■ منذ أن أرسلت الحكومة التركية عددا قليلاً من جنودها المدربين إلى معسكر بعشقة في العراق قرب مدينة الموصل، لأغراض التدريب العسكري للقوات العراقـــــية والكردية، وحكومة بغداد لا تهدأ ولا تكل من الاحتجاج على الوجود العسكري التركي البســيط في العراق.
تقدمت بشكوى إلى مجلس الأمن أولاً، وتقدمت إلى جامعة الدول العربية بشكوى ثانية، استفادت منها أن جامعة الدول العربية غائبة عما يجري في العراق، من حرب إبادة بشرية يتعرض إليها العرب السنة في العراق، وأخيرا احتج وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري يوم 19/1/2016 إلى سفراء الدول الكبرى في بغداد، وهم سفراء كل من الولايات المتحدة الأمريكية في بغداد ستيوارت جونز، والسفير الفرنسي مارك بارتيني، ونائب السفير البريطاني بيليندا ليويسي.
وطالب الجعفري خلال لقائه بالسفراء بأن تلعب هذه الدول دوراً أكثر فعالية فيما يخص دعم العراق، والوقوف إلى جانبه إزاء موقفه من الوجود التركي فوق الأراضي العراقية، إذ قال: «لم نعد قادرين على تحمل وجود القوات المسلحة التركية فوق الأراضي العراقية»، فهو لا يحتمل مئة جندي فني تركي في العراق، لا عمل لهم إلا التدريب الفني لقوات البيشمركة وغيرها، ويحتمل أن يحكم العراق جنرال إيراني مثل قاسم سليماني، وأن يقرر كل أمور الحكومة العراقية، وأن يتصرف الحرس الثوري الإيراني بكل صغيرة وكبيرة بدون حسيب ولا رقيب.
هذا التحرك المريب وغير المتوازن للحكومة العراقية ينبغي النظر إليه على أنه تمهيد لعمل عدواني قد تقرره وتقوم به الحكومة العراقية ضد تركيا، وتريد وزارة الخارجية العراقية تذكير العالم بأنها سلكت كل الطرق الدبلوماسية لحل مسألة الاختلاف على الوجود العسكري التركي المحدود في بعشيقة، حيث أن الحكومة التركية كانت قد سحبت معظم جنودها إلى الحدود التركية العراقية، استجابة لمطالب أمريكية سابقة، ولكن الحكومة العراقية وتحت ضغوط إيرانية وروسية تسعى أو تضطر إلى افتعال مشكلة دولية مع العراق، وبالتالي فحتى لو بقي جندي تركي واحد في العراق فإن الحكومة العراقية لن تحتمل وجوده، لأن الضغوط الإيرانية والروسية تلاحقها بضرورة افتعال مشكلة مع تركيا لإخراج هذا الجندي، وهذا الافتعال يهدف إلى إحراج الحكومة التركية التي ترتبط باتفاقيات تدريب مع حكومة أقليم كردستان العراق بعلم الحكومة العراقية في بغداد أولاً، وتهدف أيضاً إلى إضعاف الدور التركي في العراق ثانياً، بعد إضعاف وإخراج الدور العربي منه منذ عام 2003، والهدف هو إضعاف الدور العراقي العربي السني في العراق، الذي تعمل الحكومة التركية على مساعدته لحماية نفسه ولو بالجهود التدريبية القليلة. ولذلك لا بد من مساءلة الحكومة العراقية عن المخاطر التي تلحق بالعراق من جراء وجود مئة جندي تركي في العراق، لا هدف عسكريا لوجودهم إلا عمليات التدريب للقوات العربية والكردية التي تواجه الارهابيين هناك، فلن يكون لهم جواب إلا ادعاء أن هذا الوجود ينتهك السيادة العراقية، بينما السبب الحقيقي هو أن الحكومة العراقية لا تريد وجوداً تركيا في العراق، لأنها تريد تسليم العراق إلى الحكومة الإيرانية بشكل رسمي، من خلال اتفاقيات سياسية وعسكرية مقبلة، بعد ان تم رفع العقوبات الدولية عن ايران، وبالتالي فإن ما لم يكن موجودا بصورة رسمية من قبل للاحتلال الإيراني في العراق، ومن خلال الحرس الثوري وفيلق القدس وقاسم سليماني، يتم العمل الآن لشرعنته ليكون وجودا قانونياً، كما تدعي الحكومة الإيرانية ذلك في تبرير وجودها العسكري في سوريا، بأنها هناك بالاتفاق مع الحكومة السورية، على أساس اتفاقيات تعاون عسكري قديمة، ويتم الآن التحضير لاستنساخ هذه الاتفاقيات من أجل التدخل الإيراني الرسمي في العراق.
