إسطنبول – «القدس العربي»: على وقع قرار هيئة التحقيق البرلمانية بتبرئة أربعة وزراء سابقين من حزب العدالة والتنمية الحاكم من تهم «الفساد والرشوة» توعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو بـ»اجتثاث» ما يُسمى بـ»الكيان الموازي» مع انطلاق حمى الانتخابات البرلمانية مبكراً.
وقررت، الأربعاء، اللجنة البرلمانية المعنية بالتحقيق في تهم «الفساد والرشوة» مع 4 وزراء سابقين في حكومة رئيس الوزراء آنذاك رجب طيب أردوغان، تبرئتهم وعدم إحالتهم إلى محكمة الديوان الأعلى (التي يحاكم فيها كبار مسؤولي الدولة) وذلك بعد أشهر من الجدل بين نواب الحزب الحاكم والمعارضة.
وكان الوزراء الأربعة يواجهون تهماً تتعلق بتقاضي الرشوة، وتزوير أوراق رسمية، وسوء استخدام المنصب، وانتهاك قانون مكافحة التهريب، وذلك على أثر عملية السابع عشر كانون أول/ديسمبر 2013 التي استهدفت عددا كبيرا من الوزراء وأبنائهم ورجال أعمال مقربين من أردوغان.
وتتهم الحكومة التركية الداعية الإسلامي فتح الله غولن زعيم جماعة «خدمة» بالمسؤولية عن العملية التي هدفت بحسبها إلى اسقاط الحكومة من خلال النفوذ الواسع التي تتمتع فيه الجماعة داخل مفاصل وأروقة الدولة التركية وهو ما بات يطلق عليه «الكيان الموازي». وتواصل الحكومة عمليات أمنية واسعة من أجل اجتثاث أنصار غولن من الدولة، أسفرت بحسب وسائل إعلام مقربة من الجماعة عن نقل وفصل واعتقال أكثر من 50 ألفا من العاملين في القضاء والشرطة والاتصالات.
وعلى غير العادة، بدأت معركة الانتخابات البرلمانية التركية مبكراً، في ظل تصاعد حدة التجاذبات السياسية الداخلية والخارجية، واعتبارها انتخابات «حاسمة» لتحقيق رؤية الرئيس التركي لـ»الجمهورية الثانية». وبحسب اللجنة العليا للانتخابات في البلاد، فإن الانتخابات العامة المقبلة «البرلمانية» ستعقد في الرابع عشر من حزيران/يونيو المقبل، والتي من المتوقع أن تشهد منافسة قوية بين حزب العدالة والتنمية وأحزاب المعارضة وعلى رأسها أحزاب «الشعب الجمهوري» و»الحركة القومية».
وتحظى الانتخابات المقبلة بأهمية استثنائية للحزب الحاكم في البلاد منذ قرابة 12 عاماً، حيث من المقرر أن يسعى الحزب لإقرار دستور جديد للجمهورية يتضمن تحويل نظام الحكم إلى «رئاسي» وهو الأمر الذي بدأ فعلياً رجب طيب أردوغان بتطبيقه «مسبقاً» عبر العديد من الإجراءات أبرزها إعلانه نيته ترأس إحدى جلسات الحكومة منتصف الشهر الجاري.
الرئيس أردوغان قال في تصريحات صحافية، الخميس: «إننا عازمون على إنهاء كافة الفعاليات التي يقوم بها الكيان الموازي في جميع مؤسسات الدولة بما فيها جامعاتنا، وذلك من أجل مصلحة دولتنا وشعبنا، وما دمت حياً سأواصل مكافحة هذا الكيان».
من جهته، اعتبر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أن «العصابة الموازية لا يمكنها طمس قصة نجاح تركيا، مهما بلغت الدعايات والحملات التي تقوم بها في الخارج. وليقوموا بحملات توجيه الرأي العام وتشكيله، كيفما شاءوا، فلا قبل لتلك الحملات أن يكون لها تأثير في ضمير الإنسانية، حتى وإن كان لها تأثيراً لدى بعض الأوساط».
وقال داود أوغلو في خطاب أمام سفراء العالم المتواجدين في تركيا، الخميس: «الديمقراطية في تركيا ستتأصل بشكل أكبر من خلال الانتخابات النيابية التي ستشهدها البلاد في حزيران/يونيو المقبل» مضيفا: «إياكم أن تفقدو بصيرتكم ودرايتكم إزاء تأثير الحملات التي يقوم بها البعض في البلدان التي تتواجدون بها، وأعلموا جيدا أن الدولة التركية قوة صاعدة بما تملكه من ديمقراطية متأصلة واستيعاب ثقافي ونهج تكاملي».
وأوقفت فرق مكافحة التهريب والجريمة المنظمة، في ولاية قره بيوك، شمال تركيا، شرطيا على خلفية اتهامات بالتنصت غير المشروع، ليرتفع بذلك عدد الموقوفين جراء التحقيقات التي تجريها في هذا الإطار النيابة العامة في كل من ولايتي غازي عنتاب، وشانلي أورفة إلى 34 شخصا.
وكانت الفرق المذكورة قد أوقفت في وقت سابق 14 شخصا في ولاية شانلي أورفة، جنوب تركيا، بينهم مدراء أمن، وضباط وعناصر في الشرطة؛ على خلفية الاتهامات بالتنصت غير المشروع، في إطار التحقيقات التي تجريها النيابة العامة في الولاية.
وأوقفت الفرق ضابطي شرطة في ولاية أرضروم، شمال شرق تركيا، وشرطيَين آخرين بينهما ضابط في ولاية «أفيون قره حصار»، وسط غرب تركيا، فضلا عن توقيف 15 من رجال الشرطة، في 8 ولايات تركية.
كما أحالت النيابة العامة في ولاية شانلي أورفة التركية 11 شرطيًا إلى المحكمة مع طلب باعتقالهم، من أصل 14 تحقق معهم في إطار التحقيقات، التي تجريها حول عمليات «التنصت غير المشروع»ويواجه المعتقلون تهم «انتهاك سرية الاتصالات، وتخزين بيانات شخصية، وتزوير وثائق رسمية، إضافة إلى تلفيق جرائم، وإنشاء منظمة لغرض ارتكاب جرائم، وإدارتها والانتساب لها، وإساءة استخدام السيارات الرسمية».
إسماعيل جمال