بيروت ـ «القدس العربي»: مع ولادة الاتفاق النووي، بدأت مرحلة جديدة في المنطقة ستترك تداعياتها على لبنان، لكن برز انقسام في آراء سياسيي لبنان بين التفاؤل بإنفراج واسع على صعيد الرئاسة والتشريع وبين متشائم وخائف من أمور تحت طاولة فيينا تمت على هامش الاتفاق المعلن. وتحدث المتفائلون عن حوارات إقليمية قريبة أبرزها حوار سعودي-إيراني تنعكس نتائجه على لبنان. أما المتشائمون فيشيرون إلى الخشية من ان يفرز الاتفاق خريطة جديدة في المنطقة تنعكس سلباً على لبنان.
ويبدو الرئيس نبيه بري من الفريق الأول المتفائل بإنفراج واسع في لبنان وأقرب إلى أصحاب وجهة النظر القائلة ان الاتفاق النووي له مفاعيل على الصعيد الرئاسي اللبناني لجهة تبدل موازين المرشحين على قاعدة التقارب الدولي الإيراني وما هو منتظر على خطوط إيرانية سعودية مصرية وتركية وخصوصاً على الخط السعودي-الإيراني بحيث تنتج التسوية رئيساً للبنان لا تعارضه إيران ولا يغضب السعودية.
وفي هذا الإطار، برز موقف لرئيس مجلس الوزراء تمام سلام قال فيه «هناك مرشحون رئيسيون لرئاسة الجمهورية لديهم تمثيل شعبي وكتل نيابية وأحزاب هم: الدكتور سمير جعجع والجنرال ميشال عون وسليمان بك فرنجية والرئيس أمين الجميّل، وهؤلاء الأربعة يصادف أن اثنين منهم من فريق 8 آذار واثنين من فريق 14 آذار، وأي واحد من هؤلاء يفوز اليوم برئاسة الجمهورية سيؤدي إلى انتصار فريق وانكسار فريق، والبلد لا يحتمل إنكساراً أو إنتصاراً، ويتم تداول 6 أو 7 شخصيات محترمة في البلد مؤهلة لرئاسة الجمهورية، فلنذهب إلى هناك ونجنّب البلد الغالب والمغلوب والمنتصر والمنكسر». واضاف «لنذهب إلى شخصية حيادية معتدلة تقدر في هذا الزمن العصيب أن تملأ هذا المركز وتعيد الامور إلى نصابها».
وجاء موقف رئيس الحكومة كرد على التحليلات التي تحدثت عن ارتفاع حظوظ العماد ميشال عون بالوصول إلى الرئاسة بعد الاتفاق النووي، في وقت إستبق رئيس «تيار المستقبل «سعد الحريري توقيع الاتفاق بالدعوة إلى عدم انتظار المتغيرات الاقليمية لإحداث خرق في الواقع الرئاسي اللبناني، بما يعني الدعوة إلى «لبننة» الاستحقاق. وقرأت مصادر في خطاب الحريري أمام سلسلة الافطارات الرمضانية رداً سعوديأ على الاتفاق الذي وإن وقّع لن يحمل العماد عون إلى بعبدا.
وتحدث عضو كتلة المستقبل النائب جان أوغاسابيان لـ «القدس العربي» عن تأثيرات الاتفاق النووي الإيراني على الاستحقاق الرئاسي في لبنان «اليوم العالم العربي ما بعد الاتفاق ليس العالم العربي ما قبل الاتفاق، وهناك أمور قد تتغير في المنطقة ككل، ولكن أعتقد أنه من المبكر التكلم عن تغييرات وستأخذ المسائل الكثير من الوقت، والانتخابات الرئاسية لا تزال معلقة وليس هناك أي قرار واضح حول مستقبل ليس فقط الانتخابات الرئاسية لا بل مستقبل لبنان ومستقبل المؤسسات الدستورية القائمة في لبنان وهناك غموض. طبعاً اليوم حزب الله ينتظر والكل ينتظر ولا أعتقد أن هناك ثغرة ما في جدار الأزمة الرئاسية».
وعن امكانية ترجيح كفّة إيران في الاستحقاق الرئاسي ولاسيما بعد قول النائب وليد جنبلاط باركوا للسيد حسن نصرالله قال أوغاسابيان «هناك شيء من المنطق بهذا القول وواضح أن الأمريكيين سيعملون من أجل توسيع النفوذ الإيراني في المنطقة حيث تعتبر إيران من القوى التي يمكن أن تحارب التطرف والإرهاب وبالتالي قد تكون هناك مسؤوليات ودور إيراني ما يجعل لإيران نفوذاً أكبر في الشرق الأوسط وبالتحديد في لبنان، وأنا أعتقد أن هذا الأمر سوف يعقّد الوضع على الساحة العربية وعلى المستوى الداخلي لأننا بحاجة إلى تفاهم القوى في ما بينها وبحاجة إلى توافق حول الاستحقاق الرئاسي وإلى توافق لاعادة بناء وتفعيل المؤسسات الدستورية حيث هناك شغور في موقع الرئاسة وعمل حكومي في حدّه الأدنى ولا نعرف متى يسقط في ظل مجلس نيابي شبه مشلول ومؤسسات متروكة، وهذا ما يجعلني أعتقد أن التفاوض مع الجانب الإيراني ومع حزب الله سيكون أكثر صعوبة».
في المقابل، أيّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم ما أعلنه الرئيس بري من أن «ما بعد الاتفاق النووي ليس كما قبله»، ورأى أنه «ستكون هناك تداعيات إيجابية جراء هذا الاتفاق على مسار كل المنطقة والجميع يعوّلون على المرحلة المقبلة لاستثمار هذه الإيجابية لأن هذا الاتفاق لم يكن على هذا المستوى وفي هذه المرحلة إلا بعد أن وصل الجميع إلى اقتناع بضرورة إرساء قواعد أساسية للاستقرار في المنطقة، ومن هذا المنطلق نظراً لما أحاط بهذا الاتفاق وما قد يستتبعه لاحقاً فلا بدّ أن تكون له تأثيرات سياسية خصوصاً أن العنوان الأساسي في العالم هو كيف يمكن محاربة الإرهاب؟ «. واضاف «ما كنا نعيشه من حال عدم استقرار سياسي هو نتيجة ما كانت تمر به المنطقة».
وعن امكان دخول إيران في تسوية والتخلي عن دعم ترشيح العماد عون قال هاشم «هذا موضوع سابق لأوانه ولا بدّ من أن يكون هناك نقاش يترك أثراً ايجابياً على مجمل القضايا، وهذا قد لا يكون خلال ساعات وأيام قليلة».
سعد الياس