الناصرة -«القدس العربي»: لم يهبط غبار المعركة على البرلمان في إسرائيل بعد بشكل كاف ومع ذلك يمكن الإشارة لبعض العوامل الأساسية خلف فوز بنيامين نتنياهو للمرة الرابعة وخسارة يتسحاق هرتسوغ بخلاف التوقعات والاستطلاعات. ويبدو أن الاستطلاعات لم تكذب لكن الحملات الانتخابية عززّت احتمالات تقدم نتنياهو ضمن موازين القوى في الأيام والساعات الأخيرة ورجحت كفة الحزب الحاكم الليكود الفائز بثلاثين مقعدا. ويتفق عدد كبير من المراقبين على أن رئيس الليكود بنيامين نتنياهو نجح في تحويل فلسطينيي الداخل فزاعة لترهيب جماهير اليمين ودفعهم يوم الانتخابات للصناديق من خلال تحريك غرائزهم ومشاعرهم القومية بقوله إن «العرب يهبّون ويتدافعون بجماهيرهم نحو الصناديق فهبوا لنجدة حكم اليمين». وسبق قبل ذلك أن ركّز حملته على الترهيب من قنبلة إيران ومن الحركات الإسلامية الجهادية مفاضلا بين حماس وحزب الله وبين تنظيم الدولة.
شخصنة الجدل
في هذه الجولة الانتخابية ركّز المعسكر الصهيوني على الناحية الاقتصادية- الاجتماعية والقضايا الداخلية وشارك هو الآخر في تغييب القضية الفلسطينية ومستقبل الصراع، فيما انشغل الإعلام بشخصيات المرشحين وهذا أضر بإحتمالات اليسار- الوسط لأن ذلك جاء على حساب القضايا الملحة التي كان يمكن استغلالها ذخائر ضد الليكود، علاوة على أن هرتسوغ لاعب خاسر في هذه الحالة، فهو شخصية مترددة تفتقر للكاريزما بينما الإسرائيليون ما زالوا يبحثون عن جنرالات وعساكر لقيادة الدولة. ولم يركّز المعسكر الصهيوني على تبعات عدم تسوية الصراع مع الفلسطينيين وتحول إسرائيل لدولة ثنائية القومية أو لدولة فصل عنصري (أبرتهايد) بينما نجح نتنياهو ضمن إستراتيجية الترهيب في التلويح بالفزاعات الخارجية مثل قنبلة إيران و»الطابور الخامس». نتنياهو زرع الرعب والكراهية وما لبث أن حصد الأصوات والفوز رغم تجند وسائل إعلام كثيرة وعشرات الجنرالات المتقاعدين ضده.
ويعترف رئيس الكنيست يولي إدلشطاين بأن نتنياهو اعتمد إستراتيجية التخويف لكنه أشار لإستعانة «المعسكر الصهيوني» بجهات غربية لإسقاط الليكود من سدة الحكم.
أحلام وكوابيس
لكن وفي الأساس تدلل النتائج على إنحسار قوة اليسار في إسرائيل وعلى تنامي التوجهات اليمينية وهذا ما دفعه للتأكيد قبيل يوم الحسم أنه لن يقدم «تنازلات» ولن تكون هناك دولة فلسطينية في حال تم انتخابه، زاعما أن الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة قد تغيرت منذ تأييده فكرة الدولتين في خطابه في بار إيلان عام 2009.
وقالت تسيبي ليفني إن نتنياهو ذاهب لتشكيل حكومة أحلامه معتبرة إياها حكومة الكوابيس بالنسبة لإسرائيل في إشارة لنتائج سلبية عليها في العالم مشيرة أن المعسكر الصهيوني سيواصل طرح البديل. لكن ليفني تعترف أن مثل هذه التصريحات استفزازية وألحقت ضررا انتخابيا فادحا بالمعسكر الصهيوني خاصة في مدن الضواحي واليهود الشرقيين.
في الواقع تعكس النتائج وجه إسرائيل الحقيقي فهي منذ سنوات تشدد على هويتها الدينية وتغمرها توجهات قومية متشددة وتضييق خناق على الفلسطينيين في طرفي الخط الأخضر.
وهناك عدة أسباب خلف تزايد عنصرية وتطرف إسرائيل منها فوز الليكود بالحكم منذ 1977 ، تغييره مناهج التعليم، وهجرة مليون روسي يبدون مواقف متشددة لإثبات ولائهم للدولة علاوة على زيادة عدد اليهود المتدينين الأورثوذكس وساهمت كل هذه العوامل في فوز الممثل السياسي البارع «الساحر» الذي يجيد محاكاة الكاميرا نتنياهو مجددا.
