في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصادرة في 27/9/2015، كتب الياكيم هعتسني مقالا ـ بحسب ما ترجمته صحيفة «القدس العربي» ـ يحتوي على مجموعة من الأكاذيب والافتراءات التي لا تصمد أمام الوقائع والمعطيات التاريخية التي سجلها التاريخ، في كتب وأبحاث ومستندات واتفاقيات كثيرة.
من ذلك ما ذكره من أن البريطانيين حققوا من عصبة الأمم إخراج شرق الأردن ـ ثلاثة أرباع مساحة بلاد إسرائيل ـ من الوطن القومي اليهودي، وجعلوه إمارة برئاسة عبدالله الهاشمي. الافتراءات السابقة تخالف وقائع التاريخ تماما، كون الأردن في الأساس كان جزءا من دولة الوعد البريطاني للشريف حسين بن علي، بأن يكون ملكا على دولة عربية، تضم بلاد الشام والعراق والجزيرة عام 1916، في حال إعلانه الثورة على الدولة العثمانية، التي كانت تحتل هذه الأقطار؛ إلا أن اتفاق فرنسا وبريطانيا على تقاسم بلاد الشام والعراق، من خلال اتفاق سايكس ـ بيكو، وانقلاب بريطانيا على وعدها للشريف حسين، ثم إصدارها وعد بلفور لليهود عام 1917 وقبل أن تحتل فلسطين، وذلك بإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين، على أن لا تمس مصالح السكان غير اليهود! إن كل ذلك حدث في فترة زمنية دراماتيكية قصيرة، كشف عن وقائعها قيام الثورة الروسية عام 1917، وتم تبيان ذلك الخداع الكبير الذي مارسته بريطانيا تجاه العرب. وحتى لا ندخل في تفاصيل كثيرة، فإن اتفاق سايكس ـ بيكو قسّم بلاد الشام والعراق على الاستعمارين البريطاني والفرنسي، وأبقيت مصر ضمن النفوذ البريطاني، أما في ما يتعلق بفلسطين، فإنه تم ترتيب أوضاعها لتكون مناسبة لإقامة مشروع الدولة اليهودية الموعودة في فلسطين، من قبل البريطانيين، وبإشرافهم على استثارة واستقبال هجرات يهودية مختلفة من جميع أنحاء العالم، ولم يطرح في ذلك الوقت أي دمج أو أن يكون الأردن جزءا من فلسطين، إلا في أوهام التوسعيين الصهيونيين، من أمثال الصهيوني الياكيم هعتسني، الذي يتوهم أن تمتد دولته الصهيونية من الفرات إلى النيل.
أوهام مستمرة: كما أن ذلك الوهم راود القيادي الصهيوني جابوتنسكي، الذي انشق عن المؤتمر الصهيوني الأول، الذي عقد في بازل في سويسرا عام 1897، وأنشأ مؤتمرا يتوافق مع أفكاره التوسعية المتطرفة، وكتب عام 1932 قصيدة نثرية تتعلق بالأردن ونهره، وأكد على ضرورة أن يكون من ضمن الدولة الصهيونية التوسعية، حيث ذكر: «لنهر الأردن ضفتان: يمنى ويسرى، هما لي إلى أبد الآبدين.. كلتاهما لي، إنها لي كلها، كلها لي، بلادي المقدسة، مهما بدت فقيرة في نظر الآخرين، إنها لي من البحر إلى رمال الصحراء، وفي وسطها ينساب نهر الأردن المقدس».
وهو النشيد الذي تبنته منظمة «البيتار» الصهيونية، التي تفرعت منها منظمة «الأرغون» برئاسة مناحيم بيغن، حيث كان من اعتقادات تلك المنظمة البيتار أن الأردن يعتبر جزءا من الدولة الصهيونية تماما كفلسطين. من هنا يواصل الياكيم هعتسني تبني أوهام واعتقادات جابوتنسكي ومنظمة البيتار الصهيونية، ويجدد التذكير بافتراءات لا تصمد أمام الوقائع التاريخية. من الأكاذيب والادعاءات المضللة التي سجلها الكاتب الياكيم هعتسني في مقاله المشار إليه: «رغم كميات المياه التي يتلقاها الأردن منا من بحيرة طبريا، كبادرة طيبة، رغم المشاريع التي أقمناها عنده، والتنازلات الإقليمية التي قدمناها في صالحه في اتفاق السلام». تعليقا على ذلك، فإن اتفاقية السلام المشار إليها، هي اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل عام 1994، حيث نصت في أحد بنودها على أن تنقل إسرائيل نحو 50 مليون متر مكعب في فصل الصيف إلى الأردن، من مياه بحيرة طبريا، التي تصب فيها أنهار بلاد الشام ـ سورية ولبنان وفلسطين ـ والتي استحوذت عليها إسرائيل، وأقامت عليها مشاريع عطلت سيرها الطبيعي الذي كان يستفيد منه سوريا والأردن والبحر الميت على الخصوص. ونصت الاتفاقية على أن يعيد الأردن الكمية نفسها التي وصلته في فصل الصيف من بحيرة طبريا، وذلك في فصل الشتاء.
هذه هي فحوى النص المتعلق بالمياه في ما سمي باتفاقية السلام بين الأردن وإسرائيل، واستمر سريان هذا الاتفاق التبادلي منذ عام 1994 وحتى أيامنا هذه. فلماذا يورد الكاتب هذه الكذبة التي تتعلق بـ «تمنين» الأردن بمياه من بحيرة طبريا، علما بأن الأردن يعيد كمية المياه نفسها إلى إسرائيل في فصل الشتاء؟ علاوة على كل هذا، فإن مقال الياكيم هعتسني في صحيفة «يديعوت أحرونوت» فيه أكاذيب وافتراءات وادعاءات كثيرة أخرى، وهي تجافي الحقيقة والحقائق التاريخية التي تم تسطيرها.
٭ كاتب فلسطيني
سليمان الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم.
اليهودي الذي لا يكذب لم يٌخلق بعد, الكذب والمكر وقلب الحقائق هو من طبع اليهود! باستثاء الأنبياء الذين لا يكذبون.
كل المشروع الصهيوني في فلسطين مبني على اوهام و اساطير و معتقدات دينية لا يؤمن بها حتى نصف اليهود. و الحقيقة الوحيدة هي القوة المادية و التحالف مع القوى الاستعمارية للسيطرة على الشرق