لا أدري إن كان هناك كاتب عربي بحجم الكتاب الغربيين المؤثرين في قرائهم لدرجة تغيير أقدارهم، فقد قرأت الكثير و لم أقرأ لمن يقتلعني من واقع و يدفع بي إلى واقع آخر، و لم يلامس قلبي مفعول غير المفعول الذي لا يتخطى عتبة المتعة، و طبعا لم أجد تفسيرا لذلك. فهل أنا و غيري من هذه الفئة الشاسعة من القراء لا نجد فعلا ما يهزنا لنذهب في تغيير أنفسنا إلى النهاية؟ أم أن المشكلة في ذواتنا التي تستصعب التغيير؟ أو أن الحقيقة تكمن في النصوص التي نقرأها، بهشاشتها وتكرارها لصور الواقع دون أن تتخطى أسطحه البائسة؟
في فيلم « Papa» الذي يروي جانبا من حياة الكاتب الأمريكي إرنست همنغواي، لا نكتشف عالم همنغواي فقط، بل عالم الصحافي الشاب الذي كتب رسالة لكاتبه المفضل و الذي دفع به للأدب، والكتابة، وتغيير حياته من صبي لملمه ميتم في طفولته الباكرة و صنع شتات عواطفه شابا دون هدف، إلى مراسل حرب، ومن ثم كاتبا كما تمنى، و « سيناريست» ناجحا…
« لقد غيرت حياتي..» كتب الشاب لهمنغواي، ولم يتوقع ردا كالذي جاءه عبر مكالمة هاتفية « رسالة جيدة يا ولد» ثم سؤال مفاجئ و غريب « هل تحب صيد السّمك؟» لتبدأ بعدها علاقة صداقة متينة بين الكاتب الشاب ووالده الروحي الكاتب العظيم..!
لا شيء يشبهنا في تفاصيل هذه القصة، لا من قريب و لا من بعيد، و كأن الأمر مختصر لتلك العبارة التي نختصر بها عالمنا و عالمهم « لهم دينهم و لنا ديننا» …
هذا التأثير الذي لم نعرفه بهذه الحرارة ، قد يكون موجودا في مراحل غابرة من تاريخنا، و في أزمان موغلة في الماضي، حين كان الأدب جزءا من معارف شيوخ تشبعوا بالعلوم كلها و بالأخلاق الفاضلة و الضمائر الحية، فكان الواحد منهم يطبب ويقرض الشعر و يعطي نظريات في العلاقات الإنسانية والسياسة وأخطاء العباد والحكّام والسلاطين و مظالم الحياة و ما إلى ذلك، و يربي النشء على تلك الخصال من منطلق إيمانه بنفسه كمعلم و مؤثِّر.
فقد كان التلميذ يرث عن أستاذه كل علومه ثم ينطلق في بحثه الخاص، فيطور و يضيف، و في الغالب يبقى وفيا لمعلمه مع أنّه قد يناقضه تماما في توجهه الخاص ويمضي في طريق مغايرة لطريقه.
في أيامنا هذه لن نجد شيئا مشابها لحكاية جلال الدين الرومي، التي قلبت تفاصيلُها حياة أمة، و ظلت تُسِيل حبر الأقلام إلى يومنا هذا تبحث في فلسفته، وأفكاره، وفي علاقته بمعلمه شمس الدين التبريزي، ولو أن الأمر أتيح لتابعيه وأعدائه سواء لشقوا صدره و بحثوا في مكنونات روحه عمّا خفي و بان من تلك العلاقة ومضامينها و أبعادها…
وإذ ظل الرجل لغزا حقيقيا لم يُكتَشَف سره كاملا، فإن الذاهبين خلف فكره يولدون إلى اليوم على مختلف عصورهم و هوياتهم و لغاتهم و أديانهم، إنه رجل عَبَر كل الأسوار البشرية التي تفننت الجماعات في صنعها لتبقى محمية من التفتت و الاقتحام. و تلك نبوءة فريد الدين العطّار الذي أهداه « أسرار نامه» حين كان صبيا وقرأ لحظتها في عينيه مستقبله العابر للأزمنة والأمكنة. في ذلك المفترق الخطير من حياته توجه الطفل صوب الكلمة التي انبثقت من أعماق الكتاب، وهذا ما كان أخطر من أي سلطان ما جعل الرجل يُحَارب حتى حين تلاشت بقاياه في قبره…
وحتما إن قلت إن الرومي كان مؤثرا أكثر من شكسبير فإني سأُصطدم بأفواه كثيرة تنكر ذلك، لكن من قرأ شكسبير وتغيرت حياته؟ من توقف عنده وأعاد النظر في رحلة عمره ثم قرر أن يصنع مصيره بنفسه لأن ساحراته وجدن بوابة في رأسه وهمسن له بمستقبل مغاير؟
من أكثر تأثيرا الرومي أم دانتي، أم ميغيل دي سرفانتس ؟
من على سلم الفلسفة والفكر والشعر ومختلف الآداب من بلغ مستوى الرومي؟ غوته مثلا؟ أو جان جاك روسو؟ أو فريدريك نيتشه؟
لعلّ أسلوب طرحي يغلب عليه فرض تصوري الخاص للأمر، لكن لنأخذ الموضوع من أبوابه المختلفة، من منا قرأ كتابا وقال :» هذا ما كنت أبحث عنه» واندفع في تحقيق ذاته بعد قراءته؟
كل هؤلاء الذين ذكرتهم وآخرون فعلوا ذلك، لكن من هو الكاتب العربي الذي أخذ بأيدينا و أخرجنا من الأنفاق المظلمة التي تُهنا فيها و نحن نتلمّس الطريق؟
نزار قباني؟ ربما في ثورته على تخلف النساء و مدى ظلمهن في الأوطان العربية حرّك مشاعر البعض، ولكنه لم يكن أكثر من شاعر « يعجب» قراءه، ويطربهم بإلقائه، نزار نفسه رمى المنشفة في حلبة صراعه مع التخلف العربي وهو منهزم تماما أمام المرأة التي خذلته، واستسلمت للنظام الحياتي الذي فرض عليها منذ مئات السنين، بالرغم من أنها في الظّاهر قد تبدو مثقفة متحررة ومنتجة و فاعلة في المجتمع.
مَن مِن كتابنا حرر النّفس المكبلة بالقيود؟ وجعلها تبتهج بحريتها ؟ فتكسر تلك القضبان التي تحجز طاقتها و تنطلق في بناء ذاتها، تاركة كل شعور بالعجز هناك في القفص القديم؟
من يا ترى؟ أبو القاسم الشابي؟ مفدي زكريا؟ محمود درويش؟ أو غيرهم؟
من أين بدأت أدوارهم و أين انتهت؟ و لماذا لا نملك شهادات بحجم فتى همنغواي الذي اعترف بفضله عليه؟ هل هو جحود متوارث هذا الذي يسكن قلوبنا ويوهمنا أننا عظماء دون فضل أحد حين نصبح تحت أضواء الشهرة مثلا؟ أم أن هذه على الأقل صفة سيئة مشتركة في أدبائنا وشعرائنا، ومبدعينا؟
أيٌّ من هذه الأسئلة يناسب الحالة التي نعيشها؟ وأيها يُقَرّب صورة هذا المرض المنتشر في كياناتنا العربية؟ رموزنا بدءا بالرموز الأدبية إلى رموز النضال الإنساني إن وُجِدت؟ إلى رموز النضال السياسي؟
ولنفرض أن طرحي خاطئ، كون ثمار ما كتبه فولتير على سبيل المثال قُطفت بعد قرن من النضال المستمر، فلماذا لم نقطف ثمار ما كتبه طه حسين عندنا؟ لماذا انتصرت قوى الظلام وطمست مجهوداته الفكرية وأسئلته البالغة الأهمية ؟ أم أن ما نعيشه اليوم هو « موسم القطاف» ؟
إن كانت هذه غلال مفكرينا التنويريين لِما زرعوه خلال ذلك الماضي الجميل، فإن الوضع ينبئ بكارثة حقيقية لمستقبلنا، كوننا نصرُّ في أغلب ما نكتب وما نقول على إدهاش القارئ بمزيد من الوهم، وكأن الأدب مجرّد وسيلة لتبييض سمعتنا، و رسم صورة جميلة لأنفسنا قد لن تكسبنا سوى بعض الرضى الوهمي والمؤقت الذي من المحتمل أن يفيدنا بشكل آني لكنه أبدا لن يفيد الأجيال القادمة، ولن يبني إنسانا محترما، لا تفتك به أمراض « العظمة» المتوارثة عندنا .
٭ شاعرة وإعلامية من البحرين
بروين حبيب
{ ما كتبه فولتير على سبيل المثال قُطفت بعد قرن من النضال المستمر، فلماذا لم نقطف ثمار ما كتبه طه حسين عندنا }.هذا هوبيت القصيد من مقالك أختي الفاضلة الدكتورة بروين حبيب.ومن هنا سأبدأ التعليق.فعلًا مقالك لهذا الأسبوع أثارفيّ أكثرمن نبض ذاتي…ففيه شيء من المقارنة بين كتابات الكبارفي الغرب والكبارفي الشرق…أي بما يناسب أيامهم الغابرة.أتعلمين لماذا هم قطفوا ثمارما كتبوه ونحن طمسنا ما كتبنا ؟ لسببين أساسيين : الأول : أنّ منهجية الكتابة لديهم تتجه نحوالمستقبل ؛ كما في المفكرين الفرنسيين الذين بشّروا بالثورة الفرنسية قبل قيامها بعقود.فيما ( نحن ) ما كتبناه ينتمي إلى الماضي.مثال الدكتورطه حسين وقصّة الأدب والشعرالجاهليّ والفتنة الكبرى…الكتابة نحوالمستقبل هي الكتابة التي تحقق الحلم.أما الكتابة نحوالماضي فلا تحقق إلا كوابيس النوم.رغم أنّ أكبروأهمّ كتاب عربيّ وهوالقرآن رؤيته ومنهجيته نحوالمستقبل ؛ ولا نزال نكتب عن هجن الناقة العلوس والبعيرالسدوس ونحن نفود سيارة الفورد والمرسيدس.الثاني : أهمّ ما في الكتابة ليس أسلوب الكاتب وبلاغته بل الموضوع قيد الكتابة.بمعنى حينما أكتب عن الخلخال عند البدوي في الصحراء الكبرى ؛ ويأخذ مني جهدًا ووقتًا ونزفًا ذهنيًا…لا يقدّم للحياة سوى رمل الخلخال.فيما الموضوع عن كيفية توطين البدوللزراعة لخلق مجتمع مستقر؛ يستحق الكتابة ؛ لأنّ فيه إضافة ذات فائدة للحياة والإنسان الفرد والمجتمع لاحقًا.إنّ الكثيرمن موضوعاتنا ليست أكثرمن ( خلخال ).أم القدامى فحينما أرادوا الكتابة عن المستقبل ؛ اتكأوا على العالم الآخروأخرجوا الأمرونسبوه لعالم ما بعد القيامة ؛ فدفنونا قبل أنْ نموت ونرحل.فيما كتابات الغربيين تمتازبالبحث عن المغامرة الخلاقة في الأرض والسّماء والبحاروالجبال.وعلى ذكرهمنغواي في رائعته الشيخ والبحر…وصف لنا البحرأكثرمن جميع الغواصين الباحثين عن اللؤلؤالدان في الخليج.إنه فنّ التوظيف الخلاق في الموضوع العملاق…يعطي العسل المصفى رغم لدغات النحل.نحن لا نستطيع تحمّل لدغات النحل لذلك عسلنا مرّ كالحنظل ؛ ولهذا نضطرلشراء العسل المستورد من بلاد الجرمان والغال.أما إذا كتبنا في المستقبل فيقال هذه مجرد تكهنات يافتى الحلم.إنه الحسد والجهل المُحّطِم.وكما نقول بالمثل الشعبيّ العتيد : ( لا يرحمون أحدًا من العبيد ؛ ولا يدعون رحمة الله تنال العباد ).
لا تبحث عن التميز , ولا عن التفكر , ولا عن انجاز يفيد الشعب العربي_ ببلاد كثيرة تحكمها عصابات ليست افضل من اي مواطن سوى قدرته على حمل العصا وتزوير الحقيقه ليلفها مشنقة حول الحر والمفكر الحر الذي هو ليس تابعا لهم..
*حاليا تأثير (الرياضة) و(الفن)
على الأجيال الصاعدة أضعاف
تأثير (الأدب) الذي بدأ يخبو بريقه
تدريجيا للأسف الشديد.
*سلام
عزيزتي الجميلة ،هل يستطيع المفكرين والكتاب العرب اختزال الموروث الثقافي العربي والاسلامي من كتاباتهم ومؤلفاتهم ،اليس رواية معطف غوغول للروائي الروسي غوغول يمس فينا نحن العرب شئياً واقعياً ، اذ بطل الرواية كوكي اكوفيتش لم يتخلي عن معطفة القديم الملئ بالزكريات لفترة زمنية ،واستطاع ان يؤفر مالاً قليلاً من مهنة النسخ والكتابة لشراء معطفة الجديد الذي ادخل في نفسة السعادة والبهجة ،هل يستطيع الانسان خلع ايدلوجيتة القديمة بأخري حديثة بمنهجها الثقافي بتلك السهولة ؟علي كتابنا العرب التمسك بجواهر الموضوع والقيم والابحار بعد ذلك في فضاء الاكشن الروائي كفلم ملائكة شارلي الذي يحكي عن ثلاثة حسناوات يقمن بأدوار مختلفة ويعترفن بأنهن ليس ملائكة ،او رواية الفيلسوف يوسف السباعي التي تسمي نائب عزرائيل التي قرأناها زمان والمهام الصعبة لة…علي الكتاب العرب عدم الابتعاد كثيراً والسباحة الثغوب السوداء بدون نصيب من الواقعية المعاشة….
…” كوننا نصرُّ في أغلب ما نكتب وما نقول على إدهاش القارئ بمزيد من الوهم، وكأن الأدب مجرّد وسيلة لتبييض سمعتنا، و رسم صورة جميلة لأنفسنا…”
كما قيل فى الاثر …” كما تكونوا يولى عليك…….” فكما يكون الكاتب يحتفى به ”
يبدوا لى أنه غاب فى مقالك أديب العرب …الجاحظ …
مع حبي للعزيزة بروين وموضوعاتها الحبيبة علي..سانشر تعليق الدكتور جمال في وسائل الاتصال الاجتماعي..فهو رأي استاذ حريف.
مع احترام اراء الكاتبة والصديق المعلق الدكتور جمال البدري المبدع أود ان أخالفهما الرأي وأجد أن هناك إجحافا بكتابنا ومفكرينا وتمجيد لا مبرر له بكتاب ومفكرين اجانب، وعملية جلد الذات تستمر عند الكاتبة الموقرة وهذا ليس من شأنه ان يغير من واقع معيش، والمسألة بنظري تنطوي على عدة اشكاليات بعيدة عن الكتاب المبدعين العرب وهي:
– القراء ثم القراء، فأي عمل مبدع عربي كان أم أجنبي لا يلقى من يقرأه فنسبة القراءة لدى العربي تعادل واحد بالألف من القراءة لدى الفرنسي مثلا او البريطاني فتقارير الامم المتحدة واليونيسكو اكدت ان العربي يقرأ نصف صفحة في العام. وأن سبعة بالألف فقط يقرؤون.
– السلطة التعسفية الديكتاتورية. وهذه السلطات هي التي قتلت الإبداع فكم مبدع هرب من بلده، وكم مبدع مات قتلا وتعذيبا في السجون.. ومنهم شاعرنا الكبير نزار قباني، وعبد الرحمن منيف، وسواهما العشرات بل المئات.
ـ التعصب الديني. وهذا التعصب الذي يرفض رفضا قاطعا كل من حاول ان يتكلم بحرية عن العادات والتقاليد الموروثة دينيا ومستعدون ان يقتلوا اي شخص يغامر في ذلك كنجيب محفوظ وفرج فودة وسواهما
ـ عدم اتقان لغات أجنبية. وهذه خاصية هامة لقراء نصوص بلغتها الأم والتعرف على الكتاب الأجانب المبدعين ومقارعتهم في لغتهم فمعظم الكتاب العرب يقرؤون الترجمات وهي ليست أمينة بالضرورة ولا تعكس روحية النص
في النهاية لا ننسى ان هناك من المفكرين والكتاب العرب الذين نجحوا نجاحا باهرا في الغرب بعد أن فروا من الواقع العربي وأذكر على سبيل المثال لا الحصر ادوارد سعيد، جبران خليل جبران، ياسمينة خضرا، الطاهر بن جلون، وسواهم العشرات
واليوم يشهد العالم العربي طفرة نوعية في الادب الصاعد ولا بد من انصافه
الأخ العزيزسوري حفظك الله : أتفق مع حضرتك بشأن الطفرة في الأدب…فأنت صاحب قلم ورأي حصيف إنما الذي تناولته ليس الإنتاج بل
المنهج.المنهج العربيّ خاصة والشرقيّ عامة ؛ منهج غيبي تغيييبي.والمنهج الأوربيّ خاصة والغربيّ عامة ؛ منهج حضوري مستقبلي.لك كلّ
التقديروأسعدني تعليقك المهم لأنه أتاح لي بيان ما لم يكُ بائنًا.واختلاف الرأي لا يفسد للودّ قضية ؛ وأنت تعلم كم أنت عندي مودوود ؛ والسّلام.
جميل أن تكون صريح مع نفسك في تشخيص اشكالية ثقافة الـ أنا أولا ومن بعدي الطوفان، التي تبنيها مناهج التعليم والتأهيل الوظيفي في دولة الحداثة، لدرجة لم يتم ذكر اسم أنثى واحدة، ومن كل ما كتبه نزار قباني في السياسة لم تذكر عنه شيء، سبحان الله.
يجب أن لا ننس نحن في عصر الجيل الرابع من الثورة الصناعية للآلة وفق معايير ألمانيا في أوربا واليابان في دول العرق الأصفر، في أجواء العولمة والاقتصاد الإلكتروني، والذي دول مجلس التعاون للخليج العربي، تُريد أن تكون سباقة لتجنيس أول آلة (روبوت) كمواطن عند الإعلان عن مشروع نيوم في نهاية 2017، وقبلها أعلنت دولة الإمارات في عام 2016 تعيين أول رجل أمن آلة (روبوت) وأول طبيب آلة (روبوت)، فكيف سيكون حال بقية الوظائف في الحكومة الإلكترونية، إذن؟
ومن هنا إشكالية من يجامل فلان أو يخش من غضب علان في النظام الملكي، عند تقديم أي تقرير لتشخيص أي وضع على أرض الواقع، ومن ضمنه مناهج التعليم والتأهيل للتوظيف في الدولة، ففي السوق الحر عند التعيين في أي قطاع خاص، لا مكان للواسطة والمحسوبية والرشوة بكل أنواعها بداية من لغة الجسد (الحب) الناتج عن العند والدلع والاختلاط بين ثقافة الـ أنا (الرجل) وثقافة الـ آخر (المرأة) في أجواء العمل، إن كان في الأسرة/الشركة، عكس الحال في القطاع العام في الدولة، الذي أساسه في العادة الأقربون أولى بالمعروف، بالمعرفة وبالتالي التعيين، قبل الغريب عن الأسرة/الشركة.
وعلى أرض الواقع داخل أي أسرة التي تمثل علاقة الـ نحن أظن العلاقة التكاملية، تفترض احترام لغة الـ آخر أولا، فالحاسوب هو التعريب المعتمد لمصطلح الكمبيوتر، والشّابِكة هي الترجمة لكلمة الإنترنت، بدل النقل الحرفي خصوصا وأننا نتكلم عن شيء له علاقة بالأدب العربي، ولكن هذه إشكالية الفلسفة/الفكر عندما تكون هي الأساس، وليس الحكمة/اللغة هي الأساس، أهل الاختصاص المهني في هذا المضمار لتقنية الآلة، تعلم أن منطق الآلة الثنائي (0/1)، قد تغير في عام 2014 بعد تسويق منتج شركة آي بي أم الأمريكية العملاقة في تقنية صناعة هذه الآلة، ما أطلقت عليه (واتسون) والذي حوّلت به منطق الآلة الثنائي إلى منطق لغوي، لكي تستطيع الآلة محاكاة الإنسان في طريقة تفكيره، عدم التمييز أن هناك اختلاف بين منطق الآلة وبين منطق الإنسان، لدى أهل الأدب، هو سبب الفوضى المرعبة في العلاقة بين الإنسان والآلة (الروبوت).
اعتقد ان هناك اشكالية تخص العقل العربي وهذه الاشكالية لا يستنى منها الكتاب والادباء وكذلك المتلقين لابداعهم من القراء واعتقد ان الاشكالية هي في التقيد بنمط واحد من التفكير ولا يسمح بتعدده او الاصطدام به وهذا ما جرى لطه حسين مع احترامي لراي الدكتور جمال البدري فطه حسين لما كتب عن الماضي لم يكن رجوعا للوراء بل هو اراد ان يصدم الجميع بان كل ما يؤمنون به كحقائق يجب ان تضع عللى المشرحة ويتم تشريحها من جديد لنكشف الحقيقة من خلال الشك بكل شيء نعتبره غير قابل للتشكيك به وبالتالي سنحرر العقل من كل القيود ونستطيع ان نفكر بطرق متعددة للوصول للحقيقة.