أنقذوا مصر من «قنبلة» الإخوان

حجم الخط
28

من يراقب التحولات المتسارعة في مصر خلال الأيام القليلة الماضية، يدرك أن البلاد والعباد هناك في خطر، وأن المشكلة الأساس التي تعيشها مصر منذ عامين هي أن الأولوية لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية، أصبحت في الحفاظ على كرسي السيسي، وليس الحفاظ على البلد. أصبح بقاء السيسي في الحكم أهم من بقاء مصر على قيد الحياة بالنسبة للكثيرين!
وخلال الأيام القليلة الماضية شهدت جماعة الإخوان المسلمين (أكبر القوى السياسية) حراكا غير مسبوق، وتحولات لم يكن أحد يتوقعها، فثمة خلافات تتعمق يومياً وتنتقل تدريجياً إلى وسائل الإعلام، وثمة قطاع عريض في الجماعة أصبح يدعو علانية إلى الثأر والانتقام، أي إلى الجنوح نحو العنف، وإسقاط شعار (سلميتنا أقوى من رصاصهم)، على اعتبار أن السلمية لم تحقق شيئاً طوال العامين الماضيين، بل يتم التعامل أصلاً مع الإخوان على أنهم «منظمة إرهابية تتبنى العنف».
يريد نظام السيسي أن يدفع الإخوان دفعاً نحو العنف والارهاب، مستخدماً استراتيجية بشار الأسد نفسها في سوريا، عندما تعسكرت الثورة فأصبحت برداً وسلاماً على صدره، وأصبح يسوق نفسه على أنه جيش نظامي يحارب متمردين مسلحين، وهي المعادلة التي يتمنى السيسي أن يكررها في مصر، وهي أن يكون على رأس جيش وطني يحارب الارهاب في بلاده، وليس انقلابيا دمويا يحارب المدنيين الأبرياء ويسحب جثثهم بالجرافات، ويضرب صناديق الاقتراع عرض الحائط.
ثمة قنبلة تتشكل اليوم في مصر، ويمكن أن تنفجر في أي لحظة، وهي قنبلة الخارجين من عباءة الإخوان، الراغبين بالانتقام لضحايا رابعة والنهضة، والراغبين بتقديم المساعدة لأكثر من 42 ألف معتقل يقبعون في السجون ويواجهون الموت البطيء، أو القتل بدم بارد.
خلال الأيام والأسابيع الماضية كانت تلك «القنبلة» تتشكل على النحو التالي:
أولاً: نشرت جريدة «لوموند» الفرنسية قصة فتاة هي ابنة أحد قادة الإخوان، الفتاة بدأت التحول مع السياسة في عام 2012 عندما أصبح والدها أحد المقربين من رئيس الجمهورية، بعدها بعام واحد وجدت أن والدها تحول من صديق الرئيس، إلى معتقل ممنوع من العلاج والطعام، وممنوع إدخال «حلة الطبيخ» إليه في زنزانته. انتظرت الفتاة عامين وهي ترفع شعار (سلميتنا أقوى من رصاصهم)، لكنها انضمت أخيراً إلى «داعش» في سيناء، بعد أن اكتشفت أن أصحاب الشعار إياه يموتون تدريجياً في سجون السيسي.
ثانياً: نشرت جريدة «الشروق» المصرية يوم الثلاثاء 25 أغسطس 2015 خبراً مفاده أن سبع مجموعات إخوانية، غادرت الجماعة، وفكت بيعتها للمرشد صاحب شعار (سلميتنا أقوى من رصاصهم)، وبايعت تنظيم «داعش».. تقول الجريدة إن المجموعات السبع هربت من خلافات الإخوان وانضمت لـ»داعش» للبدء بالانتقام.. ولا يوجد ما يدفع إلى الاعتقاد بأن الخبر غير صحيح، بل هو صحيح، وربما الذين انضموا للتنظيم الإرهابي أكثر من سبع مجموعات إخوانية.
ثالثاً: الأهم من تلك الأحداث المقال الذي نشره القيادي الإخواني وفقيه الشباب لدى جماعة الإخوان الدكتور جمال عبد الستار في موقع «عربي21»، وهو المقال الذي أعلن فيه أن «القاتل والمغتصب والمتعدي على أموال الناس وأعراضهم لا حرمة له ولا عصمة، وأن جمهور العلماء أجمع على أنه لا يجوز للمسلم أن يُسْلم نفسه للقتل من دون مدافعة، وأنه لا يجوز الخلط بين المنهج السلمي في نشر الدعوة، وبين واجب الدفاع عن النفس»!
رابعاً: يعلم القاصي والداني أن جماعة الإخوان في مصر تشهد جدلا ساخنا، وخلافات حادة، انتقلت إلى وسائل الاعلام مؤخراً، ووصلت أصداؤها إلى المعتقلين في السجون، وموضوع الجدل هو «المنهج الثوري والسلمية»، فيما تكاد الأصوات الداعية إلى «السلمية» تختفي أمام طوفان الداعين لــ»الانتقام والثأر لدماء الشهداء».
قلنا سابقا ولا زلنا نقول، إن تقديرات جهاز أمن الدولة المصري تشير إلى وجود نحو مليون عنصر ينتمون لجماعة الإخوان، وعلى افتراض أن 10٪ من هؤلاء فقط جنحوا نحو العنف والإرهاب، وغلبت عليهم شهوة الانتقام، فهذا يعني أن مصر أمام كارثة لا يمكن لأحد أن يتوقع عواقبها – لا قدر الله.
فكرة الاقصاء الكامل لأي تيار غير ممكنة، لأن السياسة تختلف عن لعبة القمار، إذ لا يمكن في عالم السياسة أن تكسب كل شيء، لأن من المستحيل أن تخسر كل شيء، والإخوان الذين حكموا مصر لمدة عام كامل، لا يمكن أن يتم نفيهم بشكل كامل، وإبعادهم عن مصر وعن السياسة وكأنهم أثر بعد عين، ولا يوجد عاقل في الكون يمكن أن يقتنع بمعادلة كهذه.
مصر تحتاج اليوم إلى خطة إنقاذ قبل أن تتحول الأزمة السياسية إلى أزمة أمنية وعسكرية، وأزمة إرهاب يمكن أن تستمر لعقود وليس سنوات. وخطة الانقاذ المطلوبة بحاجة لعقلاء يُغلبون مصلحة مصر على مصالح السيسي، ويدركون وجوب التوصل إلى مصالحة سياسية ترضي كافة الأطراف، وتحفظ لكل منهم شيئاً من المكاسب، وتقوم على الاعتراف بحق كل المصريين في الوجود، وليس فقط حق من يؤيدون السيسي.
المطلوب تحرك داخلي وعربي وإقليمي ودولي ينقذ شباب الإخوان من الجنوح نحو العنف، وينقذ مصر من «قنبلة الإخوان الموقوتة»، وهي القنبلة التي سيعني انفجارها أننا أمام موجة جديدة من العنف في المنطقة بأكملها، وليس في مصر وحدها.

٭ كاتب فلسطيني

محمد عايش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بولنوار قويدر-الجزائر:

    السلام عليكم
    استاذ (محمد عايش ) لقد وضعت الاصبع على مكان الداء ودون لف ولا دوران بسطت البساط وكشفت ما يريد الاعلام الانقلاب تجنّبه بتلفيقات وصراخ وعويل ليغطي على الذئب وهو يفترس في النعجة وجعلوا من منابرهم أصوات فوق المعقول وليعلم إعلام ccأنّ ما يقوم به اعلامه ما هو إلاّ (جعجعة ولا طحين) في عالم الحقيقة ونياح بلا دموع ومن يطبل لك من الخارج ليس حبّا فيك بل في مآربه الشخصية…
    إنّ من يسعى للتمكين للccعلى حساب مصر يراهن على حصان قد تجاوزه الزمن ولا مكان له في الحلبة السياسية لأنّ العالم ليس غبيّ سياسيا حتى يصدق ما يقوله الccأو تنعق به جرائد وفضائيات أزكمت أنوف حماة الحق وما هذا الصمت الآني إلاّ الهدوء الذي يسبق العاصفة …وإذا لم يتحرك أهل الحل والربط في مصر الشرفاء فسوف يجرفها السيل سيل الديمقراطية ولكن ليس ((ببلاش….؟؟؟)) لقد سالت دماء أودية وخنقت حناجر صدحت بالحق وغيّبت شخصيّات كانت تظهر وقت الشدة لتخفف منها أو تزلها بفضل الله ثمّ ما يكسبون من مهارات وتقنيات غابت عن هؤلاء الذين لا يملكون إلاّ التفنن في إصدار الترسنات من القوانين القمعية وكأن مصر كانت بلا قوانين أو كانت تسير على المزاج…
    هنا والآن وليس غدا أن يقفوا المصريين الشرفاء في جميع دواليب الدولة ليختاروا بين(مصر التاريخ والمستقبل و حاكم يمتهن القتل والتفريق بين القوم) الفرصة أمامك إمّا الكل من أجل الكل(مصر) أو الكل من أجل واحد(cc)
    ولله في خلقه شؤون
    وسبحان الله

  2. يقول م ح- الجزائر:

    أصبح بقاء السيسي في الحكم أهم من بقاء مصر على قيد الحياة بالنسبة للكثيرين!
    ولكن أيضاً بقاء مصر أهم من حكم الاخوان وعودة مرسي، الذي لو بقي في الحكم لكان أردوغان ثاني بالنسبة للدول العربية والاسلامية تحت مظلة وباسم الاخوان

    1. يقول siddig USA:

      م ح- الجزائر
      أولاُ مقال ممتاز جداً ، فهل هناك حياةً لمن تنادى؟.
      وماالخطب فى أردوقان ، تركيا اليوم من أفضل الدول الإسلاميه ، بل وبعض الدول الغربيه ، وتتمنى الشعوب العربيه لو كان حكامهم فى ربع مستواه أردوقان .

  3. يقول sami:

    الأخ م.ح..
    مصر أهم من السيسي وأهم من مرسي وأهم من الاخوان. نحن مع مصالحه عامه تحفظ دماء جميع المصريين. وليس الخلاص من بلوى الاخوان للانزلاق الى مصيبه السيسي.

  4. يقول USA:

    هذا تحليل واقعي،وكل مراقب للأحداث منذ الانقلاب الى يومنا هذا يرى ان السيسي وزمرته يلعبون بالنار ،اي انهم سوف يكونوا السبب الرئيسي في دمار مصر،أنا لست اخواني بل علماني،وأراقب كل يوم واقراء الأخبار العربية والأمريكية والإسبانية وحتى السنسيكريتية العيساوية،لا ارى اي خير او أمل لمصر والعرب في السيسي وزمرته،لان السيسي ليس وحده من يتخذ القرارات هناك من حوله كبار العساكر واصحاب الاعمال ورأس المال ،لا يهمهم ان مات. من الشعب المصري الغلبان مليون او مليونين،همهم مصالحهم وعلاقاتهم مع الغرب وإسرائيل وليس همهم لا مصر ولا بطيخ ،اللهم احفظ مصر العروبة ،وخلصنا من الظالمين فيها،

  5. يقول عبد الوهاب إبراهيم Canada:

    أستاذ عايش تحليل منقطى لكل عاقل يحب مصر ولكن(المطلوب تحرك داخلي وعربي وإقليمي ودولي ينقذ شباب الإخوان من الجنوح نحو العنف، وينقذ مصر من «قنبلة الإخوان الموقوتة»، وهي القنبلة التي سيعني انفجارها أننا أمام موجة جديدة من العنف في المنطقة بأكملها، وليس في مصر وحدها.) كيف يكون تحرك داخلى وغالبية الشعب مغيب بما تبثه وسائل إعلام ومشايخ ألإنقلاب، ومعهم مايسمون أنفسهم بالييبراليون أو النخبه من أكاذيب وتضليل وتحريض على سفك الدماء والفوضى والعنف، كيف يكون عربيا ؟ وقد كانت الآموال العربيه هى العامل الأساسى لإرتكاب أكبر وأبشع مجزره عرفتها مصر فى تاريخها الحديث، وكيف يكون إقليميا وماتعانى منه مصر وفشل يصب فى مصلحة هذه القوى الإقليميه،،وكيف يكون دوليا وما يحدث فى مصر من قتل وسفك وسجن الأبرياء وإستنزاف للجيش المصرى يصب تماما فى مصلحة الكيان الصهيونى،،أما الدول العظمى فتشعر بالإريتاح لمايجرى فى مصر لإمور متعدده طالما لايضر ذلك بمصالح هذه القوى. استاذى الفاضل،، ألم تنقل وسائل الإعلام المحليه والعربيه والإقليميه والدوليه مجذرة رابعه وشاهد العالم أجمع دماء الأبرياء تغطى أرض ميدان النهضه ورابعه. إذاء كل هذه التحديات وبنا على تسلسل الأحداث لا أرى بديلا فى الأفق سوى ما نشره القيادي الإخواني وفقيه الشباب لدى جماعة الإخوان الدكتور جمال عبد الستار في موقع «عربي21»، وهو المقال الذي أعلن فيه أن «القاتل والمغتصب والمتعدي على أموال الناس وأعراضهم لا حرمة له ولا عصمة، وأن جمهور العلماء أجمع على أنه لا يجوز للمسلم أن يُسْلم نفسه للقتل من دون مدافعة، وأنه لا يجوز الخلط بين المنهج السلمي في نشر الدعوة، وبين واجب الدفاع عن النفس»! أتمنى من العلى القدير أن أكون على خطاء وتكونوا على صواب حقنا لدماء الأبرياء، وأن يصلح المخلصون فى مصر ماأفسده الدهر والعسكر.

  6. يقول Abdulla:

    أول تحليل منطقي مبني على أسس علمية يحلل الوضع في مصر. شكرا للكاتب الجليل

  7. يقول ایران طه صبری:

    لاشک بأنّ شعب مصر منذ تولی الاخوان للحکم تواجه الانقسام الحادّ بین تیار لاترید للدین وجهة اجتماعیة وسیاسیة و بین تیار تری أنّ الحلّ الوحید لإنقاذ الشعوب بما فیهم شعب مصر هو الاسلام فقط من هذا المنطلق لابد للساسة و العقلاء قبل ان یتهم بعضهم بعضا من اجل المکاسب السیاسیة المؤقتة حقیقة الخطر الذی تحدق بالمنطقة کلها لافقط بمصر لذا علینا کمسلمین و علمانیین ان نجلس علی طاولة واحدة قبل ان یفکرا برناردی لیون و دی میستورا بحکم صادر من مجلس الامن الذی ملأ من الخیانة بحق الشعوب ان یصدرا خطة انقاذ امامنا هذا هوالمشکلة الحقیقیة لاعودة الاخوان، المشکلة الحقیقیة فی عالمنا الاسلامی هی أنّ من یترأس و لو لیوم واحد فقط تری الرئاسة ملکا له لافرق بین اسلامی وعسکری فی هذا و تاریخنا الماضی و المعاصر اکبر دلیل علی هذا المدعی لهذا لابد و ان نقر باسباب ضعفنا فی ادارة شؤننا الی متی نحن نسیر الی منهجیة القمع لحل مشاکل لایمکن حلها الامن وراء حوار جادّ بین الاطراف حتی المتناحرة، ألایعیب بنا أن یدیر حوارنا اشخاص لایریدون الخیر لنا إلا من وراء الخیر لإسرائیل التی سبب کل مشکلاتنا!

  8. يقول R. Ali:

    “إذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير”. صدق الله العظيم

  9. يقول احمد:

    الاخ الكريم م ح
    مصر عبر التاريخ لم يحقق ميزانها التجاري فائض الا في عهد محمد على … ويمكنك الرجوع للتاريخ اذا احببت ان تعرف كيف حصل ذلك … اما اردوغان فهو يقود بلاده نحو القمه وله وجهة نظر في السياسات الدوليه من موقعه كرئيس وزراء والان كرئيس دوله … فما هو العيب في ذلك … هل اذا دافع على ان يكون حق الشعب المصري في الانتخاب … هل حضرتك قرأت الدستور المصري واليات التعامل مع الرئيس في حال الاختلاف … هل اذا صلى اردوغان اصبح يشكل ازعاج لك اذا أبدى وجهة نظره في امور تتعلق في منصبه … لماذا يحق لامريكا ورئيسها إطلاق شعارات صباح مساء ولا نجد من ينتقد الرئيس الامريكي في تصريحاته … بكل بساطه لقد الف المجتمعات المتقدمه الديمقراطيه ولا زلنا نحن نعتبرها تدخل في الشؤون … شكرًا لك …

    1. يقول محمد صلاح:

      الأخ احمد بعد التحية لك الاختلاف في الرأي لايفسد للود قضية. نعم تركيا دولة قوية اقتصادية ولكن مثلها ومثل كل الدول تتعرض الان الي مشاكل اقتصادية ومنها زيادة الدين الخارجي ٤٠٪ في اخر سنتين وهبوط العملة بنسبة٢٥٪ منذ بداية هذا العام وهروب المستثمرين الأجانب بسبب الأوضاع الأمنية والاقتصادية وعدم تشكيل حكومة بسبب تقلص حزب اردوغان وفشله في إقناع الناخبين بصحة سياساته الحالية بالاضافة في بوادر حرب أهلية بين الأكراد وحزب اردوغان مماأدي الي هروب السائحين وبداية نهاية عصر السلطان اردوغان

  10. يقول محسن عطيه:

    لا توجد ديمقراطية و لا شورى عند العرب يوجد فقط الإقصاء وسحق المنافس و اللغة التي يفهمها المتحكمون في مصر هي القوة فقط ولا يمكن أن تنتصر ثورة بدون اعداد طويل جدا للقوة التي ستحكم البلد وتزيل مركبات وعناصر الدولة العميقة، العنف السريع و العشوائي و الضعيف لن يفيد أصحابه، تخطيط طويل و عميق يمكن ان ينفع.
    ولكن الشعب الذي إذا لم يجد فرعون يحكمه فإنه يقوم بصناعة الفرعون، هل ستنجح فيه الثورة ، الله وأعلم

1 2 3

إشترك في قائمتنا البريدية