أردوغان ديكتاتور… وبشار الأسد ديمقراطي عظيم

كل من يراهن على العدالة الأمريكية إما مغفل أو ابن ستين ألف مغفل، فقد قالها الكثير من الاستراتيجيين الأمريكيين، وعلى رأسهم، جورج كنان في الخمسينات عندما سخر من كل الذين يؤمنون بالعدالة الأمريكية. وقد قال ما معناه إن كل من يعتقد أننا نحترم حقوق الإنسان، أو نشجع على العدالة والديمقراطية يجب أن يزور أقرب طبيب نفسي. هذا هو النهج الأمريكي منذ أن ظهرت أمريكا كقوة عظمى على المسرح العالمي. وبالتالي، لا تتفاجأوا أبداً إذا كانت أمريكا تتحالف مع الشياطين من أجل مصالحها القذرة، وتدوس كل القيم والأخلاق والديمقراطيات عندما تتعارض مع مصالحها. لا تتفاجأوا أبداً إذا رأيتم أمريكا تدعم أحقر وأقذر الطواغيت على وجه الأرض، بينما تعادي كل من يحاول أن ينهض بوطنه وشعبه. بعبارة أخرى، فإن الأمريكيين لا يتحالفون مع الأخيار، بل مع الأشرار، لأنهم يحققون المصالح الأمريكية أكثر بكثير من الأخيار الذين غالباً ما يحققون مصالح شعوبهم وبلادهم. وكل من يحاول أن يحقق مصالح شعبه، فسيكون بالنتيجة عرضة للاستهداف الأمريكي.
لقد درج الأمريكيون تاريخياً على احتضان أبشع الطواغيت والجنرالات، وخاصة في أمريكا اللاتينية حديقتهم الخلفية. وذات يوم سأل صحافي أمريكي الرئيس الراحل ريتشارد نيكسون: «يا سيادة الرئيس أنتم ترفعون شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، لكنكم في الوقت نفسه تدعمون ذاك الطاغية الحقير الذي يحكم شعبه بالحديد والنار. هل يعقل أنكم يا سيادة الرئيس تدعمون حاكماً ابن زنا»، فرد نيكسون ببرود شديد قائلاً: « صحيح أننا ندعم هذا الطاغية النغل (ابن الزنا)، لكنه ابن الزنا بتاعنا». لقد لخص نيكسون السياسة الخارجية الأمريكية ببلاغة عز نظيرها.
ولو أردنا أن نحلل السياسة الأمريكية الآن تجاه بشار الأسد وأردوغان مثلاً، فما علينا إلا أن نسترجع كلمات نيكسون، فالأمريكيون يحتضنون، ويدعمون فقط من يحقق مصالحهم، وليس من يحقق مصالح بلاده. لاحظوا بربكم كيف أن أمريكا تركت طاغية كبشار الأسد يقتل أكثر من مليون من شعبه، ويشرد حوالي خمسة عشر مليوناً، ويحول بلداً عظيماً إلى ركام على مدى خمس سنوات، دون أن يرمش لها جفن. وكل ما فعلته على مدى الأعوام الماضية إطلاق تصريحات سخيفة لم تعد تقنع أطفال المدارس مثل تصريح أن بشار الأسد فقد شرعيته. ليس لدى أمريكا للضحك على ذقون السوريين والعرب سوى ذلك التصريح البائس. وقد أعلن ضابط كبير من وكالة الاستخبارات الأمريكية قبل أيام أن الوكالة قدمت للرئيس باراك أوباما أكثر من خمسين خطة للإطاحة بالنظام السوري، لكن الرئيس أوباما رفضها جميعها. ويقول أحد الساخرين إن الرئيس الروسي بوتين المفترض أنه حليف بشار الأسد الأقوى استخدم حق النقض الفيتو مرتين فقط في مجلس الأمن لحماية بشار الأسد من السقوط، بينما الرئيس الأمريكي المفترض أنه ليس حليفاً لبشار الأسد رفض أكثر من خمسين خطة لإسقاط بشار. وبالتالي، يمكن القول ببساطة إن الصمت الأمريكي على ما يفعله الرئيس السوري في سوريا والمنطقة منذ خمس سنوات هو بمثابة شهادة حسن سلوك أمريكية لبشار الأسد، على اعتبار أن الصمت علامة الرضا، فلو لم تكن أمريكا سعيدة بما يفعله الأسد، ولو لم يحقق لها ما تريد، لما تركته يعيث خراباً ودماراً وتشريداً منذ خمس سنوات. صحيح أن أمريكا تتخلص بلحظة ما من عملائها وخدمها، لكنها تدعمهم دعماً هائلاً أثناء تأدية واجبهم لصالحها كما تفعل الآن مع النظام السوري.
وبينما نرى أمريكا ترفض المساس بأبشع طاغية في العصر الحديث، نسمع كبار المسؤولين الأمريكيين وهم يؤيدون علناً أي انقلاب يطيح بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حقق لبلاده المعجزات على الصعيد الاقتصادي والديمقراطي والنهضوي. وقد قال السيناتور الأمريكي ميشيل روبين قبل أيام فقط إن جهات سياسية أمريكية مستعدة بالاعتراف بأي انقلاب يستطيع الإطاحة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغم أن أردوغان وصل إلى السلطة بانتخابات شعبية ديمقراطية مائة بالمائة، بينما بشار الأسد وصل إلى السلطة زوراً وبهتاناً، وغيروا له الدستور بدقائق كي يناسب عمره الصبياني آنذاك. واستمر في السلطة عبر استفتاءات مفبركة النتائج في أقبية المخابرات. مع ذلك بدأت أمريكا الآن تقول إن مصير الأسد بيد الشعب السوري. حتى أنها سحبت تصريحاتها السخيفة السابقة التي كانت تقول إن الأسد فقد شرعيته. وعندما نسمع أمريكا وروسيا تقولان الآن إن مصير الاسد يجب أن يقرره الشعب السوري، فهذا يعني حرفياً أن واشنطن وموسكو تدعمان بقاء الأسد أو فرضه على السوريين زوراً في انتخابات مزيفة محسومة النتائج مسبقاً. متى استطاع السوريون ان يختاروا رئيسهم بحرية أصلاً بوجود أجهزة أمن تزوّر حتى درجات الحرارة؟
لم أر منافقين أكثر من الأمريكان أبداً، فعندما زار الرئيس التركي أمريكا قبل أيام، راحوا يهاجمونه هناك بشدة بحجة اعتقال صحافي تركي. بالنسبة للإدارة الأمريكية: أردوغان ديكتاتور، لأن حكومته حققت مع صحافي، أما بشار الأسد الذي قتل أكثر من مليون سوري، واعتقل أكثر من نصف مليون، ودمر ثلاثة أرباع سوريا، وقام بتشريد نصف السوريين، فأمره، بالنسبة لجوقة الكذب والنفاق في واشنطن، متروك للشعب السوري كي يقرره ديمقراطياً. يا للهول! يعني أردوغان الذي انتقل بتركيا إلى العالم المتقدم ديمقراطياً واقتصادياً ديكتاتور صغير كما وصفه أوباما، ويجب تقليم أظافره. أما بشار الأسد الذي انتقل بسوريا إلى العصر الحجري فأمره متروك للسوريين حسب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية. لاحظوا كيف يشيطن الإعلام الغربي «الديموخراطي» أردوغان، ويمجد نيرون العصر وهولاكو الشام بشار الأسد.
«إذا رضيت عنك أمريكا، فاتهم نفسك». مقولة تنطبق حرفياً على النظام السوري. كن طاغية كبشار الأسد يرضى عنك الأمريكان. كن زعيماً وطنياً كأردوغان يتآمر عليك الأمريكان.

٭ كاتب وإعلامي سوري
[email protected]

د. فيصل القاسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مليك الجزائري:

    عاشت سوريا الأسد و الله يحفظ بشار الأسد

  2. يقول محمد قطيفان / شرق المتوسط:

    – أردوغان عندما يُزاح عن الحكم ، سيعود ، على أكتاف ملايين الأتراك التي انتخبته رئيساً
    – النهضة الإسلامية ستبدأ من البلد المدمر – سوريا .. غريب جداً
    – ومصر ، “إن ما خربت ما رح تصلح” ، نعم لمرسي
    – ومن أحدث خرقاً في سفينة غيره ، ستغرق يوماً قريباً سفينته – دول الخليج (العربي) ،
    – فلسطين ، البوصلة تستعيد الاتجاه الصحيح ، نعم للقسام
    – النبي الذي كان محاصراً ، ويبشر أتباعه بسواري كسرى الفرس ، وقصور قيصر الروم ، اليوم .. أتباعه يريدون حكم العالم
    – وإذا كانت الكلمة اليوم للرصاصة ، فلتنطلق

  3. يقول طاهر الفلسطيني المانيا:

    المسؤول الاول والاخر بما يحصل في كل العالم وخصوصاً الإسلامي الحقيقي منه الذي يرعبهم حتى سماع كلمتين منه الا وهي (الله أكبر). هي الاخطبوط الماسوني الصهيوني العالمي الذي يعمل ليلاً نهاراً بنظام مُعَقد لكي يتسنى له حكم كل العالم الذي يُدعى(النظام العالمي الجديد) الذي هو مكتوب على ورقة عِملة ال واحد دولار الامريكي، ومن ثم تحقيق حُلم الصهيونية العالمية بإسرائيل الكبرى من نهر النيل الى نهر الفرات وبناء هيكلهم المشؤوم في مدينة القدس التي يراد لها ان تكون عاصمة العالم كله، وما يتوجب عليه من عمل شاق لتحقيقه من حروب وإرهاب وترويع وهدم ليس البيوت فقط بل هدم كل الحضارات العريقة وتهجير شعوب كاملة من محيط ارض الميعاد وتعويضهم بمستوطنين صهيونيين جُدد من كل بقاع الأرض، لهذا السبب تجدهم يتركون هذه الوظائف القذرة لغيرهم من العملاء ، ولو القينا بنظرة خاطفة الى كل دول العالم لوجدنا ان٩٩٪ من حكومات دول العالم تَسّبح في محيطهم سواء عليهم ديموقراطين كانوا او ديكتاتوريين غربيين او شرقيين، المهم عدم المساس بمصالح ومخططات الماسونية الصهيونية الشيطانية وأهدافها .

  4. يقول خ. ب الجزائر:

    الساعون لاستمرار الحرب التي يريد لها مخططوها (لا أقصد الأدوات) تدمير سوريا بالتركيز على شخص الرئيس بشار الأسد كمعرقل للحل لـتأكدهم من احتضان الجزء الأكبر من السوريين لرئيسهم مما يجعل استمرار التدمير الممنهج لسوريا مبررا باعتبار المبتغى النهائي ليس شخص الرئيس بل سوريا (المثال الليبي الذي تم خلاله التركيز على شخص القذافي أحسن مثال).

  5. يقول Moussalim Ali:

    .
    – السيد مليك – الجزائر .
    .
    – يا أخي العزيز ، صراحة ، هل تعتقد فعلا ، أن الله ، سبحانه وتعالى ، سيحفظ من ذبح نصف مليون سوري وسورية ؟ .
    .
    – هل مبادء الدين الإسلامي – وكل الأديان السموية – ، والدين الإسلامي ، أي كلام الله ، هل تلك المبادء تناشد حفاظ المجرمين ؟ .
    .
    – ” الرجل ” دمر مساجد ( 2000 مكان العبادة بسويا ) ، ومدارس ومستشفيات ، وحقول . قصف بالكيماوي والبراميل والفراغية والععنقودية والباليستية ، والهوانية ،
    وبالسكاكين وبالتضليل الإعلامي ، وكل شيء .

  6. يقول محمد منصور....فلسطين:

    امريكا والغرب لا تريد انظمة ندية تريدهم أن يكونوا أدوات بيدها تحركهم كما تريد خدمة لأهدافها ولربيبتهم اسرائيل،يبدوا أن هذه الشروط أصبحت لا تنطبق على أردوغان الذي يعمل على خدمة بلده وينقلها لمصاف الدول المتقدمة ولذلك تصبح عملية اعتقال صحفي قضية كونية يجب على العالم الحر التدخل لرفع الظلم ويذكر أن هذه سياسة مدروسة لمناكفة النظام الذي لا يسير على هواهم.

  7. يقول طاهر الفلسطيني المانيا:

    الى مليك الجزائري.
    كم كان بودي ان اراك تعيش في سوريا، حتى تعشق اكثر فاكثر بشار الضبع الذي
    لا يبُشر اسمه باي خير، وترى القتل والذبح والارهاب والترويع والتهجير لشعب كامل على يد بشار وزمرته. الله يهديك!.

