أم سورية تطرق أبواب الشياطين للقاء ابنها في مصر… وعنصر أمن أردني يهددها بالاعتقال

حجم الخط
6

انطاكيا ـ «القدس العربي» تدخل «لميس» إلى محلات ألعاب الأطفال وتختار عددا كبيرا من أجملها، وتفاوض البائع على السعر، ثم تنتقل إلى قسم ألبسة الأطفال الشتوية وتختار منها أنواعا مختلفة، ومن ثم تمسك كل ما جمعته لتأخذه معها إلى المنزل، قبل أن تشرد للحظات وتتركها جميعا في المتجر وتبكي بحرقة.
تسأل لميس «أم محمد» نفسها «لماذا أشتريهم؟» فأنا لا أعرف قياس طفلي ولا حتى ما يناسبه، ولا أستطيع أن اشتري له الملابس وهو لا يعرفني، لا أريد أن أضع أغراضه أمام عيني وهو بعيد عن نظري، أريد أن أعتني به بنفسي وأطعمه وأن أجعله يشعر بالدفء، ربما سأفقد عقلي قريبا، فصبر عامين قد أرهقني.
تقول لميس في حديث خاص: «ابني محمد ابن الثلاثة أعوام بعيد عني منذ عامين، فربما نسي وجهي، وهو الآن يسكن في بيت جده أبي والده في مصر، التي أغلقت أبوبها أمام كل سوري، وسجنت من كان فيها، بينما بقيت أنا أعاني لدخولها بشــتى الوسائل، حتى بت أداوم كموظفي السفارات والوزارات في أروقتهم باحثة عن طريقة لدخول مصر».
تناولت لميس كأسا من الماء حتى تتمكن من إكمال حديثها عن طفلها الذي أبعدت عنه وهو في عامه الأول، ولم تره منذ عامين، تقول: «أثناء إقامتي في الأردن تقدمت لوزارة الداخلية هناك بثمانية طلبات متتالية للسماح لي بالخروج من أراضيهم ومن ثم الدخول إليها، لأتمكن من السفر إلى ابني في مصر وأعود به إلى الأردن، ولم يقبل أي طلب منهم، حتى انتهى المطاف بي لأن أقابل مسؤول في وزارة الداخلية الأردنية».
وتابعت أنه «قبل أن يمضي المسؤول على ورقة طلبي، سألني ما هي جنسيتك فقلت له «سورية» فما كان منه إلا أن رمى الطلب، وقال لي انصرفي فالطلب مرفوض، فضلاً عن الطلبات التي رفضت من قبل سفارة مصر التي لم تسمح لي أيضا بدخول أراضيها».
وأضافت لميس: «خرجت من الأردن متوجهة إلى تركيا، وهي البلد الذي عرف باحتضان السوريين على عكس البلاد العربية، وفي يوم سفري وأثناء تواجدي في مطار عمان المعروف بـمطار «الملكة عليا»، قال لي موظف المطار الذي يشغل مكان ختم الجوازات: «الحقي بي لأسهّل لك مرورك في المطار وعودتك إلى هنا»، تبعته والفرحة تملؤني، حتى وصلت إلى غرفة فيها شاب يبدو أنه يتنظر منذ فترة طويلة حتى نادوا باسمي.
وشرحت لميس عن عذاب نفسي يضاف إلى معاناتها، تعرضت له في آخر لحظات إقامتها في الأردن قائلة: «دخلت غرفة مغلقة فيها محقق أذهلني لكثرة أسئلته عن سبب خروجي من عمان إلى مدينة «غازي عينتاب» التركية، فقال لي: «عينتاب بلدة معروفة أنها تابعة للجيش الحر، فما هو السبب وراء سفرك إليها، فضلاً عن سؤاله عن أفراد عائلتي وإذا ما كان والدي في الجيش الحر في سوريا، ومن أين لي بالمال والمصروف وأنا من دون معيل».
وأضافت: «التهبت عيناي من كثرة البكاء، ولم أستطع الإجابة بوضوح عن كل تلك الاتهامات والأسئلة، بعد أن قال لي «إن كذبتي فسأسجنك هنا».
تحول حديث لميس إلى همس وهي تروي قصتها مرغمة، مبينة «كررت له مرات لكي يفهم أن لي طفلا في مصر، أريد أن احتضن طفلي، فهو بانتظاري، ولم تسمح لي السلطات الأردنية بالخروج من الأردن ثم معاودة الدخول إليه، فقررت الرحيل إلى أقاربي في تركيا للاستقرار هناك، لعلي أستطيع أن أعيش مع طفلي في بلد واحد».
وبعد مكوثها في تركيا أقل من أسبوع ذهبت إلى قنصلية مصر في إسطنبول للحصول على تأشيرة دخول، فأعلمتها الموظفة أنه ينبغي عليها أن لا تحجز مقعداً في طائرة، أو تفكر بالسفر إلى مصر قبل مضي شهر من تاريخ تقدمها على طلب التأشيرة والتأكد من الموافقة عليها، لكي لا تخسر المال جزافاً فالطلبات التي تقدم من قبل السوريين مرفوضة سلفاً.
تتابع «لميس» والكلام يخرج بصعوبة لشدة قهرها، قائلة: «تواصلت مع مهربين لأتمكن من الحصول على تأشيرة للدخول إلى مصر، لكني فوجئت بأن سعرها ارتفع إلى 3000 دولار أمريكي بعد أن كان 1500 دولار قبل نحو شهر، وانتظر عل السعر يرأف بحالي، فالبشر قد تحولت قلوبهم إلى حجارة من صوان».

هبة محمد

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Ayman:

    انا شاب فلسطيني مقيم بسويسرا ارغب بمساعدة الاخت السورية لوجهة اللة الكريم لترى ابنها ارجو التكرم وبعث تلفون او عنوان او فيس بوك لاخت السورية

  2. يقول احمد ، امريكا:

    ويقولون هذه انظمه معتدله وذات رحمه، تبا لكم هل يوجد تشدد وقسوه اكثر من ذالك .

  3. يقول محمد طاهات / عضو في رابطة الكتاب الأردنيين:

    بسم الله الرحمٌن الرحيم .
    أنا مع هذه الأم العربية السورية , وإن كنت أستهجن وأستغرب ماجاء في أقوالها عن معاملة الموظفين الأردنيين بهذا السوء ونحن نستقبل في بلدنا ألاف السورين ونعاملهم كالأردنيين أخوة لافرق بيننا وبينهم , أشك في أقوالها أو أن هناك التباسا فيما تقول .

    1. يقول Yasmeen Murad - UAE:

      السيد محمد طاهات لاتشك في اقوالها فالحال موجود من قبل الآزمة والكثير عانوا وانا احداهن

  4. يقول basma al ahmad:

    حسبي الله على كل من ظلمك وحال بينك وبين ولدك

  5. يقول مريم:

    سوريا بلد الملايين التي لطالما فتحت ابوابها لجميع العرب، مياهكم التي شربناها ما تزال تسري في أجسادنا وجامعاتكم التي تعلمنا فيها تشهد على نبل أخلاقكم، سوريا أيتها العظيمة شاهت وجوه من يشمتون اليوم بأبنائك ويذلوهم!!!

إشترك في قائمتنا البريدية