إحباط ممزوج بالإستعلائية
ويستدل من مراجعة مضامين الشبكة أن مقابل تغريدات وبوستات احتفالية من قبل مؤيدي الليكود واليمين شملت ردود فعل أوساط الوسط- اليسار على الخسارة موجات من الإحباط والخيبة الممزوجة بالإستعلائية. تجلى ذلك في مئات البوستات حول الرغبة في مغادرة البلاد وهذا ما قاله بعض الصحافيين الإسرائيليين بعد الكشف عن النتائج لافتين إلى رغبتهم في الهجرة إلى برلين معبّرين بذلك عن خيبة أملهم. وعبر ناشط سياسي إسرائيلي يدعى رؤوفين لايفوفيتش عن خيبة اليسار المنحسر في إسرائيل بنشره إعلانا ساخرا عنوانه «دولة للبيع» وجاء فيه: دولة في حالة جيدة للبيع، موديل 1948 ، اجتازت ترميم للمحرك، في 1967 وتعرضت لحادثة في 1973، مقودها فاسد وينحرف لليمين بشكل مفرط. السعر متهاود وللمزيد من التفاصيل يرجى الإتصال بحكومة إسرائيل.
كالمرأة المضروبة
وفاضل بعض المعقبين بين انتخاب الإسرائيليين لنتنياهو مجددا بالمرأة المضروبة التي تعود لأحضان زوجها بعد ضربها من جديد. يضاف لهذه النصوص السوداوية صور جوازات سفر أجنبية وإشارة لدول أجنبية كهدف للهجرة. وذهبت الكاتبة والممثلة الإسرائيلية ألونا كمحي التي كتبت في الفيسبوك وبالعبرية ما معناه: «كيفما تكونوا يولى عليكم .. فليعش الغباء فليعش الشرّ… لقد انتصرتم أيها اليمينيون إشربوا السمّ فهو الوحيد القادر عن إنقاذكم من أنفسكم».
وهذا ما يدفع الكاتب الصحافي من أصل يمني بن درور يميني، للإشارة لدور الهجمة على الهوية اليهودية من قبل بعض أوساط علمانية يسارية. منوها إلى أجواء الفرح بقرب إسقاط حكم اليمين وإرسال نتنياهو للبيت معتبرا ذلك هجمة مفرطة حاولت شيطنته عادت كيدا مرتدا على «المعسكر الصهيوني». ويشير لخطورة الاستخفاف بسياسات الهوية مؤكدا أنها أبعد تأثيرا على قرار الناخبين من قضايا غلاء المعيشة والسكن. ويتابع «في الأيام الأخيرة عشية الانتخابات تحول نتنياهو لمناحم بيغن ثان. بيغن البولندي الأصل لم يقدم الكثير لليهود الشرقيين، لكن هؤلاء مع المستوطنين والمتدينين كرهوا احتقار واستخفاف وعداء حزب العمل لهم منذ 1948. بيغن منح هؤلاء محبة واعتزازا بالنفس وعندها رفعوه على الأكتاف وصار رئيسا للحكومة مرتين». وعلى خلفية ذلك يشير للضرر الفادح اللاحق بالمعسكر الصهيوني جراء تصريحات وردت على لسان أحد الكتاب الغربيين في مظاهرة شهدتها تل أبيب لإسقاط نتنياهو قبيل الانتخابات انتقد فيها سيطرة الغيبيين وزوار الأضرحة وقبور الأولياء على الدولة ما أثار حفيظة الشرقيين الذين احتجوا بالمزيد من الأصوات لنتنياهو رغم أنه علماني. ويأخذ يميني على اليسار تحويله قضايا موضوعية للنقاش لخلافات شخصية وهوياتية. وهذا ما يعترف به الوزير من أصول شرقية شالوم سمحون الذي قال للإذاعة العامة إن عنجهية اليسار وإستعلائيته خدمت الليكود لدى اليهود الشرقيين.
الأثرياء والضعفاء
ويستدل من تحليل لنتائج الانتخابات أن المعسكر الصهيوني فاز بغالبية الأصوات في 28 بلدة من أصل 33 بلدة راسخة اقتصاديا، بينما فاز الليكود بغالبية أصواتهم في البلدات اليهودية المنتمية للشرائح الاجتماعية الضعيفة والمتوسطة. وفي 64 بلدة من بين 77 بلدة تنتمي إلى هذه الشرائح، فاز الليكود بغالبية الأصوات. كما حظي الليكود بغالبية الأصوات في كل بلدات التطوير السابقة والحالية مثل بئر السبع وبيسان وكريات شمونة ومجدال عهيمق واللد والرملة وعسقلان وسدود وغيرها حيث فاز هناك بمعدل 35٪ من الأصوات، وتقدم بنسبة كبيرة عن بقية الأحزاب. وتوافقه الرأي المعلقة أرئيلا هوفمان وتحذر من استمرار اللهجة الاستعلائية لدى اليسار الصهيوني وتقدم مثالا على ذلك باقتباس أحد مرشحيه مفاده «فشل المعسكر الصهيوني في إقناع أوساط إسرائيلية واسعة بمواجهة الواقع وعدم الانجرار كالقطيع الأعمى خلف راع بلا مسؤولية مباشرة للهاوية».
وتشير إلى أن الليكود لم يفز فقط بأصوات اليهود الشرقيين والفقراء وتنوه لدعم أوساط من اليهود الغربيين ممن يرون «حرب الحضارات» تدور من حولهم وبسببها باتت تسوية الصراع مع الفلسطينيين غير ذات صلة داعية كل من يرغب ببلوغ هؤلاء الإسرائيليين وإقناعهم لتغيير المصطلحات وبالتواضع.
الحرب في الصيف
وانتخابات الربيع
ويورد المؤرخ التقدمي عضو حركة «ترابط» المعادية للصهيونية د. غادي الغازي ما يغيب عن أحاديث الانتخابات ويشير للعلاقة بين الحرب على غزة في الصيف وبين انتخابات الربيع للكنيست. ويوضح أن الجولة الانتخابية بدأت في الواقع في حزيران/يونيو 2014 بالمعركة على وعي الرازحين تحت الاحتلال والمحتلين أيضا، مشيرا لقمع مظاهرات احتجاج الأسرى الفلسطينيين داخل السجون وللعملية العسكرية الواسعة في الضفة الغربية والتي توجت بالعدوان على غزة. ويؤكد الغازي المحاضر في جامعة تل أبيب أن نتائج الانتخابات حسمت لحد بعيد من خلال حملة الموت والتدمير التي قادتها حكومة نتنياهو منذ ربيع 2014 وبلغت أوجها في الحرب على غزة. ويذكّر أنه سبق وقال وقتذاك أن الحرب على غزة تهدف لوأد المقاومة الفلسطينية في مهدها وزرع الموت والخراب على الجانب الفلسطيني مرة تلو المرة لأن النظام في إسرائيل لا يوفّر حلا لمعاناة الفلسطينيين بشكل عام وغزة بشكل خاص أكبر مخيم لاجئين في العالم.
كي وعي الفلسطينيين
ووعي الإسرائيليين
وفي رأي الغازي فإن الهدف الثاني للحرب الاستعمارية على غزة كان «تربويا» من أجل كيّ وعي الفلسطينيين مجددا كي لا ينسوا التفوق العسكري للإسرائيليين، ومن ناحية أخرى تعويد المواطنين اليهود في إسرائيل على حرب دائمة وتعزيز معادلة «نحن أو هم» في ذهنيتهم خاصة المستضعفين والمميز ضدهم في إسرائيل بغية تعميق سيطرة هذا النظام عليهم.
ويوضح أن شعار «إما نحن أو هم» هو قلب الحملة الدعائية لليكود في الانتخابات للكنيست والتي قامت على التخويف وعلى رسائل موجهة للوعي الاجتماعي على شكل قذائف وصافرات إنذار ورعب وخراب.
ويستذكر الغازي ما جاء عام 2002 في كتاب وزير الأمن موشيه يعلون «طريق طويلة طريق قصيرة « حول ضرورة كيّ وعي الفلسطينيين كهدف مركزي للحروب الإسرائيلية. ويضيف «كان كيّ وعي الإسرائيليين وما يزال هدف الحكام: وعي إستعلائي ممزوج بالخوف وهذان مركبان هامان جدا للعنصرية».
القائمة المشتركة
في ظل هذا الواقع المعقد ستسعى القائمة المشتركة للتأثير نحو مواجهة التحديات والمخاطر الكثيرة ومنها التشريعات العنصرية التي تنتظر التشريع وعلى رأسها قانون يهودية الدولة الذي تفككت الحكومة السابقة نتيجة الجدل حوله. بالإضافة لنواب المشتركة التي تراجعت قوتها من 14 مقعدا إلى 13 بعد استكمال فرز أصوات الجنود الذين منحوا أصواتهم لليكود وبقية أحزاب اليمين، هناك نواب عرب في أحزاب صهيونية: زهير بهلول وصالح سعد في «المعسكر الصهيوني» وعيساوي فريج في «ميرتس» وأيوب القرا في «الليكود» وهؤلاء عادة يرقصون وفق أنغام أحزابهم.