على الدول العربية، كما على الحكومة التركية، أن تدركا ان توسيع الوجود الإيراني في العراق وبشكل رسمي سوف يفرض تحديات حقيقية وكبيرة وخطيرة على العرب السنة في العراق، وكذلك على أقليم كردستان العراق، الذي تعمل إيران مع الحكومة العراقية وبالتلاعب مع الأحزاب الكردية الغافلة إلى ابتلاعه، وذلك بتغيير معالمه وقيادته، بالطرق السياسية والديمقراطية وإلا فإنها ذاهبة إلى توريطه في حرب داخلية بين الأحزاب الكردية نفسها.
هذه التحديات التي تفرضها السياسة الطائفية لإيران لا تخص تركيا وحدها، بل لا بد أن تأخذ الدول العربية دورها، وان تتحمل مسؤوليتها في حماية العراقيين السنة والأكراد السنة، والأحداث الأخيرة التي شهدتها محافظة ديالى من قبل الحشد الشعبي الطائفي بحرق مساجدها وتدمير بيوتها وحرقها، أكبر دليل على هذه المخاطر، وموجة الاستنكارات التي صدرت عن المراجع الشيعية تؤكد ذلك، فمرجعية النجف اعتبرت الجرائم الطائفية في ديالى: «أعمالا إرهابية تهدد السلم الأهلي»، فهي تؤكد أنها أعمال إرهابية، ولكن هذه الاعتراضات من المراجع الشيعية هي لذر الرماد بالعيون، لأنها لا تفعل حيالها شيئاً، ولا تسمي المجرمين فيها، وهذا يؤكد ان ميليشيات الحشد الشعبي الطائفية تمارس الارهاب ضد أهالي ديالى، سواء بموافقة المراجع الشيعية أو بعدمها، لأنها تنفذ سياسة إيرانية وليس عراقية فقط، وحيث أن سكان ديالى هم من العراقيين العرب السنة ، فإن عجز الحكومة العراقية عن حمايتهم يتطلب أن تتدخل الدول العربية لتحميل المسؤولية للحكومة العراقية، فالمناشدات العربية السنية من العشائر العراقية متوالية تطلب النجدة والعون من العرب ومن الأتراك ومن المجتمع الدولي، فإذا لم تتحرك الأمم المتحدة لمساعدتهم فعلى الدول العربية أن تطالب مجلس الأمن للتدخل لحماية السكان العرب السنة من الارهاب الطائفي الذي يمارسه الحشد الشعبي، كما يطالب الآخرون الحماية الدولية ضد إرهاب «داعش»، فالإرهاب الذي تمارسه الحركات الطائفية مثل الحشد الشعبي وقوات بدر وغيرها لا يختلف عن الارهاب الذي تمارسه «داعش»، وأمريكا نفسها شاهدة على ذلك.
لا شك ان هذا الموقف العربي سيواجه بتلكؤ أمريكي في البداية لأنه قد يتعارض مع التفاهمات الأمريكية مع إيران على تقاسم النفوذ في العراق، ولكن إثارته والبحث عن حلول له ستؤدي إلى حماية العرب السنة في العراق، وإلا فإن الارهاب الطائفي في العراق سوف يستمر ويتمادى أكثر، وفي حالة تماديه فلن يتوقف عند حدود العراق، وتهديدات الطائفيين الإيرانيين للسعودية ودول الخليج مرتفعة في نبرتها هذه الأيام، وإشغالها وصدها في العراق خير من صدها داخل دول الخليج، ومحاولة الحوثيين لنقل جرائمهم إلى داخل السعودية خير دليل على ذلك.
إن الموقف التركي من السياسة الطائفية الإيرانية في العراق وسوريا واليمن واضحة جداً، والوجود التركي العسكري في العراق محدود للغاية ولأهداف غير عسكرية، وهو من مصلحة الدول العربية، لأنه يصب في المصلحة العراقية العربية السنية، وهذا ما يقلق إيران وحلفها الطائفي بما فيه الحليف الطائفي الجديد بوتين، الذي يدعي تخوفه من الإرهاب الإسلامي في روسيا والقوقاز والشيشان وغيرها، وهو بذلك يكشف عن تحالفه الطائفي مع ايران ضد المسلمين السنة في تلك البلاد.
