لا غلوّ في القول إن معظم أركان «الدولة العميقة» في الولايات المتحدة يعارضون الرئيسَ الأمريكي دونالد ترامب في قضايا أساسية عدّة أهمها، الموقف من الرئيس بشار الأسد والموقف من الاتفاق النووي مع ايران.
«الدولة العميقة» مصطلح إعلامي يرمز إلى المؤسسات الأكثر فعالية وتأثيراً ونفوذاً داخل هيكلية الحكومة الاتحادية في واشنطن. لعل أبرزها وزارات الدفاع، الخارجية، العدل، مجلس الأمن القومي، هيئة الأركان المشتركة للجيوش الأمريكية، وكالة الاستخبارات المركزية C.I.A.، ومكتب التحقيق الفيدرالي.
ترامب كان قد أقال كلاًّ من مدير مكتب التحقيق الفيدرالي ومسؤول مجلس الأمن القومي خلال السنة الاولى من ولايته، ودشّن سنته الثانية بإقالة وزير الخارجية ريكس تيلرسون. وسائل الإعلام ترشح للإقالة هذه الايام كلاًّ من قائد القيادة المركزية المسؤولة عن الشرق الأوسط وغرب آسيا (بما في ذلك ايران) الجنرال جوزف فوتيل، ووزير الدفاع الجنرال جيمس ماتيس، ومسؤول مجلس الأمن القومي هربرت ماكماستر.
لافتاً كان ما قاله الجنرال فوتيل خلال جلسةٍ للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ منتصفَ الاسبوع الماضي: «لا اعتقد أن من المبالغة القول إن الاسد انتصر بمساعدة روسيا وايران». سأله السيناتور الجمهوري المحافظ ليندزي غراهم: «هل سياسة الولايات المتحدة حيال سوريا ما زالت تسعى إلى إطاحة الاسد؟» اجاب: «لا اعتقد ان هذه سياستنا الخاصة في هذه المرحلة بالذات، لأن تفكيرنا ما زال منصّباً على هزيمة تنظيم داعش». أكثر من ذلك، تبين أنه في معارضةٍ واضحة لتوجّهات ترامب في ملف إيران النووي، أعرب فوتيل عن تأييده للاتفاق النووي مع ايران. قال إن الاتفاق الذي هدد الرئيس الأمريكي بالانسحاب منه، اضطلع بدورٍ مهم في التعامل مع البرنامج النووي لطهران. اكّد «ان خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) تتصدى لأحد التهديدات الرئيسية التي نواجهها من قِبل ايران، فإذا ألغينا الخطة سوف يتعيّن علينا ان نجد طريقة اخرى للتعامل مع برنامجها للأسلحة النووية».
جدير بالذكر أن وزير الخارجية المُقال ريكس تيلرسون كان انضم إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس في الضغط على ترامب للتراجع غن تهديده بإلغاء الاتفاق النووي، ما لم يساعده الكونغرس في «إصلاحه» بمعاهدة اخرى.
فوتيل وقبله تيلرسون لم يذكرا شيئاً عمّا تعتزم واشنطن فعله، إذا لم يقم الاسد بتنفيذ ما تهدد به مندوبة ترامب لدى مجلس الامن نيكي هايلي تحت طائلة «اتخاذ إجراء تستعد واشنطن لتنفيذه منفردةً اذا اقتضى الامر». لعل الموقف الحقيقي تبرّع بكشفه سفيران امريكيان مخضرمان، في حديث لمناسبة الذكرى السابعة للحرب في سوريا وعليها أدليا به لصحيفة «النهار» البيروتية. فقد استبعد مبعوث الرئيس السابق باراك اوباما إلى سوريا ولبنان فريدريك هوف، كما سفير أمريكا السابق في سوريا روبرت فورد «أيّ تدخل عسكري امريكي جدّي في سياق استراتيجية سياسية طويلة الامد حيال سوريا».
ماذا عن وزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو؟
من المعلوم ان رئيس وكالة الاستخبارات المركزية السابق الذي رقّاه ترامب إلى مرتبة رئاسة الدبلوماسية الامريكية يدين بولاء شديد لرئيسه، كما يجاريه في مواقفه المعلنة، ولاسيما ما يتعلق منها بإيران. غير ان عقبات عدّة تواجه الوزير التابع والرئيس المتبوع، ليس أقلها موقف الدول الخمس الكبرى الاطراف في الاتفاق النووي – روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والمانيا – التي تعارض إلغاء الاتفاق، لكنها تسعى إلى استرضاء ترامب بالإستعاضة عن إلغائه بفرض عقوبات من الاتحاد الاوروبي على إيران، بسبب برنامجها للصواريخ البالستية، ودورها في الحرب السورية. في المقابل إيران ترفض البحث في أي تعديل في الاتفاق، أو أي مقايضة على هامشه من شأنها الحد من فعالية مشروع الصواريخ البالستية الذي قطعت مراحل واسعة في تنفيذه. ذلك كله يضيّق هامش المناورة والحركة أمام ترامب ووزير خارجيته الجديد لجهة تعديل الاتفاق أو إلغائه.
ماذا عن «تهديد» ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان بأن السعودية ستطّور قنبلة نووية إذا اقدمت منافستها إيران على خطوة كهذه؟
الاوساط السياسية في أمريكا واوروبا لم تأخذ تهديد بن سلمان على محمل الجدّ، ذلك ان السعودية لا تمتلك بنية تحتية علمية وفنية بحدٍّ ادنى تمكّنها من إنتاج سلاح نووي «في اسرع وقت ممكن» على حدّ قول ولي العهد السعودي. هذا ناهيك عن الموقف المتحفظ الذي سوف تقفه دول اوروبا واليابان والصين وكوريا الجنوبية في حال لجأت الرياض إلى كوريا الشمالية لتزويدها بما تحتاجه من علماء وفنيين وتجهيزات تكنولوجية لازمة للتصنيع النووي، بالإضافة إلى المعارضة العارمة للولايات المتحدة نظراً للعداء الشديد المستحكم بين الدولتين المتنازعتين.
الى ذلك، فإن اللجوء إلى كوريا الشمالية يشكّل تطوراً خطيراً لأنه يعني إتاحة الفرصة وتوفير المسوّغ لإيران لاعتماد خيارات بالغة الخطورة منها، احتمال قيام طهران بتصنيع اسلحة نووية. فماذا يجني ترامب، كما نتنياهو، اذا ما اتخذ قراراً متهوّراً بإلغاء الاتفاق النووي؟
لعل السؤال الأكثر الحاحاً اليوم هو: هل ما زال في مقدور اركان «الدولة العميقة» في واشنطن إقناع ترامب بعدم اتخاذ قراره المتهور قبل فوات الأوان ؟
كاتب لبناني
د. عصام نعمان
أي رئيس و اي انتصار؟؟ الانتصار ان تحقق هدفك او تمنع عدوك من تحقيق هدفه.. الا اذا كان هدف “الرئيس” بشار تدمير سوريا و تهجير نصف شعبها و قتل و جرح و اعتقال اكثر من مليون انسان.
واذا كان بشار قد انتصر فلماذا يدعي بوتين و حسن نصر الله و جنرالات ايران النصر و ينسبونه الى انفسهم؟؟؟
مشكور أخي محمد علي حسين كفيت ووفيت … بعد كل هذا يقولون إنتصر الرئيس … السؤال هنا ماذا لو خسر ..ماذا كان سيحل بسورية أكثر من ذلك ..!!!!!
حسبي الله ونعم الوكيل …
عن اي انتصار تتكلم. لا تسرع في التغني في النصر . يقول المثل الي بضحك متاخر يضحك احسن. للنازية من يصفق لها
ومن يهتم بالدولة والشعب السوري معارضة او نظام فالنصر هنا يعني انتصار النظام على المعارضة او العكس ولكن على حساب سوريا وشعبها فالمهم من الذي سيبقى في مكانه فكل منهما سيبقى وسياخذ جزء من سوريا ويبقى بها كصورة والحاكم الفعلي هم الداعمين لهم