تنخرط السعودية، مباشرةً أو مداورةً، في ثلاث حروب ضد اليمن وسوريا والعراق. ومع إحتجازها رئيس حكومة لبنان سعد الحريري، انخرطت في حرب رابعة ضد حزب الله.ظاهر الحال إنها حروب ضد الإرهاب متمثّلاً بتنظيم «داعش». واقع الحال إنها حروب ضد قوى المقاومة العربية، وضد إيران.
مع هزيمة «داعش» في العراق وسوريا، وقبلهما في لبنان، استشعرت الرياض تحدياً داهماً يهدد نفوذها في شتى مناطق الإقليم، وقد ينعكس سلباً على نظامها السياسي في الداخل، لذا صعّدت حصارها الظالم على اليمن، وضاعفت تدخلاتها وضغوطها على لبنان لاحتضانه حزب الله.
بلغت حدّة التصعيد السعودي درجةً حملت سفير «اسرائيل» السابق في واشنطن دان شابيرو على نشر مقالةٍ في صحيفة «هآرتس» كشف فيها أن السعودية تحاول قيادة المنطقة عكس حركة السير فيها، وحذّر حكومة نتنياهو من مغبة الانجرار إلى حربٍ ضد حزب الله. حتى ركس تيلرسون حذّر ايضاً باسم أمريكا جميع الأطراف من استخدام لبنان مسرحاً لخوض «نزاعات بالوكالة».
هل بإمكان السعودية، بعدُ، شنّ حربٍ في لبنان؟
يمكن استشفاف الجواب من تصريح وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لشبكة «سي أن بي سي» الامريكية للتلفزيون. منه يتضح أن قرار الحرب لم تتخذه الرياض بعد، كونها «تبحث في خيارات عدّة وتتشاور مع أصدقائها وحلفائها حول العالم لاتخاذ قرار في شأن السبل الأكثر فاعلية للتعامل مع حزب الله، الذي لم يكتفِ بعدم تسليم (!) اسلحته، بل وضع عوائق أمام كل مبادرة حاول رئيس الوزراء سعد الحريري تنفيذها».
عجباً، ما دام الحريري قام بمبادرة لنزع سلاح حزب الله، فلماذا استدعته الرياض على عجل وأكرهته على تلاوة بيان معدّ سلفاً لإعلان استقالته من رئاسة الحكومة؟
لعل السعودية تريد من الحريري أكثر مما قام به ضد حزب الله. فالحزب، في رأي الجبير، «خطف النظام اللبناني وكان اداة تستخدمها ايران للسيطرة على لبنان وللتدخل في سوريا ومع «حماس» والحوثيين. لذا رأينا اذى حزب الله في المنطقة كلها».
عندما يكون حزب الله على هذه الدرجة من الخطورة، فلا بد أن الرياض تفكّر في عمل مباشر ضده، فماذا تراه يكون، سألته مندوبة CNBC التلفزيونية؟ الجبير أجاب مراوغاً: «نحن صنّفنا حزب الله منظمة ارهابية، وعلى العالم اتخاذ اجراءات ضده لجهة تقييد تحركاته وصدّه في اي مكان يتحرك فيه. الشعب اللبناني يخضع لسيطرة الحزب، وعلينا أن نجد طريقة لمساعدة اللبنانيين على الخروج من قبضته». كيف؟
الجبير لم يفصح عمّا تعتزمه الرياض في هذا السبيل. صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية تبرعت بجوابٍ عنه مفاده أنه بالإمكان تشغيل خلايا من لبنانيين واجانب ضد حزب الله في لبنان. بدوره وزير الاستخبارات الاسرائيلي يسرائيل كاتس تبرّع بفكرةً لأعداء الحزب مفادها، أن الوقت مناسب لتنفيذ قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1559 القاضي بتجريد الميليشيات في لبنان من اسلحتها. وكان وزير الحرب الاسرائيلي افغدور ليبرمان ركّز مؤخراً على خطورة حزب الله ونشاطه في لبنان وسوريا بقوله إنه لم يعد ثمة جبهة في جنوب لبنان واخرى في جنوب سوريا (الجولان) بل جبهة شمالية واحدة ينشط فيها حزب الله ضد «اسرائيل».
مع هذه الواقعات والتطورات، يبقى السؤال مطروحاً: كيف يمكن أن تشنّ السعودية حرباً في لبنان لـِ»تخليصه» من قبضة حزب الله؟
ما من خبيرٍ عسكري يجرؤ على القول إنه في وسع السعودية، البعيدة عشرات الآف الكيلومترات، أن تشن حرباً مؤذية في لبنان. وكيف يكون في مقدورها أصلاً وهي المتورطة مباشرةً في حرب وحشية يائسة باليمن، والمنشغلة مداورةً بأخرى بائسة في سوريا والعراق، وبنزاعٍ متطاول مع قطر؟ ثم هل يعقل أن تنشغل بهموم واعباء خارجية إضافية، وهي ما زالت منغمسة في أزمة داخلية سياسية ومالية لها صلة قوية، على ما يبدو، بمسألة تأمين اعتلاء ولي العهد محمد بن سلمان عرش والده؟
مع ذلك، يجب عدم التقليل من خطورة ما يصدر عن الرياض في هذه الآونة من مواقف وتصرفات وما تلوّح به من تهديدات. ذلك أن مجمل ما تقوم به، سياسياً وعسكرياً، يوحي بأن وراء الاكمة ما وراءها وان قيادتها السياسية المتهورة توّاقة إلى استغلال الدعم السياسي المكشوف، والدعم العسكري الخفي الذي تقدّمه لها إدارة ترامب من جهة و»اسرائيل» من جهة أخرى. في هذا الإطار، لا يستبعد مراقبون أن تتركّز جهود السعودية في الحاضر والمستقبل المنظور على مهمة محددة هي تصعيد مناوشات «الحرب الناعمة» ضد إيران وضد مَن تعتبرهم ايران حلفاءها الفاعلين في ساحات الاقليم الممتدة من بلاد الشام إلى جبال اليمن المحاصر. ولعل الساحة المرشحة قبل غيرها إلى مزيد من التوتير والتصعيد الأمني هي لبنان.
عينا السعودية و»اسرائيل» تتركّزان، اذن، على حزب الله. ولا شك في أن قادة الحزب والقادة الامنيين اللبنانيين استوقفتهم اشارة صحيفة «يديعوت احرونوت» إلى امكانية اللجوء إلى خلايا من لبنانيين واجانب للنيل من حزب الله، كما لَفَتَهم ما قالته عن أن اعداء حزب الله يراهنون على تشغيل بقايا من تنظيمات ارهابية ما زالت متواجدة في مخيم عين الحلوة بجوار مدينة صيدا في عمليات تخريب واغتيالات (حذّر منها الرئيس ميشال عون) كما في محاولة قطع الطريق إلى الجنوب لعزل وحدات حزب الله عن قيادتها المركزية في ضاحية بيروت الجنوبية.
هذا الاحتمال لا تخشاه قيادة حزب الله ومثلها القيادات الامنية اللبنانية، ذلك أن في حوزة الحزب كما الحكومة من القدرات ما يكفي لحمل الاعداء على التفكير مرتين قبل اللجوء إلى مثل هذه المحاولات الخائبة. لكن الرياض ما زالت ممعنة في عنادها وتصعيدها، فهل تراها تراهن، كما فضحها السيد حسن نصرالله، على هجمةٍ اسرائيلية ضد لبنان وحزب الله؟
الى ذلك، لا سبيل إلى الرهان على أي تحرك شعبي مناهض لحزب الله في هذه الآونة، فقد قوبل احتجاز سعد الحريري في الرياض باستنكار شعبي شامل بين اللبنانيين، ولاسيما من اهل السنّة والجماعة وأنصار الحريري الذين تعوّل عليهم السعودية في مثل هذه الظروف.
نعم، السعودية تصعّد مناوشات حربها الناعمة ضد اعدائها، خصوصاً على حزب الله في لبنان، لكن حربها تبقى على قدْرٍ من «النعومة» لن يشعر معها اللبنانيون بكبير انزعاج.
والمقاومة مستمرة.
كاتب لبناني
د. عصام نعمان
مع احترامي لاراءكاتب المقال والتي اوردها لي ملاحظه
عليها وهي ان هذه الاراء صحيحه اذا كان سيد الحاله
هو قوة المنطق،عكس ذلك ارى ان منطق القوه هوالسيد
في المنطقه وهكذا اصبح حالها من دمار وتغييرات
ديموغرافيه وقتل على الهويه ،عليه على الانسان
في منطقتنا توقع المستحيل وانا من هولاء. قريبا
وربما خلال الاشهر الثلاثه المقبله سوف تدخل
المتطقه في خرب شامله بين السنه والشيعه
ولا استبعد ان تكون هذه الحرب شبه عالميه
وفي ضوء نتاىجها يعاد ترتيب اوراق اللعبه
وتوزيع المصالح فيها.
اذا كانت هناك حرب في منطقة الشرق الاوسط . لن تكون بين سنه و شيعه
وكما نراه سنة السعودية عايشين في القصور و لن تهمهم مشاكل المنطه . كل همهم كراسي الملك
كل المسلمين ح يكونو في معسكر المقاومه