إن إيران تنظر إلى العراق كجزء من الإمبراطورية الفارسية أولاً، وتنظر لها كمعبر رئيسي إلى مناطق نفوذها المستقبلية، سواء إلى جنوب العراق في الجزيرة العربية أو إلى غربه في بلاد الشام أو إلى شماله في تركيا، والمناطق السنية العربية في محافظة ديالي هي المعبر الرئيس للسيطرة على العاصمة العراقية بغداد، التي من خلالها تهيمن على القرار العراقي بالكامل، ولذلك فإن ايران وفيلق الحشد الشعبي التابع للحرس الثوري الإيراني يحارب بكل قسوة ضد تمكين أهل السنة في المستوى السياسي أولاً، وضد التمكين في المستوى العسكري ثانياً، وبشكل أكبر من المستوى السياسي، ولذلك تتلاعب إيران بكل التركيبة السياسية في العراق وحكومته، فوزير الدفاع العراقي السني لم يستطع منع الحشد الشعبي من دخول ديالى والمقدادية، فضلاً عن ان يستطيع منعها من ارتكاب الموبقات وانتهاك المحرمات فيها ضد اهل السنة، وذلك لأن إيران لا تسمح له أن يكون وزيراً إلا على الورق، وأمريكا تعلم ذلك، ولكن ذلك أقصى ما تستطيعه من خلال التفاهمات من المصالح الإيرانية.
إن مشكلة العرب السنة في ديالى وغيرها هي أنهم في نظر إيران عقبة أمام السيطرة على العراق بالكامل، وللسبب نفسه ينبغي أن يتصرف العرب على أن العراق هو دولة عربية أولاً، وينبغي أن يكون الجبهة الأساسية التي تمنع التوسع الإيراني وتصده من الشمال، كما فعلت «عاصفة الحزم» في الجنوب، فالعرب وإن خسروا الحكم العربي في العراق في لحظة غفلة أو ضعف، ولكن لا بد من استعادته لأهله العراقيين الأصليين، من العرب السنة والشيعة المخلصين، وإخراج المحتل الإيراني منها، سواء رضيت أمريكا بذلك أم لم ترض، والدول العربية والإسلامية ليست بحاجة إلى عاصفة حزم عراقية، لأن المقاومة العراقية موجودة وتحتاج إلى دعم عربي وإسلامي، وعدم تركها ضحية للعدوان الإيراني الطائفي. إن دعم العرب السنة في العراق ينبغي أن يكون مسؤولية العرب أولاً والأتراك ثانيا، وكل المسلمين السنة في الأرض ثالثاً، وكل الشيعة الشرفاء رابعاً، حماية لعروبة العراق وإسلاميته، بدون أن يكون ذلك حربا أهلية على أساس سنة وشيعة، فالمخلصون الشيعة من العراقيين العرب ينبغي أن يكونوا ضد النفوذ الإيراني الاستعماري، وهم كذلك، وهم معنيون بالدفاع عن وطنهم وقومهم مع أخوتهم السنة سواء بسواء، وسعي الجعفري في صناعة العداء مع تركيا ينبغي ألا تنطلي على الدول العربية، لأنه يصطنعها لصالح إيران وليس دفاعا عن السيادة العراقية، لأن أكثر من يعمل من اجل السيادة العراقية العربية هي الدولة التركية، ووجود مئة جندي تدريبي في العراق لا ينتهك سيادة دولة، ومغادرتهم لا بد ان تنتهي بانتهاء مهمتهم التدريبية.
٭ كاتب تركي
محمد زاهد جول
فالعرب وإن خسروا الحكم العربي في العراق في لحظة غفلة أو ضعف لماذا لا تريد ان تعترف ان العراق ضاع بسبب التأمر العربي عليه وهاهي سوريا تسلك نفس الطريق الم يستدعي العرب في حرب الخليج الاولى النظام السوري الذي يقولون عنه انه علوي طائفي لقتال صدام العربي السني
. إن دعم العرب السنة في العراق ينبغي أن يكون مسؤولية العرب أولاً والأتراك ثانيا، وكل المسلمين السنة في الأرض ثالثاً، وكل الشيعة الشرفاء رابعاً، حماية لعروبة العراق وإسلاميته،
– انتهى الإقتباس –
لقد سلم العرب العراق لإيران على طبق من ذهب
وتركيا لن تجازف بحرب مع إيران المتحالفة مع الروس
أما المسلمين السنة فهم يتقاتلون فيما بينهم – أي لا وقت لديهم !
أما الشيعة الشرفاء فأترك الإجابة لهم – مع تحياتي لك يا أستاذ غول
ولا حول ولا قوة الا بالله
رب ضارة نافعة، بخصوص ما يحاول الكاتب من إعادة تعريف مفهوم السيادة داخل دولة الحداثة للنظام البيروقراطي، خصوصا في موضوع التنافس الإيراني التركي إن كان في العراق أو سوريا فهي كلها على أرض بلاد وادي الرافدين مهد الحضارات الإنسانية، ولاستيعاب كامل الصورة أقول كانت ميزانية الكيان الصهيوني يتم تمويلها من خلال بدعة تمويل الحرب على الإرهاب منذ تأسيسها عام 1947، التي الآن غالبية دول العالم تريد تقليد الكيان الصهيوني، ولكن لأنّ جورج بوش فرض الشفافية على البنوك لكشف مصادر تمويل الإرهاب بعد زلزال 11/9/2001 هذا أدى إلى فضح المستور وأدى إلى انهيار نظام الديون الربوي بين المصارف والبنوك عام 2008.
إشكالية النظام البيروقراطي لدولة الحداثة، وهي مدخل الفساد للنظام من وجهة نظري على الأقل، ألا وهي هل القانون للتنظيم أم للحكم؟! وعلى ضوء ذلك لا يتم السماح لغير ممثل النظام لتأويل نص القانون، حتى لو كان تأويله خارج ما ورد في نص القانون بغض النظر عن اللغة التي تم كتابته بها ومعنى المعاني في قواميسها، والدليل على ذلك حق النقض/الفيتو لأعضاء مجلس الأمن، وبواسطته تصبح النخب الحاكمة فوق القانون وفي بعض الأحيان حتى فوق النقد، وهذه ستؤدي إلى نشر الفساد واستفحال الظلم والاستبداد، على حساب المواطن والشعب في أي دولة عضو في نظام الأمم المتحدة البيروقراطي، العولمة وأدواتها التقنية قامت بفضح هذه الممارسات، التي تجعل المواطن قيمته أقل من قيمة الورق، وأن لا حقوق له، حتى مثل الحيوان في دولة الحداثة؟!
أنا أميل إلى رأي د. عدنان الشيحة رئيس مركز الملك سلمان للتطوير الإداري في السعودية، في أنَّ هناك مشكلة في موضوع التقييم الحكومي، هو عدم وجود منافس للحكومة لكي نستطيع مقارنة ما تنتجه هل هو يحتاج إلى تطوير أم لا، ولماذا؟ أمّا أسلوب اعتماد النظرة السلبية/الإيجابية التي يعتمدها علم البرمجة اللغوية العصبية، فهي لا تختلف عن أسلوب النظر إلى نصف القدح فقط ومن ثم إعطاء رأيك على ضوء ذلك، وفي تلك الحالة لن يكون تقييمك واقعي، وبالتالي أي نتائج ستخرج بها، لن تساعد في النقد ولا حتى في جلد الذات، بل ستجعلك في مكانك، العولمة وأدواتها التقنية قامت بتعرية ذلك، ولذلك النظام البيروقراطي لدولة الحداثة يعاني من أزمة وجود منذ انهيار النظام الربوي بين المصارف والبنوك عام 2008، حيث في عام 1991 البنك الدولي لتجاوز مأساة ضياع حقوقه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي فرض معايير الحوكمة الرشيدة من خلال الشفافية واللامركزية لكي يستطيع تخمين الانهيار قبل حصوله في المرات القادمة.
حكمة العرب تقول (الفاضي يعمل قاضي) لأنَّ التقييم شيء، والنقد شيء ثان، وجلد الذات شيء ثالث ولذلك من وجهة نظري إشكالية المثقف والسياسي والراهب في دولة الحداثة للنظام البيروقراطي هو الضبابية اللغوية التي تجعله لا يستطيع التفريق والتمييز بين هذه المفاهيم الثلاثة، في دولة الإمارات العربية المتحدة يستخدم الهنود والإيرانيين مصطلح الأرباب على كل مواطن إماراتي، وأظن هذه الطريقة من التعامل لا تختلف عن تعامل أهل حضارة وادي النيل مع النخب الحاكمة (الفرعون) في حين في وادي الرافدين والذي يشمل حاليا كل من العراق وسوريا وتركيا لم يكن لديهم على مر التاريخ فراعنة أو ملك الملوك (شاهنشاه أو ولي الفقيه) أو بوذا مثل الهنود والإيرانيين، وللعلم في لغة القرآن الله تعني رب الأرباب وليس رب من الأرباب.
ما رأيكم دام فضلكم؟