نظرياً، أي على الورق وفي البلاغة والتصريحات والبيانات الرسمية، بدت القمة الأمريكية ـ الخليجية في منتجع كامب دافيد ناجحة تماماً، بل شاملة وكاملة لم تترك هاجساً إقليمياً إلا وأحاطت به وشخّصت معضلاته واقترحت له الحلول.
وهكذا اتفق البيت الأبيض مع حلفائه في دول مجلس التعاون الخليجي على «شراكة استراتيجية جديدة للتعاون الأمني»، قوامها بناء علاقات أوثق، وإرساء نهج جماعي في تناول القضايا الإقليمية. ونوقشت تفاصيل تخصّ محاربة الإرهاب والأمن البحري والأمن المعلوماتي ونُظُم الدفاع ضدّ الصواريخ الباليستية… وباختصار: «العلاقات الأمنية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي لاتزال دعامة من الدعائم أساسية للشراكة الاستراتيجية وحجر الزاوية في الاستقرار الإقليمي»، كما قال نصّ البيان الختامي.
أمّا الجوهر الذي غاب عن هذا المستوى البلاغي واللفظي، فقد دار حول نقطة واحدة كبرى هي الاتفاق الوشيك حول البرنامج النووي الإيراني، ثمّ ميزان السياسة الخارجية الأمريكية إزاء ذلك الاتفاق من حيث تأثيره على تلك «الشراكة الاستراتيجية الجديدة، بين واشنطن وحلفائها في الخليج. وإذا جاز القول إن تلك النقطة لم تكن تماماً في عداد المسكوت عنه أو المكتوم والسرّي في قمم كهذه فدارت على الألسن وأتت على ذكرها الأقوال والبيانات والمؤتمرات الصحفية، فإنّ من الصحيح أيضاً أن المستوى العلني من الوئام والتفاهم حولها كان يخفي خلافاً عميقاً وقلقاً بالغاً من جانب الضيوف.
والحال أن البون بات اليوم شاسعاً أكثر من أيّ يوم مضى بين مقاربتَيْن: أولوية يتمسك بها الرئيس الأمريكي باراك اوباما، محورها التوصل إلى اتفاق ينزع الأسنان عن البرنامج النووي الإيراني إلى أمد طويل نسبياً، حتى إذا كان يُبقي لطهران مخلباً ما هنا أو هناك، وأولوية خليجية صارت خياراً استراتيجياً في عهد الملك السعودي الجديد سلمان بن عبد العزيز، مفادها أنّ إراحة إيران، جراء توقيع الاتفاق النووي، قد تمنحها فرصة أكبر لممارسة المزيد من التمدد في المنطقة، الأمر الذي يستوجب من واشنطن ملاقاة الدول الخليجية في مسعى مواجهة ذلك التمدد عسكرياً أيضاً وربما في المقام الأوّل.
وداخل هذا التباين ثمة تفصيل ـ مسكوت عنه أو متفق على عدم إثارته ـ يساجل على النحو التالي: ما الذي يسعى إليه أوباما من وراء هذا اللهاث خلف التوصل إلى اتفاق ينزع الأسنان عن برنامج إيران النووي؟ أمن إسرائيل أوّلاً بالطبع. ولكن إذا صح أن أمن الخليج هو التالي على اللائحة، فلماذا يتردد أوباما في لجم التمدد الإيراني اليوم وليس غداً، ما دام نفوذ طهران يطرق بوّابات دول الخليج؟
واستطراداً ثمة رأي خليجي أخذ يتطوّر حثيثاً في الآونة الأخيرة، يطالب بأنّ تتولى الدول الخليجية أمر الدفاع عن نفسها بنفسها، وبدون إذن من واشنطن، يقابله رأي أمريكي من داخل الإدارة يُسائل الحلفاء هكذا: إذا اعتزمتم أخذ زمام الأمور بايديكم، من دون تشاور معنا، فكيف يستقيم أنكم تطلبون تعاوننا؟
وبين اقتناع أوباما بإبقاء مخلب ما في القبضة الإيرانية، وتردده في منح مخلب مماثل للحليف السعودي، مثلاً، في وسع المرء أن يدرك مقدار السياسة خلف الطرافة: كأن يخطيء أوباما في تسمية مؤسس المملكة العربية السعودية، فيخلط بين الملك فيصل وأبيه الملك عبد العزيز، أو أن يفضّل ملك البحرين الذهاب إلى وندزور، حيث سباق الخيل، بدل لقاء رئيس القوّة الكونية الأعظم.
هذا، بدوره، مستوى غير بسيط في تجسيد البون الشاسع الذي أفرغ القمّة من معظم مضامينها الكثيرة، ليس حول سوريا واليمن والعراق وفلسطين ولبنان و»داعش» و»القاعدة» فحسب؛ بل كذلك، وأوّلاً، حول «الشراكة الاستراتيجية»… تلك الخرافة!
صبحي حديدي
أمريكا والخليج شراكة اقتصادية – نعم
والدليل تهديد أمريكا الصريح لايران حين يتعلق الأمر بمضيق هرمز
انه النفط يا أستاذ صبحي حتى لو كان الأمريكان مكتفين منه الآن
ومع هذا فايران تمثل البعبع الأمريكي لبيع السلاح للخليج !
ولا حول ولا قوة الا بالله
* من الآخر : ( أمريكا ) تحدد علاقاتها الخارجية وفقا ( لمصالحها ) .
* شكرا