إسطنبول ـ «القدس العربي»: مع اقتراب الانتخابات العامة المقررة في ألمانيا الشهر المقبل، تتصاعد أزمة كبيرة وغير مسبوقة بين برلين وأنقرة، وذلك عقب اتهام المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتدخل في الشؤون الداخلية الألمانية ومحاولة التأثير على نتيجة الانتخابات لا سيما عقب دعوة أردوغان للناخبين من أصل تركي لعدم التصويت إلى تحالف ميركل الانتخابي.
التوتر في العلاقات التركية ـ الألمانية قائم ومنذ فترة طويلة، لكنه تصاعد عقب محاولة الانقلاب في تركيا واتهام أنقرة لبرلين بالتعاطف مع «الانقلابيين»، وزاد الغضب التركي مع منح ألمانيا اللجوء السياسي لعشرات الجنرالات المتهمين بالمشاركة في محاولة الانقلاب، والكشف مؤخراً عن احتمال تواجد «عادل أكسوز» الرجل الثاني في تنظيم غولن في ألمانيا، واتهامات أخرى للمخابرات الألمانية بتهريب «أكسوز» من تركيا إلى ألمانيا عبر قاعدة الناتو في مدينة قونيا التركية.
كما تتهم تركيا ألمانيا بإيواء آلاف من أنصار تنظيم بي كا كا الإرهابي على أراضيها، وعلى الرغم من تقديم تركيا قرابة 4500 طلب من أجل تسليم مطلوبين متهمين بأعمال إرهابية والانتماء إلى بي كا كا، إلا أن ألمانيا لم تسلم إلا 3 منهم طوال السنوات الماضية، حسب إحصائية لوزارة العدل التركية، الأمر الذي دفع وسائل الإعلام التركية إلى شن حملة غير مسبوقة ضد ألمانيا تحت عنوان «ألمانيا حاضنة الإرهابيين».
وكان الاستفتاء الذي جرى في تركيا أبريل/نيسان الماضي حول التعديل الدستوري وتحويل نظام الحكم في البلاد من برلماني إلى رئاسي سبباً آخراً لإضافة مزيد من التصعيد على الأزمة بين البلدين، وذلك بعدما منحت السلطات الألمانية المسؤولين الأتراك من تنظيم حملات لدعم التصويت بـ«نعم» في الاستفتاء للجالية التركية في ألمانيا، واتهام أردوغان لبرلين بالعمل على دعم المعارضة والتدخل في شأن داخلي تركي في محاولة لإفشال التصويت بـ»نعم» بالاستفتاء الذي حمسه أردوغان بفارق طفيف.
وفي خطوة رأى فيها المراقبون محاولة من أردوغان للانتقام من الحكومة الألمانية، بدأ الرئيس التركي منذ أيام في مطالبة الجالية التركية في ألمانيا بعدم التصويت للأحزاب «المعادية لتركيا»، ولاحقاً دعا صراحةً لـ»معاقبة» تحالف ميركل الانتخابي وعدم التصويت له في الانتخابات المقررة في الرابع والعشرين من الشهر المقبل.
تصريحات أردوغان التي أثارت غضب برلين واعتبرتها ميركل «تدخلاً سافراً» في الشأن الداخلي الألماني فتحت الباب أمام تصريحات حادة وغير مسبوقة بين مسؤولي البلدين كان أشدها ما قاله وزير الخارجية الألماني سيغمار غابرييل بأن «تركيا لن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي ما دام يحكمها أردوغان»، وهو ما رد عليه نائب رئيس الوزراء التركي بكير بوزداغ بالقول: «السياسيون الألمان لا يمتلكون أدوات لشرح ما سيقومون به لشعبهم؛ لذلك يلجأون إلى الإساءة لتركيا وشعبها ورئيسها وحكومتها، معتقدين أنهم سيبنون مستقبل ألمانيا على هذه الإساءة».
وبينما رد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم على تصريحات الوزير الألماني بالقول «إنه يهذي، فليهتم بعمله، وشؤون بلاده، لا يمكن لأحد أن يهدد تركيا، ولا يحق لأحد التدخل في شؤونها الداخلية»، وشدد وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو على أنه «يتعين على ألمانيا أن تكون حذرة أكثر في مسألة كيفية مواصلة علاقاتها مع بلد مثل تركيا».
وفي ظل تصاعد هذه الأزمة، تكشف الأرقام عن أن تأثير الناخبين من أصول تركية في الانتخابات العامة في ألمانيا يبقى ضعيفاً إلى حد كبير، وذلك على الرغم من أنهم يشكلون أكبر تكتل ناخبين من أصول غير ألمانية، أن الأمر لا يتعدى محاولة من قبل أردوغان لإزعاج السياسيين الألمان رداً على ما اعتبره «تدخلهم في الاستفتاء الماضي في تركيا».
فعدد الألمان الذين يحق لهم الانتخاب حسب آخر إحصائية رسمية وصل إلى قرابة 61.5 مليون ناخب ألماني، عدد من هم من أصول تركية لا يتجاوز الـ 720 ألف ناخب من أصل قرابة 3.5 مليون تركي يعيشون في ألمانيا، وذلك حسب تقديرات غير رسمية.
وعلى الرغم من أن الناخبين من أصول تركية يعتبرون أكثر فعالية كونهم يشاركون بقوة في التصويت على عكس الناخبين من أصول ألمانيا الذين يتوجهون بنسب أقل إلى صناديق الاقتراع، إلا أن تأثيرهم يبقى محدوداً جداً في الانتخابات الرئاسية والعامة، ويظهر تأثيرهم بشكل أكبر بكثير في العديد من المحافظات بالانتخابات المحلية كونهم يتركزون في عدد من المناطق تمكنهم من تشكيل أغلبية فيها.
وحسب استطلاع أجراه معهد «أمنيد» لقياس الرأي (خاص)، لصالح صحيفة «بيلد» الألمانية، ونشر امس، فإن الاتحاد المسيحي (يمين وسط) تراجع نقطة واحدة لأول مرة منذ شهرين، مسجلا 38٪ من نوايا التصويت، قبل شهر من الانتخابات التشريعية. ومنذ أواخر يونيو/حزيران الماضي، لم يتراجع الاتحاد المسيحي عن 39٪ من نوايا التصويت، إلا في استطلاع الأحد.
وتنتظر ألمانيا في 24 الشهر المقبل انتخابات تشريعية تمني ميركل (صعدت للسلطة في 2005) النفس بأن تبقيها لولاية رابعة على رأس الحكومة، فيما يريد «الاشتراكيون الديمقراطيون»، بزعامة مارتن شولتز، إنهاء سيطرة الاتحاد المسيحي على الحكومة. وتقود ميركل حاليا ائتلافا حكوميا مكونا من الاتحاد المسيحي والاشتراكيين الديمقراطيين.
إسماعيل جمال
السلطان إردوغان. يطالب (رعيته) . خارج أسوار السلطنة بأمور. ليست جميلة. . هذا يعيد فتح ملف المواطنين الالمان ذو الأصول التركية ومدى ولائهم لألمانيا. المستشار الراحل هلموت كول صرح مرة للزعيمة الراحلة مارغريت تاتشر ( خسارة المانيا الثانية في القرن. كانت تجنيس الأتراك.)