وديع عواودة
* من يقول أنه يوجد ( فرق ) بين ( اليمين ) و ( اليسار )
في ( اسرائيل ) الخبيثة أكيد على خطأ ؟؟؟
** لو إفترضنا يوجد فرق من وجهة نظري يكون كالآتي : ـ
*** ( اليسار الإسرائيلي ) : يذبح الشعب الفلسطيني وهو ( يبتسم ) ؟؟؟
*** ( اليمين الإسرائيلي ) : يذبح الشعب الفلسطيني وهو ( عابس ) ؟؟؟
* الرد ( بالوحدة ) الفلسطينية الشاملة وشكرا .
مجهود رائع يا وديع عواودة لتقرير اسبوعي وخصوصا الصورة المصاحبة له في رمزية واضحة على ما تحاول اثباته في دولة “الحداثة” للكيان الصهيوني الديمقراطي ومفهوم المواطنة بها من خلال امرأة محجبة بحجاب اسلامي بالقرب لإيقونة مريم العذراء.
أنا أظن هذه الانتخابات للكيان الصهيوني في عام 2015 تماثل الانتخابات ما قبل حرب عام 1967 حيث رئيس وزراء الكيان الصهيوني أهان الجنرال شارل ديغول لفرنسا، عندما طالبه بالالتزام بعدم شن الحرب على العرب، في حين هنا رئيس وزراء الكيان الصهيوني أهان رئيس الولايات المتحدة بخصوص موقفه من إيران ومفاوضاتها، بخصوص تخصيب اليورانيوم لاختلاف السعر الواسع ما بين سعر بيع اليورانيوم مخصب عن سعره بدون تخصيب، فالموضوع تجاري مادي بحت بالنسبة للحكومة الإيرانية ولذلك قبلت بالتفاوض معها أمريكا وأوربا، برغم كل المؤامرات التي افتعلتها مختلف حكومات الكيان الصهيوني منذ إعلان “الحرب على الإرهاب” في 11/9/2001 من أجل التضييق على إيران في سباق كل حكومات المنطقة فيمن يستطيع أخذ أكبر قسم من كعكة ميزانية مصاريف الحرب وامتيازاتها لدولة “الحداثة”، إن لم يكن رغبة في إبعاد شر أن يتم وصمه بأنّه ليس معهم، كما تم وصم صدام حسين العراق والملا عمر أفغانستان، فتم احتلالهما من أجل استرجاع هيبة النخب الحاكمة للسامري (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) التي تم تمريغها في التراب.
مفهوم “من ليس معنا فهو ضدنا” أو ثقافة الـ أنا هو اساس دولة “الحداثة”، ولذلك أظن يُخطئ من يظن أنَّ هناك تعدّدية في دولة “الحداثة” بشكل قانوني، بداية من تعدّد الأزواج، لكن بعيدا عن القانون فهي تدعمه بداية من تعدّد العشيقات، حيث لا تعتبر الخيانة الزوجية لها أي علاقة بالجرائم ولذلك تجدّها تغلّظ العقوبة قانونيا على أي جريمة لها علاقة بالشرف، اللّغة أي لغة كانت بغض النظر إن كان اساسها التأويل كما هو حال لغات الفلسفة مثل الأوربية والأورو أسيوية أو كان اساسها الاستقراء والاستنباط كما هو حال لغات الحكمة مثل العربية والصينية التقليدية، لا يمكن أن تكون لغة للحوار، إن لم يتفق الطرفان على معنى المعاني فيها، فلذلك لا يمكن اعتبار أي لغة بدون وجود قواميس وهيكل للغة مكتوب في كتب معتمدة من أهل كل لغة من اللغات، ولا يمكن أن تكون هناك أي ترجمة صحيحة بين اللغات بدون اعتماد معنى المعاني لكل لغة بلغتها من خلال كتب قواميس تلك اللغة، فلا يمكن استخدام معنى لغة ما في ترجمة لغة أخرى، فهذا هو التدليس اللغوي الذي هو اساس أي سوء فهم، دولة الكيان الصهيوني لا يوجد بها حتى الآن دستور فكيف يمكن أن تكون دولة المواطن بغض النظر إن كان من ضمن شعب الرب المُختار من قبل السّامري (الجيش والأجهزة الأمنية والقضائية) أم لا كما هو حال الشيخ رائد صلاح أو حنين الزعبي على سبيل المثال لا الحصر.
ما رأيكم دام فضلكم؟