أسرار «البهجة» الأردنية باستعادة العلاقات مع أبو ظبي: عودة لخطاب «الوصاية الهاشمية» وتخفيف السرعة في «التطبيع» بين تل أبيب والأمير محمد بن سلمان

عمان – «القدس العربي»: يمكن تلمس قراءة جديدة للحدث أكثر عمقًا عند محاولة فهم التطور اللافت جدًا الذي حصل في محور العلاقات بين أبو ظبي وعمّان الأسبوع الماضي، خصوصًا أن العاصمة الأردنية بدت محتفية الى حد كبير باللقاء الحيوي الذي جرى مع الشيخ محمد بن زايد وتم فيه تجاوز تحفظات، وفي بعض الأحيان توترات في العلاقة بين البلدين الصديقين فرضت بصماتها على العام الماضي تحديداً.
حجم الاحتفاء الأردني الذي عبر عنه الملك عبد الله الثاني شخصيًا يعكس الجرعة التي حقنت فيها تفاهمات وترتيبات مع أبو ظبي من نافلة القول الإشارة الى أنها قد تعكس لاحقًا اختراقات محتملة في المحور الأهم وهو علاقة الأردن المتوترة مع أولويات وبرنامج واهتمامات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
نقطة الجذب الأساسية للأردن هنا والتي استوجبت المبالغة في الاحتفاء ودفعت باتجاه قدر من الاسترخاء قد تتعلق حصرياً بملف القدس حيث لغة صريحة أول مرة منذ وعد ترامب في بيان ثنائي مشترك تقر فيه أبو ظبي بالوصاية الأردنية الهاشمية على المسجد الأقصى والقدس.
وكانت ارتفعت لأسباب متعددة من بينها سعودية وإماراتية مؤخراً حساسية الأردن تجاه دور سلبي للأصدقاء والأشقاء في ملف وصاية القدس وهي حساسية أدت قبل أسابيع لوجود أردني مؤقت يخالف الأجندة الإماراتية والسعودية في حضن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي ناكف بدوره المحور السعودي عندما أطلق على العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني لقب حامي المقدسات.
مجسات عمّان التقطت بصورة مبكرة أبعاد ودلالات تأكيد الإمارات للوصاية الأردنية على القدس. ذلك أمر في غاية الأهمية، هذا ما قاله مسؤول سياسي بارز في عمّان حاول قراءة أسباب الاسترخاء الأردني بعد الوقوف على محطة أبو ظبي مع «القدس العربي».
الأردن عمليا اليوم لديه موقف متقدم من دولة الإمارات يعيد الأمور الى نصابها في مسألة الوصاية الهاشمية على القدس وبصورة تخفف حسب الفهم السياسي الأردني من أي مواجهات محتملة لاحقاً مع برنامج الأمير محمد بن سلمان الذي يزعم الاهتمام المفاجئ بشعار دعم صمود أهلنا في القدس.
يتوقع الأردنيون هنا تماماً بأن أبو ظبي لم تكن تذهب معهم في هذا الاتجاه ثم تستقطبهم عبر الحديث عن استثمارات محتملة قريبا وتعاون استراتيجي عسكري وأمني لو لم يكن هذا الملف متفق عليه بين الشيخ محمد بن زايد والأمير بن سلمان ،الأمر الذي يبرر عمليا حماس عمّان.
في الحفر الأعمق لكن في السياق يمكن الاستماع الى تلك النغمات الأمريكية التي بدأت مع استقبال مارك بنس نائب الرئيس الأمريكي في عمّان بعنوان مباشر رداً على استفسار مباشر قال فيه المسؤول الأمريكي إن إدارة بلاده وفي حال تعاون الأردن مع خطتها للسلام ستعزز المساعدات الاقتصادية والعسكرية والمالية وستلتزم بغطاء سياسي بحماية الاقتصاد الأردني. ذلك الغطاء برأي خبير موثوق تحدث لـ»القدس العربي» هو الذي دفع الماكينة الأردنية للمناورة في قمة دافوس ومع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أيضاً لاستكشاف حجم الغطاء الأمريكي في السياق بعد سلسلة الاصلاحات القاسية التي قررتها حكومة الأردن. والجديد تماماً وحسب الخبير نفسه هو تلك الإشارات التي برزت مؤخراً في الرياض وواشنطن وحتى في تل أبيب وبصورة متوازية تحت عنوان صعوبة الانتقال وبسرعة الى علاقات قوية وتطبيعية سريعة بين السعودية وإسرائيل.
خلف الستارة يلتقط الإعلام الأمريكي العميق هذا التحول الاستراتيجي عند الحديث عن الكلفة الباهضة لقفزة متسارعة في العلاقات بين إسرائيل والسعودية وعند الطرفين. هنا يقول الإسرائيليون خلف الكواليس بأنهم لا يستطيعون منح العهد الجديد في السعودية الموافقة على وثيقة مبادرة السلام العربية التي تحمل توقيع وبصمة الملك عبد الله بن عبد العزيز لسبب بسيط وهو أن الصفقة التي يعرضها ترامب أشمل وأهم وفيها تنازلات أقل. في المقابل يزيد منسوب التحذير الإماراتي وبعض الأطراف السعودية من انعكاس مزاحمة الأردن والفلسطينيين في رعاية القدس تحديداً وأوقافها تحت مظلة الدول الإسلامية وفي ظرف حساس مليء بالصراعات مع إيران وفي اليمن.
الرأي الجديد الذي تطرحه أبو ظبي وواشنطن وبدأ يُصغي إليه مقربون من الأمير بن سلمان يتوقع تأثيرات مضادة لمصالح السعودية من قبل دول إسلامية أخرى مثل إيران وتركيا في حال الإصرار السعودي على اللعب بملف القدس ودون عملية سلام حقيقية.
الانعكاس المتوقع هنا ردة فعل إسلامية الطابع تتحدث عن تدويل الأماكن المقدسة في الحرم المكي وتنشيط وتفعيل الخلافات حول تأشيرات الحج والعمرة وهو ما برز في مؤتمر طهران للقدس الأخير وتصدى له رئيس اللجنة القانونية في البرلمان الأردني حسين القيسي. تتحدث الأوساط العليمة عن استدراك محتمل هذه الأيام في المربع الخاص بتسريع وتيرة التطبيع بين السعودية وإسرائيل اللتين تُظهران معًا ميلًا لعدم تحمل كلفة هذا التسريع ليس لأن تل أبيب لا تستطيع تبني المبادرة العربية فقط. ولكن لأن الرياض لا يمكنهما التقدم بعلاقات مع تل أبيب من دون المبادرة العربية ولا تريد تمكين خصومها في تركيا وإيران من العبث في ملف مظلتها الإسلامية في مكة.
بالوقت نفسه يثير اي توافق إسرائيلي أمريكي سعودي ثلاثي على موضوع القدس حساسية بالغة عند الجار الأردني وهو لاعب ليس من السهل الاستهانة به ودفعه الى أحضان الإيرانيين والأتراك بعد مزاحمته في الورقة الإقليمية الأساسية وهي الوصاية الهاشمية. هذا الاستدراك مع مستجداته شكل مساهمة فعالة في تبرير وتفسير الاستدارة الإماراتية المباغتة تجاه مخاطبة مصالح الأردن تحديدا ودفع عمّان وبسرعة الى التفاعل الحماسي والبهيج والإعلان بأن الشيخ محمد بن زايد «قائد عربي كبير خدم شعبه وبلاده وهو أخ للملك عبد الله الثاني ولكل الأردنيين».

