أندريه صايغ: شكلنا نموذجا للعمل الجماهيري العربي المثمر

حجم الخط
0

باترسون ـ نيوجرسي ـ «القدس العربي» ـ عبد الحميد صيام: في الأول من تموز/يوليو تحتفل الجالية العربية مع أبناء مدينة باترسون بولاية نيوجرسي بتنصيب رئيس البلدية الجديد المنتخب للسنوات الأربع المقبلة. إنه أندريه صايغ الذي فاز في انتخابات البلدية يوم 8 ايار/مايو 2018 ليكون بذلك أول رئيس بلدية من أصل عربي لمدينة متوسطة الحجم يصل سكانها إلى نحو 150000 نسمة وتعتبر ثالث مدن نيوجرسي من حيث السكان.
مدينة باترسون، توأم مدينة رام الله، وأول مدينة ترفع العلم الفلسطيني في الخامس عشر من أيار/مايو من كل عام منذ عام 2013. كانت على موعد يوم انتخابات البلدية ليتنافس فيها ستة مترشحين من سكان المدينة التي تفتخر بتعدد أطيافها وثقافاتها. كان الفوز الكاسح من نصيب أندريه صايغ العربي، فأمه سورية من مواليد حلب وأبوه لبناني من مواليد بيروت، وهو من الجيل الأول الذي وصل والداه مهاجرين إلى هذه البلاد في بداية السبعينيات ورزقا بابنهما الأول عام 1974. «لا بد أن يكون طبيب الأطفال الذي ولدت على يديه عربيا. فنسبة الأطباء العرب في مدينة باترسون سواء في العيادات الخاصة أو المستشفيات عالية جدا»، قال أندريه صايغ في لقاء مع «القدس العربي» في مركز الجالية الفلسطينية في مدينة كليفتون المجاورة. خاض أندريه الحملة الانتخابية تحت شعار «باترسون واحدة» وجمع في حملته كافة أطياف سكان المدينة وحظي كذلك بدعم رئيسة الحزب الديمقراطي في المدينة جوان كري ولكن الذي عدل الكفة لصالحه هو المشاركة الواسعة للجالية العربية وأهمها المكون الفلسطيني والجالية المسلمة وخاصة الأتراك. وعند الاحتفال بفوزه يوم 8 أيار/مايو أعلن أندريه أمام الجمهور السعيد بفوزه: «إن هذا الفوز لا يتعلق بشخص واحد بل بباترسون واحدة وكوني أختلف عرقيا عن البعض لا يعني أنني لن أعمل على مساعدة الكل». وقد اختار صايغ المديرة التنفيذية لمركز الجالية الفلسطينية، رانية مصطفى، لترأس إحدى لجان الفريق الانتقالي المسؤول عن الإنتقال السلس من الإدارة السابقة إلى الإدارة الجديدة.
تأسست مدينة باترسون عام 1791 وسميت باسم وليم باترسون، حاكم الولاية وأحد الذين وقعوا على دستور الولايات المتحدة عام 1792. وتحولت إلى مدينة صناعية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بسبب سهولة توليد الكهرباء من «الشلالات العظمى» القريبة من حدودها الغربية، وأصبحت مدينة جاذبة للمهاجرين الجدد لكثرة المصانع فيها. فقد شملت منطقة باترسون عشرات من المصانع المرتبطة بصناعة النسيج، وفيما بعد، تصنيع الأسلحة النارية والحرير والسكك الحديدية. وفي النصف الأخير من القرن التاسع عشر أصبح إنتاج الحرير الصناعة المهيمنة في المدينة التي شهدت ازدهارا هائلا مما جعلها تحمل لقب «مدينة الحرير».
وبدأ المهاجرون العرب من سوريا ولبنان يتوافدون عليها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر ثم لحقت بهم جاليات عربية وإسلامية أخرى وأصبحت باترسون الآن موطنا لأكبر جالية تركية مهاجرة في الولايات المتحدة (ويسمونها إسطنبول الصغيرة) وثاني أكبر جالية عربيه أمريكية بعد مدينة ديربورن في ولاية ميشيغان وثالث تجمع للجالية المسلمة في الولايات المتحدة. كما يطلق الفلسطينيون على باترسون لقب «رام الله الصغيرة» وفيها حي يحمل الاسم نفسه في جنوب باترسون وفيه من السكان العرب الأمريكيين ما يقدر بـ 20،000 مواطن عام 2015 كما يوجد في المدينة مركز باترسون الأمريكي السوري ومركز الجالية الفلسطينية في مدينة كليفتون المتداخلة مع باترسون ومركز الجالية الأردنية. وتدير الرابطة المدنية الأمريكية العربية التي مقرها باترسون برنامجا باللغة العربية في مدارس باترسون العامة. وفي باترسون أكبر تجمع للمواطنين الجركس في الولايات المتحدة والقادمين في معظمهم من سوريا ولبنان والأردن. كما يوجد في المدينة عدد من المساجد الكبرى منها مسجد مقاطعة باسيك ويديره الإمام الشيخ محمد القطناني من أصل فلسطيني ومسجد عمر بن الخطاب ويديره الشيخ عبد الخالق النقيب من أصول مصرية. وفي أيام الأعياد تقدم المدينة أكبر حدائقها العامة لصلاة العيد وتحت حراسة مشددة حيث يتوافد الألوف للمشاركة في الصلاة لأن أيا من المساجد لا يتسع لمثل تلك الأعداد الكبيرة. وقد بدأت المدينة منذ عامين تحتفل بإضاءة فانوس رمضان في الشارع الرئيسي في أول أيام الشهر الفضيل.
○ حاولت مرتين ولم توفق بالفوز في الانتخابات، كيف حصدت هذا الفوز الكبير؟
• إنها المثابرة والمثابرة، من أجل مدينة باترسون التي تستحق هذا النضال. وأعتقد أن الأفكار التي لدينا وطرحناها على الناخبين هي التي أقنعت الناس بالتصويت لنا. فأولا نريد أن نغير الصورة النمطية السلبية لباترسون. وعندما نغير الصورة السلبية ستجد المستثمرين يأتون إلى المدينة لاستثمار أموالهم وفتح مشاريع جديدة. كنت عضوا في المجلس البلدي لباترسون أمثل منطقة الجنوب المعروفة بأنها غير متطورة كبقية أحياء المدينة. لذلك سأسعى إلى إنعاش ذلك الحي وأجلب إليه المشاريع والاستثمارات ليلحق ببقية أحياء المدينة. برامج التطوير والإعمار ستشمل كل المدينة، لكنني أريد أن أجعل منها أولا مدينة آمنة وفي اليوم التالي للتنصيب أي 2 تموز/يوليو سأعين عشرة أفراد من الشرطة الراجلين لنشرهم في المناطق الأقل أمنا ليشعر المواطنون بالأمان. فالمدينة الآمنة تصبح قوية، والاستقرار والأمن يجلبان الاستثمار فالرخاء الاقتصادي.
○ القراء العرب يهتمون بدور الجالية العربية فكيف لعب العرب هنا دورا لتصبح أول رئيس بلدية من أصل عربي؟
• أنا ممتن فعلا للوقفة الكبرى التي وقفتها معي الجالية العربية. سعيد للمشاركة الكبيرة للجالية الفلسطينية بالتحديد ثم الجالية السورية واللبنانية والمصرية. لكن حجم الجالية الفلسطينية في المدينة هو الأكبر. فهم جزء أساسي من سكان المدينة المتعددة الأطياف. لقد ساهم العرب بشكل أساسي في تمويل حملتي الانتخابية وقد جمعت من التبرعات أكثر من المرشحين الآخرين وخاصة من الجالية الفلسطينية. نحن نفتخر أن باترسون هي أول مدينة في أمريكا ترفع العلم الفلسطيني في أسبوع فلسطين بحدود الخامس عشر من أيار/مايو منذ عام 2013. ثم حدثت توأمتها مع مدينة رام الله في عهد رئيس البلدية الأسبق توريس وسأحافظ على هذا التقاليد. وسنعمل على توظيف عدد أكبر من العرب وخاصة من الفلسطينيين.
○ هل ترى بعد هذه التجربة أن الجالية العربية بدأت تنخرط في النشاطات السياسية المحلية أكثر من ذي قبل؟
• بالتأكيد. هذا واضح تماما. كان العرب لا يهتمون بالسياسة ويتميزون بالإنطوائية ثم يتوقعون أن الأمريكيين يؤيدون قضاياهم. لا، لن يحدث هذا تلقائيا. دخول المعترك السياسي هو الحل والابتعاد عن الإنطوائية تحت شعار «لا نستطيع التغيير» خطأ. الآن العرب بدأوا يشاركون وينظمون أنفسهم ويتقدمون بمرشحين أو يدعمون مرشحا أقرب إليهم كما فعلوا بدعم حاكم الولاية فيل ميرفي وكافأهم بأن عين عددا من العرب في مناصب رفيعة وكذلك دعموا عضو مجلس الشيوخ باسكريل الأقرب إليهم من منافسه روثمان. سأستقيل من منصبي السابق كعضو مجلس بلدي وسأرشح أحد العرب مكاني وأدعمه وهو فلسطيني الأصل.
○ كانت نتائج الانتخابات فوزا ساحقا. كيف تفسر ذلك؟
• نعم لقد كان فوزا كبيرا حيث فزت في كافة أحياء باترسون وحصلت في بعضها على 90 في المئة من الأصوات. كان انتخابي بهذه النسبة العالية سابقة لم تشهدها المدينة في تاريخها. الفضل لكل مكونات السكان في المدينة وخاصة من هم من أصول لاتينية بالإضافة إلى الأمريكيين من أصول افريقية ثم العرب. وللعلم فإن مشاركة العرب كانت عالية جدا. وأتمنى أن يتعلم العرب الدرس جيدا وأن يبنوا على هذا النجاح وأن يضعوا في حساباتهم دخول كافة النشاطات السياسة وأن يعملوا على الفوز ليس فقط في انتخابات البلديات بل في مجالس الولاية ومجالس التعليم والنقابات وأي مؤسسة تقوم على الانتخابات، فإن فازوا بالموقع فذلك جيد وإن لم يفوزوا يصبحون قوة انتخابية الكل يخطب ودها ويطلب مساندتها وكل مساندة يكون فيها مفاوضات حول المطالب. باترسون أول مدينة تعترف بعيدي الفطر والأضحى وسمحت للعديد من المدارس أن تدخل اللغة العربية كلغة ثانية. وأول مدينة تسمي مدرسة ثانوية باسم فلسطيني هو المرحوم الدكتور هاني عوض الله. هذه نتائج انخراط الجالية العربية في السياسات الداخلية بدل الانطواء والقول «ما فيش فايدة».
○ وماذا عن مشاريعك لتطوير المدينة من الناحية السياحية والتجارية؟
• سنبدأ بإعادة ترميم وتطوير الحديقة الوطنية في منطقة الشلالات العظمى وسنقيم هناك مسرحا مفتوحا وأسواقا تجارية ومطاعم ومقاه. حتى سنسمح بتقديم النرجيلة في المقاهي المفتوحة والكبة النية والشيش طاووق. العرب أمهر الأقليات في التجارة. وهناك محلات تجارية في باترسون بدأها العرب منذ أكثر من 100 عام. والشارع الرئيسي في باترسون هو شارع عربي بامتياز فيه الأطباء والمحامون والمحاسبون والمقاهي والمطاعم العربية وغير ذلك. نريد لهذه الظاهرة أن تشمل كل أنحاء المدينة بما فيها المناطق الفقيرة.
○ ما هي نصيحتك للجاليات العربية في الولايات المتحدة؟
• انخرطوا في العمل الداخلي، شاركوا لا تنعزلوا وحافظوا على الزخم الذي ولدته هذه الانتخابات. هذه تجربة يجب أن تعمم. أنا سعيد أن أسمع أن هناك مرشحين عربا لمجلس النواب ومجلس الشيوخ والبلديات. لقد بدأنا نسير في الطــريق الصـحيـح وهــو «الانخراط» في السـيــاســـة المحلية وليس العزلة. بهذا نغير الصورة النمطية السلبية عن العرب والمسلمين.

11TAG

أندريه صايغ: شكلنا نموذجا للعمل الجماهيري العربي المثمر
باترسون أول مدينة متوسطة الحجم تنتخب عربيا رئيسا للبلدية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية