لندن – «القدس العربي»: تتبنى غالبية الأندية الخليجية سياسات تقوم على التوسع في التعاقد مع اللاعبين الأجانب في الوقت الذي يُبدي فيه الكثير من المراقبين الرياضيين قلقهم من أن تكون هذه السياسات والمبالغ المالية الطائلة التي يتم انفاقها عليها على حساب برامج تدريب اللاعبين المحليين وتشجيع الموهوبين على الاحتراف. وتنفق العديد من النوادي الرياضية الخليجية ملايين الدولارات من أجل التعاقد مع لاعبين أجانب محترفين واستقطابهم الى صفوفها، في محاولة منها لتطوير أدائها والتفوق على منافسيها في المباريات التي تخوضها، فيما يتساءل الكثير من المراقبين الرياضيين عن المبالغ التي يتم انفاقها من أجل التدريب ودعم برامج الاحتراف، ويقارنون ذلك بالمبالغ المخصصة لـ«اللاعبين المستوردين».
أحدث الصفقات
وأبرم النادي الأهلي السعودي أحدث صفقات التعاقد مع أجانب قبل أيام عندما وقع عقداً مع المهاجم النيجيري «إسحاق بروميس» الذي كان يلعب لنادي أنطاليا سبور التركي وذلك لمدة موسم واحد، إلا أن قيمة الصفقة لم تُعرف ولم يتم الاعلان عنها.
وتقول التقارير الصحافية أن السعر السوقي للاعب بروميس تبلغ نحو مليون يورو كحد أدنى، فيما كان مرتفعاً خلال المواسم الثلاثة الماضية إلى ما يزيد عن 3 ملايين يورو.
كما تعاقد نادي الوصل الرياضي مع البرازيلي أديرسون ألفيس مؤخراً من أجل اللعب في صفوفه لموسم واحد أيضاً، في واحدة من أحدث الصفقات الخليجية لشراء لاعبين أجانب ومقابل مبالغ مالية ضخمة.
وتضم النوادي الخليجية قائمة طويلة من اللاعبين الأجانب الذين يتقاضون مبالغ مالية ضخمة، فضلاً عن المدربين الأجانب الذين تتعاقد معهم هذه النوادي أملاً في تحسين أداء فرقها لكرة القدم.
إضافة نوعية
وقال صحفي رياضي في الامارات لــ«القدس العربي» إن اللاعبين الأجانب يشكلون إضافة مهمة ونوعية للأندية الخليجية، ويساهمون في تطوير أدائها ورفع معنويات لاعبيها وجمهورها، مشيراً الى أن وجودهم يمثل ايضاً فرصة لتطوير أداء اللاعبين المحليين وليس عائقاً أمام تطورهم.
لكن الصحفي والمحلل الإماراتي يؤكد أن الاستفادة من وجود هؤلاء اللاعبين الأجانب يظل رهناً بعدم التأثير سلباً على برامج التطوير والتدريب والاحتراف التي يتبناها كل نادي. وشرح المحل الرياضي ذلك بالقول إن «الأصل أن لا تستنزف التعاقدات مع اللاعبين الأجانب الموازنات المالية للنوادي، وأن تظل أولوية الانفاق على المسائل المتعلقة بتطوير أداء الفريق ولاعبيه الأصليين».
وفي الامارات شارك ستة لاعبين أجانب في مباريات دوري الخليج العربي الذي تشارك فيه نوادي الامارات، ما يعني أن غالبية المباريات التي أقيمت ضمن الدوري كانت تضم لاعبين أجانب لفريق أو لآخر، فيما يشار الى أن قوانين اتحاد الكرة الاماراتي تنص على أن لا يزيد عدد اللاعبين الأجانب في أي نادي عن أربعة لاعبين فقط.
أما على مستوى منطقة الخليج برمتها، فان النوادي الخليجية تضم نحو 100 لاعب أجنبي محترف، غالبيتهم من القارة الأقريقية، ثم البرازيل ثم آسيا وأوروبا.
وكانت الأندية السعودية تتصدر عمليات الاستعانة باللاعبين الأجانب خلال عقد التسعينيات، قبل أن تتفوق النوادي الاماراتية والقطرية في هذا المجال وتستقطب أعداداً أكبر من اللاعبين الأجانب.
آثار سلبية
وتضم نوادي الامارات عدداً من أبرز وأشهر اللاعبين على مستوى منطقة الخليج، حيث تشير التقارير الى أن اللاعبين الأجانب في الامارات يتصدرهم كل من: إبراهيما توريه الذي يلعب مع نادي النصر، وجيان أساموه في نادي العين، وماوريسيو راموس بنادي الشارقة، وكارلوس مونوز في نادي بني ياس، اضافة الى اللاعب سياو الذي يلعب في صفوف أهلي دبي.
ويعتبر غالبية المراقبين أن هؤلاء اللاعبين يمثلون إضافة هامة لنوادي الامارات، لكن دراسة متخصصة أجراها الباحث الرياضي الدكتور موسى عباس انتهت الى التوصية بخفض أعدادهم نتيجة أن لوجودهم الكثير من الآثار السلبية.
وبحسب الدراسة التي اطلعت على مضمونها «القدس العربي» فان من أهم السلبيات لوجود هؤلاء اللاعبين الأجانب هو أنهم يتحولون الى «محور اهتمام المدرب»، كما أنهم يشكلون «عبئاً مالياً ضخماً على النوادي».
وتقول الدراسة إن الأثر الأكثر سلبية والأكثر خطورة على وجودهم يتمثل في «اعتماد اللاعبين المواطنين على اللاعب الأجنبي».
وتقول الدراسة إن كلاً من السويسري بلاتر رئيس الاتحاد الدولي والفرنسي بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي والسويدي أليكس فيرغسون مدرب مانشستر يونايتد جميعهم يؤكدون أن «سبب إخفاقات المنتخب الإنكليزي المتتالية والذي لم يفز بكأس العالم منذ العام 1966 هو زيادة عدد اللاعبين الأجانب في الدوري الإنكليزي»، وهو ما يعني أن الأثر السلبي لوجود اللاعبين الأجانب ينسحب حتى على الفرق الأجنبية ذاتها.