أسرار «البهجة» الأردنية باستعادة العلاقات مع أبو ظبي: عودة لخطاب «الوصاية الهاشمية» وتخفيف السرعة في «التطبيع» بين تل أبيب والأمير محمد بن سلمان
إبلاغات أمريكية: تل أبيب لا تريد تبني «المبادرة العربية» والرياض تخشى تركيز تركيا وإيران على «تأشيرات الحج»
بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد:

    اعجبتني “تخفيف السرعة”” نحو التطبيع هههههههه

  2. يقول سامح //الأردن:

    *يجب تفعيل ملف (القدس) ليشمل
    العرب والمسلمين في كل مكان.
    القدس للجميع وعلى الجميع الدفاع
    عنها بدون منة أو شكوى والله المستعان.
    سلام

  3. يقول سفير سابق:

    تنجح دبلوماسية جلالة الملك في إعادة دور الأردن المركزي في ملف القدس وهو ليس بالغريب…بينما لا تحرز السفارة الأردنية في تل أبيب أي تقدم وتبقى مجرد كيان رمزي لا تتمكن من تحقيق أي مصلحة أردنية أو الدفاع عن وجهة نظر الأردن في ملفات حلها القصر حصريا مثل حادثة السفارة الاسرائيلية…ومقتل القاضي الاردني…ولعل السبب يعود إلى تعيين سفير دون المستوى المطلوب وكادر دبلوماسي مبتدئ وتقليدي يقتصر دوره على ترجمة الصحق العبرية وارسالها إلى مركز الوزارة بكتب تغطية من طراز ارفق طيا…لا بد من أن يتحلى معالي وزير الخارجية الإصلاحي والشاب بفراسة ومعرفة بالشباب من الدبلوماسيين المتقدمين في الرتب من مستشارين ووزراء مفوضين وان يمكنهم من تولي مناصب قيادية وتولي رئاسة بعثات دبلوماسية حسب معايير الكفاءة والجدارة ليرقى أدائهم إلى مستوى أداء وإنجاز القصر. والله ولي التوفيق

    1. يقول أحمد - لندن:

      سعادة السفير، اسمح اَي ان لا اتفق معك في تقيمك. المشكلة ليست نجاح او فشل أشخاص و كفاءات و كوادر، الموضوع بكل بساطة تمركز السلطات و القرارات كلها في يد الملك، يعني لو كنت مكان السفير الأردني في اسرائيل لما استطعت فعل شئ مختلف، و ان استطعت سوف يقال ان جلالة الملك حقق هذا الانحاز و ايس انت.

  4. يقول الكروي داود:

    لا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول الحرحشي _المفرق:

    @ على السفير السابق نعم انجازات الدبلوماسية الاردنية من انجازات حكوماتنا المتعاقبة نراه ماثل امام عدونا. فقر وبطالة وغلاء والمنجزات التي التي كانت حكومات الفشل تتغنى بها بيعت بحال الفجل بحجة الخصصة وتم توزيعا على من داقين في البقرة محاصصة وطلع الشعب الاردني بكفي حنيين اذا كان هناك انجاز يمكن قيامة من موشرات الفشل والفساد والدين الخارجي والداخلي الذي ينهك البلاد والعباد. كفانا مداهنة وضحك على الليحى ومسح جوخ واستهبال الناس لنرى الواقع الاليم الذي نحن فيه من خلال غياب الديمقراطية والشفافية ومكافحة افت الفساد مهما كان مقترفة كفى البلاد استباحة.

  6. يقول د حمود الفاخري/واشنطن:

    الاردن على حافة الهاوية ال سعود والصهيانة سوف يجعلوا الوطن البديل قبل نهاية عام ٢٠١٧

  7. يقول سفير متقاعد:

    الاختلاف لا يفسد للود قضية…الشمس ما بتتغطى بغربال…وشمسنا في الاردن هو الملك…الذي حافظ على دولة محدودة الموارد وسط بركان من الحروب…والامر لا يتعلق بتملق كوني لا اذكر اسمي فاين التملق؟ لا اردن دون الملك…واجبنا كمواطنين الوقوف الى جانبه والانحياز للوطن دون جلد الذات…مع كل الاحترام والتقدير

إشترك في قائمتنا البريدية