إبادة الروهينغا والتجاهل السعودي

حجم الخط
39

بلغت حملة الإبادة ضد أقلية الروهينغا المسلمة في ميانمار (بورما) ذروة جديدة لها مع شنّ قوّات الجيش والميليشيات شبه العسكرية البوذيّة موجة جديدة من الفظاعات كقطع رؤوس الأطفال وحرق المدنيين أحياء، وهو ما أدّى إلى نزوح قرابة 60000 لاجئ خلال أسبوع واحد عبر الحدود الغربية نحو بنغلادش.
التصعيد الجديد ارتبط بردّ فعل عنيف من قبل بعض مسلمي الروهينغا الذين تسلّحوا بما وصل إلى أيديهم من سكاكين وسواطير وهاجموا مواقع أمنية بورميّة وسقط أغلبهم قتلى في الهجوم.
منظمة «هيومن رايتس ووتش» التقطت صوراً بالساتالايت تظهر حرق السلطات البورمية لقرية كاملة تضم سبعمئة منزل، وهذه القرية هي واحد من 17 موقعا تم حرقها ومحاولة إبادة سكانها.
ردود الفعل العالمية على حملة الإبادة شملت الكثير من الدول الغربية والإسلامية، وكان لافتاً تصريح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي اتهم سلطات ميانمار صراحة بإبادة المسلمين، فيما تعهد رئيس وزرائه لبنغلادش بتحمّل تكاليف اللاجئين إليها.
وكما يحصل حين تحدث مجازر للمسلمين فإن الكثيرين يتطلّعون لموقف واضح من المملكة العربية السعودية بسبب وزنها الدينيّ المؤثر، لكن باستثناء تصريح يتيم صدر أمس عن بعثتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة فإن الصمت الرسمي السعودي ساد، وتعامل إعلامها بطريقة سلبية غير معهودة مع الكارثة الحاصلة، بينما كان المتوقع أن تقود الرياض البلدان الإسلامية لوقف المجازر ومساعدة ضحاياها المسلمين.
الأغلب أن المنطق السياسي الكامن وراء هذا الموقف هو توجّه جديد لدى المملكة يعتبر التبرؤ من أي شكل من أشكال التعاطف مع المسلمين هو إثبات لأصحاب السطوة والنفوذ في العالم، وخصوصاً إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ببراءة المملكة من أي شبهة «إرهاب».
لابد أن هناك خطاباً داخليّاً كامناً أيضاً في هذه الرسالة وهو يتوجّه بالتهديد والإنذار إلى اتجاهات سلفيّة وسياسية معينة، ويقول، صراحة، إن السفينة السعودية أخذت اتجاهاً جديداً يقلّد (أو يتّبع) الاتجاه الإماراتي الذي يجد تحت كل حجر عدوّاً «إسلاميّاً»، ويركّز كل جهده على العوامل الاقتصادية الاستهلاكية التي تعوّض غياب الحرّية السياسية وتوابعها.
هذه المعادلة «الناجحة» (إلى حين؟) في الإمارات والسعودية تعتقد أن انشغال الناس بأرزاقهم وأموالهم وعقاراتهم، يداً بيد مع العصا الغليظة للأمن، كافية لحرفهم عن الهويّة الإسلامية العميقة للمملكة، بل إن بعض الصحافيين أو السياسيين يعتبرون استفزاز البشر في دينهم، وتجريم التعاطف مع مسلمين آخرين في بلد آخر، طريقة مناسبة لتحقيق هذه الأجندة.
على ركاكة هذا الاتجاه وتنافيه مع المنطق الإنساني والسياسي العام، فهو يتجاهل أيضاً الإمكانية التي تفتحها مجازر المسلمين في ميانمار لمساءلة العالم حول مفاهيمه القارّة حول الإسلام، مقارنة بالكليشيهات السائدة حول البوذية، باعتبارها دين السلام، ففي حين نجح الخطاب العنصريّ الغربي في تلبيس تهمة الإرهاب للإسلام، فإن أحداً لم يتكلم عن «الإرهاب البوذي» أو «الراديكالية البوذية» ضد المسلمين، ربّما لأن هذا الإرهاب والراديكالية لا يتوجهان ضد الغربيين.

إبادة الروهينغا والتجاهل السعودي

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فؤاد مهاني- المغرب:

    حرب ممنهجة ضد الإسلام والمسلمين.إبادة الروهينغا،إبادة مسلمي إفريقيا الوسطى،قمع مسلمي الإغور التركمان بالصين حتى في شعائرهم الدينية والأغلبية صامتة صمت القبور على رأسهم خدام الحرمين الشريفين المشغولين بمحاربة “الإرهاب القطري” تاركين المسلمين بسوريا والعراق تدبح كما تدبح النعاج.

  2. يقول Sultan:

    جميع الدول الاسلامية مقصرة مما يجرى للروهينغا من مذابح على ايدي البوذين في بورما لاكن لا يجب ان نحمل السعودية لوحدها بانها مقصرة تجاه هذه القضية وخاصة ان السعودية ضحت بالغالي والنفس للدفاع عن المسلمين في اليمن من المذابخ العفاشية الحوثية الصفوية فالسعودية هي من تدافع عن المسلمين في اليمن لوحدها وهي من تدافع عن المقدسات الاسلامية في مكة المكرمة والمدينة من المد الايراني الصفوي على ايدي اعداء الله الحوثيون المجرمون لو تمكنوا الحوثيون اول عمل يقومون به تهديم الكعبة وضرب كل سني في عقر داهره . فيجب علينا ان نشكر السعودية على وقوفها الى جانب الشعب اليمني للدفاع عنه من مذابح الحوثيون المجرمون وحماية مكة والمدينة من التدمير على ايدي الحوثيون الصفويون المجرمون .

  3. يقول محمد حاج:

    آلاف وآلاف قتلوا او استشهدوا في فلسطين او العراق وسوريا واليمن وفي رابعة والنهضة وغيرها، ولم تحرك السعودية ساكنا ، فهل ستحرك سكونها نحو الروهينغا .
    ومن يدعي انها تحمي أهل السنة فهو واهم ، لقد صدعت رؤوسنا بإرهاب ايران وبشار
    والان ترحب ببقاء بشار وتسعى لعلاقات مع ايران !
    رأينا المتواضع انه اذا كانت السعودية تتفرج على ما يحدث في العالم الاسلامي فهو لأمر أقل ضررا وسوءا من ان تكون أيديها مشاركة في الإرهاب والقتل ضد المسلمين .

  4. يقول Passer-By:

    كل ما جاء في المقال أعلاه صحيح ولا غبار عليه ولكن لماذا التركيز على دولتين هامشيتين في العالم العربي، حتى وقت قريب لم يكن للسعودية وزن يُذكر ولهذا يُفهم لماذ ساهمت السعودية بتحطيم العراق ومصر ووقفت تتفرج على بلاد الشام واليمن تُقضم من قبل الإيرانيين وذلك كي تؤؤول الريادة العربية لها ولكن هل ادرك السعوديون أن الريادة ليست بالمال وإن كانت الأراضي المقدسة تحت رعايتهم. أما الإمارات فلم يكن لها وزناً يوما.
    كي يكون المقال أعلاه منصفاً كان يجب أن يلوم دول إسلامية أكبر وزناً كايران وماليزيا واندونيسا أم أن إيران لا يهمها ما يحصل للروهينغا لأنهم ليسوا شيعة. من المؤسف حقاً التركيز على الجانب الديني لتلك المأساة وتجاهل الجانب الإنساني. حتى لو كانوا هؤلاء الناس يعيشون في أدغال الأمازون كان يجب أن يهب العالم الإسلامي قبل الغربي للدفاع عنهم ومؤآزرتهم بما هو ممكن لكن بالطبع حقهم علينا مزدوج لأنهم بشر ولأنهم مسلمون. لقد أصبح المسلمون غرباء حتى في أوطانهم أو كما قال المتنبي: أنا من أمة تجاوزها الله …..غريب كصالح في ثمود.

  5. يقول عبد الله العبد الله:

    كيف يمكن التوقع من النظام السعودي الذي يغلق أعينه عن عشرات المذابح التي إرتكبتها العصابات اليهودية ضد الفلسطينيين العرب المسلمين منذ أكثر من سبعين عام وتشريد ملايين الفلسطينيين وإحتلال أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، لا بل ويغازل هؤلاء النازيين الجدد الإسرائيليين … أن يهتم بمسلمي الروهينغا أو غيرهم ويقود العالم الإسلامي لنجدتهم؟ هذا النظام يأخذ أوامره من السي آي إيه. هل ننسى عندما أمروه بدعم الأفغان ضد السوفييت كيف فتح بيت المال لدعم الأفغان وشن حملات التبرعات والتطوع والجهاد؟ متى قام بواحد في المائة من ذلك في محاربة اليهود الصهاينة وتحرير فلسطين العربية والقدس الشريف؟

  6. يقول حكيم - الجزائر:

    لم تتخذ السعودية موقفا لانها هي بدورها تحت المساءلة من طرف منظمات حقوقية حول مايجري للمدنيين (المسلمين) في اليمن ، واي موقف معلن حول مايجري للمسلمي ميانمار فهو غير محمود العواقب سياسيا على كل الاصعدة…

  7. يقول سلام عادل (المانيا):

    الظلم عندما يقع على افراد او مجموعات لا يجب ان يصنف هؤلاء على اساس ديني او عرقي فهي مسؤولية جميع الدول والمجتمعات والمنظمات وهل لو كان هؤلاء المساكين من الهندوس او غيرهم يجب علينا ان نتغافل عن الامر ولا نساعدهم كفى تمييزا حتى بين المقهورين والمظلومين

  8. يقول عبد القادر الجزائر:

    لم ننصر إخواننا أهل السنة في فلسطين من قبل وبعد وإلى اليوم ولم ننصرهم في البوسنة ثم في شتى أصقاع العالم لم يحدث أن انتفضنا وغضبنا وإنه يترائى بكل أسف أن ذلك لن يحدث إن على مستوى الدول والحكومات أو على مستوى الأفراد والجماعات وتحميل السعودية وحدها مسؤولية الرد على العدوان الواقع على الروهينغا خطأ جسيم نكرره دائما وراء كل مصيبة تقع للمسلمين هنا وهناك وهو دليل على تهرب كل مسلم من مسؤوليته نحو إخوانه المصابين , إنها الدنيا التي أصبحت همنا ومقصدنا ثم تزلفنا لأعدائنا وهواننا على أنفسنا والتفريط في الآخرة ولذلك وقع لنا ماثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت ). وفي مطلع الألفية الثالثة وياللعار أمة المليار تموت بالحديد والنار.

  9. يقول محمد صلاح:

    ليس دفاعا عن السعودية
    ولكن لماذا التركيز على السعودية فقط
    اين باقى الدول الاسلامية وعددهم اكثر من ٦٠ دولة
    المشكلة ان كل الدول العربية والإسلامية وشعوبهم وحكامهم فى اى مشكلة ومصيبة تظهر يختاروا دولة منهم ويهاجمونها ويرموا كل المشكلة على عاتق هذه الدولة
    وكلهم فاكرين انهم عملوا الواجب اللى عليهم
    طب وبعدين
    ما هو دوركم وما هى مواقفكم العملية الفعالة والناجعة لوقف القتل والاضطهاد لهولاء
    الا الشجب والاستنكار والخطب الرنانة
    اين اندونسيا وماليزيا وباكستان وبنجلاديش فى اسيا
    وأين تركيا ومصر والسعودية من العالم العربى
    وهى الدول المؤثرة فى العالم الإسلامى
    الكل مشغول بإصدار بيانات الشجب
    ولا يوجد اى فعل
    الا رمي المصيبة على السعودية
    واصبحوا متفرجين مثلهم مثل كل باقى دول العالم

  10. يقول وسار حمدي:

    اللهمّ لا تؤاخذنا بما يقول و يفعل السفهاء منّا و بتقصير القادرين منّا علي نجدة المسلمين و غير المسلمين و اقول للاخ تونسي ابن الجمهووية ان يتكلم و يكتب باسمه فقط لانه يمثّل نسبة قليلة منالمجتمع التونسي لمسا المسلم(البرلمان _وسار تونس الخضراء)

    1. يقول تونسي ابن الجمهورية:

      @وسار حمدى : الطريق إلى بورما معروف ….انطلق و بدون تأخر و لا داعى لتضيع الوقت بالحديث عن تونس ….تحيا تونس تحيا الجمهورية

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية