أمريكا أعطت أكراد سوريا جيباً آمناً… وأكراد العراق سينفصلون بعد السيطرة على مناطق «الخلافة» ومعركة الفلوجة مهمة لتحرير الموصل

حجم الخط
0

لندن ـ «القدس العربي»: ما هي أهمية المعركة على مدينة الفلوجة التي بدأت القوات العراقية عملية عسكرية فيها ووصلت إلى أبوابها.
ترى صحيفة «التايمز» أن معركة الفلوجة ستكون من أهم المعارك بين القوات العراقية المدعومة من الجو بالطيران الأمريكي وميليشيات شيعية موالية لإيران من جهة ومقاتلي تنظيم «الدولة» الذين سيطروا عليها قبل عامين.
ترى أن الإنتصار في الفلوجة ضروري بالنسبة لحيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي والدول الغربية الحليفة له.
ولن تكون المعركة بدون ثمن، فالمقاتلون التابعون للتنظيم داخل المدينة والذين ينقصهم العتاد والسلاح والطعام والإمدادات والجنود لا ينقصهم التشدد والوحشية التي استخدموها في أي مكان دخلوه حيث جندوا الرجال وأرسلوا النساء والأطفال للقيام بعمليات انتحارية وهددوا بقتل من حاول الهروب من سكان المدينة أو من تبقى منهم فيها وعددهم 50.000 نسمة تقريباً.
وعانى سكان المدينة العذاب أكثر من مرة فقد كانت ساحة لحملتين عسكريتين مدمرتين للأمريكيين في عام 2004.
وتقول الصحيفة أن التعبئة والحشود للمعركة الحالية تجري منذ وقت إلا ان السيطرة عليها أصبح ملحاً بعد سلسلة من العمليات الإنتحارية التي نفذها مقاتلون تابعون للتنظيم في العاصمة بغداد.
وتقول إن الفلوجة كانت الساحة التي حاول منها تنظيم الدولة إشعال حرب طائفية عبر القتل العشوائي وضرب الأحياء الشيعية في العاصمة بغداد.
وستكون الفلوجة امتحاناً لقدرة العبادي على منع العمليات الإنتقامية التي رافقت استعادة مناطق أخرى من تنظيم «الدولة» حيث تعرض سكانها السنة للتهجير والاعتقال والقتل وحرقت بيوتهم ودمرت.
وتقول الصحيفة إن عدداً من مدن السنة تعاملت مع تنظيم «الدولة» كأهون الشرين مقارنة مع العصابات والميليشيات الشيعية التي تنهب وتقتل. ورغم تعهد الميليشيات هذه بعدم المشاركة في عمليات الفلوجة كما فعلت في عمليات تكريت والرمادي إلا أن المخاطر قائمة.

الطريق إلى الموصل

وتقول الصحيفة إن الفلوجة هي أول مدينة سنية سقطت بيد جهاديي تنظيم «الدولة» ولكنها ليست المدينة الأكبر. فلا يزال التنظيم يسيطر على الموصل التي كان يعيش فيها مليونا نسمة «والتي كان احتلال المتمردين لها توبيخاً حياً لعقم الحكومة العراقية من ناحية التعبئة والفساد والذي أثر على كل محاولات تجهيز الجيش العراقي وتحويله لقوة متماسكة. ويتعرض العبادي لضغوط من داعميه الشيعة وحلفائه الغربيين كي يبدأ هجوماً على الموصل في وقت قريب، ولكن المعركة عليها ستكون أكثر دموية».
ومن هنا «فاستعادة الفلوجة تظل محفزاً ضرورياً لاستعادة الموصل وقطع شأفة تهديد تنظيم الدولة من العراق».
وترى أن هجوماً نهائياً على الموصل يعتمد على القوات الكردية في الشمال. وهم حلفاء الولايات المتحدة وسيطروا على عدد من القرى المحيطة بالموصل.
وتقول الصحيفة إن الولايات المتحدة وجدت في الأكراد جنوداً منضبطين وقادرين وتحالفت مع أكراد سوريا، بشكل أغضب تركيا التي ترى في قوات حماية الشعب التابعة لحزب الإتحاد الديمقراطي فرعاً لحزب العمال الكردستاني المصنف بالإرهابي. وتقول إن «موقف تركيا الخارج عن الصف أصبح عقبة أمام قتال تنظيم الدولة. وفي الوقت الحالي يجب التركيز على الفلوجة».

القوات الأمريكية الخاصة

وبالإشارة للوضع حول مدينة الموصل ذكر موقع «دايلي بيست» أن قوات النخبة الأمريكية والمقاتلين الأكراد بدأوا يتحركون قرب مدينة الموصل.
وفي تقرير أعده فلوراين نيوهوف من بلدة مفتي شمال العراق وصف فيه العمليات الإنتحارية التي ينفذها تنظيم «الدولة» ضد قوات البيشمركه بشكل يومي ويتم إحباط عدد منها باستخدام صواريخ «ميلان» المضادة للطائرات والتي تبرعت بها ألمانيا لهم.
وأثبتت هذه الصواريخ قوة متفوقة في العمليات ضد الجهاديين المتحصنين في وحول مدينة الموصل. ويقول إن بلدة المفتي التي انسحب منها مقاتلو التنظيم أصبحت نقطة انطلاق للبيشمركة في العمليات المستمرة ضد الجهاديين.
ويضيف أن العمليات العسكرية الجارية قرب الموصل هي الأكبر منذ سيطرة الأكراد على بلدة سنجار في تشرين الثاني/نوفمبر 2015.
وتهدف حكومة إقليم كردستان لطرد تنظيم «الدولة» من 9 قرى تقع على جبهة خازر ولهذا حشدت 4.300 مقاتل بحسب عارف طيفور القائد العسكري منطقة خازر.
واستطاع المقاتلون بنهاية يوم الإثنين السيطرة على القرى التسع حيث استفادوا من الدعم الأمريكي. وليس بعيدا عن مفتي شاهد الكاتب قاعدة عمليات خاصة يعمل فيها جنود النخبة الأمريكيين.
ولا يشارك هؤلاء الجنود في العمليات مباشرة ولكنهم يقومون بجمع المعلومات الاستخباراتية وتوجيه مسار الطائرات الأمريكية لضرب أهداف تابعة للتنظيم.
ولكنهم في هذه المرة ساعدوا الأكراد وهذه ليست المرة الأولى، ففي بداية أيار/مايو قتل الجندي شارلي كييتنغ عندما عملت قوات الفقمة الخاصة على مواجهة هجوم نفذه تنظيم الدولة ضد تلسكوف المسيحية قرب الموصل.

إنشاء كردستان

ويقول الكاتب إن هدف العمليات في خازر المباشر هو تخفيف الضغط على الجبهات حول غوير والعاصمة إربيل. أما الهدف طويل الأمد فهو توسيع حدود كردستان على أنقاض «الخلافة» والعراق المتداعي.
فخازر هي جزء من المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان وحكومة بغداد. وظلت منطقة خازر حتى العمليات الأخيرة حزام حماية تحمي تنظيم «الدولة» في الموصل من قوات البيشمركه.
وفي الوقت الذي يسعى فيه التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة» وحكومة بغداد إلى طرد وهزيمة الجهاديين في الموصل فإن حكومة إقليم كردستان والقوات التابعة لها ترغب بالسيطرة على المناطق الواقعة شمال المدينة.
وتخدم العمليات في خازر جهود الأكراد حيث يقومون بخلق حقائق على الأرض عبر طرد تنظيم الدولة من هذه المناطق.
ونقل الموقع عن طيفور قوله «هذه قرى كردية وليست عراقية، وبحسب البند 140 من الدستور العراقي فهذه مناطق متنازع عليها».
وهو هنا يشير إلى مادة في الدستور العراقي تدعو لإجراء استفتاء بشأن المناطق المتنازع عليها وهو أمر لم يتم بعد بسبب النظام السياسي العراقي العاجز منذ الغزو الأمريكي عام 2003.
وقال طيفور «عندما نسيطر على منطقة خازر والمناطق المحيطة بغوير فسنتخلص من كل النقاش بشأن المادة 140». وأكد طيفور أن سكان المناطق المتنازع عليها سيمنحنون الخيار إما البقاء ضمن كردستان موحدة أو الخروج. وهو يلمح إلى انفصال نهائي عن باقي العراق.
وكان مسعود بارزاني حاكم إقليم كردستان قد أعلن في شهر شباط/فبراير عن النية لعقد استفتاء حول وضع إقليم كردستان.
وقال طيفور أن سكان المناطق المتنازع عليها سيعطون حق المشاركة في الإستفتاء. وليست هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها قادة كردستان للإستفتاء.
ففي بداية العام دعا محافظ مدينة كركوك النفطية الكردي الدكتور نجم الدين كريم لاستفتاء يحدد مصير المدينة والتي سيطر عليها الأكراد لمنع سقوطها بيد مقاتلي التنظيم في حزيران/يونيو2016.
وتسكن البلدات التي تشهد معارك بمنطقة خازر أقلية الكاكائي والشبك وفي بلدة بعشيقة كانت تسكنها أقلية مسيحية قبل أن تفر منها.
وسيركز الأكراد جهودهم على البلدات المسيحية حول الموصل. وفي الوقت الذي قد يختار الكاكائي والشبك البقاء في كردستان إلا أن المسيحيين والأزيديين لم يعبروا عن اختياراتهم بعد. ويقول الكاتب إن بغداد لن تستطيع منع البيشمركه السيطرة على قرى هؤلاء إن اختاروا البقاء في كردستان.
وتواجه الحكومة العراقية عملية مقايضة صعبة مع الأكراد في عملية استعادة الموصل ولن يقدم هؤلاء خدماتهم مجاناً للحكومة. وبحسب طيفور «في حالة عدم التوصل لاتفاق فلن نشارك في التحرير».
ويرى الكاتب أن الأكراد يتعاملون مع حكومة عاجزة في بغداد ولهذا قرروا الخروج من العراق ولن يخرجوا قبل أن يأخذوا معهم أكبر مساحة ممكنة من المناطق. ولا تخدم تطلعات الأكراد رؤية الأمريكيين الذين يريدون العودة إلى الوضع القائم قبل تنظيم «الدولة». ولكن الامريكيين ليست لديهم دائماً استراتيجية واضحة. وفي ظل الإدارة الحالية فإنهم اتسموا بالتردد وعدم الوضوح.

إعادة تشكيل الشرق الأوسط

وفي مقال لديفيد إغناطيوس نشره الأسبوع الماضي في صحيفة «واشنطن بوست» عن رحلته مع قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط الجنرال جوزيف فوتيل الذي زار جبهات القتال في العراق وسوريا، قال إن «زيارة لمحاور الحرب في العراق وسوريا مع أكبر قيادي أمريكي تنتهي بشكل مناسب في تركيا، الدولة الأقوى في المنطقة والمكان الذي بدأت فيه المشاكل قبل مئة عام بانهيار الإمبراطورية العثمانية».
وقال الكاتب إن «الحقيقة الملزمة للحرب الحالية ضد تنظيم «الدولة» هي جزء من عملية كبرى لإعادة تشكيل بنى ما بعد الدولة العثمانية في هذا الجزء من العالم ولا نعرف ما هي النتيجة أو شكل الحدود خاصة أن الولايات المتحدة لا تعرف ما تريده في ظل تنافس أناني للقوى المحلية» و»لكنها القصة الأكبر التي عادة ما نتجاهلها وسط غارات الدرون والتفجيرات الإرهابية».
ومع ذلك فرحلته مع الجنرال فوتيل أوضحت موضوعين هامين. أولهما أن القوة العسكرية الأمريكية تظل طاغية ومتفوقة «فنحن لا نزال ترسانة الديمقراطية» فهي قادرة على جلب الدمار على الأعداء خاصة تنظيم «الدولة» الذي يتراجع تحت ضغط الضربات وسينتهي «إلا إذا فقدنا الصبر».

قوة محدودة

وفي المقابل، وهذا هو الموضوع الثاني فالقوة السياسية الأمريكية محدودة في المنطقة «فلدينا أهداف متضاربة، ونحن نتحدث عن دول موحدة في سوريا والعراق، ولكننا خلقنا ما يصل إلى جيب آمن لأكراد سوريا وحلفائهم في شمال سوريا» وكما فعلت «عملية توفيرالراحة» لأكراد العراق قبل 25 عاماً فإن هذا سيشجع على ولادة محور كردي مستقل. ولا يعرف الكاتب إن كان لدى الأمريكيين رؤية للتوفيق ما بين الرؤى المتناقضة هذه.
ويقول إغناطيوس إنه لاحظ في رحلته مع الجنرال الأمريكي مجموعة من حقائق النزاع التي يراها المحاربون وليس الرأي العام.
فخلف الشاشات التي ترصد الطائرات بدون طيار التي تقوم باستطلاعات وتراقب العمليات الميدانية فهناك أسئلة كثيرة حول من يستخدم المعلومات ومن يقوم بإصدار الأوامر. وخلف التقنيات الهائلة هناك تفاؤل لدى القادة بأن العملية الحالية ستنتهي بنصر قريب.
وكما لخص أحد الجنود فالمعركة ستنتهي بفريق سيواصل اللعب وآخر سيحمل أمتعته لمواقف السيارات ويرحل.
ويعلق الكاتب أن التقييم ليس بهذه الطريقة فالإرهابيون لا يذهبون إلى مواقف السيارات بل وينسحبون ويظهرون مرة أخرى.
ولن تقضي عليهم سوى قوة إبادة. ويعلق الكاتب على تقييم سمعه من الجنرال شين ماكفرلاند الذي يدير العمليات في بغداد والذي قال إن العمليات الإنتحارية في العاصمة العراقية دليل على أن تنظيم «الدولة» غيّر أساليبه بسبب الضربات التي يتعرض لها من الأمريكيين.
ويعلق إغناطيوس أنه سمع تصريحات متفائلة جداً كهذه قبل عقد في العراق وافغانستان ولم تتوقف العمليات الإنتحارية. ويرى الكاتب أن على القادة العسكريين أن يتسموا بالحذر حتى لا يخسروا قاعدة الدعم السياسي لهم.
ويضيف لو نظرنا لهذه الحروب على أنها جزء من عقود من محاولات إعادة تشكيل النظام العثماني فسنكتشف أننا نرتكب اخطاء فادحة. لأن القوى الإستعمارية المتآمرة بريطانيا وفرنسا استبدلتا بقوى إقليمية متآمرة مثل تركيا وإيران والسعودية والتي تقوم بالتلاعب بالقوى المحلية الوكيلة خدمة لمصالحها.
ونرى الآن الأكراد يلعبون من أجل الحصول على وضع وطني يستحقونه لكن المنطقة قد لا تستطيع استيعابه.
وفي المقابل نشاهد الولايات المتحدة القوية والنافذة الصبر في الوقت نفسه وغير القادرة على الجمع بين مصالحها ومثلها «وما تعلمته من رحلتي في الأسبوع الماضي أن العملية العسكرية تسير بشكل جيد أما السياسية فتحتاج لمزيد من الجهود».

فشل أمريكي

والحقيقة أن الجهود الأمريكية في العقدين الماضيين فشلت في بناء السلام واكتفت بتعايش إجباري كما في البوسنة والعراق وسوريا الآن.
وكما لاحظ الباحث يانكو بيكيتش في مجلة «ناشيونال إنتريست» الأمريكية فإن التدخل الأمريكي من البوسنة والهرسك ودول يوغسلافيا وأفغانستان والعراق لم يكشف فقط عن رغبة واشنطن في تغيير الأنظمة وفرض الديمقراطية من الخارج وبل وعن رغبة للحفاظ على الوضع القائم للحدود المعترف بها دولياً.
وفي ثلاث حالات من أربع حالات تدخل لم يحدث أي تغيير على الحدود ولا اعتراف دبلوماسي بالمناطق التي انفصلت. وفي حالتين تم فرض نظام فدرالي تجريبي كجزء من تعايش إجباري بين الجماعات الإثنية والدينية المختلفة.
ويشير إلى البوسنة والهرسك التي نشأت عام 1995 من كيانين تعيش فيهما ثلاث جماعات.
وبعد عقد من الزمان نشأ في العراق نظام فدرالي من السنة العرب والأكراد السنة. ورفض العرب السنة الإستفتاء على الدستور في عام 2005 فقد صوت السنة في الأنبار بنسبة 97% رفض للدستور.
وبدا عدم الولاء للنظام العراقي الذي يتسيده الشيعة في بغداد واضحاً عندما انهار النظام في أسبوعين عام 2014 وهو ما سمح لولادة ما يطلق عليها «الخلافة» وكيان كردي قائم فعلياً.
ورغم تفكك العراق إلى مجموعات اثنية وعرقية كما توقع الدبلوماسي الأمريكي السابق بيتر دبليو غالبريث عام 2006 في كتابه «نهاية العراق» إلا أن أمريكا تمسكت بشعار العراق الموحد وهو موقف دعا الأكراد لإعادة النظر في موقفهم من الولايات المتحدة والدعوة للإستفتاء.

سلام هش

ويشير بيكيتش الباحث في معهد التنمية والعلاقات الدولية في العاصمة الكرواتية زغرب إلى البوسنة التي تعيش سلاماً هشاً منذ نهاية الحرب إلا انها دولة عاجزة وتواجه مشاكل نابعة من فساد المؤسسات ونظام في حالة من التداعي للتشارك في السلطة بين المسلمين البوشناق والصرب الأرثوذكس والكاثوليك الكروات.
ولا تزال البلاد تعاني من إمكانية تفجر الصراع بسبب ارتباط الأطراف الثلاثة الحاكمة بالحرب السابقة وبالجارتين صربيا وكرواتيا وزيادة معدلات البطالة 40% ومع ذلك لا يزال صناع السياسة الأمريكيين يشيرون إلى «قصة النجاح» في البوسنة ويرون انها نموذج ناجح لحل النزاعات.

مشكلة الفدرالية

ويشير الكاتب إلى مشكلة الفدرالية التي تتشابه فيها البوسنة مع العراق. ففي البوسنة لا توجد مناطق محددة بالأقليات باستثناء الإقليم المنفصل «صربيا سبارسكا» أما بقية المناطق فليست محددة بين الكروات والبوسنيين وهناك تحديدات غير واضحة للمناطق.
وفي العراق فالفدرالية هناك لم تؤد إلا إلى حكم شبه ذاتي للأكراد فقط، أما السنة والشيعة فلا يتمتعان إلا بالمميزات التي تفضل الشيعة نظراً لعددهم.
ومثل صربيا سبارسكا، فمنطقة الأكراد مشلولة نظراً لعدم التوافق حول مدينة كركوك واعتماد أربيل على الدعم الإقتصادي من بغداد.
إلا أن الأكراد تحرروا من العاصمة بعد حملة تنظيم الدولة عام 2014 وسيطرة أربيل على كركوك بشكل دعا بارزاني الإعلان عن الاستفتاء بنهاية العام الحالي.

دولة هشة وفاشلة

ويرى الكاتب أن العراق يوصف بالدولة الفاشلة أما البوسنة فهي دولة هشة. فالعراق يحكمه العراقيون أما البوسنة فهي تدار من مفوضية عليا تشرف على النظام السياسي ولديها السلطة لعزل وفرض قوانين بدون العودة للبرلمان.
وعلى خلاف العراق الذي لا حظ له في الإنضمام لكيان اقتصادي موحد (إلا في حالة تحولت الجامعة العربية لكيان موحد مثل الإتحاد الأوروبي) فالبوسنة مرشحة لعضوية الإتحاد الأوروبي، مع أنها لم تف بعد بشروط العضوية.
إلا أن بروكسل أكدت على أهمية ضم غرب البلقان للإتحاد الأوروبي.
ويدعم سكان البوسنة العضوية فيه وهناك حوالي مليوني كرواتي وبوسني مواطنون أوروبيون بسبب الجنسية المزدوجة.
ولهذا ففكرة الحماية التي تتمتع بها البوسنة منعت من انهيارها بخلاف العراق الذي يتفكك. ويرى الكاتب أن تجربة التعايش القسري فشلت في العراق والبوسنة.
وربما فات الوقت لحل المشكلة في العراق نظرا للعداء المستحكم بين مكوناته إلا أن الفرصة لم تفت في البوسنة.
ويجب على رعاة المكونات الإثنية في البوسنة، أنقرة وبلغراد وزغرب التوصل لاتفاق ما بعد دايتون (الذي أنهى الحرب الأهلية) وبالتعاون مع المجتمع الدولي يسمح لكل اثنية بإدارة شؤونها بنفسها.
وستؤدي إعادة ترتيب الأوضاع لتخفيض هيئات الحكومة والقطاع العام. وقد يرى نقاد أن ترتيباً كهذا سيكون مقدمة للإستقلال ويرد الكاتب أنه في بلد كالبوسنة فلا مجال للحصول على مساواة بدون منطقة حكم ذاتي مستقلة لكل إثنية.
ويختم بالقول إن فكرة التعايش القسري بين جماعات اثنية ودينية غير متوافقة وفي دول غير مرغوب بها في شبه جزيرة البلقان والشرق الأوسط تمثل استمراراً للسياسة التي انتهجتها القوى العظمى في فترة ما بين الحربين العالميتين من أجل خلق دول ضعيفة ومشتتة يسهل السيطرة والتأثير عليها.
كما أن فكرة التعايش القسري تشير إلى جمود وضيق أفق الوسطاء الدوليين الذين يلتزمون بالحدود بطريقة تشل المجتمعات عبر مناطق رمادية وسلام مفروض. وعلى رأي المثل «نهاية مروعة أحسن من رعب بدون نهاية» وهو ما يجب على صناع السياسة مراجعته عندما يختفي الولاء للدولة ودستورها.

أمريكا أعطت أكراد سوريا جيباً آمناً… وأكراد العراق سينفصلون بعد السيطرة على مناطق «الخلافة» ومعركة الفلوجة مهمة لتحرير الموصل

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية