا خبراتهم التراكمية لمصر طيلة أكثر من 60 عاما.. إذا ما استشاروا يخلصون.. وإذا ما تم إيفادهم في مهمة حرجة ينجزونها كأفضل ما يكون. تم تدريبهم على أن الأولوية القصوى للوطن، لمصر.. لم يستجيبوا لضغوط من قوى كبرى، قارعوا الصهاينة والأمريكيين في مساجلات شهيرة، استحضر منها الدرس المؤلم الذي أعطاه عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق، لشمعون بيريز في منتدى البتراء في الأردن عام 2008، وأجبره على الاعتذار. ولا أنسى الراحل أحمد ماهر «أحرف» من صاغ المذكرات المصرية، الذي شغل منصب وزير الخارجية، بعد عمرو موسى، عندما وصف مجلس الوزراء الإسرائيلي بأنه «عصابة» أمام الكاميرات، حتى أمين الجامعة العربية الحالي أحمد أبوالغيط قال لكوندليزا رايس في أسوان عام 2006 عند محاولتها الحصول على امتيازات من مصر: «دماغنا أصلب من أحجار الجرانيت التي ترينها أمامك من شرفة فندق كتراكت». ويندد الكاتب بالارتباك المصري الذي يحدث أحيانا الآن ويرجعه إلى قلة الخبرة وعدم التمرس أو للنزول عند رغبة القيادة السياسية، التي يبدو أن لها حسابات أخرى في ما يتعلق بالقضايا الدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية. أكثر ما يؤلم الكاتب أن مصر ذات التاريخ الدبلوماسي الناصع ظهرت ضعيفة ومهتزة في مجلس الأمن.. مصر القائدة الرائدة، ظهرت تابعة تنتظر الضوء الأخضر من حليف قررت أن تراهن عليه».

من حقه أن يفرح

«الحقيقة التي قد تتوارى وراء استحقاق بوتين للإعجاب لمواهبه الشخصية المبهرة، إذ يمثل، كما يشير أحمد عبد التواب في «الأهرام» اختيارا واعيا لشعب بعد تجربة مريرة عانى فيها أفراده من مرارة الإذلال عقب انهيار الاتحاد السوفييتي، وتألموا من نظرات التشفِّي من الغرب، وصاروا عازمين على النهوض وردّ الاعتبار لأنفسهم. كما يبدو أيضا أن قدراته المتعددة الأخّاذة شتتت الانتباه إلى أنه ابن تجربة كانت الدولة ترعى فيها ببذخ الأطفال النابهين والشباب الجادين، وكانت تحرص على أن توفِّر لهم تعليما خاصا ورعاية خاصة ودورات إعداد خاصة. وقد أثمرت هذه التجربة كوادر كثيرة مثل بوتين وصار بإمكانها أن تضخّ في الحياة العامة الكثير ممن صُقِلَت مواهبهم في الخطابة والإقناع والتفاوض والمجادلة، والرقص والغناء وتذوق الفنون، والرماية والسباحة وركوب الخيل وصيد الأسماك.. إلخ، وهو ما لا يُتاح في الغرب إلا لأبناء الأسر الثرية. استطاع بوتين في وقت قياسي، ومعه جيل من البوتينات، أن يعالجوا الصدوع التي ورثوها من فترة الاضطرابات، وسرعان ما أمسكوا بالمبادرة وتوقفوا عن أن يكونوا ردّ فعل إزاء سياسة الغرب، بل على العكس صاروا يبادرون باختياراتهم، وبات يلهث خلفهم ساسة أوروبا الذين انكشفوا كهواة بالمقارَنة. أنظر فقط إلى هذا التتابع المتدفق بسرعة وهدوء وثقة وثبات، حينما حقق حلم بلاده في ضم إقليم القرم، الذي كان تحت سيطرة أوكرانيا، ولم يُعر الغضب الغربي اهتماما، بل تركهم يخططون لكيفية إخراجه من القرم، وتقدم خطوات للأمام باللعب في أوكرانيا نفسها، فإذا بهم ينسون القرم وينتقلون لما يتصورون أنه مواجهة حاسمة في أوكرانيا، ولكنه كان اتخذ خطوته التالية، التي كانوا يتصورون أنه لن يتجاسر عليها، فعبر البحار إلى سوريا».

التطبيع مع حماس

«من غير اللائق أن يطلق على ما يجري من تقارب بين النظام المصري وحركة حماس وصف سيئ السمعة مثل «التطبيع». لكن التدهور بعيد المدى الذي وصلت إليه العلاقات مع القطاع، جعلنا حسب فهمي هويدي في «الشروق» نتمنى أن يرأب الصدع بأي وسيلة، حتى إذا وصفت بأنها تطبيع، مع ذلك فإن الكاتب يزعم أن الكلمة لا تخلو من مبالغة، لأن ما يجرى هو أقرب إلى هدنة تمهد للمصالحة التي يفترض أن توصل إلى عودة الثقة التي تفتح الأبواب للتطبيع المنشود. معلومات هويدي أن العلاقات مع قطاع غزة خضعت لمراجعة شاملة في الجانب المصري، تخللتها مناقشات مطولة تواصلت خلال الشهرين الماضيين مع ممثلي حركة حماس في القطاع، كان أحدثها في نهاية الأسبوع الماضي، ومثّل حماس فيها الدكتور موسى أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة. وكان يفترض أن يأتي معه السيد إسماعيل هنية رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس المكتب، إلا أن السلطات المصرية نصحته بتأجيل الزيارة لاعتبارات أمنية، ذلك أن تهديدات استهدفته أطلقتها العناصر المتشددة التي تنسب نفسها إلى السلفية الجهادية في غزة، التي تخوض ضدها سلطات القطاع صراعا أدى إلى اعتقال بعض عناصرها وهروب البعض الآخر إلى سيناء. الأمر الذي اقتضى تأمين عودته إلى غزة عبر معبر رفح.
المراجعات التي أجراها الجانبان المصري والحمساوي تطرقت إلى خبرات الماضي ومسؤوليات الحاضر والمستقبل المنظور. وكان ما تعلق بتبديد غيوم الماضي وتوضيح التباساته، ضروريا لتوفير جو الثقة المفترض للتفاهم حول الأمور العالقة. وذلك ما كان له أن يتحقق إلا في ظل تفهم الماضي، خصوصا ما تعلق منه بشيطنة حماس والزج بها في العديد من القضايا المتعلقة بالأمن المصري. ويطالب الكاتب بتيسير حركة المرور من خلال معبر رفح في الاتجاهين، وتشجيع حركة التبادل التجاري بين مصر والقطاع التي كانت تقدر بنحو 3 مليارات دولار سنويا. ذهبت لإسرائيل، كذلك يرى الكاتب أهمية وقف الحملات الإعلامية التي شوهت العلاقة بين الطرفين».

الأبوة في إجازة

«حكم صادر من محكمة جنايات المنصورة، المتهمة عمرها 22 سنة، قتلت والدها المجنى عليه عمدا، بأن قامت بالضغط على عنقه برباط «قطعة قماش»، قاصدة بذلك قتله، ثم سكبت الكيروسين على جثته، وأشعلت النار فيها، بقصد إخفاء معالم جريمتها، عندما سلب أنوثتها مدفوعا بغريزته الجنسية وليس بعاطفة الأب، وقام بالتعدي عليها جنسيا وذبح شرفها وفقا لكرم جبر في «اليوم السابع». المحكمة وقر في عقيدتها أن المتهمة أحيطت بظروف قاسية، ساقتها دفعا، مغلوبة على أمرها لمقارفة الجريمة، بعد أن حسرها اليأس وحصدها الإحباط، وتحطمت إرادتها، وظلت تقاوم حتى جاءت اللحظة التي استوى فيها عندها الموت والحياة، وانهارت لديها كل المعاني والقيم النبيلة، ما كان حصاد جريمتها إلا أبا مجردا من كل مشاعر الأبوة النقية الجميلة، وراعيا تحول إلى ذئب ليتربص للفتك بابنته.. طمحت به الشهوات، وعصف به جنون الرغبة المدمرة، فألقيا به في أتون الخطيئة، فخلط بين الحلال والحرام، واستبد به شيطانه، فسلب منه دينه ويقينه، فبات كوحش كاسر انفلت من عقاله، وشيطان مريد يستبيح الحرمات، ويسعى في الأرض فسادا، لا يعرف للأعراض حرمة، ولا للحرمات قداسة، ولم تكن ضحيته إلا إحدى محارمه، ونسي أنه الأب والحامي للعرض. انحل رباط الدم الذي يربطه بها، ويجري في عروقها إلى ماء مهين، فخرج عن الناموس الطبيعي لفطرة البشرية، وذبح بجرمه أجمل القيم الإنسانية، يأكل لحم بيته حيا، وينهش عرضه في جرأة غير مسبوقة، فيها تظاهر على شريعة السماء، وتمرد على قانون الأرض. لقد منّ الله عليه بالبنات والبنين، فبدل نعمة الله عليه كفرا فمات في مخدع الزنا والفجور، مخنوقا مطوقا بمنى الرذيلة. حكمت المحكمة حضوريا بمعاقبة المتهمة «ع. ع. أ» بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة، وإلزامها المصاريف الجنائية».

أجهزة الأمن هندست البرلمان المصري ورسمت تفاصيله… وكتاب يعربون عن ندمهم ويعتذرون للرئيس مرسي

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د. راشد - ألمانيا:

    أخي المحترم حسام عبد البصير:
    مشكلتنا العربية الكبرى والتي أوصلتنا إلى الدرك الأسفل أن المسؤول عندنا فاسد غير كفء لا خبرة لديه في أمور منصبه وكيفية تصريفها
    ينتظر دائما الأوامر من جهات عليا وعلى الأغلب أمنية وبالتالي نجد أن أغلب مديري المؤسسات النافذة في البلد يشرب الأركيلة في مكتبه ويمارس هوايته المعهودة في الرشوة بانتظار البريد الوارد ليفعل كذا وكذا
    أما بالنسبة لإسرائيل فلها كنوز مخفية كثيرة داخل المؤسسة العسكرية
    إذا خبا كنز أظهرت لنا آخر بلسان عربي يدعو من حوله لحماية الشعب والديمقراطية والحفاظ على مكتسبات الدولة وكأننا أمام إمام واعظ.

إشترك في قائمتنا البريدية