  8. يقول فؤاد مهاني المغرب:

    أمريكا تدعم الذي ينفذ كل مصالحها وعندما لم يعد صالحا ويصبح عبئا عليها ترميه كالمنديل كما وقع مع دكتاتور الشيلي بينوشيه ومع المرحوم صدام حسين الذي كانت تدعمه كل القوى الغربية من فرنسا وأمريكا في حربه ضد إيران فلما انتهت بردع إيران وتجرعها للسم وخروج العراق قوي الشكيمة بدئوا في التربص به للقضاء عليه فكان فخ احتلال العراق للكويت فوجدتها أمريكا فرصة سانحة لا تعوض فقضوا على هذا البلد وأعادوه إلى العصر الحجري بتواطؤ مع إيران العدو اللدود لصدام حسين.والمؤسف أننا نحن العرب لا نجهل ذلك ونعرف أن أمريكا ودول الغرب لا تهمها إلا أغراضها الميكيافيلية وعوض أن نصلح حالنا ونتصالح مع شعوبنا نلتجيء لدعم الديكتاتورية ونكيد لبعضنا البعض كما يتجلى ذلك في دعم انقلاب مصر ووقوف النضام الجزائري حجرة عثرة ضد وحدة المغرب الترابية.فتغولت إيران التي أصبحت الحبيب العزيز للشيطان اللأكبر والأصغر التي وجدت الأبواب المشرعة أمامها بعد القضاء على حامي هذه الأبواب فبدأت بالتحرش بالمملكة العربية السعودية و تعيث فسادا في اليمن وسورية لتنجز مشروعها الجهنمي ونحن العرب بلا مشروع باستثناء الوقوف مع اليمن والباقي مجرد كلام غامض لم يتضح بعد موقف هذا الحلف العربي الإسلامي في سوريا والعراق التي يتم فيهما تطهير عرقي ومعرضان للتقسيم ينتضرون حتى يأتي الدور على السعودية والبلدان الأخرى وكأنهم لا زالوا يراهنون على تدخل أمريكا لصالحهم.

  9. يقول مراقب.المانيا:

    لا يجب أن نذكر السيد اردوغان بالحسنات. بل بالتعقيدات التي صنعها لبلادنا التي هي بالأساس ما فيها يكفيها. ليتركنا. بحالنا السلطان الجديد بألوانه المشهوره.ها هو يصالح إسرائيل. الآن. وتخلى عن قضية اللاجئين من أجل الدخول في الاتحاد الأوروبي

  10. يقول د. سعد/أمريكان:

    لما سقطت الخلافة العثمانية منذ حوالي ماية عام علي يد الصهيوني كمال اتاتورك
    كيف احتفلت أوروبا بسقوط الخلافة العثمانية؟
    ١. دقت أجراس كنائس أوربا ثلاثة ايام متواصلة
    ٢. كتاب أوربا رحبوا جدا بالحدث وكتب احدهم
    كتابا عنوان: ” الان سقط الله عن عرشه في تركيا.”
    تركيا كانت الدولة الأولي في العالم في ثلاث قارات
    وكان كل العالم يهابها . كان السلطان العثماني يخاطب روساء الغرب بقوله : “من سلطان السلاطين” وكانت أوربا تلقب الدولة العثماني ب “the terror of Europe” عندما وصلت قوات الثمانيين الي أسوار النمسا وفرضت الجزية علي المجر. الغرب لاينس هذه القوة الاسلامية العظيمة
    وعمل بجد ونشاط منذ الحرب العالمية الأولي علي تقطيع أوصال الدولة العثمانية وقسمهاكمثل صينية
    البقلاوة وعددها الان يقارب ال ٦٠ دولة وحوالي ٢ مليا مسلم ولكنهم كغثاء السيل ولا يزال الغرب يعمل جاهدا علي تقسيم المقسم كما يحصل الان في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها. واحتل اليهود
    المقدسات.
    من الذي يقف امامهم؟
    لا احد ونحن علي هذه الحالة
    كل مشكلة لها حل!
    ماهو الحل؟
    الحل هو العمل للوحدة السياسية لهذه الأمة.
    لا ولن تستطيع امتنا الوقوف علي قدميها الا بالوحدة السياسية .
    امريكا تسود العالم بوحدتها السياسية
    وروسيا دولة عظمي بوحدتها الاساسية
    وهكذا الكثير من دول العالم . الا العرب والمسلمين.
    لا يصلح امر هذه إلاهة الا بما صلح به أولها.
    هذا هو الحل والكرة فلي ملعبنا.
    وشكرا للقس العربي وللدكتور فيصل علي مقالاته
    الرائعة.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية